• كل المواضيع تعبّر عن رأي صاحبها فقط و ادارة المنتدى غير مسؤولة عن محتوياتها

تمتع بالتعرف الى أشهر شعراء الجاهلية

Riadh-14

عضو فعال
إنضم
6 جوان 2010
المشاركات
554
مستوى التفاعل
465
zj1zuwc2.gif

تعرف الى أشهر شعراء الجاهلية
حياتهم
شعرهم
أسباب شاعريتهم
مختارات من أشعارهم
و الكثير الكثير

1ueij715r.jpg


 
303fpdjjpgm.gif

هذا الجزء مخصص لـــ
29612.gif

علقمة الفحل :الشاعر الجاهلي
29612.gif

هو علقمة بن عبدة، بن النعمان التميمي، من نجد وسادات تميم وشعرائهم المشهورين المتوفي عام 561 م.
شب وترعرع في بادية نجد وكان للبيئة أثرها في الشاعر فأرهفت حسه وصقلت خياله وجلت قريحته، وألهمته الشعر الرصين الرائع الديباجة، الفخم الأسلوب الذي يمتلك المشاعر ويستلب الحواس الحقيق بأن يلقب صاحبه بالفحل.
وسبب تلقيبه بهذا اللقب كما يقال -أنه ابن امرأ القيس وخلفه على زوجته بعد تحاكمهما إليها. وتفصيل الخبر أن علقمة ضاف امرأ القيس - وصديقاً له - فتذاكرا القريض، وادعاه كل منهما على صاحبه، ولج في ذلك فقالت لهما "أم جندب" وكانت سليمة الذوق: قولا شعراً تصفان فيه الخيل وتذكران الصيد على قافية واحدة وروى واحد، لأنظر أيكما أشعر فرضيا بحكمها وأنشداها على البديهة قصيدتين كبيرتين وأول قصيدة امرئ القيس:

خليلي مرابي على أم جنـدب
لنقضي لبانات الفؤاد المعذب
وأول قصيدة علقمة:
ذهب من الهجران في غير مذهب
ولم يك حقاً كل هذاالتجـنـب
ولما فرغا من إنشادهما قالت أم جندب لبعلها علقمة أشعر منك. فقال وهو يكاد يتميز من الغيظ: وكيف ذاك؟ قالت لأنك قلت:
فللسوط ألهوب وللـسـاق ذرة
وللزجر منه وقع أهوج منعب
فزجرت فرسك وجهدته بسوطك ومريته بساقك، وقال علقمة:
فأدركهن ثانياً من عنـانـه
يمر كمر الرائح المتحلب
فأدرك الطريدة وهو ثان من عنان فرسه. لم يضربه بسوط ولا مراه بساق، ولا زجره فتزبد وجهه. وقال لها ما هو بأشعر مني ولكنك له وامق وطلقها فخلفه عليها علقمة وسمي لذلك الفحل. ويروى أن علقمة لقب بالفحل تمييزاً له عن سمي من قومه هو علقمة بن سهل أحد بني ربيعة بن مالك التميمي، وكان شاعراً مثله، ومن شعره:
يقول رجال من صديق وصاحب
أراك أبا الوضاح أصبحت ثاويا
فلن يعدم الباقون قبراً لجثـتـي
ولن يعدم الميراث منالمواليا
وخفت عيون الباكيات وأقبـلـوا
إلى ما لهم قد بنت عنه بمالـيا
حراصاً على ما كنت أجمع قبلهم
هنيئاً لهم جمعي وما كنتواليا
وقد وفد علقمة على الحارث الوهاب سيد بني غسان ملك الشام ومدحه بقصيدته
طحا بك قلب في الحسان طروب
يعيد الشباب عصر حان مشيب
وكان أخو علقمة شاس أسيراً عند الحارث مع عدة رجال من بني تميم فطلب علقمة إطلاقهم وكان سبب أسرهم على ما يروى أن الحارث الغساني خطب إلى المنذر ابنته هنداً فوعده بها وكانت هند لا تريد الرجال فصنعت بجلدها شبه البرص فندم المنذر على تزويجها وأمسكها عن ملك غسان فنشبت الحرب بسبب ذلك وأسر خلق كثير من أصحاب المنذر منهم شاس بن عبدة أخو علقمة فلما مدح علقمة الحارث بقصيدته المذكورة وطلب منه فك أسر أخيه لبى الملك دعاءه وأطلق له أخاه وكل الأسرى من قبيلته. ومن شعر علقمة الجيد قصيدة مطلعها:
هل ما علمت وما استودعت مكتوب
أم حبلها إذ نأتك اليوم مـصـروم
أم هل كبير بكى لم يقض عبرتـه
أثر الأحبة يوم البينمـشـكـوم
والنقاد يعجبون بشعر علقمة إعجاباً شديداً.
اجتمع الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم والمخبل السعدي وعلقمة الفحل قبل أن يسلموا وبعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فنحروا جزوراً واشتروا خمراً ببعير، وجلسوا يشوون ويأكلون، فقال أحدهم وقد لعبت برأسه سورة الحميا: لو أن قوماً طاروا من جودة أشعارهم لطرنا. وقال كل منهم لصاحبه أنا أشعر منك، ثم تحاكموا إلى أول من يطلع عليهم. ومن غرائب المصادفات أن يكون أول طالع حكم العرب وقاضيها الحصيف الرأي ربيعة بن حذار الأسدي. ولما طلع رحبوا به وقالوا له: أخبرنا أينا أشعر؟ قال أخاف أن تغضبوا. فأمنوه من ذلك. فقال: أما أنت يا زبرقان فإن شعرك كلحم لا أنضج فيؤكل؛ ولا ترك نيئاً فينتفع به. وأما أنت يا عمرو فإن شعرك كبرد حبرة يتلألأ فيه البصر فكلما أعدته نقص. وأما أنت يا مخبل فشعرك شهب من نار الله يلقيها على من يشاء. وأما أنت يا علقمة فإن شعرك كمزادة قد أحكم خرزها فليس يقطر منها شيء. وقال ابن الأعرابي (150-240 ه) لم يصف أحد قط الخيل إلا احتاج إلى أبي دؤاد، ولا وصف الخمر إلا احتاج إلى أوس بن حجر ولا وصف أحد النعامة إلا احتاج إلى علقمة بن عبدة ولا اعتذر أحد في شعره إلا احتاج إلى النابغة الذبياني.
وقال أبو عبد الله بن سلام الجمحي المتوفي عام 231 ه في كتابه طبقات الشعراء لابن عبدة ثلاث روائع جياد لا يفوقهن شعر: الأولى "طحا بك قلب في الحسان طروب" والثانية "ذهبت من الهجران غير مذهب"، والثالثة "هل ما علمت وما استودعت مكتوم". وقد شارك ابن سلام في رأيه هذا ابن رشيق القيرواني في كتابه "العمدة" وقد ذكره ابن سلام في الطبقة الرابعة من شعراء الجاهلية.
وقال ابن سعيد المغربي (610-693 ه) في كتابه "عنوان المرقصات والمطربات" "معاني الغوص في شعر علقمة معدومة، وأقرب ما وقع له قوله:

أوردتها وصدور العبس مسنـفة
والصبح بالكوكب الدري منحور
يشير إلى أن كوكب الصبح مثل سنان الحربة طعن به فسال منه دم الشفق وإذا تبين هذا المعنى كان من المرقصات.. وقوله:
يحملن أترجة نضح العبير بهـا
كأن تطيابها في الأنف مشموم
يشير إلى أن ما نال هذه المرأة من مضض السير واصفرار لونها كالأترجة وأنها كلما تحركت تزيد طيباً! ومنه أخذ ابن الرمى وغيره تشبيه المرأة بالروضة لطيب ثغرها".
وقال أبو عمرو بن العلاء (68-154 ه) أعلم الناس بالنساء علقمة بن عبدة حيث يقول:

فإن تسألوني بالنساء فـإنـنـي
بصير بأدواء النساء طـبـيب
إذا شاب رأس المرء أو قل ماله
فليس له من ودهن نـصـيب
يردن ثراء المال حيث علمنـه
وشرخ الشباب عندهن عجيب
وكانت العرب - كما يقول حماد الراوية - تعرض أشعارها على قريش، فما قبلوا منها كان مقبولاً، وما ردوا منها كان مردوداً، فقدم علقمة بن عبدة فأنشدهم قصيدته التي أولها:
هل ما علمت وما استودعت مكتوم؟
أم حبلها إذ نأتك اليوممـصـروم
فقالوا: هذا سمط الدهر.. ثم عاد إليهم في العام المقبل فأنشدهم درته التي مطلعها "طحابك" فقالوا: هاتان سمطا الدهر.
وقد عمر علقمة طويلاً، وتوفي عام 561، ويروي بعض الباحثين أنه عمر بعد ذلك طويلاً وتوفي 265؛ وله أبناء شعراء منهم خالد، وعلي، ولعلي ابن شاعر اسمه عبد الرحمن.

