الصيام.. هل يجدّد الجسم البشري؟

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
:besmellah1:
مع إطلالة شهر رمضان، يحلو الحديث عن فوائد هذا الشهر العظيم، لا من حيث روحانيته وعطاءاته فحسب، بل أيضا من حيث كونه شهر الصحة والنظام. ولكن، وللأسف الشديد فإن شهر رمضان قد يكون عند البعض شهر الإسراف والاستهلاك والتبذير.
يقول الأستاذ الدكتور حسان شمسي باشا، استشاري أمراض القلب بمستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة زميل الكلية الملكية للأطباء في لندن وأيرلندا وغلاسكو وزميل الكلية الأميركية لأطباء القلب، أنه ينبغي ألا يختلف الغذاء في رمضان كثيرا عما هو عليه الحال خارج رمضان، بل ربما ينبغي أن يكون أبسط في مكوناته. وعلى الصائم أن يحرص على ألا يزداد وزنه في رمضان، بل ربما يجد البدين في رمضان فرصة ذهبية للتخلص من بعض الكيلوغرامات.

ويشير أ. د. حسان باشا الى نصيحة الخبراء بمضغ الطعام مدة كافية، فهي الطريقة الوحيدة التي تمكن من الاستمتاع الحقيقي بالأكل وتذوق لذته، عملا بالنصيحة المشهورة "امضغ اللقمة الواحدة ثلاثين مرة على أن تبتلع ثلاثين لقمة "، والى توصية خبراء التغذية بأن يكون الطعام غنيا بالأغذية بطيئة الهضم، وخالياً من الأغذية سريعة الاحتراق.

ويوضح أن الأغذية المفيدة التي تهضم ببطء هي تلك التي تحتوي على الحبوب مثل القمح والشوفان والفول والعدس، والطحين الأسمر والأرز الأسمر. وهذه الأغذية يطلق عليها اسم الكربوهيدرات المعقدة. أما الأغذية سريعة الاحتراق فتلك الحاوية على السكر الأبيض والطحين الأبيض وغيرها. والأغذية الغنية بالألياف هي الحبوب بقشورها، والبقول، والخضراوات كالبازلاء والفول والفاصوليا والسبانخ، والفواكه مثل التين والمشمش وغيرها.

وينبغي الحرص على تناول غذاء متوازن يحتوي على الخضراوات واللحم (وخاصة الدجاج والسمك). أما الأغذية المقلية فهي غير صحية، وينبغي تحديد تناولها، فقد تسبب عسر الهضم والحرقة وحموضة المعدة وازدياد الوزن.

ويضيف أ. د. حسان باشا أن الصيام وسيلة مفيدة جدا في حالات القولون العصبي المزمنة، فتناول الغذاء الصحيح مع إراحة الجهاز الهضمي خلال فترة الصيام، مع تناول الألياف، وشرب الكثير من الماء النقي، أمور بالغة الأهمية للسيطرة على أعراض القولون العصبي. ومما لا شك فيه أن التشخيص المبكر للمرض، مع الحمية الجيدة يقللان من المضاعفات.

ويعتبر الصيام فرصة ذهبية للبدينين المصابين بالتهاب المفاصل التنكسي في الركبتين، حيث يمكن استغلال هذه الفرصة بإنقاص الوزن وتخفيف الحمل الذي تنوء به مفاصل المريض. وكثير من مرضى السكر الكهلي بدينون وهنا يكون شهر رمضان فرصة لتخفيف وزنهم، والسيطرة على سكر الدم. وهناك دراسات علمية تشير إلى أن صيام رمضان يحسن مناعة الجسم في مقاومة الأمراض المختلفة.

* ما بعد الإفطار لا شك أن النوم بعد تناول وجبة طعام كبيرة ودسمة عند الإفطار يزيد من الخمول والكسل بدلا من أن يفيد في استرداد النشاط البدني. ويؤكد أ. د. حسان باشا أن النصيحة الذهبية لكافة الصائمين ضرورة الاعتدال في تناول الطعام، ثم النهوض للحركة، فهي تساعد الجسم على هضم الطعام، وتعيد لهم نشاطهم وحيويتهم.

ومن فوائد الحركة الصحية أنها تساهم بمجهود بدني بسيط منتظم الإيقاع، ينشط حركات المعدة والامعاء ويسرع عملية الهضم، فيذهب الإحساس بالتخمة وعسر الهضم. اما دور الصلاة في ذلك، فيقدر الدكتور شاهد أطهر في بحث نشر عام 2000 في مجلةJIRIR أن المصلي لصلاة التراويح يصرف 200 سعر حراري خلال صلاة التراويح !

* السحور ولا شك أن وجبة السحور، حتى وان كانت قليلة، مفيدة في منع حدوث الصداع أو الإعياء أثناء النهار، كما تمنع الشعور بالعطش الشديد.

ويفضل أن يكون طعام السحور خفيفا، محتوياً على أطعمة سهلة الهضم كاللبن الزبادي والخبز والعسل والفواكه وغيرها، حتى لا يتسبب في حدوث عسر في الهضم. وأن يحتوي، أيضاً، على مواد زلالية، كونها تساعد على الإشباع، أكثر من المواد النشوية، التي تسبب جوعا بسبب زيادة الأنسولين. ويجب أن تحتوي الوجبة على نسبة بسيطة من النشويات، لإمداد الجسم ببعض الطاقة لساعات الصيام الطويلة، وغنية بالسوائل أو بأطعمة محتوية على نسبة كبيرة من السوائل لتفادي العطش أثناء الصيام.

الصوم .. والقلب كثيرا ما نسمع عن نوبات قلبية حادة حدثت أثناء وجبة أكل مفرطة، أو بعدها مباشرة. وتجد ضحايا هذه النوبات المباغتة غالبا من ذوي الأجسام المثقلة بالشحوم، والمفرطين في الأطعمة الدسمة. ولا شك أن في الصيام فائدة عظيمة لكثير من مرضى القلب، وذلك لأن عشرة في المائة من كمية الدم التي يدفع بها القلب إلى الجسم تذهب إلى الجهاز الهضمي أثناء عملية الهضم. وتنخفض هذه الكمية أثناء الصوم حيث لا توجد عملية هضم أثناء النهار. وهذا يعني جهدا أقل لعضلة القلب، وراحة أكبر للجسم.

* الصحة النفسية انتشرت في عصرنا الأمراض النفسية وتفرعت، وأنشئ لها العديد من المصحات والمستشفيات، وتخصص فيها الأطباء والخبراء، وصرفت على العقاقير المليارات من الدولارات.

يؤكد هذه الحقيقة الأستاذ الدكتور حسان شمسي باشا، بقوله إن هناك علاقة وثيقة جدا بين الاضطرابات النفسية والأمراض العضوية التي تتمكن من جسم الإنسان، فالتوتر العصبي والقلق والاكتئاب والأرق كثيرا ما تنعكس على القلب بمختلف الأدواء من ارتفاع في ضغط الدم إلى مرض في شرايين القلب التاجية، أو اضطراب في ضربات القلب. وربما انعكست تلك الاضطرابات النفسية على الجهاز الهضمي، فإذا بالمعدة قد تقرحت، والقولون قد تشنج وسبب الألم. وقد يسقط بعض المصابين بالاكتئاب فريسة لتعاطي المسكرات أو المخدرات. ولا شك أن التزام الصائم بالامتناع عن الطعام والشراب وشهوات الجسد، يقوي الإرادة، ويجعله قويا في مواجهة مشاكل الحياة ومن ثم تمتلئ نفسه باليقين والرضا، وتخف عنه وساوس النفس والأوهام. وحينئذ تقل الشكوى وتخف أعراض المرض، حتى أن باحثين من الأردن وجدوا انخفاضا كبيرا في معدل حدوث محاولات الانتحار في شهر رمضان.

* الصوم وسموم العصر إن الفاجعة التي نواجهها في حياتنا اليومية تكمن في تدخل التكنولوجيا العصرية في صناعة الأغذية. وتستعمل مصانع التغذية المواد الكيميائية استجابة لمطالب الزبائن وأذواقهم، فتعمد إلى تحسين منتجاتها باستمرار، غير أن هذا التحسين يحدث على حساب القيمة الغذائية لتلك المواد. ورغم كل ما يقال عن تلك المواد المضافة التي تستخدم في تحسين أو تلوين الأغذية المختلفة، فإننا ما زلنا نجد الكثير من الأغذية المعبأة أو المحفوظة على رفوف متاجر "السوبر ماركت" في كل مكان، فلن تجد حلوى، أو مشروبات ملونة، أو سكاكر، إلا وأدخل فيها من الأصباغ الكيميائية ما يعطيها تلك الألوان الزاهية المثيرة. ولا ننسى العديد من التسممات التي يتعرض لها كثير من الناس، كالتسمم بالتدخين، أو بالأصباغ والعطور الكيميائية المصنعة الموجودة في المواد الغذائية.

ولا شك أن الصوم يمنح الجسم الفرصة لإعادة توازن ثوابته، كما يسهل التخلص من السم المتبقي من الجسم بسرعة .. فضلا عن تقوية إرادة المريض بالصوم. وبقوة الإرادة التي يكتسبها الشخص بالصوم، يصبح بإمكانه القدرة على ألا يعود ثانية لما يؤذيه ويضر بصحته.
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى