بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
-فضل الإصلاح بين الناس
إضافة لطرق تساعدكم على الإصلاح-
طبعا لا يخفى على الجميع أن في كثير من مجتمعاتنا تنتشر المشاحنات والمشاكل بين الناس
ومن هنا جاء الندب والتأكيد على فضل الإصلاح بين المتخاصمين فهو ليس عملا تطوعيا أو أمرا اختياريا مندوب إليه فحسب،
بل هو في كثير من الأحيان واجب محتم على المسلمين،
لقوله تعالى:{ وإن طائفتين من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما...} (الحجرات:9)
وقال عز من قائل:( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) الأنفال/1 .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الإصلاح بين الناس أفضل من تطوع الصيام والصلاة والصدقة .
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ ؟ قَالُوا : بَلَى . قَالَ : صَلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ )
قَالَ الترمذي : وَيُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنَّهُ قَالَ : ( هِيَ الْحَالِقَةُ . لا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ ) . رواه أبو داود ( 4273 ) والترمذي ( 2433 ) . وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وفي الإصلاح بين الناس تحقيق معنى الشفاعة الحسنة في المجتمع، لقوله تعالى:{ومن يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها}(النساء:85)
وقال صلى الله عليه وسلم:«اشفعوا تؤجروا» (مسلم:2627).
ان الكلام في الاصلاح هو افضل الكلام فلا خير في كثير من اعمال الناس واقوالهم ومناجاتهم لبعضهم اذا لم يصحبوا نية الاصلاح بين الناس والبر فيما بينهم ،
قال تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ [النساء:114]
إخوتي......
هل اشتعل الحماس في قلوبكم بعد هذه الكلمات!!!!
هل تريدون نيل الأجر وكسبه من الله عز وجل بإصلاح ذات البين!!!
إذا كانت إجابتك بـ(نعم) لابد أن يدور في ذهنك سؤال واحد
**كيف أكون مصلح؟؟**
وللإجابه على سؤالك عدة جوانب أهمها:
*إحتسب الأجر من الله تعالى ,اضمر في قلبك النيه الطيبه وأن عملك هذا تريد به وجه الله تعالى
وقد ورد في الصحيحين عن عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالنيات , وإنما لكل امرئ ما نوى )
أن تخلص النية لله فلا تبتغي بصلحك مالاً أو جاهاً أو رياء أو سمعة وإنما القصد من العمل وجه الله قال تعالى" ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً " .
*يمكنك تذكير الطرفين بالنصوص الدالة على هذا ، ومنها :
من القرآن الكريم :
أ. قال تعالى : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الأنفال/46 .
ب. وقال تعالى : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
آل عمران/103 .
ومن السنة النبوية :
أ. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تَبَاغَضُوا ، وَلا تَحَاسَدُوا ، وَلا تَدَابَرُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ، وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ )
رواه البخاري (6065) ومسلم (2559) .
ب. عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا ، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ ) .
رواه البخاري (5727) ومسلم (2560) .
ج. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلا رَجُلا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ ،
فَيُقَالُ : أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ) . رواه مسلم ( 2565 ) .
قال النووي :
" ( أَنْظِرُوا هَذَيْنِ ) أي : أَخِّرُوهُمَا حَتَّى يَرْجِعَا إِلَى الصُّلْح وَالْمَوَدَّة " . انتهى .
د. عن أبي خراش السلمي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ ) . رواه أبو داود ( 4915 ) .
وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" ( 2762 ) .
فهذه النصوص تدل على تحريم هجر المسلم لأخيه ، بترك السلام عليه والإعراض عنه أكثر من ثلاثة أيام ، ما لم يكن الهجر بسبب شرعي ويترتب عليه مصلحة فإنه يجوز أكثر من ثلاثة أيام .
*أجاز الشرع المطهر الكذب من أجل هذا الأمر العظيم ، فيجوز لك أن تنقل لكلا الطرفين المتخاصمين مدح الطرف الآخر وثناءه عليه ، رغبةً في الإصلاح ، وليس هذا من الكذب المحرم .
عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : ( لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا ) . رواه البخاري ( 2495 ) .
وقال تعالى : ( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) النساء/114 .
وقال ابن بابويه " إن الله أحب الكذب في الإصلاح وأبغض الصدق في الإفساد " فتنبهوا لذلك ..
*تذكير المتخاصمين أن هذا من عمل الشيطان وأنه يريد أن يوقع بين المسلمين البغضاء
وقد قال تعالى{ انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء ..}.
وقال صلى الله عليه وسلم:«إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون ولكن في التحريش بينهم» (الترمذي: 2020)،
والتحريش: هو السعي بينهم بالخصومات والشحناء والحروب والفتن وغيرها.
* عليك أن تختار الوقت المناسب للصلح بين المتخاصمين بمعنى أنك لا تأت للإصلاح حتى تبرد القضية ويخف حدة النزاع وتنطفئ نار الغضب ثم بعد ذلك تصلح بينهما .
*وعليك أيضا أن تتحرّى العدل واحذر كل الحذر من الظلم
" فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين " .
*والأهم أيضا التلطّف في العبارة فتقول : يا أبا فلان أنت معروف بكذا وكذا وتذكر محامده ومحاسن أعماله ويجوز لك التوسع في الكلام ولو كنت كاذباً ثم تحذّره من فساد ذات البين وأنها هي الحالقة تحلق الدين ..
فالعداوة والبغضاء لا خير فيها والنبي عليه الصلاة والسلام قال " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فيعرض هذا ويعرض هذا " ثم قال عليه السلام " وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " .
وعلى المصلحه بين الناس أن تمتثل بأسلوب الداعيه إلى الخير وتلتزم بالمنهج الرباني الذي دلنا عليه قول الحق عز وجل:{ ادع الى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن...}
(النحل: 125).
*على المصلح أن ينبه المتخاصمين لعدم الإذعان لضعاف النفوس الساعون بين الناس بالنميمه
فانتــبه من ذلك النمام .. الذي إذا أردت أن تصلح .. اجتهد هو أن يبعدك عن إخوانك !! ..
قال تعالى " ولا تطع كل حلاف مهين ، هماز مشاء بنميم ، مناع للخير معتد أثيم ، عتل بعد ذلك زنيم "
فهو يمشي بالنميمة لا خير فيه .. ولا أصل له .. ولا أرض يركن إليها .. إنما هو شر في شر يقوم بعمل الشيطان
" إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء " ..
انتبه من هؤلاء .. ولا تلتفت إليهم .. وانظر إليهم نظرة احتقار وسخرية وقل أنت لا خير فيك أريد الصلح وأنت تريد الشر ماذا تريد ؟ ثم بعد ذلك اطرده من مجلسك ولا يكن له حظ معك ..
بعد هذا قد يتبادر إلى ذهنك سؤال....
لماذا أحمل نفسي عناء الإصلاح والتقريب بين الناس!!!!
تأمل هذه الآيه التي تدل على نيل الأجر العظيم ، حيث ان الله تعالى يحفظ للمصلحين جهودهم وسعيهم ،
قال تعالى :{ إنا لا نضيع أجر المصلحين } ، ( الاعراف -170) .
وكذلك قال تعالى{ وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون } ، ( هود 117)
قال أنس رضي الله عنه ( من أصلح بين اثنين أعطـاه الله بكل كلمة عتق رقبة ) ..
وقال الأوزاعي : ما خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة من إصلاح ذات البين ومن أصلح بين اثنين كتب الله له براءة من النار ..
قد تقول: أريد أن أذهب إلى فلان لأصالحه لكن أخشى أن يردني أولا يستقبلني أولا يعرف قدر مجيئي إليه !
نبيك صلى الله عليه وسلم يقول لك اذهب إليه ولو طردك ..
ولو تكلم عليك .. اذهب إليه المرة الأولى .. والثانية .. والثالثة .. وسارع إليه بالهدية .. ابتسم في وجهه ..
تلطّف معه..
يقول نبيك عليه الصلاة والسلام ( وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً ) .. فأنت إذا عفوت زادك الله عزا .. وإذا أصلحت زادك الله عزا ..
وإن طردك ولم سفتح لك الباب رجعت فإن هذه أمنية يتمناها سلف الأمة !! ..
إنها دليل على طهارة القلب وزكاته ..
قال تعالى " وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم " ..
في النهايه هذه نصيحه من قلب يحب لك الخير ويتمنى لك نيل رضى الرحمن فسارع و سارعي للخير وكوني سباقه إليه دائــــــــما
منقول مع بعض التصرف