درس في: العـــبادات

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.

هيثم الزيدي

نجم المنتدى
عضو قيم
إنضم
20 ماي 2006
المشاركات
13.605
مستوى التفاعل
42.117
العبـــــادات

كتاب العبادات

خلق الله الإنسان لعبادته وطاعته، قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات:56] وأمره بإخلاص العبادة له، فقال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء} [_البينة:5].
والإسلام بناء شامخ الأركان، قوى الأسس، يقوم على أعمدة تحميه من الضعف، وتحافظ عليه من الانهيار، وهذه الأعمدة هي أركان الإسلام الخمسة التي لا يتم إسلام المرء إلا بها، فقد قال :) (بني الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان) [متفق عليه].. فهذه هي العبادات المفروضة على كل مسلم، فإن أداها كاملة كان من أهل الجنة.
والعبادة ليست مجرد حركات وسكنات يقوم بها الإنسان، ولا هي كلمات تقال، إنما العبادة الحقيقية هي التي يشعر الإنسان عند أدائها بتوافق القلب مع أفعال الجوارح، ويجب على المسلم أن يعيش مع العبادة مظهرًا وجوهرًا أو شكلاً وحقيقة، فالعبادات الإسلامية تربية روحية وجسدية، ولن تؤتى العبادة ثمارها إلا إذا توافقت فيها كل هذه الجوانب.
وسوف نعرض في هذا الكتاب العبادات التي شرعها الإسلام، لنتعرَّف على جوهرها وحقيقتها، حتى نعبد ربنا على علم وبينة، مهتدين في ذلك بأفعال نبينا (.
 
العبادة

العبادة هي الحكمة التي خلق الله الإنسان من أجلها، فما أعظمها من حكمة وما أجَلَّها من غاية.. قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات:56] ولما كان وجود الإنسان في هذه الحياة من أجل أن يكون عبدًا لله، كانت العبادة هي الدعوة التي نادى بها كل نبي قومه.
قال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله } [النحل:36].
وقال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء:25].
وقال تعالى: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله} [_المؤمنون:23].
وقال تعالى: {وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه} [_العنكبوت:16] .
وقال تعالى: {وإلى عاد أخاهم هودًا قال يا قوم اعبدوا الله}[_الأعراف:65]. وقال تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحًا قال يا قوم اعبدوا الله} [الأعراف:73].
وقال: {وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم} [_المائدة: 72].
والإنسان ليس العابد الوحيد في هذا الكون، فكل شيء في هذا الوجود يعبد الله ويطيعه، قال تعالى: {ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء}
[الحج:18] وقال تعالى: {واذكر عبدنا داوود ذا الأيد إنه أواب . إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق . والطير محشورة كل له أواب} [ص:17-19].
وهكذا يظهر لنا أن جميع المخلوقات خُلِقَتْ للعبادة والطاعة، والإنسان أحد المخلوقات في هذا الكون، وعلى ذلك فالإنسان إذا سار في طريق العبادة فإنه يكون سعيدًا لأنه يسير مع هذا الكون الذي يعبد الله، أما إذا انحرف عن هذا الطريق المستقيم؛ فسوف يعيش شقيًا؛ لأنه خالف الحقيقة الكبرى التي لأجلها خلق، كما أن مخلوقات الله في هذا الكون تعجب من الإنسان الخارج عن طاعة الله، فهذا هدهد سليمان -عليه السلام-تعجب عندما رأي ملكة سبأ وقومها يسجدون للشمس، فإن الهدهد لم يكن يظن أن هناك من يعبد غير الله، وخاصة الإنسان الذي كرمه الله وسخر له كل ما في الكون؛ ليكون له معينًا
على طاعة الله.
قال تعالى على لسان الهدهد: {وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون . ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون . الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم} [_النمل:24-26].
وعبادة الله سبحانه هي أعظم منزلة يتطلع إليها الإنسان في هذا الوجود، فقد وصف الله بها أكرم خلقه وهم الأنبياء، كما كانت أعظم كلمة يقولها كل نبي عن نفسه، يقول تعالى: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين} _[الصافات:17].
وقال الله تعالى: {ذرية من خلقنا مع نوح إنه كان عبدًا شكورًا} [_الإسراء:3].
وقال تعالى: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار} [ص:45].
وقال تعالى: {ذكر رحمت ربك عبده زكريا} [مريم:2].
وقال تعالى:: {ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنه أواب} [ص: 31].
ويقول تعالى عن أيوب -عليه السلام-: {إنا وجدناه صابرًا نعم العبد إنه أواب} [ص:44].
ويقول عيسى -عليه السلام-: {إني عبد الله أتاني الكتاب وجعلني نبيًّا} [مريم:13].
ولقد وصف الله -عز وجل-نبيه وخليله محمدًا بالعبودية في أجلِّ المواقف وأعظمها؛ ففي رحلة الإسراء والمعراج قال تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده} [الإسراء:1] وقال: {فأوحى إلى عبده ما أوحى} [النجم:10] وفي مجال الدعوة إلى الله وتبليغ رسالته، قال تعالى: {وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا} [الجن:19] وإذا تأملنا حياة رُسُلِ الله -عز وجل- وجدناها كلها عبادة وطاعة لله -سبحانه- لذلك استحقوا تكريم الله لهم.
ولقد كان نبينا محمد ( خير العابدين الطائعين، فقد كانت حياته كلها طاعة لله، تلك الحياة التي صورها هذا النداء الخالد في قوله تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين . لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين} [_الأنعام:162-163].. لقد كان لسانه ( دائمًا رطبًا بذكر الله، وكان يصوم حتى يظن من حوله أنه لا يُفْطِر وكان يصلي حتى تتورم قدماه، ويكثر من السجود بين يدي الله سبحانه، وكان ينفق ويعطى عطاء من لا يخشى الفقر.
وقف ( ذات ليلة يصلي بين يدي ربه، وأطال الوقوف حتى تورمت قدماه، فأشفقت عليه زوجته السيدة عائشة -رضي الله عنها- وبعد أن أتم الصلاة قالت له: هَوِّنْ عليك يا رسول الله، فقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال :) (أفلا أكون عبدًا شكورًا)
[متفق عليه].. إنها لذة العبادة والطاعة لله -سبحانه وتعالى- التي تهون في مقابلها الدنيا كلها، وما أحسن قول الشاعر:
يا إلهي شاقني هـذا الوجــود عز قدري بك في ظل الســجود
أنت إن ترضَ كفاني مـغنمـًا ليس بعد اللـــه لي من مغنــم
عبادات المسلم:
يقوم الإسلام على أركان خمسة لا يتم إسلام المرء إلا بها، قال :) (بني الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان) [متفق عليه] وهذه هي العبادات المفروضة على كل مسلم، فإن أداها كاملة كان من أهل الجنة، فقد روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: جاء رجل من أهل البادية، فقال: يا محمد، أتانا رسولك (من أرسلته إلينا) فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك! قال: (صدق).
قال: فمن خلق السماء؟ قال: (الله).
قال: فمن خلق الأرض؟ قال: (الله).
قال: فمن نَصَب هذه الجبال، وجعل فيها ما جعل؟ قال: (الله).
قال: فبالذي خلق السماء وخلق الأرض، ونصب هذه الجبال، آلله أرسلك؟ قال :) (نعم).
قال: وزعم رسولك أن علينا خمسَ صلوات في يومنا وليلتنا. قال: (صدق).
قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا ؟ قال: (نعم).
قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا. قال: (صدق).
قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ قال (نعم).
قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا. قال: (صدق).
قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ قال: (نعم).
قال: وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلاً. قال: (صدق).. قال: ثم ولى (أي انصرف الرجل) وهو يقول: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن، فقال النبي :) (لئن صدق ليدخُلَنَّ الجنة) [مسلم].
وليست العبادات مقصورة على الأركان الواردة في الحديث، ولكن هذه هي العبادات الكبرى في الإسلام، فهناك أبواب أخرى كثيرة من العبادات والطاعات يستطيع المسلم أن يقوم بها، وكلما أكثر الإنسان منها ازداد
حب الله له.
يقول تعالى في الحديث القدسي: (من عادى لي وليًّا، فقد آذنتُه بالحرب، وما تقرَّب إلىَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضتُه عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبْصر به، ويده التي يَبْطش بها، ورجله التي يمشى بها، وإن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذ بي لأعيذنَّه، وما ترددتُ عن شيء أنا فاعله تردُّدِي عن نفس المؤمن يكره الموت، وأنا أكره مَسَاءَتَه)_[البخاري].
خصائص العبادة الصحيحة :
1 -أن تكون العبادة موافقة للسنة الشريفة، فقد سئل الفضيل بن عياض عن معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيكم أحسن عملاً} [_الملك:2] فقال: أحسن العمل أخلصه وأصوبه. قيل: فما أخلصه وأصوبه؟
قال: أخلصه ألا تشرك مع الله غيره، وأصوبه ما وافق السنة.
2 -توفُّر الإخلاص لله -سبحانه- فالإخلاص هو رأس العبادات، وميزان قبول الأعمال، قال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء} [البينة:5].
وقال :) (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه) [متفق عليه] فعلى المسلم أن ينقي قلبه من الرياء، وأن يجعل عبادته لله وحده، قال تعالى:{فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا} [الكهف:110] فما أسعد الإنسان عندما يتمكن الإخلاص لله من قلبه!!
وعلى المسلم أن يكثر من العبادة والاشتغال بها، فهو كلما أكثر منها؛ امتلأ قلبه بحب الله، وهذا هو حال المؤمنين، فأحب شيء إلى نفوسهم أن يكونوا دائمًا في عبادة الله، وكلما داوم الإنسان على العبادات والطاعات؛ تمكنت حلاوة الإيمان من قلبه، وازداد حب الله له، فقد قال :) (وإن أحب الأعمال إلى الله -عز وجل-أدومه وإن قل) [متفق عليه].
 
