المنهج الإسلامى فى وقاية المجتمعات من الفاحشة

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
إنضم
25 أوت 2007
المشاركات
83
مستوى التفاعل
3
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وبعد:

لمَّا حرَّم الله تعالى الزنا وكل الوسائل التي تؤدي إليه، فإنه شرع الزواج،
علاقة سامية بين الرجل والمرأة، قوامها المودة والرحمة، وهي آية من آياته
سبحانه وتعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
[الروم: 21].
من آياته الدالة على رحمته، وعنايته بعباده، وحكمته العظيمة، وعلمه المحيط أن
خلق لكم من أنفسكم أزواجًا، تناسبكم وتناسبونهن، لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة
ورحمة، بما رتب على الزواج، من الأسباب الجالبة للمودة والرحمة.
فحصل بالزوجة الاستمتاع واللذة، والمنفعة بوجود الأولاد وتربيتهم، والسكون
إليهم، فلا تجد بين اثنين في الغالب، مثل ما بين الزوجين، من المودة والرحمة.
(تفسير السعدي).
فالزواج هو أعظم أركان المنهج الإسلامي في وقاية المجتمع من الفاحشة، فهو
المحضن الطبيعي والشرعي للأسرة المسلمة، يقي الفرد، ويحفظ المجتمع كله عفيفًا
طاهرًا.
ولأن التخلية قبل التحلية فإننا سنتكلم عن الأنكحة الفاسدة التي حرمها الإسلام
قبل أن نتكلم عن ضوابط الزواج في الإسلام.
الإسلام وهدم الأنكحة الفاسدة
كانت هناك صور مختلفة للنكاح قبل الإسلام، ضيَّعت الغرض من النكاح وهدمت ركنه
الركين؛ وهو السكن والمودة والرحمة، وأدت إلى اختلاط الأنساب وانتشار الرذيلة
والفحش.
كما بالحديث عن عروة بن الزبير رضي الله عنه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أن
النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاءٍ (أنواع): فنكاح منها نكاح الناس
اليوم، يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته فيصدقها ثم ينكحها.
ونكاح آخر: كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها: أرسلي إلى فلان فاستبضعي
منه، ويعتزلها زوجها ولا يمسُّها أبدًا حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي
تستبضع منه، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحبَّ، وإنما يفعل ذلك رغبة في
نجابة الولد، فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع.
ونكاح آخر: يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها، فإذا
حملت ووضعت ومرَّ ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم فلم يستطع رجل منهم أن
يمتنع حتى يجتمعوا عندها، تقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم وقد ولدت فهو
ابنك يا فلان، تسمِّي من أحبت باسمه فيلحق به ولدها، لا يستطيع أن يمتنع به
الرجل.
ونكاح رابع: يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمنع من جاءها، وهنَّ
البغايا كن ينصبن على أبوابهن رايات تكون علمًا لمن أرادهن دخل عليهن، فإذا
حملت إحداهن ووضعت حملها جمعوا لها ودعوا لها القافة (قفائي الأثر)، ثم ألحقوا
ولدها بالذي يرون، فالتاطته به ودعى ابنه، لا يمتنع من ذلك، فلما بُعث محمد صلى الله عليه وسلم
بالحق هدم نكاح الجاهلية كله، إلا نكاح الناس اليوم. (البخاري).
ويضاف إلى ذلك أنواع أخرى منها:
- نكاح الخِدن: كانوا يقولون: ما استتر فلا بأس به وما ظهر فهو لؤم، وهو
المذكور في قوله تعالى: وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ [النساء: 25].
نكاح الشغار: وهو أن يزوج موليته على أن يزوجه الآخر موليته ولا مهر بينهما.
وفي الحديث عن نافع عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن
الشغار، قُلْتُ لنافع: ما الشغار؟ قال: يَنْكح ابنة الرجل ويَنْكِحُهُ ابنته
بغير صداق، وينكح أخت الرجل وينكحُهُ أخته بغير صداق. (البخاري).
والشغار هو رفع الكلب رجله ليبول.
وهل إذا سُمِي المهر يصح النكاح؟ يصح عند الشافعي وأحمد، وذهب أبو حنيفة إلى أن
النكاح يقع صحيحًا ويجب لكل واحدة من البنتين مهر المثل، فاعتبروا أن الفساد من
قِبل عدم تسمية المهر.
وقال بعض أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرّق بين ما سمى فيه مهر وما لم يسم فيه،
وأن ما ورد من تفسير الشغار بأن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته،
