رحلة في المقهى

makrem01

عضو فريق عمل بمنتدى الحياة الأسرية
إنضم
24 نوفمبر 2009
المشاركات
656
مستوى التفاعل
5.282

هدهدتهُ نسائم الحرية، عبثتْ بشعره الخفيف، جلس على كرسيّهِ المعتاد في مقهى الحومة رفقة الأصدقاء. نفسُ الوجوهِ تقريبا، لم يتغيّر فيها شيء، أحلامهم هي نفسُها
. تقاذفتهم الأمواج بعيدا في رحلة بحثهم عن إثبات الذّات و في معتركِ الحياة. لم يحقّ الكلام لهم إلاّ همسا، ثمّ أتتْ تلك المرحلةُ لتُخرجَ تِلكَ الأوجهَ المُصفرّة مِنْ تركةِ همومٍ أورثتها لهم الحياة. كانو ينظرون تلكَ اللّحظة ليُفْرغوا ما بالصّدور...لتصدح الحناجر، ليؤسّسوا مرحلة جديدة.


على الطّاولةِ المجاورة جلس أيضا رفقةٌ لهم لا يحملون نفس الهموم ولا الأفكار،تجمعهم فقط نفس المقهى و نفس الأحلام و كلٌّ يسعى بطريقته لينهل من ملذّات الحياة.

مرَّ العمدة
من أمامه "الشّيخ"، خاله لن يراهُ ثانيةً، لكن ها قد رآه ما تراهُ فاعل و قد تذكّر ما فعلهُ بوالده المسنّ...تمنّى لو يُمسكُ بعصا و يفعلُ ما فعله غيره...بالمصانع، بالطرقات و أيضا بالبشر.
لكنّهُ تذكّر نفسهُ و مبادئهُ و من يكونْ، أنّهُ ليسَ مثلهم و أنّ القادم أفضل...

تفحّص وجوه الأصدقاء و هم يرتشفون قهوة سوداء كسواد الليل، كسواد القلوب، كسواد المستقبل في عقولٍ حائرةٍ مبهمةٍ لا تجدُ سبيلا إلى الخلاص.
لم يكنْ مَطمَعُهُم في الحياةِ كبيرا، فقط مهنة تكفيهم ليفتحوا بيتا، و تقيهم نظرات المهانة التّي ينظرهم بها الجميع في حيّهم الشّعبي.
عاد ببصرهِ إلى الطّاولة المجاورة تفحّص الوجوه جيّدا ليرى نفسَ الهموم على اختلاف المشاغل و المبادئ لتختلف النتيجة.

عاد بخطاه المتعثّرة و المتردّدة نحو المنزل بعد أن انتهت رحلة المقهى، رحلة العادة


هِيَ من دفاتر الماضي

نسأل الله السلامة
:frown:


 
ياللكئابة؟ تتعدد الطاولات لكن الحال متقلب؛ للناظر شيء، وللمؤول شيء...هؤولاء تجمعهم فقط الطاولة لأن قلوبهم شتى...وهؤولاء جمعتهم أيام سوداء.. لكن بقلوب بيضاء...
كما قلت نسأل الله السلامة...
 
كم أنت حقير أيها الروتين , إذا عايشناك أصابنا الملل وإذا تجاوزناك و مر بنا الزمن , نتفكرك فتحسر على أوقتاك البائسة و نرى فيها لحظات ممتعة خُلقت من كئابة ... أتمنى أن يُفتح باب الفرج في وجه كل من إجتمع في ذاك المكان الشقي الذي يُشرب فيه السواد ويُتنفس فيه الدخان ,فمع هذا أنت المأوى ..
 
أتعس فترات حياتنا هي تلك الّتي ذكرت
يُقتل الإبداع, تُحتضر العقول و لا مناص..
أسأل الله أن يفرّج كربتنا و أن يجعل مستقبلنا أحسن مما مضى
 
أتراه العيب في المقهى
أم في كراسيه التي تجذب الأجساد كالمغنطيس
أم في الوقت الذي يأبى أن يقتل إلّا على طاولاته
أم في الحياة التي أرتنا وجهها القاسي وحرمتنا ملعقة الذهب تولد في أفواهنا
أم في عقول كبّلتها الهموم فاكتفت بالجلوس
أم في قلوب رضيت بالهزيمة وانساقت في تيّار التسويف والعجز وقلّة الحيلة

تراه العيب في كل شيء حولنا ماعدا نحن
في الظروف، في الدولة، في الحكومة، في المقهى، في المجتمع، في الأسرة....

ولكن أين نحن من كلّ هذا؟

من بعيد لاح رفيق قديم، دلّت عليه نظرته وضحكته تجلجل في الارجاء، انقطعت أخباره وهاهو قد عاد بعد طول غياب بوجه غير تلك الوجوه...

سألوه فقال من منا لم يقرأ هذه الأبيات:
ألا انهض وسر في سبيل الحياة فمن نام لم تنتظره الحياة


........
 
الصبر باهي وقل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، الحمد لله على كل حال عشنا الثورة المباركة وما تبعها من تطورات على جميع الأصعدة وما علينا الآن سوى العمل والصبر على حال البلاد عسا أن يكون مستقبل أولادنا أحسن حال فالتضحيات من شيم الكبار ويبقى بصيص الأمل نبراسا للحياة.
 
المقهى ...ذاك المكان المظلم ،المليئ برائحة ...تشبه رائحة تعترضك عند دخول الكهوف ،يفزعك تدفق الخفافيش نحو الخارج...هو نفس المكان و نفس الزمان ...ترسم في فضائه أحلام لم تتحقق أو لن ترى النور أبدا...نفس الوجوه تلمح العابرين بنظرات عدّة...ما ينقص بعضهم هو العزيمة ...أما من نحت له مكان عند المقهى فالدهر هو الكفيل بزحزحته من هناك
 
أنا و المقهى و الحياة

اردت أن أكتب لك عن علاقتي بالمقهى

علاقة جد فاترة, العمل يأخذ جل الوقت و الاسرة أكملت ما بقي

أما الأصدقاء فقد تفرقو , إثنان بفرنسا , الثالث مهندس بشركة فلاحية, و الرابع مهندس بمكتب دراسات...

كنا نجتمع آخر الأسبوع , أما الآن فقد أصبحنا لا نتقابل الا المرات القلال...

آسف كم أشتهي أن أحتسي فنجان قهوة مع الصحبة, لكن هيهات لا الوقت يسمح و لا الأصحاب إجتمعو...
 
نتذكّرُ أيّاما مرّت علينا بحلوها و مرّها
تقاسمنا فيها مع الأحبّة و الخلاّن الفرح و الأحزان
كنّا أصدقاء و جمعتنا نفس الأماني و الأحلام
لكنّ السّبل و الوسائل اختلفت
لتجد من حقّق ما يتمنّاه و من لا يزال في بداية الطّريق.
في النّهاية أعتقد أنّ الجميع بإذن الله سينال ما يرنو إليه
فقط القليل أو الكثير من الصّبر، كلٌّ على قدر عزمه.
و لأنّ العزائم تختلف حسب طبائع النّاس، تجد من يَحِيدُ عن الطّريق ليحقّق في أقصر وقت ما يرنو إليه. حينها يخيّلُ للنّاظر أنّ ذاك الشّخص في رغدِ العيش،
و حينَ نتأمّلُ وجههُ قليلا ترى أشياء لو حدّثوك بها ما كنتَ تُصدّقها.

نسأل الله السّلامة
:frown:


 

لن أتحدث كثيراً عن المقهى وخفاياه ؛ لأني يوماً لم أكن من مرتاديه ؛ ولم تكن يوماً أحلامي كأحلام الشباب الجالس على المقاهي ..

لكن ما شدتني عبارات أصبحت أراها بوضوح وأخافها كثيراً .. وأعود وأقول لربما أخطأت في توضيحاتها .. السواد .. سواد القلوب .. سواد الأفكار .. الإنتقام .. والتفكير المنحصر في الذات ..

كلها أمور أراها بيننا تنتتشر .. وكل الخوف أن تزحف حتى تنخر أجسادنا ..

الله المستعان ..

لن أكون ذو نظرة متشائمة لكن أرغب أن أكون ناقوس الخطر الذي يجب أن يدق ..!
 
أعلى