الطهارة

الله -عز وجل- طيب لا يحب إلا الطيب، والمؤمن يحرص على طهارته لكي يكون طيبًا مقبولاً عند الله، والطهارة عنوان المسلم، وطريق محبة الله، قال تعالى: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} [_البقرة: 222].
وقال تعالى: {والله يحب المطهرين } _[التوبة:108].
والطهارة نصف الإيمان؛ فقد قال :) (الطَّهُور شطر الإيمان) _[مسلم].
والمسلم يجب أن يطهر بدنه وثيابه ومكانه من كل نجاسة، ولابد كذلك أن يطهر قلبه من الغل والحسد والبغضاء، ويطهر جوارحه بالبعد عن المعاصي والمنكرات، وبذلك يكون المسلم قد جمع بين طهارة الظاهر والباطن، قال تعالى: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم} [_المائدة: 6].
النجاسة
المسلم طاهر نظيف، يتجنب كل النجاسات ويتطهر منها، والنجاسة نوعان:
1-نجاسة محسوسة ملموسة، كالبول أو البراز، وهي ما يسميه الفقهاء النجاسة الحسِّيَّة، والتطهر منها يكون بإزالتها بالغسل.. أو غير ذلك.
2-نجاسة حكمية، كمن يفسد وضوؤه لأي سبب من نواقض الوضوء وهذا يسمى الحدث الأصغر، ويكون التطهر منه بالوضوء، أو الجنابة ويكون التطهر منها بالاغتسال، وهذا النوع من النجاسة هو ما يقول عنه الفقهاء: إنه كل أمْر يمنع من عبادة أمَر الشرع بالتطهر لها.
النجاسات الحسية، والتطهر منها:
المسلم يتجنب النجاسات الحسية (وهي كل نجاسة لها جسم)؛ بحيث لا تصيبه أو تصيب ملابسه أو طعامه أو شرابه، وهذه النجاسات هي:
1 -الميتة: وهي كل ما مات من حيوان بري يؤكل لحمه بغير ذبح شرعي (أي ما مات ميتة عادية بغير ذبح شرعي) أو ما مات من حيوان لا يؤكل لحمه وإن ذبح، وكذلك كل ما قطع أو انفصل من أعضاء الحي، ما عدا الشعر والصوف والوبر، فإنها طاهرة.. قال تعالى: {قل لا أجد في ما أوحي إليَّ محرمًا على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزير فإنه رجز}
[الأنعام:145]، والرجس: النجس.
ولكن الله أحلَّ لنا نوعين من الميتة هما: السمك والجراد؛ لقوله :) (أُحلَّ لَنَا ميْتَتَان وَدَمَانِ، أَمَّا المْيتَتَان: فالحوتُ (السمك) والجَرَادُ، وأما الدَّمانِ فالكبدُ والطُحَالُ) [أحمد] ويستثنى من الميتة كذلك شعرها، وريشها وجلدها إذا دُبِغَ (والدبغ هو وضع الجلد في مواد معينة ليلين ويزول ما به من رطوبة ونجاسة) وميتة ما ليس له دم سائل؛ كالنمل والنحل ونحوها فإنها لا تكون نجسة.
2 -الدم: وهو الدم الكثير الخارج من جسم الكائن الحي إنسانًا كان
أو غيره، وسواء كان دمًا مَسْفُوحًا (مصبوبًا) كدم الذبائح والجروح أو سائلا من تلقاء نفسه، ويُعْفى عن يسير الدم كبقايا الدم في اللحم المذبوح، كما يُعفى عن دم البراغيث، والكبد والطحال، ودم الحيوانات المائية.
والقيح والدم والصديد نجاسات يغسل الثوب والبدن منها؛ لأنها دم تغيَّر وفسد إلا إذا كانت قليلة جدًّا، وإن كان بعض العلماء يرى أن القيح والصديد ليس بنجس أو هو مَعْفُوٌّ عنه، ويُعفى عن يسير الدم الذي يصيب بدن الجزار أو الطبيب، ويحسن لهما أن يخصصا ثوبًا للصلاة.
3 -الخنزير: وهو نجس كله، فلا يجوز الانتفاع منه بأي شيء؛ لحمه، ودهنه وجلده، وعظامه، قال تعالى: {إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير} [_البقرة: 173].
4 -قيء الإنسان وبوله وبرازه: فالقيء قذر ونجس، ولكن يعفى عن القليل
منه، وبول الإنسان وبرازه نجسان، ولكن يطهر الثوب الذي أصابه بول الصبي الرضيع الذي يعتمد في طعامه على الرضاعة فقط برشه بالماء؛ فقد جاءت أم قيس -رضي الله عنها- إلى النبي ( تحمل ابنها
الرضيع، فأخذه النبي ( ليحمله، فبالَ الطفل على ثيابه؛ فدعا بماء فرَشَّه على ثوبه دون أن يغسله غَسْلاً. [مسلم].
أما إذا كان الطفل يأكل الطعام مع الرضاعة فإنه يجب غَسْل مكان بوله
بالماء، أما إذا بالت الطفلة الرضيعة على الثوب فإنه يغسل عمومًا سواء أكانت الطفلة رضيعة أم لا، قال :) (يُنْضَح (أي: يرش بالماء) بول الغلام، ويغسل بول الجارية (الطفلة الرضيعة) [ابن ماجه] وقيل في بول الصبي الرضيع ذلك؛ لأنه يحمل أكثر من الطفلة، فلذلك خفف في حكمه، تيسيرًا على الناس.
ولكن يُعْفى عن نجاسة البول والبراز عند من أصيب بسَلَس الإحداث (أي: لا يستطيع أن يتحكم في عمليتي إخراج البول والغائط لمرض به) وذلك إذا سال شيء منها بنفسه، ويعفى كذلك عما يصيب المرضعة من بول رضيعها أو برازه إذا اجتهدت في التَّحَرُّز منه، ويُنْدَبُ لها إعداد ثوب للصلاة
إن أمكن.
ويُعفى كذلك عن رشاش البول إذا كان دقيقًا كرأس الدبوس، بحيث لا يُرى وعلى الإنسان المسلم أن يتحرى التطهر دائمًا من البراز والبول، فإن النبي ( مرَّ على اثنين يعذبان في قبورهما، فقال: (يعذبان، وما يعذبان في كبير) ثم قال: (بلى، كان أحدهما لا يَسْتَتِرُ (يتقي أو يغتسل) من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة) [متفق عليه].
5 -الْوَدْي: هو ماء أبيض ثقيل القوام، يخرج من مجرى بول الشخص البالغ بعد تبوله، فإذا حدث له ذلك كان عليه أن يغسل ذكره ثم يتوضأ، أما إذا أصاب الوديُ الثوبَ فيجب أن يغسل مكانه، وعلى المسلم أن يتحرى ذلك عند تبوله وينتظر فترة بعد التبول حتى يطمئن إلى أنه قد استبرأ تمامًا من كل نجاسة.
6 -المَذْي: وهو ماء أبيض لزج، يخرج من مجرى البول عند الرجل أو المرأة البالغين في حالة إثارة الشهوة الجنسية، أو التفكير في الجماع، فمن حدث له ذلك وجب أن يغسل فرجه ثم يتوضأ، فإذا أصاب شيء من المذي الثوب فإنه يكتفي برشِّه بالماء؛ لقوله ( لمن سأله عن كيفية التطهر من المذي: (يكفيك بأنْ تأخذ كفًّا من ماء فتنضح بها من ثوبك، حيث ترى أنه أصابه) _[أبو داود والترمذي وابن ماجه].
وقال علي -رضي الله عنه-: كنت رجلا مَذَّاءً (كثير المذي) فأَمرتُ رجلا أن يسأل النبي ( (لاستحياء عليّ من النبي () فسأله الرجل، فقال :) (توضأ، واغسل ذَكَرَك) _[البخاري] ويجب على الشباب عدم التعرض لمواطن الإثارة، والبعد التام عن رؤية أو سماع كل ما يهيج الشهوة.
7-المني: وهو الذي يخرج من الرجل أو المرأة البالغين عند الاحتلام، أو عند لقاء الرجل مع زوجته (الجماع) ولقد اختلف الفقهاء في حكم المني، فيرى بعضهم أنه طاهر لأنه أصل خلقة الإنسان، ويرى آخرون أنه نجس، فيغسل إذا كان رطبًا، ويُفْرَك إذا كان جافَّا. قالت عائشة -رضي الله عنها-: كنت أَفْرُكُ المني من ثوب رسول الله ( إذا كان يابسًا، وأغسله إذا كان رطبًا. [الدارقطني والبزار] ومن الأفضل أن يغسل الإنسان المني، فهذا أدعى للطهارة والنظافة وأوفق للفطرة.
8-بول وروث ما لا يؤكل لحمه: فهما نجسان يجب التطهر منهما، فعن ابن مسعود -رضي الله عنه-قال: أتى النبي ( الغائطَ، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدتُ رَوْثَةً (جزءًا من براز الحيوان) فأتيتُه بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثة، وقال: (هذا ركْس ونجس) _[البخاري].
ولكن يُعْفى عن القليل من بول وروث الحيوان لصعوبة الاحتراز عنه، وخاصة من كان يقوم على رعي وتربية مثل هذه الحيوانات، وإذا كان الحيوان مما يُؤْكَلُ لحمه، فالراجح أن بوله وروثه طاهران، فقد قدم ناس من عرينةَ المدينة فاجتووا (أصابهم داء البطن) فبعثهم رسول الله ( في إبل الصدقة وقال: (اشربوا من ألبانها وأبوالها) _[البخاري].
9-لعاب الكلب: وهذا هو النجس من الكلب على الأصح، لذا يجب غسل الإناء الذي يلغ فيه الكلب سبع مرات حتى يطهر، لقوله :) (إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا) [متفق عليه] وقوله: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب) _
[مسلم وأحمد] ولا يجوز للمسلم أن يربى كلبًا في بيته إلا إذا كان كلب صيد أو حراسة، كما لا يجوز أن يحمله بين ذراعيه ومثل ذلك، فهذا يؤدى إلى نجاسة البيت وما فيه، كما أن وجود الكلب في البيت يمنع دخول الملائكة، فقد قال :) (لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة) _[مسلم].
10-الخمر: وهي نجسة، قال تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} [المائدة:90] ولقد حرم الله -سبحانه- كل أوجه التعامل مع الخمر؛ فحرم شربها، وصنعها، وبيعها، وشراءها.. وغير
ذلك، ولقد أكدت الأبحاث الطبية الأضرار الكثيرة والأمراض الخطيرة التي تصيب من يشرب الخمر، وبذلك تؤكد الحقائق العلمية عظمة التشريع الإسلامي في تحريم ما فيه ضرر على الإنسان.
وإذا كنا قد عرفنا الآن النجاسات وأنواعها، فيجب أن نعرف بعد ذلك ما يتطهر به من هذه النجاسات..
 
أقسام المياه

ليست كل أنواع المياه تصلح للتطهر بها من النجاسات، لذا وجب على المسلم أن يعرف أنواع الماء التي تصلح للطهارة، والأنواع التي لا تصلح.
أولا: أنواع الماء الصالحة للطهارة:
1 -ماء المطر والثلج والْبَرَد والبحر وماء الآبار والعيون، وهذا ما يسمى بالماء المطلق، أو الماء الطهور.
2 -الماء المتبقي من شرب الإنسان والحيوان، وهو ما يسمى (السُّؤْر).. وسؤر الإنسان والحيوان طاهر يجوز التطهر به ما عدا سؤر الكلب والخنزير، والدليل على طهارة سؤر الإنسان أن عائشة -رضي الله عنها-قالت: كنت أشرب وأنا حائض فأناوله النبي ( فيضع فاه على موضع فِي (أي فمي) [مسلم].
وما يدل على طهارة سؤر الحمر والسباع، أن النبي ( سُئل: أنتوضأ بما أَفْضَلَت الحُمُر (بما أبقت بعد شربها)؟ قال: (نعم، وبما أفضلت السباع كلها) [الدارقطني والبيهقي] ويدل على طهارة سؤر الهرة، قول النبي :) (إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات) [الخمسة].
3 -الماء الذي اختلط بشيء يسير طاهر، يقبل الذوبان كالدقيق والصابون، إذا لم يغير طعم الماء أو لونه أو رائحته.
4 -الماء الكثير الذي اختلط بشيء نجس كالبول والبراز، إذا كان قليلا بحيث لا يتغير طعمُ الماء أو لونه أو رائحته، ومثال ذلك ما يقع في الترع والأنهار والآبار من نجاسات.

ثانيًا: أنواع المياه التي لا يصلح استخدامها للطهارة:
1-الماء الذي اختلط بشيء طاهر، وتغير لونه وطعمه ورائحته.
2 -الماء الذي اختلط بشيء نجس، وتغير لونه وطعمه ورائحته.
3 -سؤر الكلب والخنزير، لقوله :) (إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا) [متفق عليه].
أما سؤر الخنزير فلأن الخنزير نفسه نجس، قال تعالى:{أو لحم خنزير فإنه رجس} [_الأنعام:145].
طهارة الأشياء
قد تصيب النجاسة بعض الأشياء التي يستعملها الإنسان، لذلك وجب على المسلم أن يعرف كيفية تطهير هذه الأشياء، ومن ذلك:
1 -إذا أصابت النجاسة جسم الإنسان أو ثوبه، فيجب غسل هذه النجاسة بالماء الطاهر حتى تزول .
2 -إذا أصيبت الأرض بنجاسة لها جسم، مثل: البراز، فلا تطهر الأرض إلا بإزالة هذه النجاسة، أما إذا لم يكن لهذه النجاسة جسم كالبول، فتطهر الأرض بجفافها أو بصب الماء عليها.
3 -إذا أراد الإنسان أن ينتفع بجلد الميتة، فيجب أن يدبغه حتى يصير طاهرًا لقوله :) (إذا دُبِغَ الإهاب (الجلد) فقد طَهُر) [متفق عليه].
4 -إذا أصابت النجاسة الحذاء، فيطهر بمسحه في التراب أو ما شابه ذلك.
5 -إذا وقع على الإنسان شيء ولا يدري أهو طاهر أم نجس، فليعتبره طاهرًا ولا يسأل أحدًا عنه، ولكن إذا تيقن الإنسان أن هذا الشيء نجس؛ فيجب عليه غسله .
6 -إذا شك الإنسان أن النجاسة قد أصابت ثوبه ولكنه لا يعلم موضعها فيجب عليه غسل الثوب كله.
قضاء الحاجة
قضاء الحاجة أمر ضروري لكل إنسان، ولم يغفل الإسلام أن يعلمنا كيفية التطهر من النجاسات بعد قضاء الحاجة، وأن يبين لنا الآداب التي يجب مراعاتها أثناء هذا الأمر .
والطهارة بعد قضاء الحاجة تكون بإحدى طريقتين أو هما معًا:
1-الاستنجاء: وهو إزالة النجاسة بالماء، وقد أثنى الله -سبحانه-على الأنصار لأنهم كانوا يستنجون بالماء، فقال: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} [التوبة: 108].
2-الاستجمار: وهو إزالة النجاسة عن محل البول أو البراز بشيء جاف طاهر كالأحجار أو الورق المخصص لذلك أو ما يشبه ذلك ويستحب الجمع بين الطريقتين.
آداب قضاء الحاجة:
1-ألا يأخذ المسلم معه ما فيه ذكر لله إلا إذا خاف عليه الضياع.
2-أن يستتر عن الناس بحيث لا يراه أحد أو يتأذى منه أحد.
3-الدعاء عند الدخول، فقد كان النبي ( إذا أراد أن يدخل الخلاء (مكان قضاء الحاجة) قال: (بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) [الجماعة] والخبث: ذكران الشياطين، والخبائث: إناثهم.
4-عدم الكلام إلا إذا كان لحاجة ضرورية .
5-تعظيم القبلة، فلا يستدبرها الإنسان بظهره أو يستقبلها بوجهه إلا إذا كان داخل البنيان، فله استقبالها أو استدبارها.
6-إذا كان الإنسان يقضي حاجته في الخلاء فعليه أن يختار مكانًا مناسبًا حتى لا تتناثر عليه النجاسة، وأن يبتعد عن الجحور والشقوق لأنها مساكن الجن والحيات والحشرات التي قد تؤذيه.
7-تجنب طريق الناس وأماكن ظلهم، قال :) (اتقوا اللعانين) قالوا: وما اللَّعَّانان يا رسول الله؟ قال: (الذي يتخلى (يقضى حاجته) في طريق الناس أو في ظلِّهم) _[مسلم وأبو داود وأحمد].
8 -ألا يبول الإنسان في الماء الراكد، أو في المكان الذي يستحم فيه، فإن كان في المغتسل نحو بالوعة فلا يكره البول فيه، قال :) (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه) _[مسلم].
9 -استحباب أن يبول الإنسان جالسًا فهذا أدعى للطهارة .
10-الاستنجاء باليد اليسرى، فعن حفصة -رضي الله عنها- أن النبي ( كان يجعل يمينه لأكله وشربه وثيابه وأخذه وعطائه، وشماله لما سوى ذلك._[أبو داود وابن ماجه وأحمد].
11-غسل اليد بالصابون ونحوه لإزالة الرائحة من اليد.
12-أن يخرج بالرجل اليمنى، ويقول: غفرانك. فعن عائشة -رضي الله عنه-أن النبي ( كان إذا خرج من الخلاء قال: (غفرانك) [الخمسة إلا النسائي] ومعنى ذلك أن الإنسان يستغفر الله من ذنوبه التي قد تكون سببًا في هلاكه، كما أن بقاء الفضلات في داخله دون أن تخرج قد تكون سببًا في هلاكه.
الحيض
فجأة وبلا سابق إنذار، قد تجد الفتاة الدم يخرج من فرجها، فتذهب مسرعة وقد سيطر عليها الخوف إلى أمها لتخبرها بما حدث، وعندما تحكي الفتاة لأمها، ترتسم الابتسامة على وجه الأم التي تبشر ابنتها بأنها قد صارت عروسًا ناضجة، وتخبرها بأن ما رأته من نزول الدم ما هو إلا الحيض، وهو أمر كتبه الله على بنات آدم، وأن هذا الدم لا يعني أنها مريضة، فهي سليمة صحيحة.
ثم تقول الأم لابنتها: وأنت الآن يا بنية قد بلغت، وأصبحت مكلفة بالأحكام الشرعية كالصلاة والصوم وارتداء الحجاب، فأنت كنت تفعلين هذه الأحكام قبل بلوغك على سبيل الاستحباب والتعود عليها، أما الآن فاعلمي أن
الله -سبحانه- سيحاسبك عليها، فإن أديت هذه الفرائض نلت ثواب الله، وإن قصرتِ فيها نلتِ عقابه، فقد قال رسول الله :) (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل) [أبو داود].
معنى الحيض:
الحيض (العادة الشهرية) دم يخرج من رحم المرأة عن طريق الفرج عدة أيام من كل شهر، ودم الحيض ليس مرضًا، ولكنه يحدث نتيجة لنمو الغشاء المبطن للرحم بسبب تأثير الهرمونات التي ينتجها المبيض، فيتساقط هذا الغشاء مع نزول الدم عند عدم حدوث حمل.
بداية سن الحيض ونهايته:
تحيض الفتاة إذا بلغت، ويختلف سن البلوغ من فتاة لأخرى تبعًا لظروف بيئية وصحية، وأقل سن تحيض فيه الفتاة هو تسع سنوات، وعلامة البلوغ أن ينبت الشعر حول الفرج وتحت الإبط، ويبرز الثديان، ويكبر حجمهما، وكما تختلف بداية سن الحيض تختلف نهايته، فليس هناك وقت محدد لانقطاعه، والمرجع في ذلك ما تراه المرأة، فمتى انقطع حيضها ولم تكن حاملا فقد بلغت سن اليأس.
 
مدة الحيض:

تختلف مدة الحيض من امرأة لأخرى، فمن النساء من لا تحيض سوى يوم وليلة وهذه أقل مدة للحيض، ومنهن من تحيض ثلاثة أيام أو أكثر، وغالب النساء يحضن ستة أيام أو سبعة كل شهر، وأما أطول مدة للحيض فهي عشرة أيام وهذا يوافق ما قرره الأطباء، وأوصلها بعض الفقهاء إلى خمسة عشر يومًا.
شروط الحيض:
1-أن يكون للدم لون من ألوان دم الحيض أثناء الحيضة، وألوان دم الحيض هي: اللون الأسود، واللون الأحمر، والصُّفْرَة (وهي ماء كالصديد يميل إلى اللون الأصفر) وذلك إذا كانت في المدة المعروفة للحيض، والكُدْرَة (وهي لون بين الأبيض والأسود يشبه الماء العَكِر) وذلك إذا كانت في المدة
المعروفة للحيض، ولدم الحيض في بدايته رائحة كريهة.
2-أن يكون الرحم خاليًا من الحمل.
3-أن يتقدمه أقل مدة للطهر وهي خمسة عشر يومًا.
4-أن يبلغ أقل مدة للحيض وهو يوم وليلة.
النقاء من الحيض:
تعرف المرأة انتهاء الحيض باستخدام الْقَصَّة البيضاء؛ وهي قطنة بيضاء تضعها المرأة الحائض في فرجها، لمعرفة أثر الحيض، فإذا خرجت بيضاء نقية كما أدخلتها، فذلك علامة الطُّهْر وانتهاء مدة الحيض.
النفاس
النفاس: هو الدم الخارج من فرج المرأة بسبب الولادة، وتسمى المرأة خلال هذه المدة (نفساء).
مدة النفاس:
ليس للنفاس مدة محددة، والمعتمد في تحديد مدته هو الاستقراء والوجود الفعلي للدم، وأقل مدة للنفاس لحظة، فقد تلد المرأة وينقطع خروج الدم فورًا، وغالب النفاس أربعون يومًا، فقد قالت السيدة أم سلمة -رضي الله عنها-: كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله ( أربعين يومًا. [الخمسة إلا النسائي].
ما يحرم على المرأة بالحيض أو النفاس:
1 -الصلاة فرضًا أو نفلا، وتمنع كذلك من سجود التلاوة والشكر لأنهما في معنى الصلاة، ويسقط عن الحائض والنفساء قضاء الصلاة، فقد سئلت
عائشة -رضي الله عنها- عن الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟
فقالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة.
[مسلم وأبو داود].
2 -الصوم: وإذا صامت لا يصح صيامها إذا كان فرضًا أو نفلا، وتقضي المرأة ما فاتها من الصوم أثناء حيضها أو نفاسها، وقد أوجب الله -سبحانه- على المرأة قضاء ما فاتها من صيام؛ لأن الصيام لا يتكرر إلا مرة واحدة في السنة ولم يأمرها بقضاء الصلاة لكثرة وقوعها، وفي قضائها مشقة عليها.
3 -الطواف بالبيت (الكعبة): فقد قال (
لعائشة -رضي الله عنها-عندما حاضت وهي في طريقها للحج: (.. فإن ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم، فافعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تَطْهُري) [متفق عليه] وذلك لأن الطواف عبادة يجب لها الطهارة.
4 -مس المصحف وقراءة القرآن، قال تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون} [_الواقعة:79] أما قراءة القرآن بإمراره على القلب دون تحريك اللسان به فجائز في كل الأحوال، وقد أجاز بعض الفقهاء كمالك وغيره القراءة اليسيرة للحائض، لطول مدة حيضها حتى لا تنساه، ولعل ذلك هو الصواب، وعليه فلا تمنع المدرِّسة من تدريس القرآن ولا الطالبة من القراءة للقرآن أثناء الحيض والنفاس، ولكنها تمسك القرآن بحائل كالقفاز، وذلك لعدم وجود دليل ينص على التحريم، وقياسه على الجنابة قياس غير صحيح.
5 -دخول المسجد والجلوس فيه إلا لضرورة، فقد قال :) (لا أُحلُّ المسجد لحائض ولا جنب) [أبوداود].
6 -الجماع: فقد قال تعالى: {فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن} [البقرة: 222].
7 -الطلاق: فيحرم على الرجل أن يطلِّق امرأته وهي حائض أو نفساء، ومن فعل ذلك وقع طلاقه ولكنه يأثم.
الاستحاضة
الاستحاضة هي خروج الدم من فرج المرأة في غير أوقات الحيض أو النفاس بسبب المرض، فإذا رأت الفتاة الدم قبل أقل سن للحيض (تسع سنوات) فهي استحاضة، وما زاد عن أيام الحيض المعتادة فهي استحاضة، وكذلك ما إذا نقص عن أقل مدة للحيض (يوم وليلة) فهي استحاضة، ولا يحرم على المستحاضة شيء من الأمور التي تحرم على الحائض أو النفساء، فتصوم وتصلي وتطوف بالبيت وتقرأ القرآن، وتدخل المسجد ويجامعها زوجها، ولا يتوقف عمل المستحاضة لشيء مما سبق على الغسل، ويجب عليها أن تتوضأ لكل صلاة بعد أن تشد قطعة من القماش على مكان خروج الدم لمنع نزوله أثناء الصلاة.
معرفة مدة الحيض للمستحاضة:
لكي تعرف المستحاضة مدة حيضها، فهي واحدة من الحالات الآتية:
1 -إذا استطاعت تمييز الدم بأن كان الدم أسود اللون فهو دم حيض وإلا فهو استحاضة، لقوله ( لفاطمة بنت أبى حبيش وكانت مستحاضة: (إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسود يُعْرَفُ، فإذا كان كذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصَلِّي فإنما هو عِرْق
(أي: نزيف) [أبوداود والنسائي].
2 -أن تبني على عادتها السابقة إذا كانت تعرف مدة حيضها، لقول النبي ( لفاطمة بنت أبى حبيش -أيضًا-: (ولكن دَعِي قَدْرَ تلك الأيام والليالي التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي، واسْتَثْفِري (أي تتخذ خِرْقَةً بين فخذيها لتمتص الدم النازل منها)، وصلِّي) [النسائي].
3 -إذا كانت لا تعرف لنفسها عادة ولا تستطيع تمييز الدم، فترجع إلى الغالب من عادة النساء وهي ستة أيام أو سبعة؛ لقوله ( لحمنة بنت جحش: (فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلى ثلاثًا وعشرين ليلة أو أربعًا وعشرين ليلة وأيامها، وصومي فإن ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء وكما يَطْهُرْن؛ ميقات (أي مدة) حيضهن وطهرهن)
[أبوداود والترمذي].
الطهارة من النجاسة الحكْمية
النجاسة الحكمية التي تصيب الإنسان هي أمر اعتباري يلحق بالأعضاء، فيمنع من أداء بعض العبادات، ولها حالتان:
-الحدث الأصغر كالتبول والتبرز، والطهارة منه تكون بالوضوء.
-الحدث الأكبر كالجنابة، والطهارة منه تكون بالغُسْل.
وفي حالة فقد الماء أو تعذر استخدامه في الحالتين السابقتين تكون الطهارة عندئذ بالتيمم.
الوضوء
الوضوء هو شعار المؤمن، والعلامة التي تميزه يوم القيامة، فقد قال النبي :) (إن أمتي يُدْعَوْن يوم القيامة غرًّا محجَّلين من آثار الوضوء) [الجماعة].
والغرة غسل جزء من مقدم الرأس مع الوجه، والتحجيل غسل ما فوق المرفقين والكعبين أثناء غسل اليدين والرجلين، ويقصد بذلك أنهم يأتون يوم القيامة ويعلو وجوههم النور، كما أن الوضوء سبب لتكفير الذنوب والخطايا، فقد قال :) (إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض؛ خرجت الخطايا من فيه (فمه)، وإذا استنثر (أخرج الماء من الأنف ودفعه إلى الخارج مرة أخرى) خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه؛ خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه؛ خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظفار يديه، فإذا مسح برأسه؛ خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه؛ خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظفار رجليه، ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة) _[مالك وأحمد].
وقال :) (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟) قالوا: بلى يا رسول الله. قال: (إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط) _[مسلم].
والوضوء حصن من مداخل الشيطان، فقد روى أن الرسول ( قال: (إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تُطْفَأ النارُ بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ) [أحمد].
والوضوء طريق إلى الجنة، فقد قال :) (ما منكم من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء، ثم يقول حين يفرغ من وضوئه: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيِّها شاء) [أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي].
من أجل ذلك يستحب للمسلم أن يكون دائمًا على وضوء؛ ليفوز بهذه المزايا العظيمة، ويكون الاستحباب أخص للأمور التالية:
-عند ذكر الله تعالى .
-قبل النوم مباشرة.
-بعد أكل لحوم الإبل، وبعض العلماء يوجب الوضوء منه.
-بعد تغسيل الميت.
ويجب الوضوء لما يأتي:
-عند القيام للصلاة سواء أكانت فريضة أم نافلة .
-عند الطواف بالكعبة في الحج أو العمرة.
-عند القراءة من المصحف في رأي جمهور الفقهاء، وأجاز بعض الفقهاء القراءة بدون وضوء.
 
شروط الوضوء:
1-العقل: فلا يجب ولا يصح من مجنون حال جنونه، ولا من مصروع حال صرعه، ولا يجب على النائم والغافل، ولا يصح منهما لعدم النية عند جمهور الفقهاء.
2-البلوغ: فلا يجب على صبي، وإن كان يصح الوضوء منه .
3-الإسلام؛ وهذا شرط لصحة جميع العبادات من طهارة وصلاة وزكاة وصوم وحج، كما أنه شرط لوجوبها.
4-القدرة على استعمال الماء الطهور؛ فلا يجب الوضوء على أصحاب الأعذار.
5-وجود الحدث؛ فلا يلزم المتوضئ أن يجدِّد وضوءه.
6-الطهارة من الحيض والنفاس بانقطاعهما شرعًا؛ فلا يجب على الحائض والنُّفَسَاء.
7-أن يعمَّ الماء الطهور جميع أجزاء العضو المغسول.
8-ألا يكون هناك حائل يمنع وصول الماء إلى العضو الواجب غسله.
9-انقطاع كل ما ينقض الوضوء قبل البدء به.
أركان الوضوء:
قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} [المائدة: 6].
ففرائض الوضوء وأركانه كما وردت في الآية، هي:
1-النية: وهي أن يقصد بغسل الأعضاء الوضوء، وأن يكون ذلك خالصًا لوجه الله تعالى، وابتغاء رضائه وثوابه، والنية عمل يتصل بالقلب، وقولها باللسان ليس شرطًا، قال :) (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوَىَ) [متفق عليه].
2-غسل الوجه، وهو يبدأ من مَنْبَتِ الشَّعْر أعلى الجبهة إلى أسفل اللحييْن (عظم الفك السفلي) طولا، وما بين شحمتي الأذنين عرضًا، وأدخل بعض الفقهاء المضمضة والاستنشاق في الوجوب تبعًا للوجه.
3-غسل اليدين إلى المرفقين (والمرفق هو المفصل الذي يتوسط الذراع).
4-مسح الرأس أو أكثره، وأدخل بعض العلماء مسح الأذنين في الوجوب تبعًا للرأس.
5-غسل الرجلين إلى الكعبين (والكعب هو المفصل الذي يعلو القدم).
6-الترتيب في غسل الأعضاء السابقة عند بعض الفقهاء.
7-الموالاة في غسل الأعضاء؛ بحيث لا تفصل مدة طويلة نسبيًّا بين غَسْل عضو وآخر، والموالاة فرض عند بعض الفقهاء.
سنن الوضوء:
المسلم يحب النبي (، ويقتدي به، ويلتزم بسنته، وذلك طمعًا في الفوز بحب الله له، قال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} [آل عمران:31].
وسنن الوضوء هي الأشياء التي ثبت أن النبي ( كان يفعلها أو يقولها أثناء الوضوء، والسنن متممة لفرائض الوضوء ولا يبطل الوضوء بتركها، ولكن يكره تركها خاصة في السنن المؤكدة كغسل
اليدين والمضمضة، وسنن الوضوء المؤكدة، هي:
1-التسمية في بدء الوضوء، لقوله :) (ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى عليه (أي: لا وضوء كامل لمن لم يذكر اسم الله عليه) [أبوداود وابن ماجه والحاكم].
2-غسل اليدين إلى الرسغين ثلاثًا.
3-المضمضة؛ وهو إدخال الماء في الفم وتحريكه فيه.
4-الاستنشاق؛ وهو إدخال الماء في الأنف ثم الاستنثار، وهو دفع الماء إلى الخارج مرة أخرى، ويستحب المبالغة في المضمضة والاستنشاق للمفطر لا الصائم، لقوله :) (أَسْبِغْ الوضوء وخلِّل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا) _[أصحاب السنن].
5 -السواك؛ وهو استعمال ما ينظِّف الأسنان مما علق بها، قال :) (السواك مَطْهَرَةٌ للفم مرضاة للرب) [النسائي وأحمد] وقال :) (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) _[الجماعة] وفي رواية لأحمد: (لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء).
6-تخليل اللحية والأصابع؛ فقد كان النبي ( يخلل
لحيته. [الترمذي وابن ماجه] وقوله :) (إذا توضأتَ فخلِّل الأصابع) _[أبوداود والنسائي].
7-غسل كل عضو ثلاث مرات، ويجوز في الرأس أن تمسح مرة واحدة، وتُكْرَهُ الزيادة على ثلاث؛ لأنها إسراف وتبذير.
8-مسح الأذنين ظاهرًا وباطنًا بماء جديد .
9-البدء باليمين في غسل اليدين والرجلين، قالت عائشة -رضي الله عنها-: كان رسول الله ( يحب التَّيَامُنَ في تَنَعُّلِهِ وترجُّلِه وطَهُوره، وفي شأنه كله. [متفق عليه]
وللوضوء سنن مستحبة، هي:
1-استقبال القبلة .
2-الجلوس في مكان طاهر أثناء الوضوء، لذلك يكره الوضوء في الأماكن النجسة.
3-عدم التكلم إلا لضرورة.
4-تحريك الخاتم في اليد.
5-المضمضة والاستنشاق باليد اليمنى، والامتخاط. (أي إخراج المخاط من أنفه في حالة الاستنثار) باليسرى.
6-الدلك؛وهو مسح العضو باليد مع الماء حتى يصل الماء إلى الأعضاء، ويجب إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة، حتى لا يبطل الوضوء كالمانكير والدهون.
7-إطالة الغرة والتحجيل، ويقصد بإطالة الغرة في الوضوء: غسل زائد على الواجب من الوجه من جميع جوانبه، ويقصد بالتحجيل: غسل زائد على الواجب من اليدين والرجلين، قال :) (إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًّا محجَّلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل) _[متفق عليه].
8-الدعاء بعد الوضوء لقوله :) (ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ -فيسبغ- الوضوء (أي: يتمه ويكمله) ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبد الله ورسوله؛ إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيِّها شاء) _[مسلم].
9-صلاة ركعتين بعد الوضوء لقوله :) (ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة) _[مسلم].
نواقض الوضوء:
1-خروج شيء من القبل أو الدبر كالبول والغائط (البراز) والريح (الفساء والضراط)، والمذي والودي، والمني الخارج بغير لذة.. وغير ذلك.
2-النوم الثقيل للمضطجع، لقوله :) (وكاء (الوكاء: رباط القربة) السِّهِ (الدبر) العينان، فمن نام فليتوضأ) [أبوداود].
3-الجنون والإغماء والصَّرع، وكل ما فيه زوال العقل.
4-لمس الفرج بلا حائل.
5-لمس الرجل للمرأة بقصد اللذة أو وجودها، أما مجرد التلامس العادي العارض فلا ينتقض الوضوء به.
6-كل نجس يخرج من غير السبيلين، كالدم والقيح والصديد إذا كان كثيرًا وسال بحيث تجاوز موضع مخرجه، لقوله :) (ليس في النقطة والنقطتين من الدم وضوء إلا أن يكون سائلا) [الدارقطني].
وذكر بعض العلماء في نواقض الوضوء الردة عن الإسلام وتغسيل الميت.
ما لا يبطل الوضوء:
1-الدم القليل طالما لم يجاوز الدم موضع خروجه.
2-القيء: وهو خروج الطعام من الفم بعد وصوله إلى المعدة
للمرض.. أو غير ذلك.
3-الشك في الوضوء، فلو توضأ ثم شك هل أَحْدَثَ أم لا فهو على وضوئه، ولا يضره الشك، أما من أحدث ثم شك هل توضأ أم لا فهو باقٍ على حدثه .
4-القهقهة -عند جمهور الفقهاء- سواء أكانت في الصلاة أم خارجها.
5 -أكل لحوم الإبل وتغسيل الميت على الراجح.
 