وليس بينهما صداق، أن هذا من كلام نافع الراوي عن ابن عمر وليس من كلام النبي
صلى الله عليه وسلم ، وأن مقتضى الفساد هو اشتراط المبادلة، وفي ذلك فسادٌ كبير. (المغني لابن
قدامة، وفقه السنة لسيد سابق، والوجيز لعبد العظيم بدوي، وتمام المنة للعزازي).
- نكاح التحليل: وهو أن يتزوجها الرجل ليحلها لمن طلقها ثلاثًا، وفي الحديث:
«لعن الله المحلل والمحلل له». (الترمذي، صحيح الجامع).
وهذا النوع من الزواج كبيرة من الكبائر، وفاعله ملعون، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم : التيس
المستعار.
(ابن ماجه، وغيره، صحيح الجامع).
وهي لا تحل لزوجها الأول، سواء اتفقا أو نواه الزوج دون الزوجة، أما لو نوته
الزوجة فقط أو وليها ففيه خلاف، فقيل: يصح النكاح؛ لأن نية الزوجة أو وليها
ليست بشيء، وكذلك نية الزوج الأول فهما لا يملكان رفع شيء من العقد.
وقيل: لو نوته الزوجة أو وليها أيضًا لا يصح النكاح.
وعن نافع أنه جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنه فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثًا
فتزوجها أخ له من غير مؤامرة منه ليحلها لأخيه هل تحل للأول؟ قال: لا؛ إلاَّ
نكاح رغبة، كنا نعدُّ هذا سفاحًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . (رواه الحاكم وصححه
ووافقه الذهبي).
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لا أوتى بمحلل ولا بمحللة إلاَّ رجمتهما.
(رواه عبد الرزاق وغيره. (المغني، الوجيز، تمام المنة).
- نكاح المتعة: وهو أن يتزوج الرجل المرأة إلى أجل معلوم قلَّ أو كثر، في مقابل
شيء يعطيه لها من مال أو طعام أو ثياب، فإذا انقضى الأجل تفرقًا من غير طلاق،
ولا ميراث بينهما.
وقد جوَّز النبي صلى الله عليه وسلم نكاح المتعة لأيام قليلة ثم استقر الأمر على تحريمه، وإذا
انعقد يقع باطلاً.
عن سبرة قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة، ثم لم يخرج
منها حتى نهانا عنها. [صحيح مسلم].
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا أيها الناس، إني قد أذنت لكم في الاستمتاع من النساء،
وإن الله قد حرَّم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهنَّ شيء فليخلِّ
سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا. [صحيح مسلم: 1406].
قال ابن أبي عَمْرَة: إنها كانت رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها، كالميتة
والدم ولحم الخنزير، ثم أحكم الله الدين ونهى عنها.
[صحيح مسلم: 1406].
وأيضًا ثبت عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم
خيبر. (صحيح مسلم).
يقول الإمام النووي في شرحه على مسلم: «والصواب المختار أن التحريم والإباحة
كانا مرتين، وكانت حلالاً قبل خيبر، ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت يوم فتح مكة
وهو يوم أوطاس لاتصالهما، ثم حرمت يومئذٍ بعد ثلاثة أيام تحريمًا مؤبدًا إلى
يوم القيامة، واستمر التحريم».
قال القاضي عياض: ووقع الإجماع بعد ذلك على تحريمها من جميع العلماء إلا
الروافض.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما ولى عمر بن الخطاب خطب الناس فقال: إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثًا ثم حرمها، والله لا أعلم أحدًا يتمتع وهو
محصن إلا رجمته بالحجارة، إلا أن يأتيني بأربعة يشهدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلَّها
بعد إذ حرمها. (ابن ماجه).
مســألـة:
إن عقد على المرأة وفي نيته الطلاق دون اتفاق بينهما، فهل هذا نكاح صحيح أم هو
نكاح متعة؟
قال القاضي: وأجمعوا على أنه من نكح نكاحًا مطلقًا، وبنته أن لا يمكث معها إلا
مدة نواها، فنكاحه صحيح حلال، وليس نكاح متعة.
ودعوى الإجماع غير مسلَّمة، فقد قال الإمام مالك: ليس هذا من أخلاق الناس، وقال
الأوزاعي: هو نكاح متعة، ولا خير فيه.
يقول ابن عثيمين في الشرح الممتع: والذي يظهر لي أنه ليس من نكاح المتعة، لكنه
محرم من جهة أخرى، وهي خيانة الزوجة ووليها، لأن هذا يُعدَّ من الخيانة، لأن
الزوجة ووليها إذا علما بذلك لم يوافقا على الزواج أصلاً، ولو شرطه عليهم لصار
نكاح متعة... فالنكاح صحيح لكنه آثم من أجل الغش.

