بين مطرقة الغلاء و سندان الحاجيات...

لا أريد أن أكون قاس، لكننا "نستاهل"... لا رقيب لجيوبنا غيرنا، لا رادع للغلاء غيرنا. المواطن التونسي عامة ضعيف أمام السلع غذاءا كان أو لباسا. تجده يشتكي من غلاء ثمن السلع فنسمع شكواه من أطراف الدنيا لكنه أكثر لهفة على هاته السلع من امرأة فقدت صغيرها ووجدته. قديما قيل دواء غلاء السلعة تركها. اتركوا اللحوم 3 أيام فقط وسترونالنتيجة. لكننا للأسف ضعفاء لا نقدر على مغالبة النفس لحظة وأضعف من أن نتخذ موقفا نروض فيها نفسنا قليلا ونروض به الأسعار كثيرا... أتمنى من كل قلبي أن يصبح سعر اللحم للكيلو 100 دينار فننظر ما نحن فاعلون...
قرأت مرة أن في الأرجنتين قام التجار بزيادة في سعر البيض على ما أعتقد، تحرك المجتمع المدني لشن حملة مقاطعة للبيض كللت بالنجاح (موش كيما مجتمعنا المدني لاهي كان بسلفي عمل سلفي فاق والجري وراء حرية التعري وقلة الحياء). المهم أن التجار تلقوا صفعة كبيرة فارجعوا الثمن الى ما كان عليه لكن حملة المقاطعة استمرت وتكبد التجار خسائر فادحة. فخفضوا السعر أكثر واعتذروا للمواطن أيضا... أحلم لأننا بعيدون جدا عن هذا الوعي، هوايتنا البكاء والتمسك بما يبكينا...
 
عيد..عودة مدرسية... وفواتير : تونسيون يغرقون في «الكريديات»... ويطاردهم شبح «الهات... هات»


image_art.php


تونس ـ الشروق
مع تواتر المواسم الاستهلاكية، واقتراب موسم العيد واقتناء الحلويات ولوازم العيد، يعيش التونسي هذه الايام «اختناقا» بسبب كثرة المصاريف بين القفة الرمضانية، وحاجيات عيد الفطر والفواتير التي لا تملّ من تسجيل حضورها... لا سيما الفواتير المنتفخة التي تهاطلت على جيب التونسي هذه الأيام.


«الشروق» حاولت قراءة سلوك التونسي ومعرفة إن كان ضحيّة سلوك استهلاكي «مبذّر»... أم هو «خاطيه» ولا حول له ولا قوّة، وضحيّة نظام اجتماعي واقتصادي فشل في تحقيق التوازنات.


بداية جولتنا كانت في صفوف عدد من المواطنين، وتبيّن جليلة (موظفة) أن من حق التونسي أن يتمتع على الأقل بالمناسبات والأعياد. وتضيف بأن العيد فرصة للفرحة ولها طقوسها من اشتراء ملابس جديدة خاصة للأطفال واشتراء الألعاب وتحضير الحلويات. لكن الاشكال يتمثل في وجود حاجيات أخرى مثل وصول فواتير الاستهلاك في غير وقتها وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية مقابل استقرار الأجرة.

من جهته تحدث سي محمد علي (عامل) عن غرقه في تيار من المصاريف التي لا تنتهي وتساءل عن أسباب اختيار هذا الوقت بالذات لوصول فاتورة الكهرباء.
وأضاف بأن لديه طفلين يحتاجان لمصاريف العودة المدرسية وملابس العيد وعائلة في حاجة لما تبقى من مصاريف قفّة رمضان والحلويات.


أما مهاب (موظّف) فقد تحدّث عن تحضيراته للزواج ومصاريف الزواج المقترنة بمصاريف «الكراء» والفواتير ومساهمته في ميزانية العائلة والاستعداد للعيد.
عموما أبدى عدد كبير من التونسيين عن اختناقهم هذه الفترة بكثرة المصاريف وتهاطل الفواتير وهو ما جعل عدد منهم يلتجئون للتداين.


في المقابل أشار السيد مصطفى (متقاعد) الى أن وضع ميزانية استباقية للعائلة وضبط المصاريف ومعرفة أماكن البيع الشعبية قد تحمي المستهلك ورب العائلة من الوقوع في التداين.

تداين وعجز

بين السيد عبد الجليل الظاهري رئيس مرصد إيلاف لحماية المستهلك أن رمضان هذا العام قد اقترن مثل السنة الماضية بتواتر وتزامن عدّة مناسبات مثل مناسبات الافراح ومناسبات العائلة مع موسم العيد والعودة المدرسية ومع اقتران كل هذه المناسبات تجد العائلة نفسها مثقلة وتعاني القدرة الشرائية للتونسي من الاهتزاز في مواجهة الكلفة العادية للمعيشة والتي تقدر بـ 1.2 بالمائة من القدرة الشرائية العامة وقد تعاظم هذا العجز مع حلول رمضان ليصل الى 5.8 ٪ في القدرة الشرائية للمواطن.
ومع تزامن هذه المصاريف المناسبة مع «حلول »ركب فاتورة الماء والضوء وأشار السيد عبد الجليل الظاهري الى أن ارتفاع الأسعار خاصة في العشر الأوائل من الشهر الكريم بنسبة 6.9 ٪ وقد تم تعديل هذه الأسعار بعد تدخل أجهزة المراقبة لتصبح 4.9٪.


وأشار محدثنا الى امكانية وصول عجز التونسي وانخرام قدرته الشرائية إلى 8.6٪ خاصة مع اقتناء ملابس العيد الخاصة بالأطفال والحلويات وأضاف أن 75 ٪ من الأولياء الذي كانوا يقتنون بعض الملابس الجديدة في العيد أصبحوا يكتفون بملابس للأطفال.

وتحدث رئيس مرصد إيلاف عن تزامن مصاريف اقتناء حلويات العيد والعودة المدرسية مع العلم أن نسبة كبيرة من التونسيين يدرسون أبناءهم بالمدارس الخاصة اضافة الى مصاريف تسجيل الطلبة بالكليات ومصاريف النقل ووصول فاتورتي الماء والكهرباء.

ولاحظ أن معدل الترفيه عند التونسي لم يتجاوز 5 أيام بين «خلاعة» و«نزل» وأكد محدثنا على أن نسبة التداين عند التونسي قد ارتفعت بـ 13.7٪ وتختلف أشكال التداين بين التداين الشخصي والتداين من البنوك أي القروض الاستهلاكية وحول المتسبب في أزمة التونسي مع المصاريف يقول السيد عبد الجليل الظاهري إن المتسبب هو المستهلك وكذلك الحكومة التي لم تعدل الأسعار ولم تقم بتعديل الأجور إضافة الى ارتفاع في قيمة فواتير الماء والكهرباء وكأن التونسي يدفع في فاتورة ما سرقه الطرابلسية والنظام السابق حسب قوله.

اقتصاد.. وضحية

بعض التونسيات سألن عن سعر الذهب لأنهن مضطرات لمجابهة المصاريف، هذا هو حال البعض كما يقول السيد سليم سعد الله نائب أول رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك.

وحول أسباب وقوع المستهلك بين براثن اختناق المصاريف وإن كان الظرف الاقتصادي أم «عيون التونسي» هي الموضوعة في قفصة الاتهام يقول محدثنا إن المنظومة الاقتصادية ككل منحرفة والثورة خلقت نوعا من التسيب في كل شيء لا سيما في الإدارة التونسية.

وأشار إلى تراكم مصاريف مواسم العيد والعودة المدرسية والصيف ورمضان واعتبر أن الإدارة التونسية مطالبة بمراعاة هذه الاعتبارات وتأجيل الفواتير.
وتساءل عن أحوال 24.6٪ من التونسيين تحت خط الفقر في ظل الظروف القاسية التي يعيشها متوسطو المداخيل وأكد على ضرورة التلاحم والتكاتف.
من جهة أخرى أشار بعض المختصين في علم النفس إلى أن النزعة الاستهلاكية وتراكم الديون وكثرة النفقات دون موارد قد يوقع بالتونسي بين براثن الاكتئاب والضغط النفسي وهو ما يؤدي إلى التوتر المستمر وفقدان للتوازن النفسي.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

خلال شهر رمضان شهدت أسعار المواد الإستهلاكية على غرار الخضر و الغلال و اللحوم إرتفاعا ملحوظا ففي غياب الرقابة أصبح كل تاجر يبيع على هواه و ما زاد الطين بلة تزامن شهر رمضان مع موسم الأفراح العائلية وعيد الفطر في انتظار العودة المدرسية...

فعلا مسكين "بو العيلة" !!

فمن يتحمل المسؤولية؟؟ هل نحملها للغياب الشبه كلي للرقابة الإقتصادية؟؟ أم نحملها للمواطن التونسي بسبب لهفته على الشراء دون أن يبحث عن الجودة أو أن يدافع عن حقه؟؟
وبما أن شهر رمضان على أبواب الخروج تاركا المواطن يتجرع مرارة غلاء المعيشة فكيف له أن يستقبل مصاريف العيد و من بعده العودة المدرسية ؟؟
أختي الكريمة اليوم الوالد والوالدة مشاو للبنك باش يخلصوا ويقضيوا اش نحكيلك قالولي لهفة مازالت في التونسي ودزان وأسوام من نار تتخيل كيلو قارص بـ 6 دنانير يحكيلي الوالد قلي خذيت كعبتين قارص بـ 900 فيه البركى مسكين بو العيلة كيما قلت الي عندو 5 اولاد ولا اكثر على كل نحمدوا ربي واكاهو وان شاء الله عيدك مبروك ولجميع الإخوة.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

خلال شهر رمضان شهدت أسعار المواد الإستهلاكية على غرار الخضر و الغلال و اللحوم إرتفاعا ملحوظا ففي غياب الرقابة أصبح كل تاجر يبيع على هواه و ما زاد الطين بلة تزامن شهر رمضان مع موسم الأفراح العائلية وعيد الفطر في انتظار العودة المدرسية...

فعلا مسكين "بو العيلة" !!

فمن يتحمل المسؤولية؟؟ هل نحملها للغياب الشبه كلي للرقابة الإقتصادية؟؟ أم نحملها للمواطن التونسي بسبب لهفته على الشراء دون أن يبحث عن الجودة أو أن يدافع عن حقه؟؟
وبما أن شهر رمضان على أبواب الخروج تاركا المواطن يتجرع مرارة غلاء المعيشة فكيف له أن يستقبل مصاريف العيد و من بعده العودة المدرسية ؟؟

المشكلة خليط و مزيج من لهفة المواطن التونسي تليها غطرسة التاجر و حبه للربح مع غياب المراقبة
 
الصولد الصيفي على الأبواب : ...«والجيب مخروم من الافلاس»!!

image_art.php


تونس ـ (الشروق)
هل يقدر «الصولد» الصيفي الذي سينطلق يوم 25 أوت الجاري على استقطاب المواطن التونسي الذي أنهكته مصاريف رمضان والعودة المدرسية؟السيد جميل بن ملوكة عضو الإتحاد الجهوي للصناعة والتجارة بتونس قال: «إن اختيار توقيت الصولد بطريقة اعتباطية وغير مدروسة ستكون السبب الرئيسي في فشل دورة « الصولد» الصيفي

وأوضح أن المواطن التونسي له التزاماته ومناسباته وبالتالي لن ينتظر «الصولد» ليشتري ملابس لتلك المناسبات وذكر أن عيد الفطر عرف بشراء ملابس جديدة سواء للأطفال أو للكبار والعيد طبعا لن ينتظر موعد « الصولد».

«Sms»

وأشار محدثنا إلى أن « س أم س « عوضت «الصولد» خلال الفترة السابقة حيث عمد الكثير من التجار خاصة المغازات الكبرى بالبحيرة ومغازات تجارة الملابس المستوردة إلى التفويت في «ستوك» الملابس المتخلدة لديها.

وأكد أن الحرفاء تفاعلوا مع هذه الإرساليات القصيرة خاصة الحرفاء الأوفياء لشراء ما يلزمهم من ملابس العيد وملابس العودة المدرسية وغيرها من حاجياتهم من المواد الإلكترونية ومواد التجميل والأحذية,وقال «صولد» هذا العام خسر المواطنين بالخارج الذين كانوا يشترون بأعداد كبيرة.وأضاف أن هذه الشريحة من حرفاء الصولد تعود إلى الخارج بعد العيد مباشرة وانتقد بشدة إصرار الوزارة على تأجيل الصولد إلى تاريخ 25 أوت الجاري الذي لا يخدم مصلحة المواطنين والتجار في آن واحد.
 
رمضان وعيد وعودة مدرسية : شهر سبتمبر الأصعب ماديا على التونسي

image_art.php


... صرف المرتبات لشهر أوت قبل موعدها بحوالي أسبوعين... اجراء ساهم في فكّ أزمة حلول العيد قبل أول الشهر لكنها جعلت من شهر سبتمبر الشهر الأصعب على التونسي بحيث سينتظر مرتبه آخر سبتمبر اي مدة شهر ونصف الشهر.
... رمضان والعيد والعودة المدرسية الثالوث الذي يرهق جيب التونسي تزامن هذه الفترة مع تسبقة الأجور والمرتبات مما يجعل من شهر سبتمبر الأصعب على التونسي حسب ما جاء على لسان العديد ممن تحدثنا اليهم.
التقشف هو الحل
السيدة سنية موظفة باحدى الإدارات أوردت رأيها بالقول: «الحمد لله زوجي يعمل بمؤسسة خاصة لم تمنحه المرتب مسبقا لشهر أوت وبالتالي سنتمكن من تحقيق التوازن اذ توليت مهمة العيد في حين ستكون العودة المدرسية ومصاريفها من نصيبه... اذ لا حل الا بالتشارك معا حتى نتمكن من تجاوز كل أزمة... فمصاريف رمضان مرهقة وملابس العيد والمهبة وزيارة الأهل لا مجال للتخلي عنها.
صرف نصف مرتب
نفس الرأي تبناه السيد منصف بالأكحل مؤكدا ان شهر سبتمبر سيكون الأصعب على التونسي هذا العام مضيفا: «مرتب شهر أوت تم صرفه للعيد وما تابعه ولا أعتقد ان موظفا واحدا يمكنه ان يبقي منه ما يكفيه لشهر سبتمبر كاملا... اضف الى أننا ننتظر عودة مدرسية اي تكلفة الادوات المدرسية واشتراكات النقل العمومي والترسيم.
في حين اعتبر منير، ربّ اسرة متكونة من 3 أطفال وزوجة لا تعمل أن اتقان التصرف والتقشف هو الوحيد الذي يجعل التونسي يتمكن من تخطي الأزمة مؤكدا انه لم يذهب الى البنك لصرف مرتبه قبل العيد خوفا من ان يصرفه كله واضطر الى التعامل مع شهر أوت كشهر عادي حتى لا تتداخل المصاريف ويجد نفسه في مأزق مضيفا: «كل الموظفين مرتباتهم مرتهنة نصفها ان لم نقل أكثر للبنوك لذلك وجب التقشف الى أن يأتي ما يخالف ذلك.
حلّ وقتي ومخلفات كبيرة
«مرتب شهر أوت صرف من قبل 4 أيام وما يزال على المرتب القادم 38 يوما إنها فعلا أيام عصيبة جدا». هكذا أوردت فاطمة منصور فكرتها وهي تحاول مجاراة بطاقتها البنكية لسحب مالي (في الروج) مضيفة «صرف الأجور مسبقا قبل العيد.. هو حلّ وقتي مخلفاته كبيرة... وأنا ضده لأنه يربك ميزانية العائلة التي لن تتمكن من تجاوزها الا بعد أشهر».
الأصعب لهذا العام
... شهر سبتمبر يستقبله الموظف بعد اسبوع بلا مرتب او ببقايا الأجر الذي تم صرفه قبل العيد... تقاسم الادوار بين الزوجين هو الحل الوحيد للخروج من الازمة هكذا عبّر أكثر من متحدث معتبرين اقتسام المرتب بين الزوجين والتشارك بينهما هو السبيل للوصول الى شهر أكتوبر بسلام وهو ما أشارت اليه السيدة سناء العياري الذي تكفل زوجها بمصاريف العيد ورمضان لتتفرغ هي لشهر سبتمبر مشيرة في ختام كلامها الى أن شهر سبتمبر القادم بعد اسبوع سيكون صعبا جدا خاصة على الأسر ذات الدخل الواحد.
 
سياسيون يكتبون : اقتصادنا هذه الأيام - بين مطرقة التضخم وسندان الاحتكار



بقلم إسكندر الرقيق
(خبير اقتصادي وناشط سياسي)


على إثر رضوخ الحكومة المؤقتة مؤخرا لمطالب الاتحاد العام التونسي للشغل في المفاوضات الاجتماعية المتعلقة بتعميم الزيادة في أجور أعوان الوظيفة العمومية ، والتي أقرت لأوّل مرة في تونس عن طريق زيادة مبلغ مالي مقطوع مقدّر بـ 70 دينارا خلافا لاعتماد نظام النسب المائوية المعهودة، ونظرا للظرف الاقتصادي الهش والحسّاس الذي تمرّ به بلادنا اليوم بعد أكثر من عام ونصف على الثورة، فإنّ المتتبّع للشأن الاقتصادي لا يمكن أن يُخفي تخوّفه وقلقه العميقين من التأثيرات المرتقبة لهذه الزيادات على حجم نفقات الدولة المتزايدة ومختلف تداعياتها على ميزانيّتها والوضع الاقتصادي العام بالبلاد، ممّا قد يؤدي إلى مظاهر تضخّم مالي خطيرة وغير قابلة للسيطرة، أو الالتجاء للتداين بشروط مجحفة ومكبلة.

وإن ما شهدته مؤشرات الأسعار من انفلاتات كبيرة في الأشهر القليلة الماضية قد لا يبرر الزيادة في الأجور في بلادنا في المرحلة الراهنة، وفي وقت تقوم فيه الكثير من الدول الأوروبية بالضغط على نفاقاتها العمومية. فنرى مثلا حكومات اليونان وإيطاليا تتخذ اجراءات اقتصادية تقشفية مؤلمة، ونرى ألمانيا صاحبة الاقتصاد المنتج والمتماسك تتخذ نفس الإجراءات في سبيل الحفاظ على اقتصادها من الوقوع في مأزق التضخم وخطر الانهيار.

ولا يسعنا هنا إلا أن نذكر بأن هذا الإجراء كان فلتة من فلتات حكومة السيد الباجي قايد السبسي غير مدروسة ومتسرعة انطلقت عشوائيا وانتقائيا، وحامت حولها شبهات وجدالات وتجاذبات عديدة إثر الانتخابات. ومن هذا المنطلق يمكن لنا أن نحصر تداعيات هذا الإجراء الذي سيكلّف ميزانيّة الدولة مئات المليارات من المليمات، في بعض النقاط المهمّة الأتية:

ـ هذه الزيادة شملت الطبقة المتوسطة من الشعب ومثّلت عـبئا حقيقيّا على الدولة بينما ظلّت قضايا التنمية الجهوية وملفات اجتماعية أخرى هامّة وذات أولويّة تمس الطبقة الفقيرة والمهمشة مؤجلة إلى اليوم ولم تلق معالجة ولا حلولا جذرية ناجعة على غرار ملفّات التشغيل والتنمية الجهويّة والبنية التحتيّة والتعليم والصحّة والمرافق العموميّة وغيرها.


ـ الزيادة في الرواتب سيترتب عليها آليا عجز في الموازنة، والتي تشكو أصلا من ضغوطات كبيرة، لاسيما أمام تأخر الحكومة المؤقتة في بيع الأصول المصادرة من مؤسسات وشركات عائلات بن علي، وهو ما سيضطرها لاقتراض ألف مليون دولار أمريكي للوفاء بالتزامات ميزانيتها التكميليّة.

ـ تفاقم ظاهرة فقدان التنافسيّة في الانتاج في بلادنا خاصة أمام ترهّل الانتاجيّة الصناعية لاسيما في المؤسسات العمومية وبروز ضعف الكفاءة والتدريب والحرفيّة والانفلات الذي تشهده الإدارة التونسية والتي تشكو أصلا من حدة مظاهر التضخّم الإداري والبطالة المقنّعة والمقنّنة.

وأمام هذه الوضعيّة الصعبة، والتي يمكن أن تعمق من عجز ميزانيّة الدولة المنهكة أصلا، إضافة إلى تدهور مستوى عيش الفرد والمقدرة الشرائيّة لشرائح كبيرة من المجتمع، وتراجع قيمة الدينار التونسي في السوق المالية العالميّة وتقلص احتياطي العملة الصعبة لدى البنك المركزي، وكذلك بعد تراجع التصنيف الائتماني لتونس والذي سيعسر من فرص الاقتراض بشروط تفاضلية، لابدّ من طرح بعض الحلول وإن كانت آنيّة لمحاولة معالجة الحالة الاقتصاديّة الراهنة بعد الزيادات الأخيرة أو التنبيه إلى خطورتها على الأقّل، ولعلّ من أهمّها:

1) مزيد الفاعليّة في جباية الضرائب وتتبع كل المتهربين وترشيد عمليات الإنفاق الحكومي والذي يشهد أحيانا بعض الانفلاتات.
2) إعادة هيكلة صندوق الدعم هيكلة شاملة لتخفيف العبء عليه بما يضمن توجيه هذا الدعم فقط لمستحقيه من الفئات المهمشة والمحرومة، والحد من ظاهرة تهريب المواد المدعمة.
3) إلغاء كل رسوم الجمارك لواردات بلادنا من مكونات الأعلاف والصناعات الغذائية وتشجيع الإنتاج الفلاحي والحيواني ودعم صغار الفلاحين لضمان المزيد من المردودية في الإنتاج، خاصة وأن العالم يشهد موجة من الجفاف قد أثرت سلبا على أسعار المواد الغذائية في العالم.
4) مزيد من الحرص والفاعلية في مراقبة الأسعار ومحاربة ظواهر الاحتكار والتهريب المفرط والمتزايد للمواد المدعمة والأساسية عبر الحدود.
5) الحذر الشديد عند مراقبة مؤشرات التضخم واتباع سياسة نقدية رشيدة تبتعد كل البعد عن إغراءات تشغيل مطابع الأوراق النقدية والتي قد تؤدي إلا ما لا يحمد عقباه.
6) عدم الضغط على ميزانيّة الدولة بنفقات غير ضروريّة حاليا من قبيل التفكير في إقرار وصرف التعويضات للمتضررين من دكتاتورية العهدين البائدين وجبر أضرارهم الماديّة والمعنويّة، وإن كان ذلك حقا مشروعا لهم لا جدال فيه.


ولا يفوتني أن أدعو في هذا السياق وعبر هذا المنبر الإعلامي جميع الفرقاء السياسيين والمجتمع المدني والنقابات العمالية ومنظمات الأعراف والغرف المهنية إلى مراعاة المصلحة العامّة قبل المصلحة الخاصّة في جميع محطات المفاوضات الاجتماعيّة القادمة وعدم تعريض اقتصادنا الوطني لخطر الانهيار باسم المطالب الاجتماعيّة والحقوق المهنيّة، على الأقل إلى حين النجاح في مسار الانتقال الديمقراطي وعودة مؤشرات التعافي الاقتصادي في بلادنا بصفة جدّية.

إنّ أيّ مساس بأسس المعادلة الاقتصادية الحساسة لبلادنا قد يُحدث خللا في التوازنات الاقتصاديّة نحن اليوم في غنى عنه، إذ أنه ليس من الحكمة في شيء أن نتدافع اليوم في جو من الحرية والديمقراطية لصياغة دستور مثالي للأجيال القادمة، ثم نسلمهم اقتصادا هشا سيظل مريضا ومنهكا لعشرات السنين تنعدم معه التنمية في الجهات والعدالة الاجتماعية بين الفئات ويحرم بالتالي شعبنا من الازدهار والرخاء المنشودين واللذين قامت من أجلهما ثورة فاجأت العالم وجعلت كبريات اقتصاديات العالم تقف إكبارا واحتراما وإجلالا لتونس وشعبها.
 
الـ«صولد» في يومه الأول : إقبال مهول... التاجر مذهول... والـ«صولد» الوهمي نقطة سوداء

image_art.php

تونس ـ الشروق
حركية تجارية غير عادية تميزت بها العاصمة أمس... اقبال مهول على المحلات التجارية... صولد حرّك المواطنين من كل الشرائح مع ان المخاوف من الصولد الوهمي كانت حاضرة بقوة.

«الشروق» واكبت اليوم الاول للـ«صولد» الصيفي فكانت المفاجأة كبيرة على الجميع بمن فيهم التجار الذين عاشوا أياما طويلة من الكساد والمواطنون الذين ظنّوا ان مصاريف الصيف ورمضان والعيد أنهكت الجيوب حد الحيلولة دون الخروج لمتابعة الـ«صولد».
انتظار طويل
تميزت المحلات التجارية خاصة المعروفة بجودة منتوجاتها بإقبال رهيب امتزجت فيه حرارة الطقس بحرارة الاقبال طوابير دخلت المحلات وطوابير أخرى تنتظر فتح الأبواب هذه التي يتم فتحها بالتداول بين المجموعات الراغبة في الدخول.
وكثرة الإقبال دفع أصحاب المحلات الى الاستنجاد بحراس على الأبواب تكفّلوا بقبول الحرفاء بالتداول.
وفي أحد الفضاءات التجارية الذي شهد اكتظاظا كبيرا تحدثنا الى بعض الشبان الذين خرجوا للتسوق في أول يوم للـ«صولد» واشتروا ملابس كانوا اختاروها منذ فترة ومنهم سامي تريعة الذي اشترى «مريول».
صولد وهمي
وانتقد سامي «الصولد» الصيفي واصفا إياه بالوهمي حيث عمد قبل انطلاقه الى القيام بجولة عبر المحلات المعروفة بملابسها الجيدة واختار بعضها بعينه مع الحفاظ على أسعارها في مخيلته ولكن ما راعه خلال اليوم الاول وأن الأسعار تم الترفيع فيها ناهيك أنه اختار «مريولا» بـ30 دينارا تم الترفيع فيه ليصبح 34 دينارا. أما حمزة بن عبيد صديقه فقد اكتفى بالفرجة وعدم الشراء.
ووجدنا خلال جولتنا ادريس التليلي ورامي بن عامر وهما بصدد شراء الملابس فاكتفى ادريس بشراء «مريول» بـ64 دينارا بينما كان سعره يناهز 89 دينارا واعتبر ان «الصولد» فرصة جيدة مع التشديد على مراقبة التجار للحد من التلاعب بالأسعار.
اكتظاظ
رحاب الكناني وفرح كريفي امتنعا عن الشراء لأنهما اصطدما بكثرة الاكتظاظ بالمحلات وخيرت كل منهما العودة في وقت لاحق للشراء في ظروف أفضل وعبّر الاسعد كمّون مسؤول بمحل تجاري عن ارتياحه لكثرة الاقبال.
 
أعلى