الغسل

هو طهارة الجسم كلية بتعميمه بالماء لرفع الحدث الأكبر عن الإنسان، ويجب الغسل على الإنسان في حالات، هي:
1-خروج المني بلذة وتدفق، سواء أكان أثناء النوم ((الاحتلام) أو في اليقظة نتيجة الجماع أو النظر أو الاستمناء (العادة السرية) أو التفكر في الجماع، أما إذا خرج المني بدون شهوة بسبب المرض أو البرد فلا يجب الاغتسال، وكذلك لا يجب الغسل على من رأي في منامه أنه احتلم، ولم يجد المني في ثوبه الذي نام فيه، أما من وجد المني ولم يذكر متى احتلم؛ فقد وجب عليه الاغتسال، كما يجب أن يعيد صلاته التي صلاها منذ أن نام آخر مرة إلى وقت علمه بوجود المني.
والمرأة تحتلم كالرجل ويجب عليها الاغتسال كما عليه، فقد قالت
أم سُليم -رضي الله عنها-: يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة من غُسل إذا احتلمت؟ فقال :) (إذا رأت الماء). فغطت أم سلمة زوجة النبي ( وجهها وقالت: يا رسول الله أو تحتلم المرأة؟ فقال: (نعم، تَرِبَتْ يمينك ففيم يشبهها ولدها؟) [متفق عليه].
2-التقاء الختانين (ذكر الرجل وفرج المرأة) سواء أكان بإنزال أم لا، قال تعالى: {وإن كنتم جنبًا فاطهروا} [_المائدة: 6].
3-انقطاع الحيض؛ لقوله تعالى: {فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن} [_البقرة: 222] وقوله ( لفاطمة بنت
أبي حبيش: (إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلِّي) [متفق عليه].
4-انقطاع النِّفاس.
5-موت المسلم، وهو واجب على الحي في حق الميت، وليس على المسلم شهيد الحرب والقتال غسل.
6-الكافر إذا أسلم؛ فقد أسلم قيس بن عاصم فأمره النبي ( أن يغتسل بماء وسدر. [النسائي]
أركان الغسل:
للغسل ركنان لا يصح إلا بهما، ويبطل إذا فُقد أحدهما أو كلاهما، وهما:
1-النية، وهي قصد الغسل، ولا يشترط أن يجهر بالنية، فالنية محلها القلب ويكفي أنه عزم على الاغتسال، فلو قام الإنسان بأعمال الغسل ولم يقصده وهو جنب، فهو على جنابته.
2 -تعميم جميع أعضاء الجسم بالماء الطهور، ودلك ما يمكن دلكه من الجسم باليدين.
سنن الغسل:
إذا أراد المسلم أن يغتسل فيستحب أن يقتدي بالنبي ( في اغتساله، وقد قالت عائشة -رضي الله عنها-: (كان رسول الله ( إذا اغتسل من الجنابة يبدأ بغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأي أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حَفَنَات (الحفنة ملء الكف) ثم أفاض على سائر جسده، ثم غسل رجليه. [متفق عليه].
ومن ذلك تكون سنن الغُسْل كالتالي:
1-غَسْل اليدين ثلاثًا إلى الكوعين.
2-غسل الفرج وإن لم يكن عليه نجاسة.
3-يتوضأ وضوءه للصلاة، ويؤخر غسل الرجلين حتى نهاية الغسل، إلا إذا كان واقفًا على شيء لا يمسك الماء فلا يؤخرهما .
4-غسل الرأس ثلاثًا بشرط أن يصل الماء إلى أصول الشعر.
5-غسل كل أعضاء الجسم، مع مراعاة غسل النصف الأيمن من الجسم قبل النصف الأيسر؛ لأن النبي ( كان يحب التيمن (البدء باليمين) -ما استطاع- في شأنه كله: في طهوره وترجُّله وتنعُّله. [متفق عليه].
6-مراعاة غسل الأذنين والسرة وأصابع الرجلين، مع إزالة ما قد يكون على البدن من قذر يمنع وصول الماء، وهذا الأخير شرط لصحة الغسل.
غسل المرأة:
وغسل المرأة مثل غسل الرَّجُل، وإذا كان شعرها ضفائر ولم ترد أن تفكه فيجوز لها أن تصب الماء عليه حتى يبلغ الماء أصول الشعر دون أن تفكه، ويكفيها ذلك، وعندما تغتسل المرأة من الحيض أو النفاس فيستحب لها أن تغمس قطعة من قطن أو نحوه في رائحة طيبة وتمسح بها مكان الدم الذي خرج منها لتزيل آثاره.
الأغسال المستحبة:
الإسلام دين الطهارة والنظافة، ولذا حث المسلم على الاغتسال لأسباب
كثيرة، وخاصة تلك التي يكثر فيها تجمع الناس؛ فيظهر المسلمون في صورة طيبة جميلة، ومن هذه الأغسال:
1-غسل الجمعة، قال :) (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم) _متفق عليه].
2-غسل العيد.
3-غسل الإحرام.
4-غسل دخول مكة.
5-غسل دخول المدينة.
6-غسل الوقوف بعرفة وكل مشاعر الحج.
7-في حالة الفزع والالتجاء إلى الله؛ لكشف الكرب والهم.
8-عند الحجامة، وفي ليلة القدر.
9-عند الإفاقة من الجنون أو الإغماء أو السُّكْر.
01-غسل من غسل ميتًا.
11-غسل التائب من الذنب.
21-عند القدوم من السفر.
31-الغسل لحضور مجامع الخير.
41-غسل المستحاضة.
ما يحرم على الجنب:
1-الصلاة.
2-الطواف بالكعبة في الحج أو العمرة.
3-لمس المصحف أو حمله.
4-قراءة القرآن.
5-دخول المسجد إلا لضرورة.
ما يجوز للجنب:
ويجوز للجنب قص الشعر وتقليم الأظافر، ويجوز أن يغتسل المسلم غسلا واحدًا عن الجمعة والعيد إذا اجتمعا في يوم واحد، أو عن جنابة وجمعة، وذلك إذا نوى أن يغتسل للأمرين معًا، ويقوم الغسل مقام الوضوء - على رأي بعض الفقهاء- فيمكن للمغتسل أن يصلي ويؤدي العبادات دون الحاجة للوضوء بعد الغسل، طالما أنه لم يأت بناقض من نواقض الوضوء.
 
التيمم

أرسل النبي ( عمرو بن العاص قائدًا على الجيش في غزوة (ذات السلاسل) ولما دخل الليل نام عمرو، ثم استيقظ لصلاة الفجر، فوجد أنه قد احتلم (خرج منه المني أثناء نومه) وكانت الليلة شديدة البرد، فخاف على نفسه الهلاك إن اغتسل.
وفي هذا يقول عمرو: فتيممتُ، ثم صليتُ بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي (، فقال: (يا عمرو، صليتَ بأصحابك وأنت جنب؟) فأخبرتُه بالذي منعني من الاغتسال، وقلتُ: إني سمعتُ الله يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا} [_النساء: 29] فضحك رسول الله ( ولم يقل شيئًا. _[أبوداود]
والتيمم طهارة تقوم مقام الغسل أو الوضوء عند فقد الماء أو تعذر استخدامه أو الوصول إليه، وهو أن يعمد المتيمم إلى الصعيد الطاهر (التراب ونحوه)، فيضرب كفيه، ثم ينفض التراب من عليهما، ثم يمسح بهما وجهه ويديه، قال تعالى: {وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوًا غفورًا} [النساء:43].
وقال :) (جُعِلَتِ الأرض كلها لي ولأمتي مسجدًا وطهورًا فأينما أدركت رجلا من أمتي الصلاةُ فعنده طهوره (يقصد التراب) [أحمد].
ويجوز التيمم لكل ما يتطهر له من صلاة مفروضة أو نافلة أو مس مصحف أو قراءة قرآن أو طواف؛ حيث يباح بالتيمم كل ما يباح بطهارة الماء، كما يجوز التيمم للحدث الأصغر والجنابة والحيض والنفاس، ويكون التيمم في الحالات الآتية:
1-إذا لم يوجد الماء، أو وجد لكنه لا يكفي للطهارة، أو يصعب الوصول إليه أو وجد الماء لكنه قليل يحتاج إليه في الشرب أو في الطبخ والعجن.. ومثل ذلك.
2-إذا كان المسلم مريضًا وخشي أن يتأخر الشفاء، أو يزيد المرض.
3-إذا اشتدت برودة الماء، وكان استعماله يؤدي إلى الضرر أو الهلاك، ولا يمكن تسخين الماء.
4-الخوف من خروج الوقت.

كيفية التيمم :

قال عمار بن ياسر -رضي الله عنه- أجنبتُ (أي لحقت بي الجنابة) فلم أُصِبِ الماء (لم أجد الماء) فتَمَعَّكْتُ في الصعيد (تمرَّغْتُ في التراب) وصليتُ، فذكرتُ ذلك للنبي (، فقال: (إنما يكفيك هكذا) وضرب النبي ( بكفيه الأرض ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه. _
[متفق عليه].

