فقه السنة - كتاب العبادات

بسم الله الرحمان الرحيم،
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،


ملخّص آداب قضاء الحاجة

آداب قضاء الحاجة 15:
1- عدم حمل ما فيه اسم الله
2- البعد والإستتار من الناس وإليكم هذه الحادثة عن الحياء:

---***---
تروي لنا عائشة قصة عجيبة يشهد فيها رسول الله أن الملائكة تستحي من عثمان. فقد قالت رضي الله عنها كان رسول الله
salla-icon.gif
مضطجعاً في بيتي، كاشفاً عن فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر
radia-icon.gif
فأذن له وهو على تلك الحال. فتحدّث، ثم استأذن عمر
radia-icon.gif
فأذن له وهو كذلك فيتحدث ثم استأذن عثمان
radia-icon.gif
، فجلس رسول الله وسوى ثيابه فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتشّ له ولم تباله، (أي لم تغير من حالك شيء) ثم دخل عمر فلم تهتشّ له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك، فقال: "ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة" رواه مسلم.

الله أكبر، لا إله إلا الله عجباً لك يا ابن عفان تستحي منك الملائكة لشدة حيائك وتشُد عليك ثيابك حتى لا يظهر شيء منك وتغتسل وحدك فلا تقيم صلبك حياءً من الله أن ترى شيئاً من عورتك وتحدثنا عن نفسك، وتقول: إنك ما مسست فرجك بيمينك منذ بايعت رسول الله
salla-icon.gif
، فكيف لو رأيت زماننا هذا الذي ظهرت فيه النساء لا أقول الرجال بل النساء ظهرن بلباس فاتن وأظهرن مفاتنهن للرجال.
بل أين أنت من رجال لا يتورعون ولا يستحون أن تبدو شيء من عوراتهم ويلبسون القصير ويجولون فيه كل سوق واجتماع دون حياء من أنفسهم أو من الناس، وإلى الله المشتكى، فرضي الله عن عثمان بن عفان، فلقد كان مثلاً رائعاً للصدق والإيمان والحياء والبذل في سبيل الله.
---***---
منقول من موقع islamdoor.com خطبة جمعة عنوانها: وقفات في سيرة عثمان

3- الجهر بالتسمية والإستعاذة قبل الدخول: "بسم الله، اللهم إني أستعيذ بك من الخُبثِ والخبائث"
4- أن يكفّ عن الكلام إلا لضرورة مثل أن يرشد أعمى قبل أن يصيبه مكروه، فلا يردّ السلام ولا يجيب من يشمّته إذا عطس وأن يحمد الله في سرّه دون أن يحرّك لسانه.

5- أن يعظم القبلة فلا يستقبلها ولا يستدبرها إذا كان في الخلاء فإن كان في بنيان (مثل المرحاض) فيجوز ذلك لوجود ستر بينه وبين القبلة.

6- أن يحرص ألا يصيبه شيء من رشاش بوله فيلتمس مكانا سهلا منخفضا.

7- ألا يبول في جُحر أو حفرة حتى لا يؤذي أو يؤذيه من يسكن ذلك الجحر، ولما ورد في أنها مساكن الجن.

8- ألا يبول في طريق الناس، أو مكان يستظلون به أو يقصدونه للحديث.

9- ألا يبول في المكان الذي يستحم فيه إلا إن كانت هناك بالوعة، وألا يبول في الماء الراكد أو الجاري (النهر...)

10-
أن يحرص على البول جالسا مع كراهية البول قائما.

11- أن يستنجي من بوله وغائطه بثلاث حجرات ليس أقل (يمكن قياس الحجر بمنديل أو ورق مع وجوب مراعاة العدد: 3 مرّات)، أو بالماء. وقد ورد أن معظم عذاب القبر بسبب عدم الاستنجاء. ويجب ألا يستنجي بشيء نجس أو بعظم لما ورد بأنها طعام الجن المؤمن.

12- أن يُنزّه يمينه فلا يستنجي بها.

13- أن يُنظف يده بعد الإستنجاء وذلك بدلكها بالأرض أو بغسلها بالماء والصابون إن وجد.

14- أن يرشّ الماء على سراويله إذا أتمّ قضاء الحاجة حتى يُبعد الوسواس.

15- إذا دخل إلى الخلاء دخل برجله اليسرى وإذا خرج باليمنى ويقول "غفرانك"

سبحانك الله وبحمدك، لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، لك الملك ولك الحمد، تحيي وتميت وأنت الحيّ الذي لا يموت، بيدك الخير وإنك على كل شيء قدير
 
جزاك الله كل خير على هذه المعلومات القيم و ارجو منكم ان تتناولوا مسالة المسح على الخفين
مع هذا الرابط
http://www.4shared.com/file/49721463/570b9301/___online.html/المسح على الخفين.pps

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

سيدي الكريم عامر،
بارك الله فيك على المرور وغفر لوالديك ورحمهما كما ربياك صغيرا،

فيما يخص المسح على الخفين، هناك سيدي الكريم جزء كامل خاص بهذا سيأتي إن شاء الله بعد باب الوضوء وقبل جزء الغسل وفيه:

المسح على الخفين:

1- دليل مشروعيّته
2- مشروعيّة المسح على الجوربين
3- شروط المسح على الخف وما في معناه
4- محل المسح
5- توقيت المسح
6- صفة المسح
7- ما يبطل المسح

وقد اطلعت على الملف المرفق فرأيت أنه يحوي تفاصيل أكثر لا بد من المرور بها. جزاك الله خيرا على هذه الإفادة.

أرجو من الإخوة الكرام أن يعذروني على التأخير الحاصل في إكمال هذا الموضوع وذلك ناتج عن انشغال في العمل، اللهم إني أسألك أن تعينني عليه آمين وأيضا أيّا من الإخوة أو الأخوات الذين يريدون الإضافة اللهم أعنهم على ذلك.

 
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سُــــنـــن الفِـــــطـــرة

1-الختان: وهو قطعة الجلدة التي تغطي الحشفة، لئلا يجتمع فيها الوسخ، وليتمكن من الإستبراء من البول، ولئلا تنقص لذة الجماع، هذا بالنسبة للرجل.
وأما المرأة فيقطع الجزء الأعلى من الفرج بالنسبة لها (أحاديث الأمر بالنسبة للمرأة ضعيفة لا يصح منها شيء) وهو سنة قديمة. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اختتن إبراهيم خليل الرحمان بعدما أتت عليه ثمانون سنة، واختتم بالقدوم" (القدوم= آلة النجار أو موضع بالشام) رواه البخاري ومذهب الجمهور أنه واجب ويرى الشافعية استحبابه يوم السابع، وقال الشوكاني لم يرد تحديد وقت له ولا ما يفيد وجوبه.

2- الإستحداد ونتف الإبط: (الإستحداد= حلق العانة وهو الشعر الذي ينبت فوق الفرج رجالا أو نساءا)
وهما سنتان يجزئ فيهما الحلق والقص والنتف والنورة.

3- تقليم الأضافر وقص الشارب أو إحفاؤه: وبكل منهما وردت روايات صحيحة، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خالفوا المشركين: وفّروا اللحي، واحفوا الشوارب" رواه الشيخان، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "خمس من الفطرة: الاستحداد، والختان، وقص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر" رواه الجماعة. فلا يتعيّن منهما شيء وبأيهما تحقق السنة. فإن المقصود أن لا يطول الشارب حتى يتعلق به الطعام والشراب ولا يجتمع فيه الأوساخ.
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يأخذ من شاربه فليس منا" رواه أحمد والنسائي والترمذي صحّحه.
ويستحبّ الاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقصّ الشارب أو إحفاؤه كل أسبوع استكمالا للنظافة واسترواحا للنفس، فإن بقاء بعض الشعور في الجسم يولد فيها ضيقا وكآبة. وقد رخص ترك هذه الأشياء إلى الأربعين، ولا عذر لتركه بعد ذلك: لحديث أنس رضي الله عنه قال: "وقـّت لنا النبيّ صلى الله عليه وسلم في قصّ الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وحلق العانة، ألا يُترك أكثر من أربعين ليلة. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما.

