faycelb86
مرشح للإشراف بمنتدى الشعر و الأدب- إنضم
- 15 نوفمبر 2009
- المشاركات
- 1.133
- مستوى التفاعل
- 5.612
إثر صلاة العصر،اتّجه الصديقان إلى أحد المقاهي المنتشرة بكثرة تستوعب الأعداد المتزايدة للعاطلين عن العمل.اختارا طاولة على الرصيف،يتابعان المارّة بكل فضول وبين الحين والآخر يتبادلان نكتة سمجة.
"الله أكبر ! الله أكبر ! الله أكبر !"
تتجه الأعين نحو مصدر التكبير،حشد كبير من المواطنين يقترب.
"بالّروح بالدّم نفديك يافلسطين..."
تتعالى الأصوات المردّدة.
أشار أحدهما إلى الحشد ثم التفت إلى صديقه قائلا:"ألم ينته الأمر بعد؟! أليست لديهم أعمال يقومون بها؟"
يجيبه الآخر ولكنّ صوته بالكاد يُسمع،فقد اقتربت الجموع أكثر فأكثر.
"مهلا مهلا يايهود جيش محمد سوف يعود"
ينضمّ بعض الجالسين إلى الحشد.
يبتعد الهتاف شيئا فشيئا فيبادر الأول مستهزئا:
-يالهم من أغبياء! يعتقدون أنهم أحرار والحال أنهم مجرّد دمى خشبيّة تُحرّكها السلطات.
يتثبّت الآخر في الوجوه بحثا عن ...ثم يقترب أكثر من صديقه.
-احذر يامحمّد،فَلِلْحِيطان آذان ونحن في المقهى،أكثرهم عملاء لل...
-لاتخف يا أحمد، فَلَنَا ربّ في الوجود..
-حسنا،عن أي دمى تتحدّث،وهل نحن نشاهد مسرحيّة؟انها الشعوب متى نهضت من سباتها لن يوقفها شيء.
-مازلت كماعهدتك،لا تنظر للأمر إلاّ من الزّاوية التي يُحدّدونها لك.
ثم وضع السيجارة بين شفتيه وقال:
-لا تغرّنك حرية مزعومة منحونا إياها هذه الأيام بسبب العدوان على القطاع وبناء الجدار،فتلك تمثيلية مقيتة ننغمس فيها كل مرّة دون أن نُعْمِل عقولنا.
-هل لك أن تُوَضِّح أكثر؟
-أخي،بم نفعت هتافاتنا فلسطين؟هل حرّرت الأقصى؟ هل منعناهم من احتلال العراق؟هل غيّرت من الأمر الواقع شيئا؟؟؟؟
يكتفي أحمد بالصمت.
-مايحصل إثر كل مسرحيّة أننا نعود إلى منازلنا شاكرين لحكوماتنا حرية وهبتنا إيّاها،أما هم فينالون المديح من العالم أجمع:فلسطين والعرب يَشْكُرُونَ..هُمْ لدعمهم للقضية بِ..أصواتنا نحن،والغرب يشكرهم لأنهم يمارسون "الديمقراطية".
يسحب نفسا من سيجارته وبعد أن يملأ الفضاء بدخانه يواصل
-أحمد،لقد بعنا القضية،لقد تخلينا عن كل القضايا حتّى صار هَمُّ كل دولة النأي بنفسها عن الصراع..
مايؤلمني حقا أننا نصافح العدوّ ونبغض الحبيب،أن البعض منا قد فعل فينا أكثر مما فعل العدوّ;يحاصرنا،يمنع عنا المؤن ولن أقول السلاح.آه من زمن صار العربي فيه يبني الجدار لا ليسجن المحتلّ بل ليخنق أخاه العربي...
"أنتما هنا..هيّا بسرعة لنظفر بمقعد شاغر"
يقطع حديثهما صديقهما ابراهيم،وهو يلهث،"لقد انتهت المظاهرة بسرعة فالكل سيتابع حفل الافتتاح وأولى مباريات كأس العالم.."
يُسرع الثلاثة إلى داخل المقهى فحديث الكرة أهمّ من حديث السياسة.
ملاحظة:
أودّ أن أشكر أخي محسن لأنه مكنني من هذا النص الذي نشر في هذا الفضاء قبل أشهر..