النهي عن الزواج بالزناة والزواني

ولقد حرَّم الله تعالى الزواج من الزناة عقوبة لاستحلالهم ما حرَّم الله: قال
الله تعالى: الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً
وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنْكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.
فهل لا يحل نكاح الزانية والزاني بحال وهما كالمشركين في التحريم؟
اعلم أن العلماء اختلفوا في جواز نكاح العفيف الزانية، والعكس، فذهب جماعة من
أهل العلم منهم الأئمة الثلاثة (أبو حنيفة، مالك، الشافعي) إلى جواز نكاح
الزانية مع الكراهة التنزيهية عند مالك وأصحابه ومن وافقهم، واحتجوا بأدلة منها
عموم قوله تعالى: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ، وهو شامل بعمومه
الزانية والعفيفة، وعموم قوله تعالى: وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ، وهو
شامل بعمومه أيضًا الزانية والعفيفة، وردوا على الآية من وجهين:
1- أن المراد بالنكاح في الآية هو الوطء الذي هو الزنا بعينه، وقالوا إن المراد بالآية تقبيح الزنا وشدة التنفير منه، لأن الزاني لا يطاوعه في زناه من النساء إلاَّ التي هي في غاية الخسة لكونها مشركة لا ترى حرمة الزنا، أو زانية فاجرة خبيثة، وعلى هذا فالإشارة في قوله تعالى: وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، راجعة إلى الوطء الذي هو الزنا.
2- أن المراد بالنكاح في الآية: التزويج، إلا أن هذه الآية وهي قوله تعالى: الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً، منسوخة بقوله تعالى: وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ.ومن ذهب إلى نسخها بها: سعيد بن المسيب، والشافعي.وقال ابن كثير: هذا خبر من الله تعالى بأن الزاني لا يطأ إلا زانية أو مشركة (أي رجّح أن المراد بالنكاح في الآية الوطء)، وأسند إلى ابن عباس قوله في هذه الآية: ليس هذا بالنكاح إنما هو الجماع، لا يزني بها إلا زان أو مشرك.وقال القرطبي في تفسير الآية: وقد روى عن ابن عباس وأصحابه أن النكاح في الآية الوطء.
قالوا: ومما يدل على أن النكاح في الآية غير التزويج أنه لو كان معنى النكاح فيها التزويج لوجب حد المتزوج بزانية لأنه زانٍ والزاني يجب حدُّه، وقد أجمع العلماء على أن من تزوج زانية لا يحد حد الزنى.وقال الفريق الآخر من أهل العلم: إن الأحاديث الواردة في سبب نزول الآية: الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً كلها في عقد النكاح وليس واحد منها في الوطء.
والمقرر في الأصول: أن صورة سبب النزول قطعية الدخول.
وأنه قد جاء في السنة ما يؤيد صحة ما قالوا في الآية: من أن النكاح فيها
التزويج، وأن الزاني لا يتزوج إلا زانية مثله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله». (رواه أحمد وأبو داود ورجاله
ثقات كما ذكر ذلك ابن حجر في بلوغ المرام).
وأما الأحاديث الواردة في سبب نزول الآية فمنها: ما رواه عبد الله بن عمرو بن
العاص أن رجلاً من المسلمين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة يقال لها أم مهزول،
كانت تسافح (تزني) وتشترط له أن تنفق عليه، قال: فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم أو ذكر أمرها،
فقرأ عليه نبي الله صلى الله عليه وسلم : «والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك». (رواه أحمد، وقال
الهيثمي في مجمع الزوائد: ورجال أحمد ثقات).
ومنها حديث مرثد بن أبي مرثد الغنوي: كان يحمل الأسارى بمكة وكانت بمكة بغي
يقال لها عناق، وكانت صديقته، قال: فجئت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت: يا رسول الله، أنكح
عناقًا، قال: فسكت عني، فنزلت: وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنْكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ
أَوْ مُشْرِكٌ، فدعاني فقرأها عليَّ، وقال: «لا تنكحها».
(أبو داود والنسائي والترمذي).
قالوا: فالمراد به التزويج.
قال ابن القيم في الزاد: وأما نكاح الزانية فقد صرَّح الله سبحانه وتعالى
بتحريمه في سورة النور، وأخبر أن من نكحها فهو إما زانٍ أو مشرك.
أما قول من قال إن الآية منسوخة، فهذا مردود بما تقرر في علم الأصول عند الأئمة
الثلاثة: أن العام لا يصح أن ينسخ الخاص، وأن الخاص يقضي على العام مطلقًا سواء
تقدم نزوله عنه أو تأخر (ويجوز نسخ الخاص بالعام عند أبي حنيفة).
يقول الشيخ الشنقيطي جمعًا بين هذا وذاك: هذه الآية الكريمة من أصعب الآيات
تحقيقًا؛ لأن حمل النكاح فيها على التزويج لا يلائم ذكر المشركة أو المشرك،
وحمل النكاح فيها على الوطء لا يلائم الأحاديث الواردة المتعلقة بالآية، فإنها
تعيّن أن المراد بالنكاح في الآية التزويج، ولا أعلم مخرجًا واضحًا من الإشكال
