قصة سيدنا آدم

SSAMOUHA

عضو نشيط
إنضم
23 أفريل 2008
المشاركات
223
مستوى التفاعل
215
:besmellah1:

نبذة:
أبو البشر، خلقه الله بيده وأسجدله الملائكة وعلمه الأسماء وخلق له زوجته وأسكنهما الجنة وأنذرهما أن لا يقربا شجرةمعينة ولكن الشيطان وسوس لهما فأكلا منها فأنزلهما الله إلى الأرض ومكن لهما سبلالعيش بها وطالبهما بعبادة الله وحده وحض الناس على ذلك، وجعله خليفته في الأرض،وهو رسول الله إلى أبنائه وهو أولالأنبياء.

سيرته:
خلق آدم عليهالسلام:
أخبر الله سبحانه وتعالى ملائكةبأنه سيخلق بشرا خليفة له في الأرض. فقال الملائكة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُفِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُلَكَ).
ويوحي قول الملائكة هذا بأنه كان لديهم تجارب سابقة في الأرض , أوإلهام وبصيرة , يكشف لهم عن شيء من فطرة هذا المخلوق , ما يجعلهم يتوقعون أنه سيفسدفي الأرض , وأنه سيسفك الدماء . . ثم هم - بفطرة الملائكة البريئة التي لا تتصورإلا الخير المطلق - يرون التسبيح بحمد الله والتقديس له , هو وحده الغاية للوجود . . وهو متحقق بوجودهم هم , يسبحون بحمد الله ويقدسون له,ويعبدونه ولا يفترون عن عبادته !
هذه الحيرةوالدهشةالتيثارتفي نفوس الملائكة بعد معرفة خبر خلق آدم.. أمر جائزعلى الملائكة، ولا ينقص من أقدارهم شيئا، لأنهم، رغم قربهم منالله، وعبادتهم له، وتكريمه لهم، لا يزيدون على كونهم عبيدا لله، لا يشتركون معه فيعلمه، ولا يعرفون حكمته الخافية،ولا يعلمون الغيب. لقد خفيت عليهم حكمةالله تعالى , في بناء هذه الأرض وعمارتها , وفي تنمية الحياة , وفي تحقيق إرادة الخالق فيتطويرها وترقيتها وتعديلها , على يد خليفة الله في أرضه . هذا الذي قد يفسد أحيانا , وقد يسفك الدماء أحيانا . عندئذ جاءهم القرار من العليم بكل شيء , والخبير بمصائرالأمور: (إِنِّيأَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ).
وما ندرينحن كيف قال الله أو كيف يقول للملائكة . وما ندري كذلك كيف يتلقى الملائكة عنالله، فلا نعلم عنهم سوىما بلغنا من صفاتهم في كتاب الله . ولا حاجة بنا إلى الخوض في شيء من هذا الذي لا طائل وراء الخوض فيه . إنما نمضيإلى مغزى القصة ودلالتها كما يقصها القرآن .
أدركت الملائكة أن اللهسيجعل في الأرض خليفة.. وأصدر الله سبحانه وتعالى أمره إليهم تفصيلا، فقال إنهسيخلق بشرا من طين، فإذا سواه ونفخ فيه من روحه فيجب على الملائكة أن تسجد له،والمفهوم أن هذا سجود تكريم لا سجود عبادة، لأن سجود العبادة لا يكون إلا للهوحده.
جمع الله سبحانه وتعالىقبضة من تراب الأرض، فيها الأبيض والأسود والأصفر والأحمر - ولهذا يجيء الناسألوانا مختلفة - ومزج الله تعالى التراب بالماء فصار صلصالا من حمأ مسنون. تعفنالطين وانبعثت له رائحة.. وكان إبليس يمر عليه فيعجب أي شيء يصير هذاالطين؟
سجودالملائكة لآدم:
من هذا الصلصال خلق اللهتعالى آدم .. سواه بيديه سبحانه ، ونفخ فيه من روحه سبحانه .. فتحرك جسد آدم ودبتفيه الحياة.. فتح آدم عينيه فرأى الملائكة كلهم ساجدين له .. ما عدا إبليسالذي كانيقف مع الملائكة، ولكنه لم يكن منهم، لم يسجد .. فهل كان إبليس منالملائكة ? الظاهر أنه لا . لأنه لو كان من الملائكة ما عصى . فالملائكة لا يعصونالله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . . وسيجيء أنه خلق من نار . والمأثور أن الملائكةخلق من نور . . ولكنه كان مع الملائكة وكان مأموراً بالسجود .
أماكيفكان السجود ? وأين ? ومتى ? كلذلكفي علم الغيب عندالله . ومعرفته لا تزيد في مغزى القصةشيئاً..
فوبّخ الله سبحانه وتعالىإبليس: (قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْكُنتَ مِنَ الْعَالِينَ) . فردّبمنطق يملأه الحسد: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِيمِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) . هنا صدر الأمرالإلهي العالي بطرد هذا المخلوق المتمرد القبيح: (قَالَ فَاخْرُجْمِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) وإنزال اللعنة عليه إلى يوم الدين. ولا نعلم ما المقصود بقوله سبحانه (مِنْهَا) فهل هي الجنة ? أم هل هي رحمة الله . . هذا وذلك جائز . ولا محل للجدلالكثير . فإنما هو الطرد واللعنة والغضب جزاء التمرد والتجرؤ على أمر الله الكريم .

قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّأَقُولُ(84)لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْأَجْمَعِينَ (85) (ص)

هنا تحول الحسد إلى حقد . وإلى تصميم على الانتقام في نفسإبليس: (قَالَ رَبِّفَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) . واقتضت مشيئةالله للحكمة المقدرة في علمه أن يجيبه إلى ما طلب , وأن يمنحه الفرصة التيأراد. فكشف الشيطان عن هدفه الذي ينفق فيه حقده: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ويستدرك فيقول: (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُالْمُخْلَصِينَ) فليس للشيطان أي سلطان على عباد الله المؤمنين .
وبهذا تحدد منهجه وتحدد طريقه . إنه يقسم بعزة الله ليغوين جميعالآدميين . لا يستثني إلا من ليس له عليهم سلطان . لا تطوعاً منه ولكن عجزاً عنبلوغ غايته فيهم ! وبهذا يكشف عن الحاجز بينه وبين الناجين من غوايته وكيده ; والعاصم الذي يحول بينهم وبينه . إنه عبادة الله التي تخلصهم لله . هذا هو طوقالنجاة . وحبل الحياة ! . . وكان هذا وفق إرادة الله وتقديره في الردى والنجاة . فأعلن - سبحانه - إرادته . وحدد المنهج والطريق: (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْأَجْمَعِينَ) .
فهي المعركة إذن بين الشيطان وأبناء آدم , يخوضونها على علم . والعاقبة مكشوفة لهم في وعد الله الصادق الواضح المبين . وعليهمتبعة ما يختارون لأنفسهم بعد هذا البيان . وقد شاءت رحمة الله ألا يدعهم جاهلين ولاغافلين . فأرسل إليهم المنذرين .
تعليم آدم الأسماء:
ثميروي القرآنالكريم قصة السر الإلهيالعظيم الذي أودعه الله هذاالكائن البشري , وهو يسلمه مقاليد الخلافة: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءكُلَّهَا) . سر القدرة علىالرمز بالأسماء للمسميات . سر القدرة على تسمية الأشخاص والأشياء بأسماء يجعلها - وهي ألفاظ منطوقة - رموزا لتلك الأشخاص والأشياء المحسوسة . وهي قدرة ذات قيمة كبرىفي حياة الإنسان على الأرض . ندرك قيمتها حين نتصور الصعوبة الكبرى , لو لم يوهبالإنسان القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات , والمشقة في التفاهم والتعامل , حينيحتاج كل فرد لكي يتفاهم مع الآخرين على شيء أن يستحضر هذا الشيء بذاته أمامهمليتفاهموا بشأنه . . الشأن شأن نخلة فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا باستحضار جسمالنخلة ! الشأن شأن جبل . فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا بالذهاب إلى الجبل ! الشأنشأن فرد من الناس فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا بتحضير هذا الفرد من الناس . . . إنها مشقة هائلة لا تتصور معها حياة ! وإن الحياة ما كانت لتمضي في طريقها لو لميودع الله هذا الكائن القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات .
أما الملائكة فلا حاجة لهم بهذه الخاصية , لأنها لا ضرورة لها فيوظيفتهم . ومن ثم لم توهب لهم . فلما علم الله آدم هذا السر , وعرض عليهم ما عرض لميعرفوا الأسماء . لم يعرفوا كيف يضعون الرموز اللفظية للأشياء والشخوص . . وجهرواأمام هذا العجز بتسبيح ربهم , والاعتراف بعجزهم , والإقرار بحدود علمهم , وهو ماعلمهم . .ثم قام آدم بإخبارهم بأسماء الأشياء .ثم كان هذا التعقيب الذي يردهم إلى إدراك حكمة العليمالحكيم: (قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِوَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْتَكْتُمُونَ) .
أراد الله تعالى أن يقولللملائكة إنه عَـلِـمَما أبدوه من الدهشة حين أخبرهم أنه سيخلق آدم، كما علم ماكتموه من الحيرة في فهم حكمة الله، كما علم ما أخفاه إبليس من المعصية والجحود.. أدرك الملائكة أن آدم هو المخلوق الذي يعرف.. وهذا أشرف شيء فيه.. قدرته على التعلموالمعرفة.. كما فهموا السر في أنه سيصبح خليفة في الأرض، يتصرف فيها ويتحكم فيها.. بالعلم والمعرفة.. معرفة بالخالق.. وهذا ما يطلق عليه اسم الإيمان أو الإسلام.. وعلم بأسباب استعمار الأرض وتغييرها والتحكم فيها والسيادة عليها.. ويدخل في هذاالنطاق كل العلوم المادية على الأرض.
إن نجاح الإنسان في معرفة هذين الأمرين (الخالق وعلومالأرض) يكفل له حياة أرقى.. فكل من الأمرين مكمل للآخر.
سكن آدم وحواء في الجنة:
كان آدم يحس الوحدة.. فخلق الله حواء من أحد منه، فسمّاها آدم حواء. وأسكنهما الجنة. لا نعرف مكان هذه الجنة. فقدسكت القرآن عن مكانهاواختلف المفسرون فيها على خمسة وجوه. قال بعضهم: إنها جنة المأوى، وأن مكانهاالسماء. ونفى بعضهم ذلك لأنها لو كانت جنة المأوى لحرم دخولها على إبليس ولما جازفيها وقوع عصيان. وقال آخرون: إنها جنة المأوى خلقها الله لآدم وحواء. وقال غيرهم: إنها جنة من جنات الأرض تقع في مكان مرتفع. وذهب فريق إلى التسليم في أمرهاوالتوقف.. ونحن نختار هذا الرأي. إن العبرة التي نستخلصها من مكانها لا تساوي شيئابالقياس إلى العبرة التي تستخلص مما حدث فيها.
لم يعد يحس آدم الوحدة. كان يتحدث مع حواء كثيرا. وكان الله قد سمح لهما بأن يقتربا من كل شيء وأن يستمتعابكل شيء، ما عدا شجرة واحدة. فأطاع آدم وحواء أمر ربهما بالابتعاد عنالشجرة.غير أن آدم إنسان،والإنسان ينسى، وقلبه يتقلب، وعزمه ضعيف. واستغل إبليس إنسانية آدم وجمع كل حقده فيصدره، واستغل تكوين آدم النفسي.. وراح يثير في نفسه يوما بعد يوم. راح يوسوس إليهيوما بعد يوم: (هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّايَبْلَى) .
تسائل أدم بينه وبين نفسه. ماذا يحدث لو أكل من الشجرة ..؟ ربما تكون شجرة الخلد حقا، وكل إنسان يحب الخلود. ومرت الأيام وآدم وحواء مشغولان بالتفكير في هذه الشجرة. ثم قررا يوما أن يأكلامنها. نسيا أن الله حذرهما من الاقتراب منها. نسيا أن إبليس عودهما القديم. ومد آدميده إلى الشجرة وقطف منها إحدى الثمار وقدمها لحواء. وأكل الاثنان من الثمرةالمحرمة.
ليس صحيحا ما تذكره صحفاليهود من إغواء حواء لآدم وتحميلها مسئولية الأكل من الشجرة. إن نص القرآن لا يذكرحواء. إنما يذكر آدم -كمسئول عما حدث- عليه الصلاة والسلام. وهكذا أخطأ الشيطانوأخطأ آدم. أخطأ الشيطان بسبب الكبرياء، وأخطأ آدم بسبب الفضول.
لم يكد آدم ينتهي من الأكلحتى اكتشف أنهأصبحعار، وأن زوجته عارية. وبدأ هو وزوجتهيقطعان أوراق الشجر لكي يغطي بهما كل واحد منهما جسده العاري.وأصدر الله تبارك وتعالى أمره بالهبوط من الجنة.
هبوط آدم وحواء إلى الأرض:
وهبط آدم وحواء إلى الأرض. واستغفرا ربهما وتاب إليه.فأدركته رحمة ربه التي تدركه دائما عندما يثوب إليها ويلوذ بها ... وأخبرهما الله أن الأرضهي مكانهما الأصلي.. يعيشان فيهما، ويموتان عليها، ويخرجان منها يومالبعث.
يتصور بعض الناس أن خطيئةآدم بعصيانه هي التي أخرجتنا من الجنة. ولولا هذه الخطيئة لكنا اليوم هناك. وهذاالتصورغير منطقيلأن الله تعالىحين شاء أن يخلق آدم قال للملائكة: "إِنِّي جَاعِلٌ فِيالأَرْضِ خَلِيفَةً" ولم يقل لهما إني جاعل في الجنةخليفة. لم يكن هبوط آدم إلى الأرض هبوط إهانة، وإنما كان هبوط كرامة كما يقولالعارفون بالله. كان الله تعالى يعلم أن آدم وحواء سيأكلان من الشجرة. ويهبطان إلىالأرض. أماتجربةالسكن في الجنة فكانتركنامن أركان الخلافة في الأرض. ليعلم آدم وحواء ويعلم جنسهما من بعدهما أنالشيطان طرد الأبوين من الجنة، وأن الطريق إلى الجنة يمر بطاعة الله وعداءالشيطان.
هابيل وقابيل:
لا يذكر لناالمولى عزّ وجلّ في كتابه الكريم الكثير عن حياة آدم عليه السلام في الأرض. لكنالقرآن الكريم يروي قصة ابنين من أبناء آدم هما هابيل وقابيل. حين وقعت أول جريمةقتل في الأرض. وكانت قصتهما كالتالي.
كانت حواء تلد في البطنالواحد ابنا وبنتا. وفي البطن التالي ابنا وبنتا. فيحل زواج ابن البطن الأول منالبطن الثاني.. ويقال أنقابيل كانيريد زوجةهابيللنفسه.. فأمرهما آدم أن يقدما قربانا، فقدم كل واحد منهما قربانا، فتقبلالله منهابيلولم يتقبل منقابيل. قال تعالى في سورة (المائدة):

وَاتْلُعَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَمِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَإِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ(27)لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَلِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَإِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُاللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ(28) (المائدة)

لاحظ كيف ينقل إلينا اللهتعالى كلمات القتيل الشهيد، ويتجاهل تماما كلمات القاتل. عاد القاتل يرفع يدهمهددا.. قال القتيل في هدوء:

إِنِّيأُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِوَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ(29) (المائدة)

انتهى الحوار بينهماوانصرف الشرير وترك الطيب مؤقتا. بعد أيام.. كان الأخ الطيب نائما وسط غابة مشجرة.. فقام إليه أخوه قابيلفقتله. قال رسول الله صلىالله عليه وسلم: "لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأولكفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل". جلس القاتل أمام شقيقهالملقى على الأرض. كان هذا الأخ القتيل أول إنسان يموت علىالأرض.. ولم يكن دفن الموتى شيئا قد عرف بعد. وحمل الأخ جثة شقيقه وراح يمشي بها.. ثم رأىالقاتل غرابا حيابجانبجثة غراب ميت. وضع الغراب الحي الغراب الميت على الأرض وساوى أجنحته إلى جواره وبدأيحفر الأرض بمنقاره ووضعه برفق في القبر وعاد يهيل عليه التراب.. بعدها طار في الجووهو يصرخ.
اندلع حزنقابيلعلى أخيههابيلكالنار فأحرقهالندم. اكتشف أنه وهو الأسوأ والأضعف، قد قتل الأفضل والأقوى. نقص أبناء آدم واحدا. وكسب الشيطان واحدا من أبناء آدم. واهتز جسد القاتل ببكاء عنيف ثم أنشب أظافره فيالأرض وراح يحفر قبر شقيقه.
قال آدم حين عرفالقصة: (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّمُّبِينٌ) وحزن حزنا شديدا على خسارته في ولديه. مات أحدهما، وكسب الشيطان الثاني. صلىآدم على ابنه، وعاد إلى حياته على الأرض: إنسانا يعمل ويشقى ليصنع خبزه. ونبيا يعظأبنائه وأحفاده ويحدثهم عن الله ويدعوهم إليه، ويحكي لهم عن إبليس ويحذرهم منه. ويروي لهم قصته هو نفسه معه، ويقص لهم قصته مع ابنه الذي دفعه لقتلشقيقه.
موت آدم عليه السلام:
وكبر آدم. ومرت سنوات وسنوات.. وعن فراش موته، يرويأبي بن كعب،فقال: إن آدم لما حضره الموت قال لبنيه: أي بني، إني أشتهي من ثمار الجنة. قال: فذهبوا يطلبون له، فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه، ومعهم الفؤوس والمساحيوالمكاتل، فقالوا لهم: يا بني آدم ما تريدون وما تطلبون؟ أو ما تريدون وأين تطلبون؟قالوا: أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنة، فقالوا لهم: ارجعوا فقد قضي أبوكم. فجاءوافلما رأتهم حواء عرفتهم فلاذت بآدم، فقال: إليك عني فإني إنما أتيت من قبلك، فخليبيني وبين ملائكة ربي عز وجل. فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه، وحفروا له ولحدوه وصلواعليه ثم أدخلوه قبره فوضعوه في قبره، ثم حثوا عليه، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم.
 
أعلى