فرائض التيمم:

1-النية .
2-مسح الوجه واليدين .
3-الترتيب بأن يبدأ بالوجه ثم اليدين.
4-الموالاة، وتكون بين أجزاء التيمم، ثم تكون بين التيمم وما هو له كالصلاة ونحوها .
5-الصعيد الطاهر.

سنن التيمم:

1-التسمية.
2-نفض اليدين من التراب.
3-تفريج الأصابع؛ حتى يصل التراب إلى ما بينهما.
4-استقبال القبلة عند بعض العلماء.
5-تأخيره إلى الوقت المختار، عسى أن يجد ماءً.

مكروهات التيمم:

1-تكرار المسح.
2-إدخال التراب في الفم والأنف.
3-ترك سنة من سنن التيمم.

نواقض التيمم:

1-يبطل التيمم بكل ما يبطل به الوضوء، إذا كان محدثًا حدثًا أصغر، ويبطل بكل ما يبطل به الغسل إذا كان حدثًا أكبر.
2-إذا حضر الماء؛ لأن الماء هو الأصل في الطهارة، أما التيمم فهو للضرورة هذا إذا وجد الماء قبل الشروع في الصلاة، أما إذا وجد الماء بعد أن فرغ من صلاته فلا إعادة عليه، ويستحب له الإعادة. فعن أبى سعيد الخدري -رضي الله عنه-قال: خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمما صعيدًا طيبًا، فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت (أي قبل أن ينتهي وقت الصلاة) فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يُعِدِ الآخر.
ثم أتيا رسول الله ( فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد: (أصبت السنة وأجزأتْك صلاتك) (أي صلاتك صحيحة) وقال للذي توضأ وأعاد: (لك الأجر مرتين) _[أبوداود والنسائي] ولكن إذا حضر الماء قبل أن ينتهي الإنسان المتيمم من صلاته فإن عليه أن يخرج من الصلاة ليتوضأ ثم يصلي، لأن التيمم قد بطل، وذلك إذا كان في الوقت متسع، أما إذا ضاق الوقت بحيث لا يستطيع أن يتوضأ ويصلي قبل فوات وقت الصلاة، فلا يخرج من صلاته.
3-إذا زال السبب المبيح للتيمم مع وجود الماء، كمن شُفي من جرح أو كسر أو غيرهما مما يبيح التيمم.
4-إذا تيمم من حدث أكبر فلا تنتقض طهارة التيمم إلا بما يجب له الغسل، فإذا انتقض تيممه بشيء مما ينتقض به الوضوء يأخذ حكم المحدث حدثًا أصغر.
وإذا لم يجد المسلم الماء الذي يكفيه للطهارة لمدة طويلة كيوم أو أكثر، فيجب عليه أن يتيمم لكل صلاة مفروضة، أما السنن والنوافل فله أن يصلي ما يشاء من غير أن يتيمم لكل نافلة، حتى وإن فصل بينهما بفاصل زمني طويل.
المسح على الخفين والجوربـين
ذات يوم بال جرير بن عبدالله -رضي الله عنه- ثم توضأ، ومسح على
خُفَّيْهِ. فقيل: تفعل هذا؟ قال: نعم، رأيتُ رسول الله ( بال ثم توضأ ومسح على خفيه. [متفق عليه].
فالمسح على الخفين رخصة يجوز الأخذ بها بشروطها، لما فيها من التيسير على المسلمين، ويجوز كذلك المسح على الجوربين، فيُرْوَى أن رسول الله ( توضأ ومسح على الجوربين والنعلين. [الترمذي وابن ماجه وأحمد].
شروط المسح على الجوربـين والخفين:
-أن يكون الإنسان قد لبسهما على طهارة. قال المغيرة بن شعبة: كنت مع النبي ( في سفر فأهويت لأنزع خُفَّيْه، فقال: (دعهما، فإني أدخلتُهما طاهرتين، فمسح عليهما) [متفق عليه].
-أن يكون الخف أو الجورب ساترًا لجميع القدم مع الكعبين.
-ألا يكون على الخف أو الجورب حائل يمنع من مسحه بالماء.
واشترط الفقهاء للمسح على الجوربين شرطًا خاصّا، وهو أن يكونا سميكين فلا يصح المسح على الرقيق، الذي ترى القدم واضحة من خلاله.

مكان المسح وطريقته:

يضع أصابع يده اليمنى المبللة بالماء على مقدم خف أو جورب القدم اليمنى ويفرج بين أصابعه، ثم يمر بها إلى الساق فوق الكعبين، ويفعل باليسرى مثل ذلك.

المدة التي يجوز فيها المسح:

يجوز المسح للمقيم يومًا وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن، وتحسب المدة من أول حدث بعد اللبس، فلو توضأ ثم لبس الخفين أو الجوربين صباحًا، ثم لم ينتقض وضوؤه إلا عصرًا، فتبدأ المدة من العصر.. وهكذا.

مبطلات المسح:

1-انقضاء المدة.
2-وقوع ما يوجب الغسل من جنابة أو حيض أو نفاس.
3-نزع الخف أو الجورب أو خروج بعض القدم، ويكره الزيادة في المسح على المرة الواحدة، ويكره كذلك غسل الخفين بدلاً من مسحهما.
المسح على الجبيرة
عن جابر -رضي الله عنه-قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلا منا حجرٌ فشَجَّهُ في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء. فاغتسل الرجل فمات.
فلما قدمنا على النبي (، وأُخْبِرَ بذلك قال: (قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذا لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر -أو يعصب- على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده) [أبو داود].
والجبيرة كالجبس على الموضع المكسور، أو الرباط على الموضع المجروح، أو ما يقوم مقامها كالأدوية والدهانات والمراهم إذا كان عليها رباط يسترها، وإذا كان غسل العضو المصاب يؤدي إلى الضرر وجب مسحه، فإن تضرر بالمسح وجب المسح على الجبيرة مرة واحدة، فيمر على جميع أجزاء الموضع المصاب إذا كان من مواضع الوضوء.. وكذا عند الاغتسال، فإذا جاوزت الجبيرة الموضع المصاب إلى غيره لضرورة رَبْطِها أو لحماية الموضع المصاب، وجب تعميمها بالمسح مرة واحدة.
 
الصلاة

الصلاة هي تلك العبادة العظيمة التي يقف فيها المسلم بين يدي ربه خاشعًا متضرعًا، مقبلا فيها على الله، تاركًا الدنيا وراء ظهره، فلا تنشغل نفسه بطيباتها وملذاتها، فلذة الوقوف بين يدي الخالق أعظم من أية لذة، إنها لحظات يأنس فيها العبد بربه، ويحظى فيها بإقبال الله عليه.
إنها لحظات يتحقق فيها إسلام المرء كله، فهو يقف بين يدي الله شاهدًا له بالربوبية والوحدانية، معظمًا لصفاته وشاهدًا لنبيه ( بالرسالة، كما أنها لحظات يحج فيها الإنسان بقلبه ووجدانه إلى رحاب ربه حيث يولي الإنسان وجهه نحو بيت الله الحرام، فكأن قلبه في هذه اللحظات يطوف حول الكعبة ملبيًا نداء الله، كما أنها لحظات يمتنع فيها الإنسان عن كل شيء في هذه الدنيا سوى الإقبال على الله، فيصوم الإنسان فيها عن الدنيا ويقبل على الآخرة، إنها لحظات من الحياة يزكى بها الإنسان عن وقته وحياته إنها حقًّا العبادة التي جمعت الإسلام كله في أدائها.
وهي العبادة التي فرضها الله في أعظم رحلة في التاريخ، وقد أوصى بها رسول الله ( وهو على فراش الموت، وهي قرة عين رسول الله (، وهي العبادة التي جمعت في حركاتها وسكناتها كل عبادات الملائكة لربها في السماء، فالصلاة عماد الدين، وأعظم فروض الإسلام بعد الشهادتين، ورأس الطاعات.
ولمَّا كانت للصلاة هذه المنزلة في الإسلام، فلقد تمت فرضيَّتُها عندما عُرِجَ برسول الله ( إلى السماء ليلة الإسراء والمعراج، قال النبي :) (ففرض الله على أمتي ليلة الإسراء خمسين صلاة فلم أزل أراجعه (أي الله سبحانه) وأسأله التخفيف، حتى جعلها خمسًا في كل يوم وليلة) _[متفق عليه] ولقد خففها الله رحمة بنا، وجعل أجرها وثوابها يساوى أجر خمسين صلاة.
والصلاة في اللغة تعني الدعاء، ولقد استعملها القرآن الكريم بهذا المعنى -أيضًا-قال تعالى: {وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم} [التوبة: 103].
وقال تعالى: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا} [الأحزاب: 56].
ومعناها في الشرع: هي مجموعة معينة من الأقوال والأفعال نؤديها بشروط محددة، تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم.

