لمن أحبه في الله و يحبني في الله ..."الغِيبة"

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
إنضم
25 أوت 2007
المشاركات
83
مستوى التفاعل
3
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

لقد أقبل علينا شهر رمضان ونحن في غاية الاشتياق إليه، فهو موسم للطاعة، وتهذيب للنفس، وحبسٌ للشهوات، ففي هذا الشهر الكريم يجب علينا أن نُعوِّدَ أنفسنا الطاعات، وفعل الخيرات، وترك المعاصي والمنكرات، فعلينا أن نحافظ علي صيامنا، وأن نترك المعاصي، ونحذر الوقوع في "الغيبة" التي أصبحت فاكهة كثير من المجالس، وهو أمر قد نهى الله عنه، ونَفَّر عباده منه، ومَثَّله بصورة كريهة تشمئز منها النفوس.
قال تعالى: ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه وقد فسرها الشارع كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله ما الغيبة؟ قال صلى الله عليه وسلم : "ذكرك أخاك بما يكره" قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال صلى الله عليه وسلم إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته"
فالغيبة هي: ذكرك أخاك بما يكره. وأخرج الخرائطي عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: " الغيبة أن تذكر الرجل بما فيه من خلفه ". صححه الألباني في صحيح الجامع. وقال ابن الأثير في النهاية: الغيبة أن تذكر الإنسان في غيبته بسوء وإن كان فيه. وقال النووي الغيبة: ذكر المرء بما يكرهه، سواء كان ذلك في بدن الشخص، أو دينه، أو دنياه، أو نفسه، أو خُلقه، أو خَلقه، أو ماله، أو ولده، أو زوجه، أو خادمه، أو ثوبه، أو حركته، أو غير ذلك مما يتعلق به، سواء ذكرته باللفظ أو بالإشارة والرمز.

بيان حرمة الغيبة وأنها من كبائر الذنوب:


نقل أبو عبد الله القرطبي في تفسيره الإجماع على أنها من الكبائر، وذكر النووي أن من الأحاديث الدالة على تحريم الغيبة حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم. قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم " أخرجه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الربا اثنان وسبعون بابًا أدناها مثل إتيان الرجل أمه، وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه" حسنه الألباني في صحيح الجامع. فالربا كله شر، أدناه وأقله مثل الذي يأتي أمه وهذا أمر عظيم غير متصور، وإن من أربى الربا أي أكثره وبالاً وأشده تحريماً الاستطالة في عرض المسلم أي الوقيعة فيه؛ لأن العرض شرعاً وعقلاً أعز على النفس من المال. وأخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين وقال: "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر "أي يتطهر" من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة". وفي رواية: "أما أحدهما فيعذب في البول وأما الآخر فيعذب في الغيبة". وقال الكرماني: الغيبة نوع من النميمة لأنه لو سمع المنقول عنه ما نقل عنه لغمه. والغيبة قد توجد في بعض صور النميمة، وهو أن يذكره في غيبته بما فيه مما يسوؤه قاصدًا بذلك الإفساد. وأخرج ابن جرير في تفسيره: أن امرأة دخلت على عائشة رضي الله عنها، فلما قامت لتخرج أشارت عائشة رضي الله عنها بيدها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أي إنها قصيرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم "اغتبتها؟". وأخرج أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كل المسلم على المسلم حرام ماله وعرضه ودمه، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ". صححه الألباني في الجامع

احذر أن تؤذي الناس بلسانك أو بيدك:


عامل الناس كما تحب أن يعاملوك ولا تؤذهم بأي نوع من أنواع الإيذاء وتذكر حديث ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " أفضل المؤمنين إسلامًا من سلم المسلمون من لسانه ويده ". صححه الألباني في الجامع، أي المسلم الممدوح المفضل على غيره من ضم إلى أداء حقوق اللّه حق المسلمين؛ إذ أن من أحسن معاملة الناس أحسن معاملة ربه بالأولى، فالمراد بمن سلم المسلمون منه من لم يؤذ مسلماً بقول أو فعل، وقدم اللسان لأن إيذاءه أكثر وأسهل ولأنه أشد نكاية. وانظر إلي السلف كيف كانوا يتورعون وينفرون من هذا الخلق السيئ، ذكر ابن أبي الدنيا عدة آثار بسنده منها عن سليمان التميمي قال: قال الأحنف بن قيس: ما ذكرت أحداً بسوء بعد أن يقوم من عندي. ونظر ابن عمر رضي الله عنهما يوماً إلى الكعبة فقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك وللمؤمن أعظم حرمة عند الله منك. وعن صالح المزني قال:كتب سلمان إلى أبي الدرداء أما بعد، فأني أوصيك بذكر الله عز وجل، فإنه دواء، وأنهاك عن ذكر الناس فإنه داء.

بادر أخي بالتوبة من هذا الذنب الكبير:


قال جمهور العلماء: علي مغتاب الناس التوبة، وتوبته أن يقلع عن ذلك ويعزم على أن لا يعود، ويندم على ما فات وأن يتحلل من الذي اغتابه. وقال آخرون: لا يشترط أن يتحلله فإنه إذا أعلمه بذلك ربما تأذى أشد مما إذا لم يعلم بما كان منه، فطريقُهُ إذاً أن يثني عليه في المجالس التي كان يذمه فيها، وأن يرد عنه الغيبة بحسبه وطاقته، لتكون تلك بتلك.

ما يجب علي من سمع الغيبة:


كن حريصًا علي دفع الغيبة والذب عن عرض أخيك إذا ذُكر أمامك بسوء متبعًا في ذلك الحكمة في الدعوة والرفق في المعاملة: أخرج أحمد في مسنده بإسناد حسن من حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "من ذب عن لحم أخيه بالغيبة كان حقًا على الله أن يعتقه من النار" أي من دفع عن عرض أخيه وذب عن غيبة أخيه في غيبته كان حقاً على اللّه أن يقيه، وفي رواية أن يعتقه من النار، وفيه أن المستمع لا يخرج من إثم الغيبة إلا بأن ينكر بلسانه فإن خاف فبقلبه.
و أخرج أبو داود عن أبي طلحة بن سهل الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من امريء يخذل امراءاً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله تعالى في مواطن يحب فيها نصرته، وما من امريء ينصر امرءاً مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره عز وجل في مواطن يحب فيها نصرته ". حسنه الألباني في صحيح الجامع
فالشاهد أخي المسلم أن تتقي الله في لسانك ولا تنطق إلا حقًا ولا تقل إلا صدقًا وتذكر حديث أبي هريرة في صحيح مسلم وهو حديث جامع مانع، عظيم الفائدة واضح المعاني لا يحتاج إلي شرح أو تفصيل قال صلي الله عليه وسلم:" أتدرون ما المفلس؟ إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ". فماذا تنتظر أيها المؤمن؟! أتنتظر أن يجتمع الناس على حسناتك ليأخذوها وعلى صلواتك وصيامك وزكاتك وسائر عملك الصالح؟!

هذا و لأني أحبكم في الله أخاف على نفسي و عليكم من هذا الذنب الكبيرو لا أقول يا رب ذنبي عظيم و لكن أقول يا ذنب ربي عظيم ...

اسأل الله لنا ولكم السلامة والله الموفق.
 
بارك الله فيك

و إغفر لنا و لوالدينا و جميع المسلمين
 
بارك الله فيك
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى