هنا نفزاوة ... حيث تُسقى النخيل بالماء وبالعرق الدافق وبالدماء.. هنا تتحقق المعجزة وينبت بين الرمل والملح والعطش نخيل مثقل بحبات التمر الذهبية... هنا تُصنع الملحمة بالدماء النفزاوية الطاهرة لشباب سُدت أمامه كل الأبواب وأُحرقت كل المراكب فإمّا مطاردا في بلاد الصقيع أو مجاهدا في عمق الرمال يُنبت الخضرة وسط صحراء تكاد تُختزل الحياة فيها في الزواحف والعقارب والأشواك...
هكذا "تصنع" الدقلة وتقدم نظيفة يانعة في الأطباق وتذوب كالعسل في الأفواه... وراء كل حبّة تمر حبّة عرق ودم وليالي طويلة من "السقي" في البرد وتحت شمس أوسو التي تصهر الحديد...
هنا نفزاوة حيث روّض شبابها الذي لفحت وجهه الشمس وشققت برودة الصحراء رجليه ويديه.. روّض الصحراء وصحب أفاعيها وعقاربها واختلط ريقه بحبات رملها حتى أضحى جزءا منها...شمس نفزاوة تشرق بسواعد رجالها الصامدين في واحاتها وفيافيها والقابضين على الجمر في منافي الصقيع لسنوات طويلة دون أن تكتحل أعينهم بمرأى فلذات أكبادهم... هنا نفزاوة الصبر والإباء والرجولة... والطيبة التي تسكن المآقي والقلوب...رغم كل شيء...
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز ) للمساعدة في تخصيص المحتوى وتخصيص تجربتك والحفاظ على تسجيل دخولك إذا قمت بالتسجيل.
من خلال الاستمرار في استخدام هذا الموقع، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.