أهمية الصلاة:

1-الصلاة هي عقد الصلة بين العبد وربه، تتحقق فيها لذة المناجاة لله تعالى وإظهار العبودية له، وهي طريق الفوز والفلاح والجنة، قال تعالى: {قد أفلح المؤمنون. الذين هم في صلاتهم خاشعون} [المؤمنون: 1-2].
وقال :) (خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئًا استخفافًا بحقهن، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة) [أبوداود والنسائي وابن ماجة وابن حبان].
2-وهي كفارة للذنوب والخطايا قال :) (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفِّرات ما بينهنَّ إذا اجتُنبت الكبائر) _[مسلم].
وقال :) (أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من دَرَنهِ شيء؟) قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال: (فكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) [متفق عليه] وهي تحقق الأمن والسكينة والنجاة للإنسان، قال تعالى: {إن الإنسان خلق هلوعًا. إذا مسه الشر جزوعًا. وإذا مسه الخير منوعًا. إلا المصلين} [المعارج: 19-22].
3-والصلاة باب إلى الجنة، قال :) (خمس صلوات افترضهن الله عز وجل، من أحسن وضوءهن، وصلاهن لوقتهن، وأتمَّ ركوعهن وخشوعهن، كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه) [أبو داود].
4-والصلاة وقاية للإنسان من المنكرات والفواحش، قال تعالى: {إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر} [_العنكبوت: 45].
5-كما أنها تقوية للنفس والإرادة والاعتزاز بالله دون غيره والسمو عن الدنيا ومظاهرها، والترفع عن مغرياتها وأهوائها، قال تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة} [البقرة: 45].
6-وفي الصلاة راحة نفسية كبيرة وطمأنينة روحية، قال :) (حبب إلى من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة)
[النسائي وأحمد والحاكم] وكان ( إذا نزل به هم أو غم قال: (أرحنا بها يا بلال) [أبوداود].
7-والصلاة تدريب على حب النظام في الأعمال وشئون الحياة، فهي تؤدي في أوقات منظمة.
8-والصلاة تعلِّم الإنسان خصال الحلم والأناة والسكينة والوقار، والتفكر في المفيد النافع.
9-والصلاة تدرب الإنسان على طاعة قائده وأميره، فالإنسان في صلاة الجماعة لا يجوز له أن يسبق الإمام أو يساويه، بل يلتزم به ما دام الإمام لم يخرج عن الصواب.
10-والصلاة تحقق تماسك المجتمع والتفافه حول عقيدته، وتقوية الشعور بالجماعة، وتحقيق التضامن الاجتماعي.
11-والصلاة في الجماعة إعلان لمظهر المساواة وقوة الصف الواحد ووحدة الكلمة، والصلاة تحقق تعارف المسلمين وتآلفهم وتعاونهم على البر والتقوى .
12-والصلاة هي العلامة التي تميز المسلم، فقد قال :) (من استقبل قبلتنا، وصلى صلاتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته) [متفق عليه].
13-والصلاة حلٌّ لكثير من مشاكل الإنسان، فبها يُطْلب العون من الله، وتفريج الكرب والشدة وإنزال المطر، وقضاء حوائج الدنيا والآخرة، فهي معراج الدعاء إلى الله سبحانه.
لكل هذا كانت الصلاة هي آخر وصية من رسول الله ( لأمته؛ حيث قال: (الصلاةََ وما ملكت إيمانكم، الصلاةََ وما ملكت إيمانكم) _[النسائي وابن ماجه].
والصلاة أول عمل يحاسب عليه الإنسان قال :) (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته) _أحمد وأبو داود وابن ماجه].

حكم تارك الصلاة:

شدد الشارع الحكيم على من يفرط في الصلاة، وهدد الذين يضيعونها، فقال تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيًّا} [مريم: 59] والغي: (وادٍ في جهنم).
وقال :) (بين الرجل وبين الشرك والكفر تَرْكُ الصلاة) _[مسلم] فمن ترك الصلاة جاحدًا بها، منْكِرًا لها فهو كافر وخارج عن الإسلام
ومن تركها كسلا وانشغالا عنها يكون فاسقًا عاصيًا، وعلى الحاكم المسلم أن ينذره، فإن لم يستجب؛ عاقبه حتى يتوب إلى الله، ويؤدى الصلاة المفروضة عليه.

على من تجب الصلاة:

تجب الصلاة على المسلم البالغ العاقل، وأن تكون المرأة طاهرة من الحيض أو النفاس، ويستحب للصبي أن يواظب على الصلاة ويحافظ عليها؛ لينعم بخيرها ويفوز بها في الدنيا والآخرة.
قال رسول الله :) (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرِّقوا بينهم في المضاجع) _
[أحمد وأبو داود والحاكم].
 
أوقات الصلاة

فرض الله تعالى الصلاة على كل مسلم خمس مرات في اليوم والليلة، وحدد لكل صلاة وقتها، فعلى المسلم أن يسرع إلى أداء الصلاة عند حضور وقتها، قال تعالى:{إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا}. _[النساء: 103] وقد سُئل النبي :) أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: (الصلاة على وقتها) _[متفق عليه].
ولذلك أنذر الله تعالى من يؤخر الصلاة عن وقتها، فقال: {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون} [الماعون:4-5 ].
وللصلاة أوقات تؤدى فيها، هي:
1-وقت صلاة الصبح: يبدأ من طلوع الفجر حتى شروق الشمس، ويطلع الفجر إذا تبين بياض النهار من سواد الليل.
2-وقت صلاة الظهر: يبدأ من وقت الزوال عندما تكون الشمس في وسط السماء ثم تميل قليلا نحو الغروب إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، ويستحب تأخير صلاة الظهر عن أول الوقت عند شدة الحر، لأن هذا أدعى للخشوع والتدبر.
3-وقت صلاة العصر: يبدأ عندما ينتهي وقت الظهر، أي: من حين الزيادة على مثل ظل الشيء، ويمتد وقت صلاة العصر حتى قبيل غروب الشمس، قال :) (من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر) _[الجماعة] ويتأكد تعجيل صلاة العصر في اليوم الذي تكثر فيه الغيوم؛ حتى لا تضيع الصلاة.
4-وقت صلاة المغرب: يبدأ من غروب الشمس ويمتد إلى أن يختفي الشفق الأحمر من السماء (وهو اللون الأحمر الذي يظهر في السماء بعد الغروب).
ويستحب تعجيل صلاة المغرب لقصر وقتها، قال :) (لا تزال أمتي بخير أو قال على الفطرة (أي: على الإسلام الصحيح) ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم) _[أبوداود وأحمد].
5-وقت صلاة العشاء: يبدأ إذا اختفى الشفق الأحمر من السماء، ويمتد حتى ثلث الليل أو نصفه، لقوله :) (لولا أن أشق على أمتي لأمرتُهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه)
[الترمذي وابن ماجه وأحمد] وهذا هو الوقت الذي تستحب فيه صلاة العشاء ومن العلماء من يوسع الوقت إلى قبيل طلوع الفجر، إذا كان المسلم سوف يصليها في جماعة، أما إن خاف فوات الجماعة بسبب التأخير صلاَّها في أول وقتها مع الجماعة.
وأفضل الوقت في الصلاة كلها -عدا العشاء- أوله؛ لقوله ( عندما سئل عن أي الأعمال أفضل؟ قال: (الصلاة في أول وقتها)
[أبوداود والترمذي وأحمد] ولا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها إلا بعذر
شرعي، فتأخيرها عن وقتها إثم وذنب كبير، والمسلم الصادق هو الذي يقوم للصلاة فور سماع الأذان؛ استجابة لأمر الله سبحانه.

الأوقات المنهي عن التنفل فيها:

1 -بعد صلاة الصبح حتى تشرق الشمس .
2 -وقت شروق الشمس وبعده بعشر دقائق تقريبًا.
3 -قبيل الظهر، وهو وقت الاستواء إلى أن تزول الشمس (أي: يدخل وقت الظهر) إلا يوم الجمعة، فله أن يصلي النوافل في هذا الوقت.
4 -من بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس .
والصلاة المنهي عنها في هذه الأوقات هي صلاة النافلة، كما تكره صلاة النافلة في أوقات أخرى هي:
1- عند إقامة المؤذن للصلاة المكتوبة.
2 -قبل صلاة العيد وبعدها .
3 -عند ضيق وقت الصلاة المكتوبة بحيث لا يسمح الوقت إلا
لصلاتها فقط، وأجاز بعض الفقهاء صلاة النافلة في وقت الكراهة إذا كان لها سبب؛ كركعتي الحاجة، وركعتي تحية المسجد..وغير ذلك.

الأذان

وهو الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة، وللأذان فضل كبير، قال :) (لو يعلم الناس ما في الأذان والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا) _[البخاري] كما أن للمؤذن منزلة عظيمة، قال :) (إن المؤذنين أطول الناس أعناقًا يوم القيامة)
[أحمد ومسلم].

كيفية الأذان:

أن يقول المؤذن: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. وللأذان كيفيات أخرى واردة.
ويشرع للمؤذن أن يقول في أذان الفجر بعد الحيعلتين (حي على الصلاة، وحي على الفلاح): الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم.
ويستحب لمن يسمع الأذان أن يقول مثل ما يقول المؤذن إلا في الحيعلتين، فإنه يقول عقب كل كلمة: لا حول ولا قوة إلا بالله.
ويستحب الصلاة على رسول الله ( بعد الأذان، والدعاء له فقد قال رسول الله :) (من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته؛ حلت له شفاعتي يوم القيامة) _[البخاري].

إقامة الصلاة:

تكون إقامة الصلاة بذكر أي كيفية من كيفيات الأذان مع ذكر قول: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة بعد الحيعلتين، ويمكن أن تكون الإقامة بتثنية التكبير الأول والأخير، وقد قامت الصلاة، وإفراد سائر كلماتها.
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى