سَرآآآبٌ فِــي سَـرَآآآب

sTW87978.gif






الزواج يؤرق الشاب و الأب،فالشاب يرغب في إكمال نصف دينه و يبحث عن ذات الدّين و الأب يتمنّى لابنته الزوج الصّالح الذي يحميها بعد مماته
...

لكن بتعقّد الظروف الاقتصادية صار الزواج أمنية للشّباب فلا يُنكر دور المال في تكوين أسرة إلاّ جاهل فهذا ابن الجوزي يقول
:"اعلم أن التفاتك إلى نوع كسب تستغني به عن الأرذال أفضل من التزيد في علمك.
فلو عرفت ما ينقص به دينك لم تر فيما قد عزمت عليه زيادة ، بل لعله كله مخاطرة بالنفس ، و بذل الوجه طالما صين لمن لا يصلح إلتفات مثلك إلى مثله ".

و قال أيضا
:"أني علمت قلّة صبر النّفس على الكفاف و العزوف عن الفضول ، فإن وجد ذلك منها في وقت لم يوجد على الدوام .
فالأولى للعالم أن يجتهد في طلب الغنى و يبالغ في الكسب ، و إن ضاع بذلك عليه كثير من زمان طلب العلم ، فإنه يصون به عرض
".


فلا عيب في تحرّي الزّوج الذي يكسب ماله بعرق جبينه و قادر على أن يوفّر لزوجته و أبنائه حياة مستقرّة،أضف أنّه لا تعارض بين الودّ و الاحترام و بين الغنى فكم من رجل منّ الله عليه بالرّزق أيرفضه النّاس بدعوى انّه غنّي ؟
و كم من شخص بسيط الدّخل خسيس النّفس
...

لكن هذا لا يعني أن نُجحف في الطّلبات و الشّروط التي تُثقل كاهل الشّاب و تجعله يتداين ليوفّر الكماليات
.
 
إخوتي ..
أقول الحق والحق أقول أن مقومات حياة كريمة ولا أقول ميسورة صعبة ولايكفلها فقط قلب محب وورع ولست أنفي أهمية وأهلية "ممن ترضون دينه"للزواج.
ولكن إلى أي حد هذا الشاب التّقي المتدين متفاني في عمله؟
وفي بناء مستقبله؟؟
وإلى أي حد هو مجتهد في كسب رزقه؟
أو ليس العمل عبادة ؟لماذا نستميت فى الدفاع عن شاب لم ينجح فى الدراسة ولم يطرق أي من أبواب رزقه لمجرد أنه متديّن أو ليس المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ..
لماذا ينتشر بيننا فقط "مودال" شاب متدين ولكنه معدم؟؟لماذا وكأن الدين ارتبط فقط بالفقراء او ربما هو منهاج للفقراء يتمسكون به حين لا يملكون شيئا؟؟

نعلم أن الارزاق بيد الله ونقر بهذا ونعلم أيضا وأن" بالظفر بذات او بذو الدين تترب أيدينا" ولكن الواقع يرينا دائما وجها آخر للحقيقة..
لأن هذا الشاب الذى لم يسع لرزقه ولقوته هو نفسه من يتبرم من ضيق الحال هو نفسه من يحرم زوجته وأطفاله من ابسط مايتمنونه. ومشاهد القناعة واليقين فى الله لانراها إلا مكتوبة في الأثر أما شبابنا أو أغلبه فانه لا يفهم الدين سوية -وأعتذر ممن أظلمه - وأول ما تجابهه مصاعب الحياة ومتاعبها ينهار كل إيمانه وينحدرمايدعيه فلا تجد الفتاة أو والديها غير العدم ..

نعم انى لا أرضى أن أتزوج الا بشخص يخشى الله ويحبه -وقد كنت فعلتُ-ولكنى لاأرضى أيضا أن اتزوج بشخص لاعمل له ولا مورد رزق ..
واعتذر منك اخى إن كنت زدت ألامك إيلاما ولكن إعلم أنهذا هو الواقع ولوالد
الفتاة كل الحق أن يختار لابنته من يشاء ..لأن الأخلاق الحسنة أمر بديهي وحب والله وحسن عبادته ليست خصلة نرجو بها الدنيا ونمنها على الناس ..
أكرر اعتذاري لك ..!

أما موضوع السعادة الزوجية كونها السراب ؟؟
هي ليست سرابا بل هي حقيقة تتلألأ كما نراها عن بعد فقط إذا كانت أعمدة القفص الزوجي مبنية على الصدق والصراحة والواقعية ..
 

حدّثني أحد الملائكة قال، إن كُنت لا تَملك مفتاحا فلا تَطرق بابًا لا يُفتح.

قلت أخبرني أكثر، قال، إن كنت عبوسا فلا تطرق باب من يمزح.
قلت إشرح أكثر و أبِنْ المعاني قال المال هو المفتاح و الباب هي العروس.
قلت بالله عليك توقف، أهذا قولُ ملك؟ قال هي ذا دُنياكم.

الواقع...الواقع...ثم الواقع، لا فائدة ترجى في سرد أمثلة الواقع.
نشاهد و نسمع أخبارا يومية عن طلاق فلان و فلانة و السبب الفقر
و طلاق فلان و فلانة و المتهم هو الغنى
و نجاح فلان و فلانة بعد عسرٍ تَحوّل يُسرَ حَالْ.

أنا لي الحق أن أختار الأفضل خُلُقًا و مالا لبُنيّتي قرّة عيني

و أنا لي الحق أيضا أن أحلم بعروس لبيتي رغم ضعف حالي

و أنا أكتب يا محمد لا أعلم لما خطر ببالي قولك "أبنيّ كأس الحليب"
دمت و واقِعَنا في رعاية الله.

 
تقدّم لخطبتها لمّا تناهى إلى مسامعه ثناء الجميع عليها من حسن أخلاقها و تمسّكها بدينها ناهيك عن أنّها آبنة شيخ محترم, يحمل في صدره كتاب الله و ليس له غير والدة تسند ظهره بعد الله عزّ و جلّ, يقطن بيتا ورثه عن والده رحمه الله و يدير تجارة "على قدّ الجّهَيِّدْ" تقيه شيئا من غوائل الأزمنة و الدّهور.
من تكون؟؟ كم عمرك؟؟ ماذا تعمل؟؟.. ثمّ رفضه بدعوى أنّه لن يقدر على توفير مقوّمات حياة سعيدة لآبنته دون أن يسأله عن دينه أو يتحرّى عن أخلاقه فعجبا لهذا "الشّيخ".


ما شاء الله، بيت يسكنه، وعمل يسد حاجته، وأفضل من هذا كله كتاب الله يحمله وأم رزقت بره

لماذا ننظر إلى رفض هذا الشيخ كأنه نهاية للدنيا فلعل الله أراد بهذا خيرا لأن سعادته ليست مع تلك الفتاة

فلا يقلق صاحبنا ويتوكل على الله وليبحث عن غيرها فحاله أفضل من حال آخرين لا يجدون المسكن ولا حتى العمل


أيقنت أنّ البسطاء أمثالنا ليس لهم الحقّ في رشفة أماني
إن البسطاء مثلنا أغنى من أغنى أغنياء هذا العالم بحب الله لهم وحبهم له سبحانه

أتعلم يا أخي محمد، عندما قررت أن أبحث عن شريكة حياتي، كنا وقتها قد أتممنا زواج أخي وأختي الأكبر مني ورغم أني أعمل إلا أنه كما يقال ماشي نخطب ورصيدي صفر
موقف لا أنساه، تحدثت مع والدها ومعها وبعد أن اتفقنا وأخذت الكلمة منه تبين أنه لا يعلم "ماهي مهنتي" فقد ركز على أمور أخرى...ولم يهمه مالدى الشخص الواقف أمامه بقدر ماهي أخلاقه

وبتيسير من الله وبركته تزوجنا والحمد لله وتحسنت أمورنا

فهل أنّ السّعادة لا تكتمل إذا آنْتُقِصَ شيء من المادّة؟؟

السعادة أكبر من تأثير المادة وإشعاعها
لا ننكر أن لها دور في حياتنا وعلاقاتنا ولكن المقياس الحقيقي للغنى حسب رأيي هو بركة الله والقناعة والرضا

السعادة في المودة والرحمة

السعادة في التآلف والتكامل

السعادة في التعاون على طاعة الله

إذن

ما ينقصنا حقا هو أن نكون مسلمين حقيقيين
فالمسلم الحق لا يستسلم، يسعى، يجتهد، يطرق كل الأبواب وكله قناعة بأن الله سينصره ويرزقه

إذا سعينا لتحقيق هذا الحديث وجعله هدفا في حياتنا وفهمنا حقيقة استخلافنا في هذه الأرض ستأتينا الدنيا راغمة

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً، فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني أعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه

 
أعلى