في هذه الآية إلا مع بعض تعسف:
وهو أن أصح الأقوال عند الأصوليين كما حرره ابن تيمية رحمه الله في رسالته في
علوم القرآن، وعزاه لأجلاء علماء المذاهب الأربعة: هو جواز حمل المشترك على
معنيين أو معانيه المختلفة. فيجوز أن نقول: عدا اللصوص البارحة على عين فريد،
وتعني بذلك أنهم عوروا عينه الباصرة أو غوروا عينه الجارية (عين ماء)، أو سرقوا
عينه التي هي ذهب أو فضة.
وإذا علمت ذلك فاعلم أن النكاح مشترك بين الوطء والتزويج، خلافًا لمن قال إنه
حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر.
وإذا جاز حمل المشترك على معنييه، فيحمل النكاح في الآية على الوطء وعلى
التزويج معًا، ويكون ذكر المشرك والمشركة على تفسير النكاح بالوطء دون العقد.
واعلم أن أظهر قولي أهل العلم عندي أن الزانية والزاني إن تابا من الزنا وندما
على ما كان منهما، ونويا أن لا يعودا إلى الذنب، فإن نكاحهما جائز.
ويدل لهذا قوله تعالى: وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ
وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ
يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ
الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلاَّ مَنْ
تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ
سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:
68-70].
ومع ذلك فإننا ننصح المسلم أن لا يتزوج إلا عفيفة محصنة، ويؤيد ذلك حديث النبي
صلى الله عليه وسلم ... فاظفر بذات الدين تربت يداك. (أضواء البيان، بتصرف).
- رأينا أن الله تعالى حرَّم كل أنواع الزواج التي تفقد الزواج أعظم ما فيه وهو
السكن والمودة والرحمة، فالأسرة المسلمة أسرة عفيفة طاهرة، تكون لبنة في بناء
مجتمعها المسلم، الذي يتشكل من مجموعة لِبنات (أسر) صالحات تشيد صرح المجتمع
الصالح.
ولأهمية الزواج ولأنه من أهم الأساليب الوقائية لصيانة المجتمع من الفاحشة، فإن
المشرع اهتم به اهتمامًا كبيرًا في كل نواحيه كما سنرى.
أولاً: الحث على النكاح:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض
للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء (وقاية)». (متفق
عليه).
والزواج هو سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، كما بالحديث عن أنس رضي الله عنه: جاء ثلاثة رهط إلى
بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أُخبروا كأنهم تقالّوها،
فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال
أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر،
وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أنتم
الذين قلتم كذا وكذا؟ أما واللَّـهِ إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنني أصوم
وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني». (متفق عليه).
وعن سعد بن أبي وقاص قال: رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن
لنا لاختصينا. (متفق عليه). والتبتل هو الانقطاع للعبادة واجتناب النساء.
ثانيًا: مدار الأمر في الاختيار على الصلاح:
يقول الله تعالى: وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ
عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ
فَضْلِهِ.
وحثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على التزوج بالمرأة الدينة: «تنكح المرأة لأربع: لمالها،
ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك». (متفق عليه).
تربت يداك: قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وهو خبر بمعنى الدعاء، لكن لا يراد
حقيقته. اهـ.
وتربت يداك أي لصقت بالتراب كناية عن الفقر، وقيل إن المقصود أنه يبارك لك في
المتدينة، فالتراب ينبت فيه الزروع والثمار ففيه الخير والبركة والنماء.
وكذلك فإن ولي المرأة يبحث عن الرجل الخلوق المتدين، ففي الحديث قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلاَّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض
وفسادٌ كبير».
(الترمذي، وابن ماجه، وحسنه الألباني في الترغيب).

منقول​
 
بارك الله فيك أخي و المنقول منه فقد وفّى الموضوع حقّه

اللهمّ إحفظ فروجنا بحلالك
 
اللهمّ إحفظ فروجنا بحلالك
 
اللهم اجعلنا ممن يسمهعون الحديث فيتبعون أحسنه بارك الله فيك
 
اللهم اجعلنا ممن يسمعون الحديث فيتبعون أحسنه بارك الله فيك
 
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (*) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (*) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
 
الحمد لله على نعمة الإسلام
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى