التدرج في التغيير..رؤية فقهية

ساقول له بان يجتنب الخمر مباشرة دون ترددلانه لو مات مات علي معصية

:besmellah2:


وهل تعلم أن بقولك هذا تضر بصحته و اقلاع المدمن عن ادمانه يحتاج شهور و حتى سنين و جلسات كثيرة حتى لا يخلف انقطاعه من السموم التي كان يتعاطاها آثارا سلبية على صحته لماذا لا تنصحه بالصلاة و بالاستشارة طبيب مختص

هذه أخي الحبيب ليست أنصاف حلول بل التطور و التدرج من حال ألى حال أفضل منه حتى الوصول إلى الهدف المنشود
 
المقياس في ذلك كما سمعت من الشيخ محمد حسان هو أن إنكار المنكر يجب أن لا يترتب عليه منكر أكبر, فإن تحقق الشخص أن إنكاره للمنكر سيترتب عليه منكر أكبر عند ذلك يصبح إنكاره للمنكر منكرا
مثال: تأتي لشخص منحل و يمكن يكون ليس في وعيه و تقول له إن هذا السروال القصير لا يجوز لبسه(شورت) فينفعل هذا الشخص و ينزع عنه هذا السروال أمام الملأ, انتقلنا من منكر لمنكر أكبر بسبب هذا الإنكار
تحضرني قصة أظنها لإبن تيمية حين رأى رجلا ينهى جنود التاتار عن شرب الخمر فقال له دعهم فإنهم إذا ما أفاقوا من سكرهم قتّلوا المسلمين, أرأيتم العقل الراجح و الفكر السليم
 
ايها الكرام الاسلام سهل الممارسة والتطبيق
سأقول لك أمرا و أرجو أن تجيبني بصراحة

ماذا لو أعلنت بلادنا البدأ بتنفيذ العقوبات الشرعية غدا

بمعنى أن نجلد الزاني أو نرجمه
و نقطع يد السارق و نجلد شارب الخمر ......
و نقتل تارك الصلاة ....

و نمنع الربا و نغلق البنوك الربوية ....

هل ترى الأمر سيستقيم بين يوم و ليلة ؟؟
هل ترى جميع الشعب سيتوب بين يوم و ليلة

أرجو أن تجيبني بصراحة
اخي الكريم الحديث في الفرضيات ليس مجديالانه حديث في غير واقع ولكن ساجيبك اخي الكريم يزع الله بالسلطان مالا يزعه بالقران اي ان القانون الصارم يضبط الناس ولكن لايعني هذا عدم وجود مخالفات وذالك لكون الانسان خطاء ولاجل ذالك شرعة الحدود =لتطتبق علي المتجاوزين=اخي الحبيب حتي مجتمع المدينة ومعهم رسول الله شهد مخالفات استوجبت الحد وهذا امر طبيعي ولكن اريد ان اقول سيئ ايها الاخوة نحن بين اناس مسلمين عليهم من غبار الفكر الغربي الكثير ولكن لو ازيل هذا الغبار لرايت اناس يحبون الله ورسوله
وهل تعلم أن بقولك هذا تضر بصحته و اقلاع المدمن عن ادمانه يحتاج شهور و حتى سنين و جلسات كثيرة حتى لا يخلف انقطاعه من السموم التي كان يتعاطاها آثارا سلبية على صحته لماذا لا تنصحه بالصلاة و بالاستشارة طبيب مختص

هذه أخي الحبيب ليست أنصاف حلول بل التطور و التدرج من حال ألى حال أفضل منه حتى الوصول إلى الهدف المنشود
وهل تعلم ان موته علي المعصية يستوجب النار فكر اخي
 
اخي الكريم الحديث في الفرضيات ليس مجديالانه حديث في غير واقع ولكن ساجيبك اخي الكريم يزع الله بالسلطان مالا يزعه بالقران اي ان القانون الصارم يضبط الناس ولكن لايعني هذا عدم وجود مخالفات وذالك لكون الانسان خطاء ولاجل ذالك شرعة الحدود =لتطتبق علي المتجاوزين=اخي الحبيب حتي مجتمع المدينة ومعهم رسول الله شهد مخالفات استوجبت الحد وهذا امر طبيعي ولكن اريد ان اقول سيئ ايها الاخوة نحن بين اناس مسلمين عليهم من غبار الفكر الغربي الكثير ولكن لو ازيل هذا الغبار لرايت اناس يحبون الله ورسوله

يا أخي هي ليست فرضية بل ما تريده و هو إقامة شرع الله جملة واحدة بين يوم و ليلة

يا أخي إن فعلناها هكذا فستكون الكارثة و الطامة

الأحكام الشرعية نزلت بالتدرّج . فلماذا نسعى لتطبيقها جملة واحدة و مرّة واحدة

أتدري يا أخي ما الفرق بيننا ؟؟

هو كالفرق بين من لديه قطعة أرض و يريد بناء منزل في يوم واحد و بين من يرد بنائه في فترة معيّنة من الزمن

ذكرت عبارة غبار فكري غربي . ذاك الغبار تلزمه الحكمة لإزالته
 
:besmellah2:

قال الله تعالى : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ . أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)

وقال الله تعالى : ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )

وقال الله تعالى : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )
 
لا حول و لا قوّة إلاّ بالله

هل ترانا نؤمن ببعض الكتاب يا ابا فاروق

بالمناسبة

أنا نقلت كلام عمر إبن عبد العزيز

فهل ينطبق عليه كذلك هذا الكلام ؟؟؟؟


 
ما دمنا نقتدي بالسلف الصالح و المفروض أن يكون ساداتنا عمر إبن الخطّاب و عمر إبن عبد العزيز هما من خيرة السلف الصالح
و لكن بعض الأعضاء ليسوا مقتنعين بالأمر

على كلّ هذا كلام الشيخ العثيمين و الشيخ صالح الفوزان و أرجو أن لا نقول أنّهما ممّن يؤمنون ببعض الكتاب و يكفرون بالبعض الآخر

- معذرة إن كان المقال طويل


المحور الخامس : كيف تطبق الشريعة الإسلامية في دول العالم الإسلامي التي لا تطبقها ؟
تنوع السبل
قبل أن ندع القارئ الكريم مع ما قاله العلماء والمفكرون الأفاضل في مسألة تطبيق الشريعة السمحة في الدول المحكومة بنظم علمانية جائرة وقوانين وضعية قاصرة ، نود أن نسجل احترازاً أوليا ، مفاده : أن تطبيق الشرع كما أنزله اللّه على خاتم أنبيائه ورسله وصفوته من خلقه لا ينتزع الشر ولا يستأصل الخلل كليا ، وإنما يقلص من حجمه ويحد من مدى تفشيه .

فالشرع تام يفي بمصالح العباد في كل زمان ومكان ، غير أن التطبيق مهما سما يظل جهداً إنسانياً لا يخلو - في بعض الأحايين - من قصور البشر . نقول هذا لأن تطبيق شرع الله في خير القرون على أيدي الخلفاء الراشدين لم يمنع ظهور غلاة يكفرون المؤمنين بأهوائهم أو بضيق أفقهم وقلة فقههم ، لكن الصحابة الكرام عالجوا الموقف بالتزام شرع اللّه فوفقهم الله إلى قمع الفكر الضال الذي انحسر شيئا فشيئا ، حتى بقي في فئات قليلة يتداولها أفراد طمس اللّه على بصائرهم .

لقد أجمع المشاركون في هذه القضية على أن التزام الحكومات دين اللّه الحنيف في السياسة والاقتصاد والقضاء والإعلام وشتى شئون الحياة ، يسحب البساط من تحت أقدام المضللين الذين يلبسون الحق بالباطل ، ويتهمون الأمة كافة - إلا قلة تمالئهم - بالكفر والنفاق . أما السبل إلى تطبيق الشريعة في تلك البلدان فقد تنوعت الاجتهادات حولها .

وكان نص سؤالنا : ما السبيل إلى تحكيم شرع الله في البلدان الإسلامية التي تحكمها نظم علمانية ؟

الشيخ محمد العثيمين السبيل إلى ذلك هو العلم ، أن ينشر العلم بين الناس وأن توجه النصائح إلى ولاة الأمور في تلك البلاد وأن يتحلى الإنسان بالصبر وطول النفس ؛ لأن الشيء لا يمكن أن يصلح بين عشية وضحاها .

الحاكم والهيئات العلمية
أ . د . صالح السدلان هناك أمور مهمة ينبغي ذكرها في هذا المجال : -

أولاً إن الدولة في الإسلام ضرورة من أجل حفظ العقيدة وصيانتها من عبث العابثين وحماية بيضة الإسلام على أصولها المقررة وقواعدها المحررة ، ولا بد لها من حاكم مسلم يدير شئونها ويصرف أمورها ، وهو ضرورة يوجب الإسلام على الأمة إقامته ليدفع عن الأمة عدوها ويحمي ذمارها ويحافظ على أمنها ومقدساتها ويقيم الحدود الزاجرة والتعزيرات الرادعة ويطبق شرائع اللّه في أرض اللّه . ولا يخفى أن الإسلام لا بد له من أمة تحمله وسلطة تحميه وهما في كفة واحدة يقومان معاً على وجه التكامل والتضامن بمسئولية واحدة وإعلاء كلمة واحدة : مسئولية إقامة شرع الله في أرض اللّه ، وإعلاء كلمة لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه .

والحاكم هو رمز الدولة وقمة السلطة ويستطيع إذا وضع ثقله ونفوذه وسلطته وراء مطلب تطبيق الشريعة الإسلامية أن يفعل الكثير والكثير وبأسرع مما يظنه الكثيرون . ألا فليعلم الحكام يقينا أن واجباتهم على كثرتها تنحصر في واجبين اثنين :

أحدهما : إقامة الشريعة الإسلامية .

والآخر : إدارة شئون الدولة في حدود الشريعة الإسلامية ، يقول الماوردي رحمه اللّه : (الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا) .

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللّه : ( ولاية الحكم استخلاف من اللّه لتطبيق شرع اللّه ) فالحاكم المسلم مطالب بأن يكون تصرفه لمصلحة رعيته فلا يتبع الهوى والتشهي ، إنما يتقيد بنصوص الشريعة وهدي السماء : يقول الله تعالى : - يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (سورة ص, الآية : 26) . ثانياً على الهيئات العلمية في هذه الدول أن تعمل على تحرير التعليم في كل مراحله من آثار التبعية الفكرية وذلك بتكوين هيئات ومراكز بحث وتخطيط يكون عملها : -

أ - إعادة صياغة المناهج وتطويرها بما يخدم تطبيق الشريعة الإسلامية ويكفل لها البعد عن العلمانية والإلحاد .

ب - إصدار دوائر معارف وموسوعات علمية إسلامية في مختلف فروع المعرفة لتغني الدارسين والباحثين عن مؤلفات أعداء الإسلام .

ج - حث الدول والهيئات والمؤسسات الإسلامية للعمل على تعميق الدراسات والموسوعات القرآنية وتيسير حفظ القرآن الكريم وفهمه والعمل به .

ثالثاً العمل على عدم السماح للخلافات الداخلية : ((الدينية أو السياسية أو غيرها بأن تكون مبرراً لمحاربة الفكر الإسلامي ووحدته بما يتيح لوسائل الغزو الفكري إلى المعادي للإسلام أن تسيطر على وسائل النشر والتوجيه بما يمزق كيان الأمة الإسلامية)) .


رابعاً وجوب التحلي بالأخلاق والفضائل والآداب الإسلامية والظهور بالمظهر الإسلامي اللائق وتسخير كل وسائل الإعلام من صحافة ومذياع مسموع ومرئي لتحقيق هذه الغاية النبيلة .

خامساً إيجاد العدد الكافي من الدعاة المتمسكين مع تدريبهم تدريباً عملياً لنشر الدعوة الإسلامية وهذا يستلزم إنشاء وتطوير معاهد متخصصة يقوم عليها رجال مُتمرّسون ملتزمون قادرون على إعطاء المعرفة اللازمة والفكر الإسلامي المتجدد . ومن الممكن تقسيم هؤلاء إلى ثلاث مجموعات : -

* المجموعة الأولى الإداريون : ومهمتهم وضع البرامج والإشراف على تطبيق الخطط وإعادة النظر فيها تعديلاً وتقويماً .

* المجموعة الثانية الدعاة الذين ينقلون المعرفة الإسلامية إلى الناس ويبصرونهم بأحكام دينهم في العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية والجنايات وغير ذلك من أحكام الإسلام وآدابه ويجادلونهم بالحكمة والموعظة الحسنة حتى ينتقلوا بهم إلى مرحلة التطبيق العملي والالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في سائر المجالات .

إن الإسلام اليوم أحوج ما يكون إلى دعاة يتحلون بالصبر ويتصفون بالحلم ، يجمعون القلوب ويقررون أمر العقيدة السليمة ويغرسون شرائع الإسلام الصحيحة في قلوب المسلمين بالتؤدة والأناة والحكمة والموعظة الحسنة ، يعاشرون الناس على بصيرة من أمرهم إن رأوهم على صواب تعاونوا معهم وإن رأوهم مخطئين بصَّروهم بالدعوة ودعوهم بالحكمة على ضوء الكتاب والسنة وهدى سلف هذه الأمة رضوان الله عليهم .

وتلك سمة الدعوات العامة المخلصة التي تقتبس النور من مشكاة النبوة وتسير على منهجها ، إنها تجس نبض المجتمع جساً صحيحاً أميناً لتهتدي إلى الداء الحقيقي ومواضع الضعف في جسم هذا المجتمع وتضع أصبعها عليه وتضرب على الوتر الحساس دون كلل أو ملل .

كما فعل شعيب عليه السلام في دعوته ، فبعد أن دعا إلى التوحيد وجه الدعوة إلى إيفاء الكيل والوزن بالقسطاس المستقيم وحذر من التطفيف ؛ إذ كان ذلك عيب المجتمع الذي بعث فيه وسمته البارزة وكذلك فعل غيره من الأنبياء .

وهذه أيضاً كانت سنة الدعاة إلى الله من المخلصين الربانيين في تاريخ الإسلام .

فهذا ابن الجوزي أيضاً في مواعظه المؤثرة ومجالسه المزدحمة ، كان يشنع على الحياة اللاهية الماجنة التي كان يحياها كثير من الناس في بغداد وعلى الذنوب والمعاصي التي ترتكب جهاراً والمنكرات التي شاعت ، فكان مئات بل وآلاف من الناس يتوبون ويقلعون عن الذنوب ، وكان نشيج يعلو وقلوب ترق وعيون تدمع لأنه كان يمس القلوب ويصور الواقع ، ومن يطلع على كتبه كصيد الخاطر وغيره يجد دليلاً على هذا .


* المجموعة الثالثة الباحثون الذين يعملون على توسيع آفاق المعرفة في مجال تطبيق الشريعة الإسلامية ، وذلك بإبراز مزايا ومحاسن الشريعة الإسلامية وصلاحيتها للتطبيق في كل زمان ومكان ويتمثل عمل هؤلاء في إنشاء مراكز ومنابر لها سلطة التأثير على فكر الأمة وتوجيهها ، وذلك كمراكز البحث العلمي والمجامع الفقهية والمؤتمرات والندوات والإصدارات المتخصصة .

سادساً يجب على الداعين لتطبيق الشريعة الإسلامية والمنادين بتحكيمها أن تكون دعوتهم واضحة لا غموض فيها ، محددة المفاهيم والضوابط بمعنى أن تطبق الشريعة الإسلامية كما جاء بها محمدا صلى الله عليه وسلم وكما طبقها هو وأصحابه من بعده رضوان الله عليهم واقعاً عملياً في الحياة بمفهومها الشامل الواسع .

والحذر الحذر من أخذ بعض أحكام اللّه دون بعض ، فالإسلام كل متكامل لا يقبل التجزئة وقصره على جانب دون جانب تحكُّم بلا دليل ، بل تنقضه أصول الشريعة ومصادرها : يقول - تعالى - مقرعاً بني إسرائيل على ذلك أشد التقريع حيث نفذوا بعض تعاليم كتبهم وتركوا بعضها فقال - تعالى - : أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (سورة البقرة ، الآية 85) .

ولكي يتحقق ذلك لا بد من إلقاء الضوء على ما ينبغي عمله في شتى المجالات ليتم تطبيق الشريعة الإسلامية بصورة صحيحة وفعلية :

1 - لا بد من العودة بالعقيدة إلى المنابع الصافية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بعيداً عن غلو الغالين وانتحال المبطلين وتحريف المحرفين .

2 - تثبيت القيم الأخلاقية الأصيلة على هدي من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتطهير المجتمع من الرذائل المتوارثة والدخيلة من المادية والأنانية واتباع الشهوات والميوعة والتحلل وغير ذلك من أخلاق الضعف والسلبية والانحلال .

3 - المحافظة على شعائر الإسلام وخاصة عباداته الكبرى وأركانه العملية التي بني عليها هذا الدين من الصلاة والزكاة والصيام والحج وتربية جميع فئات المجتمع على احترامها وتوقيرها : فتجب العناية بالصلاة واتخاذ المساجد والمصليات في الدواوين والمصالح الحكومية والمؤسسات والشركات وكل مجمع للناس كالموانئ والمطارات ومحطات السكك الحديدية ومواقف السيارات العامة ونحوها .

4 - مقاومة البدع والأباطيل والخرافات في مجال العقائد والعبادات والتقاليد وغير ذلك من كل ما يتصل بالفكر والسلوك على وجه عام .


التربية والدعوة
د . محمود شوق الوصول إلى تطبيق شرع الله في مثل تلك الدول ، يتم - من وجهة نظري - باتباع الوسائل التالية :


1 - تربية الأجيال تربية إسلامية :

وهذا يتطلب تغييرا في المناهج الدراسية بما يتفق مع مقتضيات الشرع الحنيف والدراسات الشاملة للسنة المطهرة والتوجيه الإسلامي للعلوم ، وتجلية حقيقة التاريخ الإسلامي ، مع التركيز على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلافة الراشدة وإعداد المعلم الكفء لهذا كله ، وتنقية مناخ المؤسسات التربوية مما يخالف تعاليم الدين الحنيف ، فالأجيال التي تتربى تربية إسلامية هي - بحول الله - التي سوف تطق الحكم بشرع الله .


2 - تنشيط الدعوة إلى تطبيق شرع اللّه :

ويستفاد من البث المباشر في هذا على أن تكون هذه الدعوة سمحةً ، أساسها الحكمة وأسلوبها الموعظة الحسنة ، مع استخدام مختلف طرائق الخطاب الأخرى - مثل المسرحيات والندوات والمؤتمرات وحلقات الدراسة والحوار .


3 - تعاون المؤسسات التعليمية المتخصصة :

إن تضافر جهود الجامعات والمعاهد في مجال العلوم الشرعية ومؤسسات البحث العلمي في إجراء الدراسات والبحوث والتحاليل يوضح حجم المشكلات التي تواجه البلدان التي تحكم بالقوانين الوضعية وأنواعها وبيان ما يمكن أن يسهم به تطبيق الشريعة من حلول لهذه المشكلات .


4 - طرح المؤسسات الإسلامية الإقليمية والدولية :

إن المطلوب من المؤسسات الإسلامية الإقليمية والدولية في حقول السياسة والفكر والإعلام أن تتبنى ضرورة تطبيق الشريعة في مختلف اجتماعاتها وأنشطتها وصولاً إلى إيجاد إرادة سياسية لهذا الأمر .


العمل السلمي
الشيخ أبو الكلام يوسف لا بد من العمل على نشر الدعوة إلى تطبيق شريعة الله ، والتأثير على الساسة سلميا وبث الوعي لدى الشرائح العريضة في المجتمع التي تتوق إلى أن يحكمها كتاب اللّه - عز وجل - وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بدلاً من القوانين الوضعية المستوردة من بلدان الكفر ، التي تشرّع للناس بالهوى وبتغليب مصالح فئة من المجتمع على حساب الفئات الأخرى .

الشيخ إبراهيم ما من ريب في أن التوسع في نشر مزايا الشريعة والعلوم الإسلامية ، يسد ثغرة مهمة ؛ لأن من جهل شيء عاداه ، ولذلك فلست أظن أن مسلماً سويا يأبى الاحتكام إلى شرع اللّه في جميع قضاياه ، على أن تراعى في ذلك ظروف كل مجتمع على حده .

وأعتقد أن الذين يصلحون لمخاطبة الناس في هذا الشأن يجب أن يكونوا من الدعاة المؤهلين ، وأنه ليس كل متعلم أو متحمس للدين يستطيع الاضطلاع بهذه المهمة الجليلة بالكفاءة المنشودة علماً وأسلوباً . وتوفير الكتب الشرعية النافعة مجاناً - أو بسعر التكلفة - أمر حيوي في هذا الصدد ، بسبب غلاء كثير من الكتب الجيدة ، وقلة الإمكانات لدى كثير من المسلمين .

وللندوات والمؤتمرات العامة والمتخصصة أثر إيجابي في هذا المضمار ، وكذلك تعزيز الصلات بين العلماء المسلمين وتوحيد صفهم في سبيل هذه الغاية النبيلة .

ولا يفوتني التذكير بضرورة الكشف عن مثالب العلمانية وقصور القوانين الوضعية ، في نطاق المسعى إلى تطبيق شريعة الإسلام ، شريطة أن يتم ذلك بالحجة الناصعة لا بالشتم والخطابة الإنشائية الخالية من البرهان الدامغ .


الحكمة بلا تعجل
د . صالح الفوزان على أهل الدعوة أن يخوضوا هذه المواجهة بالحكمة والمجادلة بالتي هي أحسن ، والتحلي بالصبر وكف اليد . فالمسألة تحتاج إلى نَفَسٍ طويل ، ومن شأن استعجال ثمارها ، الحصول على نتائج عكسية .
 
هذا فعل رسول الله
روي ابن هشام في سيرته أنه عندما قدم وفد ثقيف ليفاوضوا رسول الله سألوه «أن يدع لهم الطاغية، وهي اللات، لا يهدمها ثلاث سنين. فأبي رسول الله ذلك عليهم. فما برحوا يسألونه سنة سنة ويأبي عليهم، حت يسألوه شهراً واحداً بعد مقدمهم ، فأبي عليهم أن يدعها شيئاً مسمّي، وإنما يريدون بذلك، فيما يظهرون، أن يسلّموا بتركِها من سفهائهم ونسائهم وذراريهم، ويكرهون أن يُروِّعوا قومهم بهدمها حتي يدخلهم الإسلام، فأبي رسول الله إلاّ أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة فيهدماها. وقد كانوا سألوه ـ مع ترك الطاغية ـ أن يعفيهم من الصلاة، وأن لا يكسروا أوثانهم بأيديهم، فقال رسول الله: أما كسر أوثانكم بأيديكم فسنعفيكم منه، وأما الصلاة فإنه لا خير في دين لا صلاة فيه..» و ما رواه ابن القيم في "زادالمعاد":
(فقال كنانة بن عبد يإليل: هل أنت مقاضينا حتي نرجع إلي قومنا ؟ قال: نعم ،إن أنتم أقررتم بالإسلام أقاضيكم، وإلا فلا قضية ولا صلح بيني وبينكم، قال: أفرأيت الزنا فإنا قوم نغترب ولا بد لنا منه؟ قال: هو عليكم حرام، فإن الله يقول: ﴿ولاتقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً﴾، قالوا: أفرأيت الربا فإنه أموالنا كلها؟قال: لكم رؤوس أموالكم، إن الله تعالى يقول:﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ﴾ قالوا: أفرأيت الخمر، فإنه عصير أرضنا لا بد لنامنها؟ قال: إن الله قد حرمها، وقرأ:﴿يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ﴾ ، فارتفع القوم فخلا بعضهم ببعض، فقالوا: ويحكم إنا نخاف إن خالفناه يوماً كيوم مكة، انطلقوا نكاتبه علي ما سألناه. فأتوا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالوا: نعم لك ما سألت،أرأيت الربّة ماذا نصنع بها؟ قال: اهدموها، قالوا: هيهات، لو تعلم الربة أنك تريد هدمها لقتلت أهلها... فقال عمر بن الخطاب: ويحك يا ابن عبد يإليل ما أجهلك! إنما الربة حجر، فقالوا: إنا لم نأتك يا ابن الخطاب، وقال لرسول الله صلي الله عليه وسلم : تولّ أنت هدمها، فأما نحن فإنا لا نهدمها أبداً، قال: سأبعث إليكم من يكفيكم هدمها، فكاتبوه
وهذا كلام الفوزان والاعثيمين
المحور الخامس : كيف تطبق الشريعة الإسلامية في دول العالم الإسلامي التي لا تطبقها ؟
تنوع السبل
قبل أن ندع القارئ الكريم مع ما قاله العلماء والمفكرون الأفاضل في مسألة تطبيق الشريعة السمحة في الدول المحكومة بنظم علمانية جائرة وقوانين وضعية قاصرة ، نود أن نسجل احترازاً أوليا ، مفاده : أن تطبيق الشرع كما أنزله اللّه على خاتم أنبيائه ورسله وصفوته من خلقه لا ينتزع الشر ولا يستأصل الخلل كليا ، وإنما يقلص من حجمه ويحد من مدى تفشيه .

فالشرع تام يفي بمصالح العباد في كل زمان ومكان ، غير أن التطبيق مهما سما يظل جهداً إنسانياً لا يخلو - في بعض الأحايين - من قصور البشر . نقول هذا لأن تطبيق شرع الله في خير القرون على أيدي الخلفاء الراشدين لم يمنع ظهور غلاة يكفرون المؤمنين بأهوائهم أو بضيق أفقهم وقلة فقههم ، لكن الصحابة الكرام عالجوا الموقف بالتزام شرع اللّه فوفقهم الله إلى قمع الفكر الضال الذي انحسر شيئا فشيئا ، حتى بقي في فئات قليلة يتداولها أفراد طمس اللّه على بصائرهم .

لقد أجمع المشاركون في هذه القضية على أن التزام الحكومات دين اللّه الحنيف في السياسة والاقتصاد والقضاء والإعلام وشتى شئون الحياة ، يسحب البساط من تحت أقدام المضللين الذين يلبسون الحق بالباطل ، ويتهمون الأمة كافة - إلا قلة تمالئهم - بالكفر والنفاق . أما السبل إلى تطبيق الشريعة في تلك البلدان فقد تنوعت الاجتهادات حولها .

وكان نص سؤالنا : ما السبيل إلى تحكيم شرع الله في البلدان الإسلامية التي تحكمها نظم علمانية ؟

الشيخ محمد العثيمين السبيل إلى ذلك هو العلم ، أن ينشر العلم بين الناس وأن توجه النصائح إلى ولاة الأمور في تلك البلاد وأن يتحلى الإنسان بالصبر وطول النفس ؛ لأن الشيء لا يمكن أن يصلح بين عشية وضحاها .

الحاكم والهيئات العلمية
أ . د . صالح السدلان هناك أمور مهمة ينبغي ذكرها في هذا المجال : -

أولاً إن الدولة في الإسلام ضرورة من أجل حفظ العقيدة وصيانتها من عبث العابثين وحماية بيضة الإسلام على أصولها المقررة وقواعدها المحررة ، ولا بد لها من حاكم مسلم يدير شئونها ويصرف أمورها ، وهو ضرورة يوجب الإسلام على الأمة إقامته ليدفع عن الأمة عدوها ويحمي ذمارها ويحافظ على أمنها ومقدساتها ويقيم الحدود الزاجرة والتعزيرات الرادعة ويطبق شرائع اللّه في أرض اللّه . ولا يخفى أن الإسلام لا بد له من أمة تحمله وسلطة تحميه وهما في كفة واحدة يقومان معاً على وجه التكامل والتضامن بمسئولية واحدة وإعلاء كلمة واحدة : مسئولية إقامة شرع الله في أرض اللّه ، وإعلاء كلمة لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه .

والحاكم هو رمز الدولة وقمة السلطة ويستطيع إذا وضع ثقله ونفوذه وسلطته وراء مطلب تطبيق الشريعة الإسلامية أن يفعل الكثير والكثير وبأسرع مما يظنه الكثيرون . ألا فليعلم الحكام يقينا أن واجباتهم على كثرتها تنحصر في واجبين اثنين :

أحدهما : إقامة الشريعة الإسلامية .

والآخر : إدارة شئون الدولة في حدود الشريعة الإسلامية ، يقول الماوردي رحمه اللّه : (الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا) .

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللّه : ( ولاية الحكم استخلاف من اللّه لتطبيق شرع اللّه ) فالحاكم المسلم مطالب بأن يكون تصرفه لمصلحة رعيته فلا يتبع الهوى والتشهي ، إنما يتقيد بنصوص الشريعة وهدي السماء : يقول الله تعالى : - يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (سورة ص, الآية : 26) . ثانياً على الهيئات العلمية في هذه الدول أن تعمل على تحرير التعليم في كل مراحله من آثار التبعية الفكرية وذلك بتكوين هيئات ومراكز بحث وتخطيط يكون عملها : -

أ - إعادة صياغة المناهج وتطويرها بما يخدم تطبيق الشريعة الإسلامية ويكفل لها البعد عن العلمانية والإلحاد .

ب - إصدار دوائر معارف وموسوعات علمية إسلامية في مختلف فروع المعرفة لتغني الدارسين والباحثين عن مؤلفات أعداء الإسلام .

ج - حث الدول والهيئات والمؤسسات الإسلامية للعمل على تعميق الدراسات والموسوعات القرآنية وتيسير حفظ القرآن الكريم وفهمه والعمل به .

ثالثاً العمل على عدم السماح للخلافات الداخلية : ((الدينية أو السياسية أو غيرها بأن تكون مبرراً لمحاربة الفكر الإسلامي ووحدته بما يتيح لوسائل الغزو الفكري إلى المعادي للإسلام أن تسيطر على وسائل النشر والتوجيه بما يمزق كيان الأمة الإسلامية)) .


رابعاً وجوب التحلي بالأخلاق والفضائل والآداب الإسلامية والظهور بالمظهر الإسلامي اللائق وتسخير كل وسائل الإعلام من صحافة ومذياع مسموع ومرئي لتحقيق هذه الغاية النبيلة .

خامساً إيجاد العدد الكافي من الدعاة المتمسكين مع تدريبهم تدريباً عملياً لنشر الدعوة الإسلامية وهذا يستلزم إنشاء وتطوير معاهد متخصصة يقوم عليها رجال مُتمرّسون ملتزمون قادرون على إعطاء المعرفة اللازمة والفكر الإسلامي المتجدد . ومن الممكن تقسيم هؤلاء إلى ثلاث مجموعات : -

* المجموعة الأولى الإداريون : ومهمتهم وضع البرامج والإشراف على تطبيق الخطط وإعادة النظر فيها تعديلاً وتقويماً .

* المجموعة الثانية الدعاة الذين ينقلون المعرفة الإسلامية إلى الناس ويبصرونهم بأحكام دينهم في العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية والجنايات وغير ذلك من أحكام الإسلام وآدابه ويجادلونهم بالحكمة والموعظة الحسنة حتى ينتقلوا بهم إلى مرحلة التطبيق العملي والالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في سائر المجالات .

إن الإسلام اليوم أحوج ما يكون إلى دعاة يتحلون بالصبر ويتصفون بالحلم ، يجمعون القلوب ويقررون أمر العقيدة السليمة ويغرسون شرائع الإسلام الصحيحة في قلوب المسلمين بالتؤدة والأناة والحكمة والموعظة الحسنة ، يعاشرون الناس على بصيرة من أمرهم إن رأوهم على صواب تعاونوا معهم وإن رأوهم مخطئين بصَّروهم بالدعوة ودعوهم بالحكمة على ضوء الكتاب والسنة وهدى سلف هذه الأمة رضوان الله عليهم .

وتلك سمة الدعوات العامة المخلصة التي تقتبس النور من مشكاة النبوة وتسير على منهجها ، إنها تجس نبض المجتمع جساً صحيحاً أميناً لتهتدي إلى الداء الحقيقي ومواضع الضعف في جسم هذا المجتمع وتضع أصبعها عليه وتضرب على الوتر الحساس دون كلل أو ملل .

كما فعل شعيب عليه السلام في دعوته ، فبعد أن دعا إلى التوحيد وجه الدعوة إلى إيفاء الكيل والوزن بالقسطاس المستقيم وحذر من التطفيف ؛ إذ كان ذلك عيب المجتمع الذي بعث فيه وسمته البارزة وكذلك فعل غيره من الأنبياء .

وهذه أيضاً كانت سنة الدعاة إلى الله من المخلصين الربانيين في تاريخ الإسلام .

فهذا ابن الجوزي أيضاً في مواعظه المؤثرة ومجالسه المزدحمة ، كان يشنع على الحياة اللاهية الماجنة التي كان يحياها كثير من الناس في بغداد وعلى الذنوب والمعاصي التي ترتكب جهاراً والمنكرات التي شاعت ، فكان مئات بل وآلاف من الناس يتوبون ويقلعون عن الذنوب ، وكان نشيج يعلو وقلوب ترق وعيون تدمع لأنه كان يمس القلوب ويصور الواقع ، ومن يطلع على كتبه كصيد الخاطر وغيره يجد دليلاً على هذا .


* المجموعة الثالثة الباحثون الذين يعملون على توسيع آفاق المعرفة في مجال تطبيق الشريعة الإسلامية ، وذلك بإبراز مزايا ومحاسن الشريعة الإسلامية وصلاحيتها للتطبيق في كل زمان ومكان ويتمثل عمل هؤلاء في إنشاء مراكز ومنابر لها سلطة التأثير على فكر الأمة وتوجيهها ، وذلك كمراكز البحث العلمي والمجامع الفقهية والمؤتمرات والندوات والإصدارات المتخصصة .

سادساً يجب على الداعين لتطبيق الشريعة الإسلامية والمنادين بتحكيمها أن تكون دعوتهم واضحة لا غموض فيها ، محددة المفاهيم والضوابط بمعنى أن تطبق الشريعة الإسلامية كما جاء بها محمدا صلى الله عليه وسلم وكما طبقها هو وأصحابه من بعده رضوان الله عليهم واقعاً عملياً في الحياة بمفهومها الشامل الواسع .

والحذر الحذر من أخذ بعض أحكام اللّه دون بعض ، فالإسلام كل متكامل لا يقبل التجزئة وقصره على جانب دون جانب تحكُّم بلا دليل ، بل تنقضه أصول الشريعة ومصادرها : يقول - تعالى - مقرعاً بني إسرائيل على ذلك أشد التقريع حيث نفذوا بعض تعاليم كتبهم وتركوا بعضها فقال - تعالى - : أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (سورة البقرة ، الآية 85) .

ولكي يتحقق ذلك لا بد من إلقاء الضوء على ما ينبغي عمله في شتى المجالات ليتم تطبيق الشريعة الإسلامية بصورة صحيحة وفعلية :

1 - لا بد من العودة بالعقيدة إلى المنابع الصافية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بعيداً عن غلو الغالين وانتحال المبطلين وتحريف المحرفين .

2 - تثبيت القيم الأخلاقية الأصيلة على هدي من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتطهير المجتمع من الرذائل المتوارثة والدخيلة من المادية والأنانية واتباع الشهوات والميوعة والتحلل وغير ذلك من أخلاق الضعف والسلبية والانحلال .

3 - المحافظة على شعائر الإسلام وخاصة عباداته الكبرى وأركانه العملية التي بني عليها هذا الدين من الصلاة والزكاة والصيام والحج وتربية جميع فئات المجتمع على احترامها وتوقيرها : فتجب العناية بالصلاة واتخاذ المساجد والمصليات في الدواوين والمصالح الحكومية والمؤسسات والشركات وكل مجمع للناس كالموانئ والمطارات ومحطات السكك الحديدية ومواقف السيارات العامة ونحوها .

4 - مقاومة البدع والأباطيل والخرافات في مجال العقائد والعبادات والتقاليد وغير ذلك من كل ما يتصل بالفكر والسلوك على وجه عام .


التربية والدعوة
د . محمود شوق الوصول إلى تطبيق شرع الله في مثل تلك الدول ، يتم - من وجهة نظري - باتباع الوسائل التالية :


1 - تربية الأجيال تربية إسلامية :

وهذا يتطلب تغييرا في المناهج الدراسية بما يتفق مع مقتضيات الشرع الحنيف والدراسات الشاملة للسنة المطهرة والتوجيه الإسلامي للعلوم ، وتجلية حقيقة التاريخ الإسلامي ، مع التركيز على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلافة الراشدة وإعداد المعلم الكفء لهذا كله ، وتنقية مناخ المؤسسات التربوية مما يخالف تعاليم الدين الحنيف ، فالأجيال التي تتربى تربية إسلامية هي - بحول الله - التي سوف تطق الحكم بشرع الله .


2 - تنشيط الدعوة إلى تطبيق شرع اللّه :

ويستفاد من البث المباشر في هذا على أن تكون هذه الدعوة سمحةً ، أساسها الحكمة وأسلوبها الموعظة الحسنة ، مع استخدام مختلف طرائق الخطاب الأخرى - مثل المسرحيات والندوات والمؤتمرات وحلقات الدراسة والحوار .


3 - تعاون المؤسسات التعليمية المتخصصة :

إن تضافر جهود الجامعات والمعاهد في مجال العلوم الشرعية ومؤسسات البحث العلمي في إجراء الدراسات والبحوث والتحاليل يوضح حجم المشكلات التي تواجه البلدان التي تحكم بالقوانين الوضعية وأنواعها وبيان ما يمكن أن يسهم به تطبيق الشريعة من حلول لهذه المشكلات .


4 - طرح المؤسسات الإسلامية الإقليمية والدولية :

إن المطلوب من المؤسسات الإسلامية الإقليمية والدولية في حقول السياسة والفكر والإعلام أن تتبنى ضرورة تطبيق الشريعة في مختلف اجتماعاتها وأنشطتها وصولاً إلى إيجاد إرادة سياسية لهذا الأمر .


العمل السلمي
الشيخ أبو الكلام يوسف لا بد من العمل على نشر الدعوة إلى تطبيق شريعة الله ، والتأثير على الساسة سلميا وبث الوعي لدى الشرائح العريضة في المجتمع التي تتوق إلى أن يحكمها كتاب اللّه - عز وجل - وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بدلاً من القوانين الوضعية المستوردة من بلدان الكفر ، التي تشرّع للناس بالهوى وبتغليب مصالح فئة من المجتمع على حساب الفئات الأخرى .

الشيخ إبراهيم ما من ريب في أن التوسع في نشر مزايا الشريعة والعلوم الإسلامية ، يسد ثغرة مهمة ؛ لأن من جهل شيء عاداه ، ولذلك فلست أظن أن مسلماً سويا يأبى الاحتكام إلى شرع اللّه في جميع قضاياه ، على أن تراعى في ذلك ظروف كل مجتمع على حده .

وأعتقد أن الذين يصلحون لمخاطبة الناس في هذا الشأن يجب أن يكونوا من الدعاة المؤهلين ، وأنه ليس كل متعلم أو متحمس للدين يستطيع الاضطلاع بهذه المهمة الجليلة بالكفاءة المنشودة علماً وأسلوباً . وتوفير الكتب الشرعية النافعة مجاناً - أو بسعر التكلفة - أمر حيوي في هذا الصدد ، بسبب غلاء كثير من الكتب الجيدة ، وقلة الإمكانات لدى كثير من المسلمين .

وللندوات والمؤتمرات العامة والمتخصصة أثر إيجابي في هذا المضمار ، وكذلك تعزيز الصلات بين العلماء المسلمين وتوحيد صفهم في سبيل هذه الغاية النبيلة .

ولا يفوتني التذكير بضرورة الكشف عن مثالب العلمانية وقصور القوانين الوضعية ، في نطاق المسعى إلى تطبيق شريعة الإسلام ، شريطة أن يتم ذلك بالحجة الناصعة لا بالشتم والخطابة الإنشائية الخالية من البرهان الدامغ .


الحكمة بلا تعجل
د . صالح الفوزان على أهل الدعوة أن يخوضوا هذه المواجهة بالحكمة والمجادلة بالتي هي أحسن ، والتحلي بالصبر وكف اليد . فالمسألة تحتاج إلى نَفَسٍ طويل ، ومن شأن استعجال ثمارها ، الحصول على نتائج عكسية .
فختر ايهما نتبع اخي المشرفmohamedzied
 
سأقول لك أمرا و أرجو أن تجيبني بصراحة

ماذا لو أعلنت بلادنا البدأ بتنفيذ العقوبات الشرعية غدا

بمعنى أن نجلد الزاني أو نرجمه
و نقطع يد السارق و نجلد شارب الخمر ......
و نقتل تارك الصلاة ....

و نمنع الربا و نغلق البنوك الربوية ....

هل ترى الأمر سيستقيم بين يوم و ليلة ؟؟
هل ترى جميع الشعب سيتوب بين يوم و ليلة

أرجو أن تجيبني بصراحة



يا أخي هي ليست فرضية بل ما تريده و هو إقامة شرع الله جملة واحدة بين يوم و ليلة

يا أخي إن فعلناها هكذا فستكون الكارثة و الطامة

الأحكام الشرعية نزلت بالتدرّج . فلماذا نسعى لتطبيقها جملة واحدة و مرّة واحدة

أتدري يا أخي ما الفرق بيننا ؟؟

هو كالفرق بين من لديه قطعة أرض و يريد بناء منزل في يوم واحد و بين من يرد بنائه في فترة معيّنة من الزمن

ذكرت عبارة غبار فكري غربي . ذاك الغبار تلزمه الحكمة لإزالته



السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخي محمد زياد ، يقول الله عزّ و جلّ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ). [النساء:59] ، فالنبتعد أخي عن الفرضيات ، و لنرجع الأمر إلى كتاب الله و سنة رسوله .
أخي محمد زياد ، لمّا نزلت آية تحريم الخمر ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ) ، أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم مناديه أن ينادي في سكك المدينة ، ألاَ إنّ الخمر قد حُرّمت؛ فكسرت الدِّنان، وأُريقت الخمر حتى جرت في سِكك المدينة ، فهل قال رسول الله صلى الله عليه و سلّم حينها ، أنّ مدمن الخمر ، لا تشمله هذه الآية ؟ لا ، يا أخي ، فهذه الآية تشمل كل مسلم سواءً كان مدمنا للخمر أو لا ، و على المسلم أن ينقاد لحكم الشرع ، قال تعالى ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) [الأحزاب:36] .
كذلك أخي ، تطبيق شرع الله ، لا يكون بالتدرج ، فعندما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، مكّة ، فهل تدرج في تغييرها ؟ لا ، يا أخي ، بل طبق فيها شرع الله دفعة واحدة .
أخي العزيز ، إذا أردنا أن نقيم دولة الإسلام ، فعلينا أن نتبّع سنة رسول الله صلى الله عليه و سلّم في إقامتها .​
 
السلام عليكم و رحمة الله

التدرّج سنّة الله و سنّة رسوله و السنّة التي يجب علينا أن ننتهجها إذا أردنا حقّا الإقلاع من القعر.

أمثلة على التدرّج :

1. التدرج في الخلق و الإنشاء : في خلق السماوات و الأرض، في خلق الإنسان و مراحل تكوينه من نطفة إلى علقة إلى مضغة ثم تنمو الأعضاء ثم يخرج رضيعا فطفلا فشابّا بالغا مكلّفا بينما الله عز و جل قادر على خلقه مكلّفا دفعة واحدة.

2. التدرج في فرض العبادات : و هو نوعان، التدرج في الفرائض، الصلاة ثم الصوم ثم الزكاة ثم الحجّ و بينها سنوات. و النوع الثاني التدرج في الفرض الواحد : الصلاة كانت ركعتين ركعتين، ثم ثلاث صلوات، ثمّ خمسة، يعني تدرج في الأوقات و الأعداد. الصيام، كان أولا تخيير بين الصيام و الفدية ثمّ صار الصيام واجبا. الزكاة بقي تشريعها يتدرج عشر سنين أو أكثر.

3. التدرج في تحريم المحرمات : تحريم الخمر على مراحل كما هو معروف. الت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : (إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار،حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام،ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر،لقالوا لا ندع الخمر أبدا .. ولو نزل : لا تزنوا، لقالوا : لا ندع الزنا أبدا). رواه البخاري. كذلك تدرج في تحريم الربا و الزنا.

4. التدرج في من يراد تبليغهم. قال ابن القيم رحمه الله : (فصل في ترتيب الدعوة، ولها مراتب : المرتبة الأولى : النبوة. الثانية : إنذار عشيرته الأقربين. الثالثة : إنذار قومه. الرابعة : إنذار قوم ما أتاهم من نذير من قبله وهم العرب قاطبة. الخامسة : إنذار جميع من بلغته الدعوة من الجن والإنس إلى آخر الدهر)

5. التدرج في مقدار البلاغ : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لمعاذ رضي الله عنه و هو مرسله إلى أهل اليمن : (إنك تأتي قوما أهل كتاب،فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ءوفي رواية فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجلء فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة،فإن هم أطاعوا لذلك،فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم،فإن هم أطاعوا لذلك ،فإياك وكرائم أموالهم،واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب) رواه البخاري.
قال ابن تيمية رحمه الله : (وكذلك المجدد لدينه،المحي لسنته،لا يبلغ إلا ما أمكن علمه والعمل به،كما أن الداخل في الإسلام لا يمكن حين دخوله أن يلقن جميع شرائعه ويؤمر بها كلها .. وكذلك التائب من الذنوب،والمتعلم،والمسترشد،لا يمكن في أول الأمر أن يؤمر بجميع الدين،ويذكر له جميع العلم،فإنه لا يطيق ذلك،وإذا لم يطقه لم يكن واجبا عليه في هذه الحال،وإذا لم يكن واجبا لم يكن للعالم والأمير أن يوجبه جميعه ابتداء، بل يعفو عن الأمر والنهي بما لا يمكن علمه وعمله إلى وقت الإمكان ..)

و مظاهر التدرج كثيرة جدّا و مختلفة، و لا نستطيع أن نقول أن الشريعة الآن أُكملت فلا سبيل إلى التدرج في شيء لأنّ هذا مخالف لسنّة الله و رسوله يعني طريقته، و في قصة وفد ثقيف أكبر دليل، و ما نقله الأخ تيتوف غير مكتمل، و في القصة أنّ النبي صلى الله عليه و سلم قبِل "إسقاط" الزكاة و الجهاد عنهم. روى الامام أحمد في مسنده و أبو داود و غيره بأسانيد صحيحة : (سألت جابرا عن شأن ثقيف إذ بايعت قال اشترطت على النبي صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة عليها ولا جهاد وأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يقول سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا). نعم لم يقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم إبقاء آلهتهم و إسقاط الصلاة عنهم لأنّ الأولى شرك و الثانية عمود الدّين. و هذا من حكمته إذ يعلم أنهم بعد أن يسلموا و تلين قلوبهم للإسلام بالتوحيد و الصلاة فسيمتثلون تلقائيّا لجميع التكاليف. و هذا في الحقيقة ليس إسقاطا بل تدرّجا حكيما. فلو ثبتوا على الاسلام ثمّ أرادوا أن يُسقطوا فرض الزكاة لكانت رِدّة.
 
أعلى