شرح المختار من شعر علقمة
- 1 - قال علقمة بن عبدة يمدح الحارث بن أبي شمر الغساني:
طحا بك قلب في الحسان طـروب
بعيد الشباب عصر حان مشـيب
يكلفني ليلي وقـد شـط ولـيهـا
وعادت عواد بيننـا وخـطـوب
منعمة لا يستـطـاع كـلامـهـا
على بابها من أن تـزار رقـيب
إذا غاب عنها البعل لم تفش سـره
وترضى إياب البعل حـين يؤوب
فلا تعدلي بيني وبـين مـغـمـر
سقتك روايا المزن حيث تصوب
سقاك يمـان ذو حـي وعـارض
تروح به جنح العشي جـنـوب
وما أنت أم ما ذكـرهـا ربـعـية
يخط لها من ثـرمـداء قـلـيب
فإن تسألوني بالنـسـاء فـإنـنـي
بصير بأدواء النـسـاء طـبـيب
إذا شاب رأس المرء أو قل مالـه
فليس له من ودهـن نـصـيب
يردن ثراء المال حيث علـمـنـه
وشرخ الشباب عندهن عـجـيب
فدعها وسل الهم عنك بـحـسـرة
كهمك فيها بالـرداف خـبـيب
وناجية أفنى ركيب ضلـوعـهـا
وحاركهـا تـهـجـر فـدؤوب
وتصبح عن غب السرى وكأنـهـا
مولعة تخشى القنيص شـبـوب
تعفق بالأرطـى لـهـا وأرادهـا
رجال فبذت نـبـلـهـم وكـيب
إلى الحارث الوهاب أعملت ناقتي
لكلكلها والقصـر بـين وجـيب
لتبلغنـي دار امـرئ كـان نـائياً
فقد قربتني مـن نـداك قـروب
إليك "أبيت اللعن" كان وجـيفـهـا
بمشتبهات هو لـهـن مـهـيب
تتبـع أفـياء الـظـلال عـشـية
على طرق كأنـهـن سـبـوب
هداني إليك الفـرقـدان ولاحـب
له فوق أصراء المتان عـلـوب
بها جيف الحسرى فأما عظامـهـا
فبيض، وأما جلدها فـصـلـيب
فأوردتها مـاء كـأن جـمـامـه
من الأجن حناء معاً وصـبـيب
تراد على دمن الحياض فإن تعـف
فإن المنـدى رحـلة فـركـوب
وأنت امرؤ أفضت إليك أمانـتـي
وقبلك ربتني فضـعـت ربـوب
فأدت بنو كعب بن عوف ربيبـهـا
وغودر في بعض الجنود ربـيب
فوالله لولا فارس الجون مـنـهـم
لآبـوا خـزايا والإياب حـبـيب
تقدمه حتى تـغـيب حـجـولـه
وأنت لبيض الدارعين ضـروب
مظاهر سربالي حديد علـيهـمـا
عقيلاً سيوف مخـذم ورسـوب
فجالدتهم حتى اتقوك بكـبـشـهـم
وقد حان من شمس النهار غروب
تجود بنفس لا يجاد بـمـثـلـهـا
وأنت بها يوم اللـقـاء تـطـيب
قاتل من غسان أهل حفـاظـهـا
وهنب وقاس جالـدت وشـبـيب
تخشخش أبدان الحـديد عـلـيهـم
كما خشخشت يبس الحصاد جنوب
كأن رحال الأوس تحت لـبـانـه
وما جمعت جل معـاً وعـنـيب
رغا فويهم سقب السماء فداحـض
بشكته لم يسـتـلـب وسـلـيب
كأنهم صابت عـلـيهـم سـحـابة
صواعقها لـطـيرهـن دبـيب
فلم تنج إلا شطبة بـلـجـامـهـا
وإلا طمر كالـقـنـاة نـجـيب
وإلا كمـي ذو حـفـاظ كـأنـه
بما ابتل من حد الظبات خضـيب
وفي كل حي قد خبطت بنـعـمة
فحق لشأس مـن نـداك ذنـوب
وما مثله في النـاس إلا قـبـيلـه
مسـاو ولا دان لـذاك قــريب
فلا تحرمني نـائلاً عـن جـنـابة
فإني امرؤ وسط القباب غـريب
فلست لإنسـي ولـكـن لـمـلاك
تنزل من جو السمـاء يصـوب
- 2 - وقال علقمة أيضاً:
هل ما علمت وما استودعت مكتوم
أم حبلها إذ نأتك اليوم مصـروم
أم هل كبير بكى لم يقض عبرتـه
إثر الأحبة يوم البين مشـكـوم
لم أدر بالبين حتى أزمعوا طعنـاً
كل الجمال قبيل الصبح مزمـوم
رد الإماء جمال الحي فاحتمـلـوا
فكلها بالتـزيديات مـعـكـوم
عقلاً ورقماً تظل الطير تتبـعـه
كأنه من دم الأجواف مـدمـوم
يحملن أترجة نضج العبير بـهـا
كأن تطيابها في الأنف مشمـوم
كأن فارة مسك في مفـارقـهـا
للباسط المتعاطي وهو مزكـوم
فالعين مني كأن غرب تحـط بـه
دعماء حاركها بالقنب محـزوم
قد عريت حقبة حتى استطف لهـا
كتر كحافة كير القين ملـمـوم
كأن غسلة خطمي بمشـفـرهـا
في الخد منها وفي اللحيينتلغيم
قد أدبر العر عنها وهي شامـلـهـا
من ناصع القطران الصرف ترسيم
تسقي مذانب قد زالت عصيفتـهـا
حدورها من أتي الماء مطـمـوم
من ذكر سلمى وما ذكرى الأوان لها
إلا السفاه وظن الغـيب تـرجـيم
صفر الوشاحين ملء الدرع خرعبة
كأنها رشأ في الـبـيت مـلـزوم
هل تلحقي بأولي القوم إذ شحطـوا
جلذية كأتان الضحـل عـلـكـوم
تلاحظ السوط شزراً وهي ضامـرة
كما توجس طاوي الكشح موشـوم
كأنها خـاضـب زعـر قـوائمـه
أجنى له باللوى شـرى وتـنـوم
يظل في الحنظل الخطبان ينقـفـه
وما استطف من التنوم مـخـدوم
فوه كشق العـصـا لأياً تـبـينـه
أسك ما يسمع الأصوات مصلـوم
حتى تذكـر بـيضـات وهـيجـه
يوم رذاذ علـيه الـريح مـغـيوم
فلا تـزيده فـي مـشـيه نـفـق
ولا الزفيف دوين الشد مـسـؤوم
يكاد منسمـه يخـتـل مـقـلـتـه
كأنه حاذر للنـحـس مـشـهـوم
يأوي إلى خرق زعر قـرادتـهـا
كأنـهـن إذا بـركـن جـرثـوم
وضاعة كعصي الشرع جـؤجـؤه
كأنه يتناهى الروض عـلـجـوم
حتى تلافى وقرن الشمس مرتـفـع
أدحي عرسين فيه البيض مركـوم
يوجي إليها بإنـقـاض ونـقـنـقة
كما تراطن في أفدانـهـا الـروم
صعل كأن جنـاحـيه وجـؤجـؤه
بيت أطافت به خرقاء مهـجـوم
تحفه هقلة سـطـعـاء خـاضـعة
تجيبـه بـزمـار فـيه تـرنـيم
بل كل قوم وإن عزوا وإن كـثـروا
عريفهم بأثافي الشـر مـرجـوم
والجود نافية لـلـمـال مـهـلـكة
والبخل مبق لأهـلـيه ومـذمـوم
والمال صوف قرار يلعـبـون بـه
على نقـادتـه واف ومـجـلـوم
والحمد لا يشتـرى إلا لـه ثـمـن
مما تضن به النفـوس مـعـلـوم
والجهل ذو عرض لا يستـراد لـه
والحلم آونة في النـاس مـعـدوم
ومطعم الغنم يوم الغنم مطـعـمـه
أنى توجه والمحـروم مـحـروم
ومن تعرض للغربـان يزجـرهـا
على سلامـتـه لابـد مـشـؤوم
وكل بيت وإن طـالـت إقـامـتـه
على دعـائمـه لابـد مـهـدوم
قد أشهد الشرب فيهم مزهور رنـم
والقوم تصرعهم صهباء خرطـوم
كاس عزيز من الأعناب عتـقـهـا
الغض أربابـهـا حـانـية حـوم
تشفى الصداع ولا يؤذيك صالبـهـا
ولا يخالطها فـي الـرأس تـدويم
عانية قرقف لـم تـطـلـع سـنة
يجنها مدمج بالطـين مـخـتـوم
ظلت ترقرق في الناجود يصفقـهـا
وليد أعجم بالـكـتـان مـفـدوم
كأن إبريقهم ظبي عـلـى شـرف
مقدم بسبا الـكـتـان مـلـثـوم
أبيض أبرزه لـلـضـح راقـبـه
مقلد قضب الريحـان مـفـعـوم
وقد غدوت على قرني يشـيعـنـي
ماض أخو ثقة بالخـير مـوسـوم
وقد علوت قتود الرحل يسفـعـنـي
يوم تجيء به الجوزاء مسـمـوم
حام كأن أوار الـنـار شـامـلـه
دون الثياب ورأس المرء معمـوم
وقد أقود أمام الـحـي سـلـهـبة
يهدي بها نسب في الحي مغـلـوم
لا في شظاها ولا أرساغها عـتـب
ولا السنابك أفنـاهـن تـقـلـيم
سلاءة كعصا النهـدي غـل بـهـا
ذو فيئة من نوى قران معـجـوم
تتبع جوناً إذا ما هيجـت زجـلـت
كأن دفا على عـلـياء مـهـزوم
يهدي بها أكلف الخدين مخـتـبـر
من الجمال كثير اللحم عـبـثـوم
إذا ترغم مـن حـافـاتـهـا ربـع
حنت شغاميم في حافاتـهـا كـوم
وقد أصاحب فتيانـاً طـعـامـهـم
خضر المزاد ولحم فيه تـنـشـيم
وقد يسرت إذا ما الجوع كـلـفـه
معقب من قداح النبـع مـقـروم
لو ييسرون بخيل قد يسـرت بـهـا
وكل ما يسر الأقـوام مـغـروم
- 3 - وقال علقمة أيضاً يعارض امرأ القيس:
ذهبتَ من الهجران في غير مذهب
ولم يك حقاً كل هذا التـجـنـب
ليالي لا تبلى النصـيحة بـينـنـا
ليالي حلوا بالسـتـار فـغـرب
مبتلة كـأن أنـضـاء حـلـيهـا
على شادن من صاحة متـربـب
محال كأحواز الـجـراد ولـؤلـؤ
من القلقى والكبيس الـمـلـوب
إذا ألحم الواشون للشـر بـينـنـا
تبلغ رس الحب غير المـكـذب
وما أنت أم مـا ذكـرهـا ربـعة
تحل بأير أو بأكنـاف شـربـب
أطعت الوشاة والمشاة بصرمـهـا
فقد أنهجت حبالها للتـقـضـب
وقد وعدتك موعداً لو وفـت بـه
كموعود عرقوب أخاه بـيثـرب
وقالت متى تبخل عليك بـعـثـلـل
تشك وإن يكشف غرامك تـدرب
فقلت لها فيئ فما تـسـتـفـزنـي
ذوات العيون والبنان المخـضـب
ففاءت كما فاءت من الآدم مغـزل
بيشة ترعى فـي أراك وحـلـب
فعشنا بها من الـشـبـاب مـلاوة
فأنجح آيات الرسول المـخـبـب
فإنك لم تقطـع لـبـانة عـاشـق
بمثل بـكـور أو رواح مـؤوب
بمجفرة الجنبـين حـرف شـمـلة
كهمك مرقال على الأين دغلـب
إذا ما ضربت الدف أوصلت صولة
ترقب مني غير أدنـى تـرقـب
بعين كمرآة الـصـنـاع تـديرهـا
لمحجرها من النصيف المنـقـب
كأن بحادتـهـا إذ مـا تـشـذرت
عثاكيل عذق من سميحة مرطـب
تذب به طـوراً وطـوراً تـمـره
كذب البشير بـالـرداء الـهـذب
وقد أغتدي والطير في وكنـاتـهـا
وماء الندى يجري على كل مذنب
بمـنـجـرد قـيد الأوابـد لاحـه
طراد الهوادي كل شأن مـعـرب
بغـوج لـبـانـيه ثـم بـريمــه
على نفث راق خشية العين مجلب
كميت كلون الأرجـوان نـشـأتـه
لمع الرداء في الصوان المكعـب
ممـر كـعـقـد الأنـدري يزينـه
مع العتق خلق مفعم غير جأنـب
له حرتان تعرف العتق فـيهـمـا
كسامعتي مذعورة وسط ربـرب
وجوف هواء تحت مـتـن كـأنـه
من الهضبة الخلقاء زحلوف ملعب
قطاة تكردس المـحـالة شـرفـت
إلى سند مثـل الـغـيط الـم1اب
وغلب كأعناق الضباع مصيغـهـا
سلام النظى يغشى بها كل مركب
وسمر يفلقن الـظـراب كـأنـهـا
حجارة غيل وارسات بطحـلـب
إذا ما افتصنا لم نخاتـل بـجـنـه
ولكن نادى من بعبـد ألا اركـب
أحاتفة لا يلعن الحـي شـخـصـه
صبوراً على العلات غير مسبـب
إذا انـفـدوا زاداً فـإن عـنـانـه
وأكرعه مستعملا حير مكـسـب
رأينا شياهاً تـرتـعـين خـمـيلة
كمشي العذارى في الملاء المهدب
فينا تـمـارينـا وعـقـد عـذاره
خرجن علينا كالجمار المـثـقـب
فأتبـع أدبـار الـشـياه بـصـادق
حثيث كغيث الرائح المتـحـلـب
ترى الفأر عن مسترغب القدر لائحاً
على جدد الصحراء من شد ملهب
خفى الفأر من أنفاقه فـكـأنـمـا
تجلله شـؤوب غـيث مـنـقـب
فظل لنيران الصـريم غـمـاغـم
يداعسهن بالنضي الـمـعـلـب
فهاو على حر الجـبـين ومـتـق
بمدراته كأنها ذلـق مـشـعـب
وعادى عداء بـين ثـور ونـعـجة
وتيس شبوب كالهشيمة قـرهـب
فقلنا ألا قد كان صنـد لـقـانـص
فخبوا علينا فضل برد مـطـنـب
فظل الأكف يختلـفـن بـحـانـد
إلى جؤجؤ مثل المداك المخضـب
كأن عيون الوحش حول خـبـائنـا
وأرحلنا الجزع الذي لـم يثـقـب
ورحنا كأنامن جـؤاثـى عـشـية
نعالي النعاج بين عدل ومحـقـب
وراح كشاة الربل ينغـض رأسـه
أذاة به من صائك مـتـحـلـب
وراح يباري في الجناب قلوصـنـا
عزيزاً علينا كالجبابالمسـبـب
قال الأعلم: كمل جميع ما رواه الأصمعي من شعر علقمة، ونذكر قطعاً من شعره مما رواه أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي (القالي) عن الطوسي وابن الأعرابي وغيرهما.
- 4 - وقال في فكه أخاء شأسا:

دافعته عنـه بـشـعـري إذ
كان لقومي في الفداء جحـد
فكان فـيه مـا أتـاك وفـي
تسعين أسرى مقرنين صفـد
دافع قومي في الـكـتـيبة إذ
طار لأطراف الطبات وقـد
فأصبحوا عند ابن جفنة في ال
أغلال منهم والحديد عـقـد
إذ مخنب في المخنبين وفي الن
هكة غـي بـادئ ورشــد
- 4 - وقال علقمة أيضاً:
تراءت وأستار من البيت دونهـا
إلينا وحانت غيلة المـتـفـقـد
بعيني مهاة يخدر الدمع منهـمـا
بريمين شتى من دموع وإثمـد
وجيد غزال شـارد فـردت لـه
من الحلي سمطى لؤلؤ وزبرجد

 
- 6 - وقال علقمة أيضاً أو علي بن علقمة في يوم الكلاب الثاني:
ود نفير لـلـمـكـاور أنـهـم
بنجدران في شاء الحجار الموقر
أسعيا إلى نجران في شهرناجـر
حفاة وأعيا كل أعيس مسـفـر
وقرت لهم عينـي بـيوم حـذنة
كأنهم تذبـيح شـاء مـعـتـر
عمدتم إلى شلو تنوذر قبـلـكـم
كثير عظام الرأس ضخم المذمر
- 7 - وقال علقمة أيضاً:
وأخي محافظة طـلـيق وجـهـه
هش جررت له الشواء بمسـعـر
من بازل ضربت بأبـيض بـاتـر
بيدي أغر يجر فضـل الـمـئزر
ورفعت راحلة كأن ضـلـوعـهـا
من نص راكبها سفائف عرعـر
حرجاً إذا هاج السراب على الصوى
واستن في أفق السماءالأغـبـر
- 8 - وقال في مولى له، وينسب هذا الشعر لابنه خالد:
ومولى كمولى الزبرقان دملـتـه
كما دملت ساق تهاض بها وقـر
إذا ما أحالت والجبائر فـوقـهـا
أتى الحول لا برء جبير ولا كسر
تراه كأن اللـه يجـدع أنـفـسـه
وعينيه إن مولاه ثاب لـه وفـر
ترى الشر قد أفنى دوائر وجهـه
كضب الكدى أفنى أنامله الجفر
- 9 - وقال علقمة وينسب هذا الشعر لحفيده عبد الرحمن بن علي بن علقمة:
وشامت بي لا تخفـي عـداوتـه
إذا حمامى ساقته الـمـقـادير
إذا تضمـنـنـي بـيت بـرابـية
آبوا سراعاً وأمسى وهو مهجور
فلا يغرنك جري الثوب معتجـراً
إني امرؤ في عند الجد تشمـير
كأنني لـم أقـل يومـاً لـعـادية
شدوا ولا فتية في موكب سيروا
ساروا جميعاً وقد طال الوجيف بهم
حتى بدا واضح الأقراب مشهور
ولم أصبح جمام الـمـاء طـاوية
بالقوم وردهم للخمس تـبـكـير
أوردتها وصدور العيس مسـنـفة
والصبح بالكوكب الدري منحور
تباشروا بعد ما طال الوجيف بهـم
بالصبح لما بدت منه تـبـاشـير
بدت سوابق من أولاه نعـرفـهـا
وكبره في سواء الليلمسـتـور
كمل المختار من شعر علقمة بن عبدة التميمي.
1196281512wh9bj0c.gif
 
29612.gif

النابعة الذبياني
29612.gif

1 - هو زيادة بن معاوية من غيظ بن مرة من ذبيان من قيس من مضر؛ وكنيته أبو أمامة، ولقب بالنابغة لنبوغه في الشعر وهو كبير دفعة واحدة بعد أن أحكمته التجارب ومشى به السن وهو أ حد الأشراف الذين غض الشعر منهم، ويعد من شعراء الطبقة الأولى مع امرئ القيس، وكانت تضرب له قبل بسوق عكاظ فتأتيه الشعراء تعرض عليه أشعارها فيفاضل بينهم.
وكان النابغة من أشراف قومه، ومع تكسبه بالشعر فإنه كان يعتز بنفسه، لا كما صنع الأعشى. وكان يقصد الملوك ويمدحهم في غير صنعة فيجزلون له العطاء. اتصل بالنعمان بن المنذر أبي قابوس ملك الحيرة الذي تولى الملك من عام 580 - 602 م، ومدحه بقصائد رائعة كثيرة، فقربه النعمان إليه، وصار أثيراً عنده ومن ندمائه، وغمره بعطائه الجزل، حتى صار النابغة يأكل في صحاف الذهب والفضة، ثم غضب عليه.. وتختلف الروايات في سبب ذلك.
قيل إن النابغة رأى زوجة النعمان "المتجردة" يوماً في حين غفلة فسقط نصيفها عن وجهها فاستترت بيدها وذراعها، فقال فيها قصيدته:

أمن آل أمية رائح أو مغتدي
عجلان ذا زاد وغير مزود

فامتلأ النعمان غضباً وأوعد النابغة فهرب.. وقيل إن غضب النعمان عليه لأن أحد خصوم النابغة وهو عبد القيس التميمي ومرة بن سعد السعدي نظما هجاء في النعمان على لسان النابغة وأنشد النعمان أبياتاً منها:
قبح الله ثـم ثـنـى بـلـعـن
وارث الصائغ الجبان الجهولا
من يضر الأدنى ويعجز عن ض
ر الأقاصي ومن يخون الخليلا
يجمع الجيش ذا الألوف ويغـزو
ثم لا يرزأ الـعـدوفـتـيلا

وكانت أم النعمان بنت صائغ من فدك - بلدة قريبة من المدينة - فنبر النابغة من ذلك الشعر، ولكنه خاف على نفسه فهرب إلى الشام.
وقيل ان سبب وعد النعمان للنابغة أنه كان هو والمنخل اليشكري جالسين في مجلس النعمان ومعهم زوجته المتجردة، فقال النعمان للنابغة: صفها في شعرك. فقال قصيدته:

أمن آل مية رائح أو مغتدي
عجلان ذا زاد وغير مزود

فلحقت المنخل غيرة، فقال للنعمان: ما يستطيع أن يقول هذا الشعر إلا من عرف. فحقد النعمان على النابغة وعلم بذلك فخافه وهرب. وقيل إن النابغة وصف امرأة بقصيدته "يا دار مية بالعلياء فالسند" فوشى للنعمان أنه يعني زوجته المتجردة.. وأياً ما كان فقد كان لوشايات خصوم النابغة أثرها في تغير قلب النعمان وسخطه عليه، فهرب وأتى قومه، ثم شخص إلى ملوك غسان بالشام، وكانوا أعداء لملوك الحيرة، فاتصل النابغة بعمرو بن الحارث الأصغر ملك غسان ومدحه ومدح أخاه النعمان وظل لديه حتى مات، وملك أخوه النعمان، فأقام عنده أثيراً لديه. ولكنه كان يحن إلى بلاط النعمان بن المنذر ملك الحيرة، ويرسل إلى الملك قصائد من اعتذارياته الرائعة يتبرأ فيها مما رمى به ويعتذر مما كان. وتوالت اعتذاراته على النعمان فعفا عنه فعاد إليه وعاشره في الحيرة.. ويقال أن النابغة استجار ببعض المقربين لدى النعمان فكلموه في شأنه، حتى أمنه وأمر له بمائة بعير. ويقال أن النابغة علم بمرضه فلم يملك صبره وسار إليه فألفاه في مرضه فمدحه. ثم عوفي النعمان فأمنه وأقام عنده، وظل النابغة عظيماً شريفاً مكرماً عند الملوك والأمراء، وتوفي عام 604 م.
- 2 - وفي الأغاني ترجمة طويلة له، وكذلك في الشعر والشعراء لابن قتيبة كما عرض له ابن سلام في طبقات الشعراء، وكذلك شعراء النصرانية، وكذلك صاحب كتاب تاريخ الأدب في العصر الجاهلي، وأخرج الأستاذ عمر الدسوقي كتاباً عنه، كما نشر عدد عنه في سلسلة "الروائع".. وعرض له صاحب الجمهرة، والمرزباني في الموشح، وكثير من العلماء، كما كتب عنه الزيات وجورجي زيدان وأصحاب الوسيط والمفصل، وسواهم.
وشعر النابغة لطيف رقيق إذا تملكته عاطفة قوية من إشفاق أو حماسة أو رهبة كما ترى في أهاجيه ومدائحه واعتذارياته، وقيل عنه أشعر الناس إذا رهب وهو في اعتذارياته حزين عميق الحزن قلق مضطرب يداخله التشاؤم واليأس الشديد ذلك كله لأن خيال الشاعر دقيق واسع، يسمو إلى درجة عالية في إكمال الصورة وإيضاح المشابهات، يتوسع بالتشبيه، ويفسح له خياله المجال في التصوير، كما في وصفه للفرات أو لغيره.
وتمتاز معانيه بالدقة والانسجام والتآلف والصدق والقرب من العقل والبعد عن التعقيد والغموض، مع مراعاة المخاطبين، ومع البصر بمواقع الكلام.
وقد أجاد النابغة في المدح والاعتذار والعزل والفخر إجازة بالغة كما أجاد في الوصف والرثاء والحكمة إجادة دون ذلك.
وأسباب إجادته في المدح معروفة منها حب المال، وخصب الخيال، وقوة الذكاء، وميله إلى التجويد والتنقيح، والتهذيب إلى غير ذلك من الأسباب.
وإجادته في الاعتذار كذلك كان الباعث عليها الرهبة والخوف مع الرغبة والأمل. أما الوصف فقد أجاد في بعض دون البعض الآخر، فأجاد في وصف الثور والوحش والفرات وما إلى ذلك.
وقال الأصمعي: لم يكن النابغة وزهير وأوس يحسنون صفة الخيل، ولكن طفيل الغنوي أحسن في صفة الخيل غاية الإحسان.
- 3 - ويمتاز شعر النابغة ببلوغه غاية الحسن والجودة ونقاوته من العيوب وجودة مطالع قصائده وأواخرها. وكان البدو من أهل الحجاز يحفظون شعره ويفاخرون به لحسن ديباجته وجمال رونقه وجزالة لفظه وقلة تكلفه وليس له نظير في وصف الإحساسات النفسية كالخوف وما شابه ذلك.
أجاد في المدح كما بلغ الغاية في الاعتذار واعتذارياته إلى النعمان من عيون الشعر العربي وهي فن جديد من فنون الشعر الجاهلي. وتبلغ غاية الجودة والإحسان ومنها قوله:

نبئت أن أبا قابوس أوعـدنـي
ولا قرار على زأر من الأسد
مهلاً فداء لك الأقوام كلـهـم
وما أثمر من مال ومنولـد

وقوله:
أتاني أبيت اللعـن أنـك لـمـتـنـي
وتلك التي تستك منها المـسـامـع
مقالة أن قد قـلـت سـوف أنـالـه
وذلك من تلـقـاء مـثـلـك رائع
فإنك كاللـيل الـذي هـو مـدركـي
وإن خلت أن المنتأى عنـك واسـع
وأنت ربيع ينعـش الـنـاس سـيبـه
وسيف أعيرته الـمـنـية قـاطـع
أبـى الـلـه إلا عـدلـه ووفــاءه
فلا النكر معروف ولا العرف ضائع

وقوله:
أتاني أبيت اللعن أنك لمـتـنـي
وتلك التي أهتم منها وأنصـب
فبت كأن العائدات فرشـنـنـي
هراساً به يعلى فراشي ويقشب
حلفت فلم أترك لنفسـك ريبة
وليس وراء الله للمرء مذهب
ألم تر أن الله أعطاك سـورة
ترى كل ملك دونها يتذبـذب
فإنك شمس والملوك كواكـب
إذا طلعت لم يبد منهن كوكب

وقد عده بعض العلماء من شعراء المعلقات ومطلع معلقته:
يا دار مية بالعلياء فـالـسـنـد
أقوت وطال عليها سالف الأمد

وتقع في واحد وخمسين بيتاً. وهي من قصائده الاعتذاريات، بدأها ببكاء الاطلاق كالمألوف من أشعار الجاهلية، ثم انتقل من ذلك إلى وصف ناقته:
فقد عما ترى إذ لا ارتجاع له
وانم القتود على عيرانة أجد

وشبهها بوحش وجرة، ثم أفاض كعادته في وصف وحش وجرة، والكلاب الصائدة، ودخل من ذلك إلى النعمان:
فتلك تبلغـنـي الـنـعـمـان إن لـه
فضلاً على الناس في الأدنى وفي البعد
ولا أرى فاعلاً في النـاس يشـبـهـه
وما أحاشي مـن الأقـوام مـنأحـد

ثم طلب إليه أن يكون حكيماً في أمره، لا يقبل سعاية الساعين، ونفى عن نفسه ما اتهم به
ما إن أتيت بشيء أنت تكرهـه
إذا فلا رفعت سوطي إلى يدي
هذا لأبرأ من قول قذفـت بـه
كانت نوافذه حراً علىالكبـد

ثم مدحه بالكرم، وأنه يشبه نهر الفرات، واسترسل في وصف الفرات كعادته أيضاً.. وختمها بقوله:
ها إن تاعذرة إلا تكن نفعت
فإن صاحبها قد تاه في البلد

ويظهر من شعره التدين والتزام مكارم الأخلاق، فهو يقول:
قالت أراك أخاً رحـل وراحـلة
تغشى متالف لن ينظرنك الهرما
حياك ربي فأنـا لا يحـل لـنـا
لهو النساء وإن الدين قد عزمـا
مشمرين على خوص مـزمـمة
نرجو الإله ونرجو البر والطعما

وقوله:
تعدو الذئاب على من لا كلاب له
وتتقي حومة المستأسدالحامي

وقوله:
نفس عصام سودت عصاما
وعلمته الكر والإقدامـا
وصيرته ملكاً هـمـامـاً
من علا وجاوز الأقواما

وقدم عمر بن الخطاب النابغة على جميع الشعراء في غير موضع، وفضله على جميع شعراء غطفان في موضع آخر، ويروى عن حسان قصة تدل على مكان النابغة عند النعمان وفضله لديه على جميع الشعراء، وحسان منهم. وحضر النابغة سوق عكاظ مرة فأنشده الأعشى ثم حسان ثم شعراء آخرون ثم الخنساء فقال لها: لولا أن أبا بصير أنشدني لقلت إنك أشعر الجن والإنس، فقال له حسان: أنا أشعر منك ومن أبيك. فقال له النابغة: يابن أخي إنك لا تحسن أن تقول:
فإنك كالليل الذي هـو مـدركـي
وإن خلت أن المنتأى عنك أواسع

ومن روائع شعره قصيدته:
كليني لهم يا أميمة نـاصـب
وليل أقاسيه بطيء الكواكب

ومن معانيه المبتدعة قوله:
نبئت أن أبا قانوس أوعـدنـي
ولا قرار على زأر من الأسد

وقوله:
فلو كفى اليمين بغتك خونـا
لا فردت اليمين عن الشمال

وأخذه عن المثقب العبدي فقال:
ولو أني تخالفني شمالـي
بنصر لم تصاحبها يميني

وقوله:
فحملتني ذنـب امـرئ تـركـتـه
كذي العري يكوي غيره وهو رائع

وقد أخذت الكميت فقال:
ولا أكوى الصحاح براتعات
بهن العر قبلي ما كوينـا

وقوله وهو أحسن ما قيل في العفة:
رقاق النعال طيب حجزاتهـم
يحيون بالريحان يوم السباسب

وما يتمثل به من شعره:
ومن عصاك فعاقبه مـعـاقـبة
تنهى الظلوم ولا تقعد على ضمد

وقوله:
واستبق ودك للصديق ولا تكن
فتبا يعض بغارب ملحاحـا

أخذه ابن ميادة فقال:
ما إن ألح على الإخوان أسألهم
كما يلح بعض الغارب القتب

ومما يمثل به من شعره قوله:
لونها عرضت الأشمط راهب
عبد الإله ضرورة متعبـد
لرنا لبهجتها وحسن حديثهـا
ولخاله رشدا وإن لم يرشـد

أخذه ربيعة بن مقروم فقال:
لو أنها عرضت لأشمط راهب
في رأس مشرفة الذرى يتبتل
لرنا لبهجتها وحسن حديثـهـا
ولهم من ناموسـه يتـنـزل

ومن أمثالها ثم أصدق من قطاة - قال النابغة
تدعو القطاويها تدعى إذا نسبت
يا حسنها حين تدعوها فتنسب

أخذه ابو نواس فقال أصدق من قوة قطاة قطا. ومن حكمه:
ولست بمستبق أخـاً لا تـلـمـه
على شعث، أي الرجال المهذب؟

ومما سبق إليه قوله:
نظرت إليك بحاجة لم تقضها
نظر السقيم إلى وجوه العود

وقد أخذه أبو نواس فقال:
ضعيفة كر الطرف تحسب أنها
قريبة عهد بالأفاقة منسقـم

ومما يستحسن من قوله:
حسب الخليلين نأي لأرض بينهما
هذا عليها وهذا تحتهابـالـي

وقوله:
الـمـرء يأمـل أن يعـي
ش وطول عيش قد يضره
تفنـى بـشـاشـتـه ويب

قى بعد حلو العيش مـره
وتـخــونـــه الأيام ح
تى لا يرى شـيئاً يسـره
كم شامت بـي إن هـلـك
ت وقـائل: لـلــه دره

ومما سبق إليه ولم يحسن تشبيهه قوله:
من وحش وجرة موشـى أكـارعـه
طاوي المصير كسيف الصيقل الفرد

فشبه الثور في بياضه والتماعه بالسيف المجرد من الغمد، ولم تسمع كلمة "الفرد" إلا في هذا الشعر؛ وللطرماح في المعنى نفسه:
يبدو وتضمره البـلاد كـأنـه
سيف على شرف يسل ويغمد

وهذا أكمل في التشبيه لدلالته على الاختفاء، والظهور المأخوذ من حركة هذا الثور الوحشي.
وفضل ناقد أمام الأصمعي قول النابغة:

نظرت إليك بحاجة لم تقضها
نظر السقيم إلى وجوه العود

وقوله:
فإنك كالليل الذي هـو مـدكـي
وإن خلت أن المنتأى عنك أوسع

وقوله:
من وحش وجرة موشـى أكـارعـه
طاوي المصير كسيف الصيقل الفرد

فقال الأصمعي: أما تشبيهه مرض الطرف فحسن، إلا أنه هجنه بذكره العلة وتشبيهه المرأة بالعليل، وأحسن منه قول عدي بن الرقاع العاملي:
وكأنها بين النساء أعـارهـا
عينيه أحور من جآذر جاسم
وسنان أقصدة النعاس فرنقت
في عينه سنة وليس بنـائم

وأما تشبيه الإدراك بالليل فقد تساوى الليل والنهار فيما يدركانه، وإنما كان سبيله أن يأتي بما ليس له سيم؛ حتى يأتي بمعنى ينفرد به ولو قال قائل: إن قول "النمري" في هذا أحسن لو وجد مساغاً إلى ذلك، حيث يقول:
فلو كنت بالعنقاء أو بسنامها
لخلتك إلا أن تصد تراني

وأما قوله: "طاوي المصير كسيف الصيقل الفرد" فالطرماح أحق بهذا المعنى؛ لأنه أخذه فجوره، وزاد عليه، وإن كان النابغة اخترعه، وقول الطرماح هو:
يبدو وتضمره البـلاد كـأنـه
سيف على شرف يسل ويغمد

فقد جمع في هذا البيت استعارة لطيفة بقوله "وتضمره البلاد" وتشبيهه اثنين بقوله "يبدو وتضمر، ويسل ويغمد"؛ وجمع حسن التقسيم، وصحة المقابلة.
وقال جعفر أمام الأصمعي في مجلس الرشيد: لست أفص على شاعر واحد أنه أحسن الناس في بيت تشبيها، ولكن قول امرئ القيس:

كائن غلامي إذ علا حال متـنـه
على ظهر باز في السماء محلق

وقول عدي بن الرقاع:
يتعاوران من الغبار مـلاءة
غبراء محكمة هما نسجاها
تطوى إذا وردا مكاناً خاسـئاً
وإذا السنابك أسهلت نشراها

وقول النابغة:
بأنك شمس والملوك كواكـب
إذا طلت لم يبد منهن كوكب

قال الأصمعي: قلت هذا حسن كله بارع، وغيره أحسن منه؛ وإنما يجب أن يقع التعيين على ما اخترعه قائله، ولم يتعرض له أحد، أو تعرض له شاعر فوقه دونه. فأما قول امرئ القيس: "على ظهر باز في السماء محلق". فمن قول أبي داود.
إذا شـاء راكـبـه ضـمـه
كما ضم بازي السماء الجناحا

وأما قول عدي: "يتعاوران من الغبار ملاءة" فمن قول الخنساء:
جارى أباه فأقبلا وهمـا
يتعاوران ملاءة الحضر

وأول من نطق به جاهلي من بني عقيل، قال:
ألا يا دار الحي بالـبـرهـان
عفت حجج بعدي لهن ثماني
فلم يبق منها غير نؤدى مهـدم
وغيره أثاف كالركى دفـان
وآثار هاب أورق اللون سافرت
به الريح والأمطار كل مكان
قفار مريرات يحاز بها القطار
ويضحى بها الجنان يعتركان
يثيران من نسج الغبار عليهمـا
قميص أسـمـالا ويرتـديان

وشارك عدياً أبو النجم، وأورده في أحسن لفظ، قال يصف عيراً وأتاناً، وما أثاراه من الغبار بعدوهما:
ألقى بجنب القاع من حبالها
سرباله وانشام في سربالها

وأما قول النابغة: "بأنك شمس والملوك كواكب" فقد تقدمه فيه شاعر قديم من شعراء كندة يمدح عمرو بن هند، وهو أحق به من النابغة إذ كان أبا عذرته، فقال:
وكادت تميد الأرض بالناس إذ رأوا
لعمرو بن هند غضبة وهو عاتب
هو الشمس وافت يوم سعد فأفضلت
عل كل ضوء والملوك كواكـب

قال الأصمعي: فكأني والله ألقمت جعفراً حجراً فاهتز الرشيد فوق سريره وكاد يطير عجباً وطرباً. وقال: والله لله درك يا أصمعي اسمع الآن ما كان عليه اختياري ليقل أمير المؤمنين فقال عينت على ثلاثة أشعار أقسم بالله أني أملك السبق بأحدها ثم قال الرشيد أتعرف يا أصمعي تشبيهاً أفخر أو أعظم في أحقر مشبه وأصغره في أحسن معرض من قول عنترة الذي لم يسبقه إليه سابق ولا نازعه منازع ولا طمع في مجاراته طامع حين شبه ذباب الروض العازب في قوله:
وخلا الذباب بها فليس مبـارح
غردا كفعل الشارب المترنـم
هزجا يحك ذراعه بـذراعـه
فعل المكب على الزناد الأجذم

ثم قال: يا أصمعي هذا من التشبيهات العقم التي لا تنتج، فقلت كذلك هو يا أمير المؤمنين وبمجدك آليت ما سمعت قط أحداً يصف شعره بأحسن من هذه الصفة ولا استطاع بلوغ هذه الغاية فقال مهلاً لا تعجل.. أتعرف أحسن من قول الحطيئة يصف لغام ناقته أو تعلم أحداً قبله أو بعده شبه تشبيهه، حيث يقول:
ترى بين لحييها إذا ما ترغمت
لغاماً كنسج العنكبوت الممدد

فقلت والله ما علمت أحداً تقدمه إلى هذا التشبيه، أو أشار إليه بعده ولا قبله قال أتعرف بيتاً أبدع وأوقع من تشبيه الشماخ لنعامة سقط ريشها وبقي أثره في قوله:
كأنما منثنى أقماع ما مرطت
من العفاء بليتيهاالثـآلـيل

فقلت ولا والله يا أمير المؤمنين، فالتفت إلى يحيى، فقال أوجب؟ فقال وجب، ويؤخذ على النابغة بعض مبالغات في معانيه كقوله:
إذا ارتعثت خاف الجبان رعاثها
ومن يتعلق حيث علقيفرق

وكقوله: تقد السلوقى المضاعف نسجه=وتوقد بالصفاح نار الحباحب فقد ذهب إلى أن سيفه يقطع الدرع المضاعف والفارس والفرس ثم يذهب في الحجارة فيقدح فيها الشرر. ويؤخذ عليه قوله:
وكنت امرأ لا أمدح الدهر سوقه
فلست على خير أتاكبجاحـد

فتراه يمتن على ممدوحه بمدحه إياه، وجعله خيراً أتاه ولا يحسد عليه، وإنما يحسن الثناء إذا كان خالصاً من كل وجه.
وأخذوا عليه الخنونة في بعض معانيه، كقوله:


سقط النصيف ولم ترد إسقاطه
فتناولته واتقـتـنـا بـالـيد
29612.gif

يتبع
29612.gif
 
ألم يكن من الأجدى و الأحسن أن تُشير أنَّ العمل منقول ..

ان الأمانة تقتضي ذلك يا جميل ..

كن بكلّ الخير و أهلا و سهلا بك ..
 
الأخ رياض:جميل ما نقلتَ لنا,,وهناك الكثير من الباحثين عن تلك الأنماط الشعرية,,,لكن سأهمس لك بكل ودّ:لقد أتْعبْتنا يا جميل...تمنيتُ لو اتبعتَ طريقة:*قلّل ودلّل*,,حتّى لا يُصاب القاريء بالكلل إن لم نقل ملل...ثقتي في رحابة صدرك وتأكيدي لك أن رأيي يحتمل الخطأ,فتقبل مروري أيها الصديق بصوابي وخطئي...
...نلتقي بكل حب وتقدير....
 
أعلى