هل ان عقيدة اهل القيروان لصاحبها ابي زيد القيرواني عقيدة اشعرية?
ترجمه الإمام الحجة أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي رحمه الله من سبعة مصادر من كتب التراجم والطبقات والتاريخ, البحث قمت به بواسطة برنامج المكتبة الشاملة
1- الكتاب : ترتيب المدارك وتقريب المسالك
المؤلف : القاضي عياض
أبو محمد عبد الله بن أبي زيد، رضي الله عنه وغفر الله له واسم أبي زيد عبد الرحمن. كذا قال الأمير ابن ماكولا. والقاضي ابن الحذاء. وهو نفزي النسب، قاله الأمير. سكن القيروان.
ذكر مكانه من العلم وثناء الجلّة عليه
وكان أبو محمد رحمه الله، إمام المالكية في وقته، وقدوتهم. وجامع مذهب مالك، وشارح أقواله. وكان واسع العلم كثير الحفظ والرواية. وكتبه تشهد له بذلك. فصيح القلم ذا بيان ومعرفة بما يقوله. ذابّاً عن مذهب مالك، قائماً بالحجة عليه، بصيراً بالرد على أهل الأهواء. يقول الشعر، ويجيده، ويجمع الى ذلك صلاحاً تاماً، وورعاً وعفة. وحاز رئاسة الدين والدنيا. وإليه كانت الرحلة من الأقطار، ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه. وهو الذي لخص المذهب، وضم كسره، وذبّ عنه. وملأت البلاد تواليفه. عارض كثير من الناس أكثرها. فلم يبلغوا مداه، مع فضل السبق، وصعوبة المبتدأ، وعرف قدره الأكابر. قال الشيرازي: وكان يعرف بمالك الصغير. وذكره أبو الحسن القابسي، فقال: إمام موثوق به، في درايته، وروايته. وقال أبو الحسن علي بن عبد الله القطان: ما قلدت أبا محمد بن أبي زيد، حتى رأيت السبائي يقلده. وذكره أبو بكر بن الطيب في كتابه، فعظم قدره. وشيّخه. وكذلك هو وغيره من أهل المشرق، واستجازه ابن مجاهد البغدادي، وغيره من أصحابه البغداديين. قال أبو عبد الله الميورقي: اجتمع فيه العلم، والورع، والفضل، والعقل. شهرته تغني عن ذكره. قال الداودي: وكان سريع الانقياد الى الحق. تفقه بفقهاء بلده. وسمع من شيوخه. وعوّل على أبي بكر ابن اللباد، وأبي الفضل الممسي، وأخذ أيضاً عن محمد بن مسرور العسّال، والحجام. وعبيد الله بن مسرور بن الحجام، والقطان والإبياني، وزياد بن موسى، وسعدون الخولاني، وأبي العرب، وأحمد ابن أبي سعيد، وحبيب مولى ابن أبي سليمان في آخرين. ورحل فحجّ، وسمع من ابن الأعرابي، وابراهيم بن محمد بن المنذر، وأبي علي بن أبي هلال، وأحمد بن ابراهيم بن حماد القاضي. وسمع أيضاً من الحسن بن بدر، ومحمد بن الفتح، والحسن بن نصر السوسي، ودرّاس بن اسماعيل، وعثمان بن سعيد الغرابلي، وحبيب بن أبي حبيب الجزولي، وغيرهم. واستجاز ابن شعبان، والأبهري، والمروزي. وسمع منه خلق كثير. وتفقه عنده جلة. فمن أصحابه القرويين: أبو بكر بن عبد الرحمن، وأبو القاسم البرادعي، واللبيدي، وابنا الأجدابي. وأبو عبد الله الخواص، وأبو محمد مكي المقري. ومن أهل الأندلس: أبو بكر بن موهب المقبري، وابن عابد، وأبو عبد الله ابن الحذاء، وأبو مروان القنازعي. ومن أهل سبته: أبو عبد الله ابن العجوز، وأبو محمد بن غالب، وخلف بن ناصر، ومن أهل المغرب: ابن أمدكنو السجلماسي.
له كتاب النوادر والزيادات على المدونة، مشهور. أزيد من مائة جزء. وكتاب مختصر المدونة، مشهور، على كتابيه هذين المعوَّل بالمغرب في التفقه. وكتاب الاقتداء بأهل السنّة، وكتاب الذبّ عن مذهب مالك، وكتاب الرسالة، مشهور، وكتاب التنبيه على القول في أولاد المرتدين ومسألة الحبس على ولد الأعيان، وكتاب تفسير أوقات الصلوات، وكتاب الثقة بالله، والتوكل على الله سبحانه. وكتاب المعرفة واليقين. وكتاب المضمون من الرزق، وكتاب المناسك، ورسالة فيمن تأخذه عند قراءة القرآن والذكر حركة، وكتاب رد المسائل، وكتاب حماية عرض المؤمن، وكتاب البيان عن إعجاز القرآن، وكتاب الوساوس، ورسالة إعطاء القرابة من الزكاة، ورسالة النهي عن الجدال، ورسالة في الرد على القدرية، ومناقضة رسالة البغدادي المعتزلي، وكتاب الاستظهار في الردّ على الفكرية، وكتاب كشف التلبيس في مثله، ورسالة الموعظة والنصيحة، ورسالة طلب العلم، وكتاب فضل قيام رمضان، ورسالة الموعظة الحسنة لأهل الصدق، ورسالة الى أهل سجلماسة في تلاوة القرآن، ورسالة في أصول التوحيد، وجملة تواليفه كلها مفيدة بديعة، غزيرة العلم. وذكر أنه دخل يوماً على أبي سعيد بن أخي هشام يزوره، فوجد مجلسه محتفلاً. فقال له: بلغني عنك أنك ألفت كتباً. فقال له: نعم أصلحك الله. فقال له: اسمع مسألة؟ قال له أبو محمد: أذكر أصلحك الله، فإن أصبتْ أخبرتنا، وإن أخطأتُ علمتَنا. فسكت أبو سعيد. ولم يعاوده.
بقية أخباره رضي الله عنه
كان أبو محمد بن أبي زيد، رحمه الله من أهل الصلاح والورع والفضل. ذكر أنه رحمه الله، قام ذات ليلة للوضوء فصبّ الماء من القلة في الإناء فانهرق، ثم صبّه ثانية فانهرق، ثم جرى له ذلك ثلاثاً، فاستراب. وقال: تتمردون علينا؟ فسمع من يقول له، ولا يراه: إن الصبيّ بال، فرشّ على القلة، فكرهنا وضوءك منها. ولما ألّف كتبه، على الفكرية، ونقض كتاب عبد الرحيم الصقلي، بتأليفه الكشف وكتاب الاستظهار، ورد كثيراً مما تقلده من خارق العادات، على ما قدره في كتابه. شنّع المتصوفة، وكثير من أصحاب الحديث عليه ذلك. وأشاعوا أنه نفى الكرامات. وهو رضي الله عنه، لم يفعل، بل مَن طالع كتابه، عرف مقصده. فردّ عليه جماعة من أهل الأندلس، ومن أهل المشرق، وألفوا عليه تواليف معروفة، ككتاب أبي الحسن بن جهضم الهمداني. وكتاب أبي بكر الباقلاني. وأبي عبد الله ابن شق الليل. وأبو عمر الطلمنكي في آخرين. وكان أرشدهم في ذلك وأعرفهم بغرضه ومقداره، إمام وقته القاضي أبو بكر بن الخطيب الباقلاني. فإنه بيّن مقصوده. قال الطلمنكي: كانت تلك من أبي محمد نادرة لها أسباب، أوجبها التناظر الذي يقع بين العلماء، صحّ عندنا رجوعه عنها. ولم يزل في ظاهر أمره، إلا محض السوء في ابن الأمير، إلا أن حمل الكرامات، فيما بلغنا عن طبقات عندهم، على مجالس، لأكل أموال الناس، ودرسوها بالموافقة. وقد روى منها وأملى كثيراً. قال الأجدابي: كنت جالساً عند أبي محمد، وعنده أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد المؤمن المتكلم. فسألهما إنسان عن الخضر عليه السلام، هل يقال إنه باق في الدنيا، مع هذه القرون؟ ثم يموت لقيام الساعة؟ أو هل يرد هذا لقوله تعالى: " وما جعلْنا لبشرٍ منْ قبلِك الخُلد " فأجابا معاً: إن ذلك ممكن جائز، وأن يبقى الخضر عليه السلام، الى النفخ في الصور، وأن الخلود إنما هو اتصال بقائه ببقاء الآخرة. وإن البقاء الى النفخ، ليس بخلود. ألا ترى أن إبليس، لعنه الله، لا يسمى خالداً. وإن كان من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم، ويذكر أن أبا محمد رحمه الله تعالى كتب الى أبي بكر الأبهري رضي الله عنه
تأبى قلوبٌ قلوبَ قوم ... وما لها عندها ذنوب
وتصطفي أنفس نفوساً ... وما لها عندها نصيب
ما ذاك إلا لمضمرات ... أضمرها الشاهد الرّقيب
قال أبو القاسم اللبيدي: اجتمع عيسى بن ثابت العابد، بالشيخ أبي محمد، فجرى بينهما بكاء عظيم وذكر، فلما أراد فراقه، قال له عيسى: أريد أن تكتب اسمي في البساط الذي تحتك، فإذا رأيته دعوت لي. فبكى أبو محمد، وقال: قال الله تعالى: " إليه يصعدُ الكلِمُ الطيّبُ والعملُ الصالح يرفعه " . فهَبْني دعوت لك. فأين عمل صالح يرفعه؟
وفاته رضي الله عنه
وتوفي أبو محمد رحمه الله، وغفر له، سنة ست وثمانين وثلاثماية. ورثاه كثير من أدباء القيروان، بمراث مشجية. فمن قول أبي الخواص الكفيف:
هذا لعبد الله أول مــرع **** تُرزا به الدنيا وآخر مصـرع
كادت تميد الأرض خاشعة الرُبـى **** وتمور أفلاك النجوم الطُلـّع
عجباً أيدري الحاملون لنعشه **** كيف استطاعت حمل بحر مترع
علماً وحكماً كاملاً وبراعـة **** وتُقى وحسن سكينة وتـورع
وسعَتْ فجاج الأرض سعياً حولـه **** من راغب في سعيه متـبرع
يبكونه ولكل باك منهـم **** ذلّ الأسير وحرقة المتوجع
وقال أبو علي ابن سفيان في قصيدة:
غصت فجاج الأرض حتى ما تُرى**** أرض ولا علم ولا بطحــــــاء
ما زلت تقدم جمعهم هرباً لهم **** في مركب حفت به النجباء
وذكر أن أبا محمد بن أبي زيد، رحمه الله. رؤي في مجلسه تحت فكرة وكآبة. فسئل عن سبب ذلك؟ قال: رأيت باب داري سقط، وقد قال فيه الكرماني، إنه يدل على موت صاحب الدار. فقيل له: الكرماني مالك في علمه؟ قال: نعم. هو مالك في علمه، أو كأنه مالك في علمه. فلم يقم إلا يسيراً. ثم مات رحمه الله.
-------- انتهت الترجمة من كتاب ترتيب المدارك وتقريب المسالك ---------
2 - الكتاب : سير أعلام النبلاء. المؤلف : شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي
المحقق : مجموعة محققين بإشراف شعيب الأرناؤوط
الناشر : مؤسسة الرسالة
الصفحة : 10 المجلد : 17
ابْنُ أَبِي زَيْدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ القَيْرَوَانِيُّ المَالِكِيُّ الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، القُدْوَةُ، الفَقِيْهُ، عَالِمُ أَهْلِ المَغْرِبِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زَيْدٍ القَيْرَوَانِيُّ، المَالِكِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ:مَالِكٌ الصَّغِيْرُ.وَكَانَ أَحَدَ مَنْ بَرَّزَ فِي العِلْمِ وَالعملِ. قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ:حَازَ رِئاسَةَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَرُحَلَ إِلَيْهِ مِنَ الأَقطَار وَنَجُبَ أَصْحَابُهُ، وَكَثُر الآخذُوْنَ عَنْهُ، وَهُوَ الَّذِي لَخَّصَ المَذْهَب، وَمَلأَ البِلاَدَ مِنْ تَوَالِيفِهِ، تَفَقَّهَ بِفُقَهَاء القَيْرَوَان، وَعوَّلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ اللَّبَّادِ. وَأَخَذَ عَنْ:مُحَمَّدِ بنِ مَسرُورٍ الحجَّام، وَالعَسَّال، وَحَجّ، فَسَمِعَ مِنْ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الفَتْحِ، وَالحَسَنِ بن نَصْرٍ السُّوسِيِّ، وَدرَّاسِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَغَيْرهِم. سَمِعَ مِنْهُ خَلقٌ كَثِيْر، مِنْهُم:الفَقِيْه عَبْد الرَّحِيْمِ بن العَجُوز السَّبْتِي، وَالفَقِيْه عَبْد اللهِ بن غَالِب السَّبْتِي، وَعَبْد اللهِ بن الوَلِيْدِ بنِ سَعْد الأَنْصَارِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخَوْلاَنِيّ. صَنّف كِتَابَ(النَّوَادرِ وَالزِّيَادَاتِ)فِي نَحْوِ المائَة جُزْء، وَاختصر(المُدَوَّنَةَ)، وَعَلَى هَذَينِ الكِتَابَيْنِ المُعَوَّلُ فِي الفُتْيَا بِالمَغْرِب، وَصَنَّفَ كِتَاب(العتَبِيَّة)عَلَى الأَبْوَابِ، وَكِتَاب(الاقتدَاءِ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ)، وَكِتَابَ(الرِّسَالَةِ)، وَكِتَاب(الثِّقَةِ بِاللهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ)، وَكِتَاب(المَعرِفَةِ وَالتَّفْسِيْر)، وَكِتَاب(إِعجَاز القُرْآنِ)، وَكِتَاب(النَّهْي عَنِ الجِدَالِ)، وَرسَالته فِي الرَّدِّ عَلَى القَدَريَّةِ، وَرِسَالته فِي التَّوحيدِ، وَكِتَاب(مَنْ تَحَرَّكَ عِنْدَ القِرَاءةِ).وَقِيْلَ:إِنَّهُ صنع(رِسَالتَه)المَشْهُوْرَة وَلَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.وَكَانَ مَعَ عظمتِهِ فِي العِلْمِ وَالعملِ ذَا برٍّ وَإِيثَارٍ وَإِنفَاقٍ عَلَى الطّلبَةِ وَإِحسَان.وَقِيْلَ:إِنَّهُ نفّذ إِلَى القَاضِي عَبْدِ الوَهَّابِ بن نَصْرٍ المَالِكِيّ أَلفَ دِيْنَار، وَهَذَا فِيْهِ بُعْدٌ، فَإِنَّ عَبْد الوَهَّابِ لَمْ يشتهر إِلاَّ بَعْدَ زَمَانِ أَبِي مُحَمَّدٍ.نَعم، قَدْ وَصلَ الفَقِيْهَ يَحْيَى بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ العُمَرِيَّ حِيْنَ قَدِمَ القَيْرَوَانَ بِمائَةٍ وَخَمْسِيْنَ دِيْنَاراً، وَجُهّزتْ بِنْتُ الشَّيْخِ َبِي الحَسَنِ القَابسِي بِأَرْبَع مائَة دِيْنَارٍ مِنْ مَالِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ.وَقِيْلَ:إِنَّ مُحرِزاً التُّوْنُسِيّ أُتِيَ بِابنَةِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَهِيَ زَمِنَةٌ، فَدَعَا لَهَا، فَقَامَتْ، فَعَجِبُوا وَسَبَّحُوا اللهَ، فَقَالَ:وَاللهِ مَا قُلْتُ إِلاَّ:بِحُرْمَةِ وَالدِهَا عِنْدَكَ اكشِفْ مَا بِهَا، فَشفَاهَا اللهُ. قُلْتُ:وَكَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - عَلَى طَريقَةِ السَّلَفِ فِي الأُصُوْلِ، لاَ يَدْرِي الكَلاَمَ، وَلاَ يتَأَوَّلُ، فَنسأَلُ اللهَ التَّوفيق.وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ بِالسِّيْرَة النَّبويَةِ(تَهْذِيْبِ ابْنِ هِشَام)عَبْدُ اللهِ بنُ الوَلِيْدِ بِسَمَاعِهِ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بن الوردِ، لقِيَهُ بِمِصْرَ.وَلَمَّا تُوُفِّيَ رَثَاهُ عِدَّةٌ مِنَ الشُّعَرَاء.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّالُ:مَاتَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لِنِصْفِ شَعْبَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَذَا أَرَّخَهُ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَة، وَأَرَّخ مَوْتَه القَاضِي عِيَاض وَغَيْرهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.(17/13)
----------------------------------------------
3-كتاب الوفيات.
المؤلف:أبي العباس أحمد بن حسن بن علي بن الخطيب
وتوفي الفقيه الشيخ أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني سنة ست وثمانين وثلاثمائة ودفن بداره بالقيروان وفي هذه السنة توفي أبو سعيد ابن أخي هشام بن شهاب
----------------------------------------------
4- شذرات الذهب في أخبار من ذهب
المؤلف:عبد الحي بن أحمد العكري الدمشقي
أبو محمد بن أبي زيد القيرواني المالكي عبد الله بن أبي زيد شيخ المغرب أبيه انتهت رياسة المذهب قال القاضي عياض حاز رياسة الدين والدنيا ورحل إليه من الأقطار ونجب أصحابه وكثر الآخذون عنه وهو الذي لخص المذهب وملأ البلاد من تآليفه حج وسمع من أبي سعيد بن الأعرابي وغيره وكان يسمى مالكا الأصغر قال الحبال توفي للنصف من شعبان
----------------------------------------------
5 - الكتاب: تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام.تأليف: شمس الدين الذهبي.
دار النشر: دار الكتاب العربي لبنان
الصفحة: 183 الجزء: 27
عبد الله بن أبي زيد الفقيه القيرواني، أبو محمد شيخ المالكية بالمغرب. اسم أبيه عبد)
الرحمن، وكان أبو محمد قد جمع مذهب مالك، وشرح أقواله، كان واسع العلم، كثير الحفظ، ذا صلاح وورع. وعنه قال القاضي عياض: حاز رئاسة الدين والدنيا، ورحل إليه من الأقطار، ونخب أصحابه، وكثر الآخذون عنه. وهو الذي لخص المذهب، وملأ البلاد من تواليفه. تفقه بفقهاء بلده، وعول على أبي بكر بن اللباد، وأخذ عن محمد بن مسرور الحجام، والغسال، فسمع من أبي سعيد بن الأعرابي، ومحمد بن الفتح، والحسن بن نصر السوسي، ودارس بن إسماعيل. سمع منه خلق كثير من جميع الآفاق، منهم: الفقيه عبد الرحيم بن العجوز السبتي، والفقيه عبد الله بن غالب السبتي، وعبد الله بن الوليد بن سعد الأنصاري، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الخولاني القيرواني، وخلق سواهم من علماء المغرب. وكان يسمى مالكاً الصغير، وصنف كتاب النوادر والزيادات نحو
المائة جزء، واختصر المدونة. وعلى هذين الكتابين المعول في الدنيا بالمغرب، وصنف كتاب العتيبة على الأبواب، وكتاب الاقتداء بمذهب مالك وكتاب الرسالة وهو مشهور
----------------------------------------------
6 - الكتاب : مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان
المؤلف : اليافعي
فيها توفي الإمام الكبير الشهير أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي، شيخ المغرب، وإليه انتهت رئاسة المذهب. قال القاضي عياض: حاز رئاسة الدين والدنيا، رحل إليه من الأقطار، ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه، وهو الذي لخص المذهب وملأ البلاد من تآليفه، وكان يسمى مالكاً الأصغر.
----------------------------------------------
7 - الكتاب : النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة
المؤلف : ابن تغري بردي
وفيها توفي عبد الله بن أبي زيد عبد الرحمن، الفقيه أبو محمد القيرواني شيخ المالكية بالمغرب. جمع مذهب الإمام مالك رضي الله عنه وشرح أقواله. وكان واسع العلم كثير الحفظ ذا صلاح وعفة وورع. قال القاضي عياض بن موسى بن عياض: حاز رياسة الدين والدنيا، ورحل إليه من الأمصار.
------------ مصادر أخرى ---------------
* الفهرست لابن النديم 253، طبقات الفقهاء للشيرازي: 135، ترتيب المدارك 4 / 492 - 497، فهرست ابن خير 244، تاريخ الاسلام 4 / 75 / 2، دول الاسلام 1 / 335، العبر 3 / 43، 44، عيون التواريخ 12 / 245 / 2، مرآة الجنان 2 / 441، الديباج المذهب 1 / 427 - 430، النجوم الزاهرة 4 / 200، شذرات الذهب 3 / 131، هدية العارفين 1 / 447، 448، شجرة النور 1 / 96، تكميل الصلحاء والاعيان لمعالم الايمان لابن ناجي: 306، وانظر " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 154 - 160.
(وَأَنَّهُ فَوْقَ عَرْشِهِ الْمَجِيدِ بِذَاتِهِ)
(وأنه فوق عرشه المجيدِ بذاته).
(وأنه) وأنه هذا معطوف على أول الجملة، ومن ذلك الإيمان بأنه كذا، بأن الله إله واحد، (وأنه) هذه الجملة معطوفة على أول الكلام.
(وأنه فوق عرشه بذاته)؛ يعني ومما يجب الإيمان به أنه -تعالى- فوق عرشه، وقال بذاته؛ لأن هذا هو محل الافتراق بين أهل السنة والمبتدعة، المبتدعة يقولون: الله فوق العرش، لكن الفوقية عندهم فوقية معنوية، ليست فوقية ذات، فهم يثبتون علو القدر، لكنّ محل النزاع هو علو الذات وفوقية الذات، والله -تعالى- له الفوقية بكل معانيها، وله العلو بكل معانيه، ذاتًا وقدرًا وقهرًا، فالمؤلف -رحمه الله- أكد قوله: (وأنه فوق العرش المجيد) ؛ أكد ذلك وحرره بقوله: (بذاته) فوق العرش بذاته، هو نفسه -سبحانه وتعالى- فوق العرش.
إذن؛ ليس حالاً في المخلوقات كما يقوله أهل الحلول، بل هو لا يحيط به شيء من مخلوقاته، لا يحيط به مكان، بل هو فوق جميع المخلوقات، فوق العرش، والعرش سقف المخلوقات.
وقلت: إن "مجيد" صفة للعرش؛ لأنه هو المناسب في هذا السياق، والآية في سورة البروج لها قراءتان: ﴿ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ﴾ صفة للعرش، ﴿ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ﴾ صفة لله، والعرش قد جاء وصفه في القرآن بالعظم والكرم وبالمجد في هذه الآية على إحدى القراءتين.
فالمؤلف يقول: (وأنه)؛ يعني ومما يجب الإيمان به أنه -تعالى- فوق العرش المجيد بذاته، وهذا مما يتميز به -رحمه الله- في هذا الموضع هذا موضع تميز عن الفرق، فإن الأشاعرة يُثبتون المعاني المتقدمة، المعاني المتقدمة يثبتونها، وما ذكره من نفي هم ينفونه، ينفون الشبيه والنظير وما إلى ذلك، والولد والوالد، والصاحبة والشريك، ويثبتون أنه -تعالى- سميع بصير، وأنه ذو علم وسمع وبصر.. إلى آخر ما ذكر. هذا كله مما يتفق عليه الأشاعرة.
لكن هنا هذا موضع افتراق؛ فعلو الله بذاته فوق العرش هذا تفترق فيه الطوائف، فالجهمية والمعتزلة ومن وافقهم في بعض باطلهم؛ كالأشاعرة مثلاً ينفون علوه -تعالى- على خلقه، واستواءه على عرشه، والمؤلف هنا يثبت علوه -تعالى- وفوقيته، واستواءه على العرش، وهذا مما أوجب أن يُذكر هذا العالم -رحمه الله- بأنه من أهل السنة؛ لأن هذا موضع الافتراق وموضع التميز.
(وهو في كل مكان بعلمه).
نعم، هو فوق العرش بذاته، فوق العرش المجيد بذاته، وهو في كل مكان بعلمه، علمه في كل مكان، علمه محيط بكل شيء، الله فوق العرش وهو مع العباد؛ ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ولاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ ولاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ ولاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ﴾(1).
فنصوص العلم ونصوص المعية تدل على أنه -تعالى- وإن كان فوق العرش؛ فعلمه محيط، وسمعه واسع لجميع الأصوات، وبصره نافذ إلى المخلوقات، وعلمه محيط بكل شيء، يعلم ما يُسِرُّ العباد وما يعلنون، يعلم الخفيات، لا تخفى عليه خافية؛ ﴿قُلْ إِن تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾(2)، وعلمه في كل مكان؛ يعني علمه محيط بكل مكان، فلا يغيب عنه شيء.
إذن: هو مع العباد، هو نفسه -تعالى- فوق العرش، هو مع العباد بسمعه وبصره وعلمه -سبحانه وتعالى.
وقد وضح العلماء معنى المعية -المعية العامة- بأنها معية العلم، ليس معهم بذاته بمعنى أنه مختلط بهم. يقول شيخ الإسلام(3): "فإن هذا لا تُوجبه اللغة، وهو خلاف ما فَطرَ الله عليه الخلقَ، وما أجمع عليه المسلمون".
(خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه، وهو أقرب إليه من حبل الوريد، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين).
هذا تفصيل لما أجمله في قوله: (وعلمه في كل مكان) فيه نوع من التفصيل.
(خلق الإنسان): أخذا من الآية: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ﴾(4)، خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه. سبحان الله! هذا من أخفى الأمور ما توسوس به النفوس، وأخفى مما في الغيب مما لم يخطر بالبال، يعني ما توسوس به النفس يعلمه الإنسان، لكن ما لم يرد على قلبك، هذا ما يعلمه أحد.
(خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه)؛ يعني ما تحدثه به نفسه، وفي النفس أفكار وهموم وإرادات تخطر بالبال فيها الهم والإرادة والعزم، كلها من مراتب عمل القلب: الهم، ثم الإرادة، ثم العزم، وما يرد على القلب من الخواطر التي يجب أن يرفضها عقل المسلم، فترد عليه خواطر.
والخواطر أنواع: خواطر خير، وخواطر شر، وساوس يلقيها الشيطان، ولكن من رحمة الله أنه لا يُؤاخذ العبد إلا فيما يترتب عليه عملٌ أو كلام؛ كما جاء في الحديث: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ»(5). أما خواطر عابرة لم يترتب عليها عمل، ولا يترتب عليها كلام؛ فلا تضر العبد.
(خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه)، قال: (وهو أقرب إليه من حبل الوريد) هذا من نفس الآية: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ ، وهذه الآية اختلف فيها المفسرون، فقيل -وهو أكثر ما جاء عن المفسرين من السلف: إن المراد قربه -تعالى- بملائكته الموكلين بالعبد بحفظ عمله ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ﴾(6)، ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ وأن هذه الآية نظير قوله: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لاَّ تُبْصِرُونَ﴾(7)، ﴿فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لاَّ تُبْصِرُونَ﴾(8)، وأن المراد قرب الملائكة، ملائكة التوفي الموكلين بتوفي أرواح العباد، وعلى هذا فلا تدل الآية على القرب العام، على إثبات القرب العام.
وقيل: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ المراد: قربه -تعالى- نفسه، وأن هذا القرب هو قربه بعلمه كما قيل ذلك في معيته.
والمصنف مشى على هذا المعنى الأخير؛ حيث قال: (وهو أقرب إليه من حبل الوريد). ظاهر هذا التعبير أنه يثبت القرب العام، ولا إشكال على كل تقدير ولله الحمد، لكن الأول هو الراجح في تفسير الآية وهو المأثور عن أكثر السلف، وأن المراد قربه -تعالى- بملائكته كآية الواقعة، نعم.
(وهو أقرب إليه من حبل الوريد): الوريد الذي هو ملتصق بعنق الإنسان، قرب كما قال -صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، وَإِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا»(9)، لكن ذاك نوع آخر من القرب، وهو قربه -تعالى- من الداعين ؛له كما قال -تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾(10).
فمن أهل العلم من يقسم القرب كتقسيم المعية إلى عام وخاص، معية عامة، ومعية خاصة وكذلك القرب، ومن العلماء من يقول: إن القرب إنما جاء خاصا، وهو قربه -تعالى- من عابديه ومن داعيه.
(وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين).
هذا من تفصيل متعلق العلم، فهو -تعالى- يعلم كل شيء، ويعلم ما في السماوات والأرض، ومن ذلك أن علمه محيط بهذه الأشياء الدقيقة الكثيرة التي لا يعلم عددها ولا يحصيها إلا الله.
(وما تسقط من ورقة) من ورقة نكرة في سياق النفي، أي ورقة معك من أوراق الأشجار.
(ما تسقط من ورقة) ماذا يسقط من الأوراق من أشجار الأرض؟ ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾(11)، هذه الآية قد تضمنت إثبات إحاطة علمه بالجزئيات، وإحاطة كتابه كتاب القدر ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾؛ كقوله -تعالى: ﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى ولاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ ولاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ﴾(12).
يقول السائل: العلماء يعبرون عن الله بالذات، فهل هناك دليل على ذلك من القرآن أو السنة؟
سبحان الله العظيم!! هذا مثل موجود، هل في الكتاب والسنة كلمة "موجود" أن الله موجود، هذا تفكير قاصر، ذات بمعنى حقيقة، نعم، ممكن نقول لك: النفس: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾، ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾(13) النفس معناها الذات.
يقول: هل يجوز التوسل بصفات الله -سبحانه وتعالى-؟
التوسل بالصفات المناسبة، التوسل برحمته، التوسل والاستعاذة بكلماته وبعزته، تستخير علمه «بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ»(14)؛ فلا بد من مراعاة التناسب بين المتوسَّل به والمتوسَّل إليه، أفيجوز أن تقول: اللهم ارحمني، اللهم بعقابك للكافرين ارحمني؟!! اللهم ارحمني فإنك شديد العقاب؟!! لا بد من مراعاة المناسبة، المناسب للطلب. فالرسول -عليه الصلاة والسلام- توسل بأسمائه الأربعة بربوبيته العامة؛ «اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ»(15). توسل بكل هذه الأسماء إلى آخره، «اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ».. إلى قوله: «اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ، وأَغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ»(16)؛ لأن ما تقدم من الصفات يتضمن كمال غناه، ويتضمن جوده وكرمه وملكه لكل شيء.
يقول: هل يجوز صلاة الفريضة وأنا مسافر في السيارة؟
الأصل أنه لا يجوز، لكن لو قُدِّرَ أن الإنسان ابتلي..، سؤالك هذا يمكن أن يَرِدَ في الطائرة بحكم أنه لا سبيل إذا كانت الرحلة طويلة ساعات عشر ساعات المسافة؛ فلا بد أنك تصلي في الطائرة، أما السيارة؛ فلا، السيارة تُوقف، لكن يقع بعض الناس مسكين ضعيف أنه يركب في حافلات النقل، ويكون السائق ليس من المصلين، يكون خبيثا لا يهتم للصلاة، فيمسك الخط ولا يبالي، فيبقى الفرد الواحد إذا لم يكن معهم مُعينون، أما إذا كان الناس متعاونين؛ يجب أنهم يوقفون السائق إجباريا، ولا يجوز أن يتركوه كما يشاء، وقف أما قد يكون يقع بعض الناس.. والركاب مثل السائق، لا يهتمون. فنعم إذا كان الوقت ما يتأتى تأخير الصلاة لجامعٍ مثلاً الظهر ممكن تؤخرها للعصر، المغرب ممكن تصليه إذا كان يبغي أن يتوقف في وقت العشاء تأخرها، لكن إذا كان.. افرض أنه الفجر، الفجر ما تقبل الجمع، فتصلي في السيارة، تصلي وأنت على الكرسي والحمد لله، ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾(17) هذه هي الصورة التي يمكن نقول إنها يجوز صلاة الفريضة في السيارة، أما السؤال بهذا الإطلاق.
يقول: هل القول: لا معبود بحق في الوجود إلا الله تفسير صحيح؟
أي نعم تفسير صحيح، لكن كلمة في الوجود زائدة، ما لها لازمة.
يقول: ذكرتم قول الطحاوي(18) -رحمه الله: "أن الله قديم بلا ابتداء"(19) هل يوصف الله -عز وجل- بالقدم؟
أي والله، نعم يوصف بالقدم المطلق، لكن قديم ليس اسمًا من أسمائه.
(1) المجادلة: 7.
(2) آل عمران: 29.
(3) تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن الخضر بن محمد بن تيميّة الحرّاني، ثم الدمشقي، الحنبلي، الإمام الفقيه، المجتهد المحدث، الحافظ المفسر، الأصولي الزاهد. برع في العلوم الإسلامية والآلية، وقمع الله به أهل الضلال، ونصر به أهل السنة. ولد سنة إحدى وستين وست مئة، وتوفي سنة ثمان وعشرين وسبع مئة. وله من المؤلفات: الواسطية، ومنهاج السنة. انظر الذيل على طبقات الحنابلة (4/ 491 ترجمة 531)، والوافي بالوفيات (7/ 10 ترجمة 619).
(4) ق: 16.
(5) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب الطلاق، باب الطلاق في الإغلاق (5269)، مسلم: كتاب الإيمان، باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب (127) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه.
(6) الانفطار: 10- 11.
(7) الواقعة: 85.
(8) الواقعة: 83- 85.
(9) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب التوحيد، باب قول الله -تعالى-: وكان الله سميعا بصيرًا (7386)، مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر (2704) من حديث أبي موسى -رضي الله عنه.
(10) البقرة: 186.
(11) الأنعام: 59.
(12) فاطر: 11.
(13) آل عمران: 28.
(14) أخرجه البخاري: كتاب الدعوات، باب: الدعاء عند الاستخارة (6382) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما.
(15) أخرجه مسلم: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع (2713) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه.
(16) سبق تخريجه.
(17) التغابن: 16.
(18) الإمام العلامة الحافظ الكبير، محدث الديار المصرية وفقيهها، أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة بن عبد الملك، الأزدي الحجري المصري الطحاوي الحنفي، صاحب التصانيف، من أهل قرية طحا من أعمال مصر. مولده في سنة تسع وثلاثين ومئتين. بدأ حياته شافعيًا ثم تحول إلى الحنفية وانتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة بمصر. برز في علم الحديث وفي الفقه، وتفقه بالقاضي أحمد بن أبي عمران الحنفي، وجمع وصنف. قال ابن يونس: كان ثقة ثبتا فقهيا عارفا لم يخلق مثله. له مؤلفات جياد؛ منها: "شرح مشكل الآثار"، و"شرح معاني الآثار". مات سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة. انظر: سير أعلام النبلاء (15/ 27 ترجمة 15)، والجواهر المضية (1/ 271 ترجمة 204).
(19) العقيدة الطحاوية (ص17).