حضرت يوم الجمعة الفارط خطبة الجمعة كأيّ مؤمن، و كان الإمام على وشك استهلال الخطبة الأولى... و بدأها -و ليته ما فعل- نسيت موضوعها تحديدا و لكن ما أذكره هو كثرة الأرقام التي قالها... الحسنة بعشر أمثالها (هذه أعرفها) و تأدية الصّبح حــــاضرا لا أدرى كم حسنة تضيف، و النــــافلة تمكّنك من كذا حسنـات، و الاستغفار كذا مرات يمكّنك من كذا حسنات، و قراءة سورة "....." * "n مرّة" يجعلك تضيف لرصيدك "x حسنة"... و تواصلت الخطبة على هذه الشاكلة كلّها أرقام و أعداد مفردة و أخرى عشريّة، و النّاس من حولي في شُغل عن كلام الخطيب، بعضهم ينظر ساعته و آخر يتثاءب و آخر يده في جيبه لإغلاق هاتفه الجوّال الذي قطع على التلاميذ، عفوا المصلّين، تركيزهم، و آخر و آخر... فإذا قضيت الصلاة بدأت في مراجعة ما حصّلتُ من الدرس فإذا الأرقام في اضطراب و الأعداد تتضارب و يختلط بعضها ببعض، فعزمت على اصطحاب آلتي الحاسبة و دفتري و أقلامي في المرّة القادمة كي لا يفوتني رقم أو معادلة ممّا يعرض، كي لا أضيّع حقّي.. طوبى لكم أهل الشعب العلميّة فأنتم لستم في حاجة لذلك، فقد تعوّدتم على إجراء مثل هذه الاختبارات ذهنيّا.. و كلّ ما أخشاه أن يطوّر خطباؤنا علومهم وتصير الخطب متضمنة لــ (sin,cos, log …) و حينها يختلط الحابل بالنّابل، و تبدأ عمليّات الغشّ في الظهور، فهذا يصطحب معه خبيرا في المحاسبة و الاقتصاد و ذلك يأتي معه بدكتور في الرّياضيّات.... قد يبدو كلامي في بعض وجوهه ساخرا و لكن،أليس غريبا أن يصير ديننا مجرّد أرقام لا غير و كلّ يسعى لجمع الحسنات على هذه الشاكلة كي يتحوّل من مؤمن نشيط إلى مؤمن فعّال.. أعتقد أن مثل هذه الأرقام قد جعلت كي تفيد معنى الإكثار، و لا يجب أن تُفهم على ظاهر لفظها، و إلاّ فسندخل في حسابات و نخضع كلّ أفعالنا لجدول المداخيل و المصاريف و هو ما لا يجوز في تعاملنا مع الله...
ان شاء الله المعلومة توصل للمتلقيّ بصورة أحسن و الحمد الله على نعمة الاسلام و الحمد الله في الاولى و الأخرة
اشكرك اخي الكريم على هذه المداخلة . بالفعل كثر في الاونة الاخيرة بعض الخطباء الذين ليس لهم في فن الخطابة لا ناقة و لا جمل .. و كأن همهم تفزيع العباد من المساجد ... قد تركوا المواضيع الحساسة من قبيل الاخلاق الحقيقية للاسلام من صدق , و عفة و امانة و عمل و عبادات كصلاة و زكاة و غير ذلك من المواضيع اللامتناهية و صاروا فقط يحسبون الاعداد !!!