يعني آمنتَ بالله و الملائكة و العرش و الجنّة و النار ، و كل الغيب ، و لم تقبل أن الله قادرٌ أن يأتي بالشمس متى شاء تحت العرش لِتسجُد و تعود إلى مكانها في نفس الوقت ، يعني أيْقَنتَ أن الله الإله الذي لا تعلم ماهيّته و لم تره و أنه على كل شيء قدير ، و آمنتَ أن جبريل و الملائكة خُلقوا من نور، و أنهم ينزلون من العرش إلى الأرض الدنيا في لمح البصر ، و آمنتَ أن الجنة حقٌ و لم ترها و أنها تحت العرش و أن العرش حقٌ و الله إستوى على العرش ، و أن النار حقٌ و أنها أسفل سافلين ، و أن مخلوقاً من نار يسمى إبليس لا نراه هو موجود معنى في الأرض و أتباعه ، و هؤلاء المخلوقون من نار سيُعذَّبون بالنار ، ثم أن الله سيُحيِي كل الخلق في ساعة واحدة ، بعد أن كانوا تُراباً ، و غيره من الغيب ...،
آمنتَ بكل هذا ، و لم يُعجبك أن الشمس تذهب لتسجد تحت العرش لتستأذن هل تعود لتُشرق من جديد أم لا ،
هذا حقٌ سواء أعجبَ الناس أم لم يعجبهم ، و ليس الشمس فقط ، قلبك لا ينبض نبضة حتى يؤذن له ، و الله أقرب إليك من حبل الوريد ، و طائرك في عنقك ، و ملائكةٌ يرقُبون عملك وقولك، و لكنك لا تُبصر، أُلقِيَ عليك الحجاب ،
و كل ما يتحرك و يسبح في الوجود يسبح لِله و بالله ، و ذلك تصديق شهادة سبحان الله و بحمده ، حتى أقل الحركات ، حركات الجزيئات النووية و ما إلى ذلك ، تتحرّك بإذن الله بأتمّ معنى الكلمة، إِذْنٌ ، لا شيء يتحرك ، سواء الشمس أو غيرها ، إلا أن يأذن له ربُّهُ الذي خلقه ، الله ربُّ كل شيء ، أحاطَ بكل شيء ، إليه مصير كل شيء ، فكل شيء يسبح و يتحرك لِله و لِمشيئتِه ، إليه المصير و المرجع ،
ذلك يومَ لا يُؤذنُ للشمس ، فترجع فتُشرق من الغرب ، و ذلك آيةُ البعث و الرّجعة و الكرّة الآخرة ، و قيام الأشهاد و الخلائق من الموت ، كما بعث الله أصحاب الكهف، {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْه ۚ} ،
و تلك آية البعث و إحياء الموتى التي حاجج بها إبراهيم الملك الطاغية الكافر، قال الملك {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} ، أي أن الله هو الذي يفلقُ الصُّبح، الذي هو آية إِحياء الخلائِق و معاشِها و يقظتِها من رِقادِها أو موتتها الصُّغرى، { إنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} ، ربُّ الفلق هُو ربُّ الخَلق و الإحياء ، هو الربّ الذي يُحيِي و يُميت ،
هذا نور الأيات الذي حجبهُ عنَّا دُعاة الإعجاز ، { وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ } ،
لا يفعل الله و لا يقول إلّا بِحكمة ، كل حديث عن رسول الله ، فيه علم عظيم لو أن الناس درسُوه و تدبَّرُوه ،
الرأي مهلكة ، إذا قابلتَ شيئاً من الوحي لم يُوافق رأيك و عقلك ، فلا ترُدَّهُ ، بل إسأل الله أن يُبيِّنَ لك و يُعلِّمك ، أنِبْ لِله ، إنه سميع عليم ، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} ،