4- إعفاء اللحية وتركها حتى تكثر: بحيث تكون مظهرا من مظاهر الوقار، فلا تقصر تقصيرا يكون قريبا من الحلق ولا تترك حتى تفحش، بل يحسن التوسط فإنه في كل شيء حسن. ثم إنها من تمام الرجولة، وكمال الفحولة. فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خالفوا المشركين: وفّروا اللحيّ، (حمل الفقهاء هذا الأمر على الوجوب وقالوا بحرمة حلق اللحية بناءا على هذا الأمر)، وأحفوا الشوارب" متفق عليه. زاد البخاري: "وكان ابن عمر إذا حجّ أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه".

5- إكرام الشعر إذا وفر وتُرك بأن يدهن ويسرّح، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من كان له شعر فليكرمه" رواه أبو داود. وعن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال: أتى رجل النبيّ صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس (شعث غير مدهون ولا مرجل) فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأنه يأمره بإصلاح شعره ولحيته، ففعل ثم رجع، فقال صلى الله عليه وسلم: "أليس هذا خيرا من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان" رواه مالك. وعن أبي قتادة رضي الله عنه، أنه كان له جمة ضخمة، فسأل النبيّ صلى الله عليه وسلم فأمره أن يحسن إليها، وأن يترجل كل يوم، رواه النسائي. ورواه مالك في الموطأ بلفظ: "قلت: يا رسول الله إن لي جُمَّةً (الشعر إذا بلغ المنكبين) أفأرجلها؟ قال: "نعم... وأكرمها" فكان أبو قتادة ربما دهنها في اليوم مرتين من أجل قوله صلى الله عليه وسلم: "وأكرمها".
وحلق شعر الرأس مباح وكذا توفيره لمن يكرمه لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "احلقوا كله أو ذروه كله" رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.
وأما حلق بعضه وترك بعضه فيكره تنزيها، لحديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن القزع، فقيل ما القزع؟ قال أن يُحلَقَ بعض رأس الصبيّ ويترك بعضه" متّفق عليه، ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق.

6- ترك الشيب وإبقاؤه: سواء كان في اللحية أم في الرأس، والمرأة والرجل سواء لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تُنتَف الشيب فإنه نور المسلم، ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب الله له بها حسنة، ورفعه بها درجة، وحطّ عنه بها خطيئة" رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وعن أنس رضي الله عنه قال "كنا نكره أن ينتف الرجل الشعرة البيضاء من رأسه ولحيته" رواه مسلم.

7- تغيير الشيب بالحناء والحمرة والصفرة ونحوها: لحديث ابن هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم" رواه الجماعة، ولحديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحسن ما غَيرتُم به هذا الشيب الحناء والكتم" (الكتم: نبات يخرج الصبغة أسود مائل إلى الحمرة) رواه الخمسة.
وقد ورد فيما يفيد كراهية الخضاب، ويظهر أن هذا مما يختلف باختلاف السن والعرف والعادة. فقد رُوي عن بعض الصحابة أن ترك الخضاب أفضل، ورُوي عن بعضهم أن فعله أفضل، وكان بعضهم يخضب بالصفرة، وبعضهم بالحناء والكتم وبعضهم بالزعفران وخضب جماعة منهم بالسواد. ذكر الجاحظ في الفتح عن ابن شهاب الزهري أنه قال: "كنا نخضب بالسواد إذا كان الوجه حديدا فلما نفض الوجه والأسنان تركناه"
وأما حديث جابر رضي الله عنه قال: "جيء بأبي قحافة (والد أبي بكر) يوم الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رأسه ثغامة (نبت يشبه بياض الشعر) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اذهبوا به إلى بعض نسائه فلتغيره بشيء وجنبوه السواد" رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي، فإنه واقعة عين، ووقائع الأعيان لا عموم لها. ثم إنه لا يستحسن لرجل كأبي قحافة، وقد اشتعل رأسه شيبا، أن يصبغ بالسواد، فهذا مما لا يليق بمثله.

8- التطيّب بالمسك: وغيره من الطيب الذي يسرّ النفس، ويشرح الصدر، وينبه الروح، ويبعث في البدن نشاطا وقوّة، لحديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حُبِّبَ إليَّ من الدنيا النساء والطيب وجُعِلت قرّة عيني في الصلاة" رواه أحمد والنسائي. ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من عرض عليه طيب فلا يردّه، فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة" رواه مسلم والنسائي وأبو داود.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال في المسك: "هو أطيب الطيب" رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجة.
وعن نافع قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما يستجمر بالألُوَّة (العود الذي يتبخّر به) غير مُطرَّأة (غير مخلوطة بغيرها من الطيب)، وبكافور يطرحه مع الألوَّة ويقول: هكذا كان يستجمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه مسلم والنسائي.

انتهى بحمد الله هذا الجزء الخاص بسنن الفطرة التي تميّز المسلم عن غيره.

وبهذا تتم تحضيرات المسلم ليدخل في الوضوء كأحسن ما يكون في طهارة وبُعدٍ عن النجاسة وهو على سنن الفطرة التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويأتي في باب الوضوء إن شاء الله:
- الوضوء:
1- دليل مشروعيّته
2- فضله
3- فرائضه (وهي ستة فرائض)

- سنن الوضوء
- مكروهاته
- نواقض الوضوء
- ما لا ينقض الوضوء
- ما يجب له الوضوء
- ما يستحبّ له الوضوء
- فوائد يحتاج المتوضيء إليها

ومن بعده بإذن الله جزء خاص بالمسح على الخفين.

سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، لك الملك ولك الحمد، تحيي وتميت وأنت الحيّ الذي لا يموت، بيدك الخير وإنك على كل شيء قدير
لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحدا صمدا لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد
 
جزاك الله خيرا و احبك الله اخي ارجوا منك المزيد وكثر الله من اامثالك
 
بسم الله الرحمان الرحيم،
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

سادتي الكرام، أرجو المعذرة على هذا التأخير الحاصل عن انشغال بالعمل.

نكمل هنا كتاب العبادات من فقه السنة بالجزء الأول من باب الوضوء:

بـــــاب الوضـــــــــــوء


الجـــــــزء الأوّل

الوضوء معروف بأنه طهارة مائية تتعلق بالوجه واليدين والرأس والرجلين، ومباحثه ما يأتي:

1- دليل مشروعيّته:

ثبتت مشروعيّته بأدلة ثلاث:
الدليل الأوّل: الكتاب الكريم: قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ" المائدة (6)،

الدليل الثاني: السنة: روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضّأ" رواه الشيخان وأبو داود والترمذي،

الدليل الثالث: الإجماع: انعقد إجماع المسلمين على مشروعيّة الوضوء من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى يومنا هذا فصار معلوما من الدين بالضرورة.

2- فضله:

ورد في فضل الوضوء أحاديث كثيرة نكتفي بالإشارة إلى بعضها:

- عن عبد الله الصُّنابحي رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضّأ العبد فَمَضْمَضَ خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظافر يديه، فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أُذُنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من أظافر رجليه، ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة" رواه مالك والنسائي وابن ماجة والحاكم.

- وعن أنس رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إن الخصلة الصالحة تكون في الرجل يصلح له بها عمله كله، وطهور الرجل لصلاته يكفّر الله بطهوره ذنوبه وتبقى صلاته له نافلةً" رواه أبو يعلي والبزار والطبراني في الأوسط.

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟" قالوا بلى يا رسول الله، قال: "إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرّباط (المرابطة والجهاد في سبيل الله، أي أن المواضبة على الطهارة والعبادة تعدل الجهاد في سبيل الله) فذلكم الرباط" رواه مالك ومسلم والترمذي والنسائي.

- وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم عن قريب لاحقون، وددت لو أنا قد رأينا إخواننا" قالوا: أو لسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: "أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد" قالوا كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله؟ قال: "أرأيت لو أن رجلا له خيلٌ غَرٌّ محجَّلةٌ بين ظهرَيْ خيلٍ دُهمٍ بُهمٍ (دهم بهم: سود) ألا يعرف خيله؟" قالوا بلى يا رسول الله، قال: "فإنهم يأتون غرّا محجّلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض (فرطهم: أتقدمهم)، ألا ليذادنّ رجالٌ عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلمّ، فيقال إنهم بدلوا بعدك، فأقول: سحقا سحقا (سحقا: بعدا)" رواه مسلم

3- فرائضه:

للوضوء فرائض وأركان تترتب منها حقيقته، إذا تخلف فرض منها لا يتحقّق ولا يعتد به شرعا وهذه بيانها:

الفرض الأوّل: النيّة: وحقيقتها الإرادة المتوجهة نحو الفعل، ابتغاء رضا الله تعالى وامتثال حكمه، وهي عمل قلبي محض لا دخل للسان فيه، والتلفظ بها غير مشروع ودليل فرضيّتها حديث عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الأعمال بالنيّات (أي إنما صحّتها بالنيات فالعمل بدونها لا يعتد به شرعا) وإنما لكل امريء ما نوى" رواه الجماعة.

الفرض الثاني: غسل الوجه مرّة واحدة: أي إسالة الماء عليه، لأن معنى الغسل الإسالة. وحدُّ الوجه من أعلى تسطيح الجبهة إلى أسفل اللحيين طولا ومن شحمة الأذن إلى شحمة الأذن عرضا.

الفرض الثالث: غسل اليدين إلى المرفقين: والمرفق هو المفصل الذي بين العضد والساعد، ويدخل المرفقان فيما يجب غسله وهذا هو المطرد من هَدي النبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه ترك غسلهما.

الفرض الرابع: مسح الرأس: والمسح معناه الإصابة بالبلل، ولا يتحقّق إلا بحركة العضو الذي يمسح ملصقا بالممسوح فوضع اليد أو الإصبع على الرأس أو غيره لا يسمى مسحا، ثم إن ظاهر قوله تعالى: "وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ" لا يقتضي وجوب تعميم الرأس بالمسح، بل يفهم منه أن مسح بعض الرأس يكفي في الإمتثال، والمحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذاك طرق ثلاث:

أ- مسح جميع رأسه: ففي حديث عبد الله بن زيد: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه فأقبل بها وأدبر، بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب إلى قفاه ثم ردّهما إلى المكان الذي بدأ منه" رواه الجماعة.

ب- مسحه على العمامة وحدها: ففي حديث عمرو بن أُميّة رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته وخفيه" رواه أحمد والبخاريّ وابن ماجّة. وعن بلال أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "امسحوا على الخفين والخمار" رواه أحمد، (الخمار: الثوب الذي يوضع على الرأس كالعمامة والحجاب...)
وقال عمر رضي الله عنه: "من لم يطهره المسح على العمامة لا طهّره الله" وقد ورد في ذلك أحاديث رواها البخاري ومسلم وغيرهما من الأئمة. كما ورد العمل به عن كثير من أهل العلم.

ج- مسحه على الناصية والعمامة: ففي حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم توضّأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين" رواه مسلم. هذا هو المحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يحفظ عنه الاقتصار على مسح بعض الرأس، وإن كان ظاهر الآية يقتضيه كما تقدم، ثم إنه لا يكفي مسح الشعر الخارج عن محاذاة الرأس كالضفيرة.

الفرض الخامس: غسل الرجلين مع الكعبين: وهذا هو الثابت المتواتر من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وقوله.
قال ابن عمر رضي الله عنهما: تخلف عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة فأدركنا وقد أرهقنا (أخّرنا) العصر فجعلنا نتوضّأ ونمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته: "ويل للأعقاب (العظم الناتيء عند مفصل الساق والقدم) من النار" مرّتين أو ثلاثا. متفق عليه.
قال عبد الرحمان بن أبي ليلى: أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غسل العقبين.
وما تقدم من الفرائض هو المنصوص عليه في قول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ" المائدة (6)

الفرض السادس: الترتيب: لأن الله تعالى قد ذكر في الآية فرائض الوضوء مرتبة مع فصل الرجلين عن اليدين، وفريضة كل منهما الغسل، بالرأس الذي فريضته المسح، والعرب لا تقطع النظير عن النظير إلا لفائدة، وهي هنا الترتيب، والآية ما سيقت إلا لبيان الواجب، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "إبدأوا بما بدأ الله به" ومضت السنة العملية على هذا الترتيب بين الأركان فلم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه توضّأ إلا مرتبا، والوضوء عبادة ومدار الأمر في العبادات على الإتباع، فليس لأحد أن يخالف المأثور في كيفية وضوئه صلى الله عليه وسلم، خصوصا ما كان مطردا منها.

هنا تنتهي فقرة فرائض الوضوء ويأتي في الجزء الثاني من باب الوضوء سننه.

سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، لك الملك ولك الحمد، تحيي وتميت، وأنت الحي الذي لا يموت، بيدك الخير وإنك على كل شيء قدير.
لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحد صمدا لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد.

 
بسم الله الرحمان الرحيم،
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،


بـــــاب الوضـــــــــــوء

الجـــــــزء الثــــاني
سُنن الوضوء


أي ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل من غير لزوم ولا إنكار على من تركها وبيانها كالآتي:

1- التسمية في أوّله:
ورد في التسمية للوضوء أحاديث ضعيفة لكن مجموعها يزيدها قوة تدل على أن لها أصلا، وهي بعد ذلك أمر حسن في نفسه، ومشروع في الجملة.



2- السّواك:
ويطلق على العود الذي يستاك به وعلى الإستياك نفسه، وهو دلكُ الأسنان بذلك العود أو نحوه من كل خشن تنظف به الأسنان، وخير ما يستاك به عود الأراك الذي يؤتى به من الحجاز، لأن من خواصه أن يشد اللثة، ويحول دون مرض الأسنان، ويقوي على الهضم، ويدرّ البول، وإن كانت السنة تحصل بكل ما يزيل صفرة الأسنان وينظف الفم كالفرشاة ونحوها. وعن أبي هريرة رض الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن أشقّ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء" رواه مالك والشافعي والبيهقي والحاكم.
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب" رواه أحمد والنسائي والترمذي.
وهو مستحب في جميع الأوقات ولكن في خمسة أوقات أشد استحبابا:
- عند الوضوء
- عند الصلاة
- عند قراءة القرآن
- عند الاستيقاظ من النوم
- عند تغير الفم
والصائم والمفطر واستعماله أول النهار وآخره سواء، لحديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما لا أحصي، يتسوّك وهو صائم" رواه أحمد وأبو داود والترمذي. وإذا استعمل السواك، فالسنة غسله بعد الاستعمال تنظيفا له، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم، يستاك فيعطيني السواك لأغسله، فأبدأ به فأستاك ثم أغسله وأدفعه إليه" رواه أبو داود والبيهقي. ويستن لمن لا أسنان له أن يستاك بأصبعه، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: "يا رسول الله الرجل الذي يذهب فوه أيستاك؟" قال: "نعم" قلت: "كيف يصنع؟" قال: "يدخل إصبعه في فيه" رواه الطبراني.

3- غسل الكفين ثلاثا في أوّل الوضوء:
لحديث أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فاستوكف (أي غسل كفيه) ثلاثا" رواه أحمد والنسائي. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في إناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده" رواه الجماعة، إلا أن البخاري لم يذكر العدد.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه السنة: (غسل الكفين ثلاثا في أوّل الوضوء) لا تغني عن غسلهما (عن غسل اليدين) في الفرض: قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا إذْ قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ" المائدة (6).

4- المضمضة ثلاثا:
لحديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضأت فمضمض"(المضمضة: إدارة الماء وتحريكه في الفم) رواه أبو داود والبيهقي.

5- الاستنشاق والاستنثار ثلاثا:
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضّأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم ليستنثر" رواه الشيخان وأبو داود. والسنة أن يكون الاستنشاق باليمنى والاستنثار باليسرى، لحديث علي رضي الله عنه: أنه دعا بوَضُوء (الوَضُوء بفتح الواو: اسم الماء الذي يُتوَضّأ به) فتمضمض واستنشق (الاستنشاق: إدخال الماء في الأنف والاستنثار إخراجه منه بالنفس) ونثر باليسرى، ففعل هذا ثلاثا، ثم قال: "هذا طهور نبيّ الله صلى الله عليه وسلم" رواه أحمد والنسائي،
وتتحقق المضمضة والاستنشاق إذا وصل الماء إلى الفم والأنف بأي صفة، إلا أن الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصل بينهما، فعن عبد الله بن زيد: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنثر بثلاث غرفات" متفق عليه.
ويسن المبالغة فيهما لغير الصائم، لحديث لقيط رضي الله عنه قال: قلت "يا رسول الله أخبرني عن الوضوء" قال: "أسبغ الوضوء وخلّل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما" رواه الخمسة، وصححه الترمذي.


6- تخليل اللحية:
لحديث عثمان رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم يخلل لحيته" رواه ابن ماجة والترمذي وصححه. وعن أنس رضي الله عنه: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا توضّأ أخذ كفّا من ماء، فأدخله تحت حنكه فخلل به، وقال: "هكذا أمرني ربي عز وجل" رواه أبو داود والبيهقي والحاكم.

7- تخليل الأصابع:
لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضّأت فخلل أصابع يديك ورجليك" رواه أحمد والترمذي وابن ماجة. وعن المستورد بن شداد رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلل أصابع رجليه بخنصره" رواه الخمسة إلا أحمد.
وقد ورد ما يفيد استحباب تحريك الخاتم ونحوه كالأساور، إلا أنه لم يصل إلى درجة الصحيح، لكن ينبغي العمل به لدخوله تحت عموم الأمر بالإسباغ.

8- تثليث الغسل:
وهو السنة التي جرى عليها العمل غالبا، وما ورد مخالفا لها فهو لبيان الجواز، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء، فأراه ثلاثا ثلاثا وقال: "هذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم" رواه أحمد والنسائي وابن ماجة. وعن عثمان رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم توضّأ ثلاثا ثلاثا" رواه أحمد ومسلم والترمذي وصحّ أنه صلى الله عليه وسلم توضّأ مرّة مرّة ومرّتين مرّتين، أما مسح الرأس مرّة واحدة فهو الأكثر رواية.

9- التيامن:
أي البدء بغسل اليمين قبل غسل اليسار من اليدين والرجلين، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيامن في تنعله وترجله وطهوره (التنعّل لبس النعل، والترجل تسريح الشعر، والطهور يشمل الوضوء والغسل)، وفي شأنه كله "متفق عليه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا لبستم وإذا توضّأتم فابدءوا بأيمانكم" (أيمانكم: جمع يمين: والمراد اليد اليمنى أو الرجل اليمنى) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي.

10- الدلك:
وهو إمرار اليد على العضو مع الماء أو بعده، فعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أتى بثلث مد فتوضأ فجعل بذلك ذراعيه" رواه خزيمة وعنه رضي الله عنه: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم توضّأ فجعل يقول: هكذا يدلك" رواه أبو داود الطيالسي وأحمد وابن حبان وأبو يعلى.

11- الموالاة:
أي تتابع غسل الأعضاء بعضها إثر بعض، بألا يقطع المتوضيء وضوءه بعمل أجنبي، يعد في العرف انصرافا عنه. وعلى هذا مضت السنة وعليها عمل المسلمون سلفا وخلفا.

12- مسح الأذنين:
والسنة مسح باطنها بالسبّابتين وظاهرهما بالإبهامين بماء الرأس لأنها منه. فعن المقدام ابن معد يكرب رضي الله عنه: "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم مسح في وضوءه رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وأدخل أصبعيه في صماخي أذنيه" رواه أبو داود والطحاوي، وعن ابن عباس رضي الله عنهما في وصفه وضوء النبيّ صلى الله عليه وسلم: "ومسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة" رواه أحمد وأبو داود. وفي رواية "مسح رأسه وأذنيه وباطنهما بالمسبحتين (أي بالسبابتين) وظاهرهما بإبهاميه".

13- إطالة الغرّة والتحجيل:
أما إطالة الغرة فبأن يغسل ما فوق المرفقين والكعبين، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إن أمتي يأتون يوم القيامة غرّا محجّلين من أثر الوضوء" (أص الغرّة: بياض في جبهة الفرس، والتحجيل بياض في رجله، والمراد من كونهما يأتون غرّا محجلين أن النور يعلو وجوههم وأيديهم وأرجلهم يوم القيامة وهما من خصائص هذه الأمة).
قال أبو هريرة "فمن استطاع منكم أن يطيل غرّته فليفعل" رواه أحمد والشيخان. وعن أبي زرعة: "أن أبا هريرة رضي الله عنه دعا بوَضُوء فتوضّأ وغسل ذراعيه حتى جاوز المرفقين، فلما غسل رجليه جاوز الكعبين إلى الساقين، فقلت ما هذا؟ فقال: هذا مبلغ الحلية" رواه أحمد واللفظ له، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

14- الاقتصاد في الماء وإن كان الاغتراف من البحر:
لحديث أنس رضي الله عنه قال: "كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع (الصاع: أربعة أمداد والمد: 128 درهما وأربعة أسباع، الدرهم 404 صم3) إلى خمسة أمداد ويتوضّأ بالمد" متفق عليه. وعن عبيد الله بن أبي يزيد أن رجلا قال لابن عباس رضي الله عنهما: "كم يكفيني من الوضوء؟" قال مد. قال كم يكفيني للغسل؟ قال صاع، فقال الرجل لا يكفيني، فقال لا أم لك قد كفى من هو خير منك: رسول الله صلى الله عليه وسلم"، رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير بسند رجاله ثقات.
وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضّأ فقال: "ما هذا السرف يا سعد؟" فقال "وهل في الماء من سرف؟" قال: "نعم وإن كنت على نهر جار" رواه أحمد وابن ماجة وفي سنده ضعف. والإسراف يتحقق باستعمال الماء لغير فائدة شرعية. كأن يزيد في الغسل على الثلاث، ففي حديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: "جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء فأراه ثلاثا ثلاثا، قال: "هذا الوضوء، من زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم" رواه أحمد والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة بأسانيد صحيحة.
وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول "إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة، قال البخاري: "كره أهل العلم في ماء الوضوء أن يتجاوز فعل النبي صلى الله عليه وسلم".

15- الدعاء أثناءه:
لم يثبت من أدعية الوضوء شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوَضُوء فتوضّأ فسمعته يدعو يقول: "اللهم اغفر لي ذنبي، ووسع لي في داري، وبارك لي في رزقي" فقلت يا نبي الله سمتعك تدعو بكذا وكذا قال: "وهل ترَكْنَ من شيء؟" رواه النسائي وابن السني بإسناد صحيح.
لكن النسائي أدخله في باب "ما يقول بعد الفراغ من الوضوء" وابن السني ترجم "باب ما يقول بين ظهراني وضوئه" قال النووي وكلاهما محتمل.

16- الدعاء بعده:
لحديث عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد يتوضّأ فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيّها شاء" رواه مسلم. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضّأ فقال سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك كتب في رقّ ثم جعل في طابع فلم يكسر إلى يوم القيامة" رواه الطبراني في الأوسط ورواته رواة الصحيح. واللفظ له ورواه النسائي وقال في آخره: "ختم عليها بخاتم فوضعت تحت العرش فلم تُكسر إلى يوم القايمة"
وأما دعاء "اللهم اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهّرين" فهي في رواية الترمذي وقد قال في الحديث: وفي إسناده اضطراب، ولا يصح فيه شي كبير.

17- صلاة ركعتين بعده:
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: "يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، إني سمعت ذُفّ نعليك (الذفّ بالضم: صوت النعل حال المشي) بين يديّ في الجنة" قال ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلى" متفق عليه وعن عقبة ابن عامر رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يتوضّأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجه عليهما إلا وجبت له الجنة" رواه مسلم وأبو داود وابن خزيمة في صحيحه.
وعن خمران مولى عثمان: أنه رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه دعا بوَضُوء فأفرغ على يمينه من إنائه فغسلها ثلاث مرات، ثم أدخل يمينه في الوضوء ثم تمضمض واستنشق واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثا، قال" رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضّأ نحو وضوئي هذا ثم قال: "من توضّأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يُحدّث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه" رواه البخاري ومسلم وغيرهما.


وما بقي من تعاهد موقي العينين وغضون الوجه، ومن تحريك الخاتم، ومن مسح العنق، لم نتعرض لذكره، لأن الأحاديث فيها لم تبلغ درجة الصحيح، وإن كان يعمل بها تتميما للنظافة.

انتهى بحمد الله هذا الجزء ويأتي بعده الجزء الثالث:
- مكروهات الوضوء
- نواقض الوضوء
- ما لا ينقض الوضوء
- ما يجب له الوضوء
- ما يستحب له
- فوائد يحتاج المتوضيء إليها


سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، لك الملك ولك الحمد، تحيي وتميت، وأنت الحي الذي لا يموت، بيدك الخير وإنك على كل شيء قدير.
لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحد صمدا لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد.

 
أعلى