تونس.. عبق الماضي وجمال الطبيعة

cortex

كبار الشخصيات
إنضم
11 نوفمبر 2006
المشاركات
7.362
مستوى التفاعل
5.252


تونس.. عبق الماضي وجمال الطبيعة


بينما كنت أمرّ بتلك الشوارع الضيقة في تونس العاصمة، وقد أغلقت المحلات التجارية بإحكام بعد حلول الظلام، هبت نسمة هواء باردة. وصلت إلى 5 شارع دار الجلد. طرقة واحدة بالمزلاج الحديدي على الباب الخشبي، وتبدى أمامي هذا العالم الباطني الغامض. فُتح الباب، وصحبنا أحدهم داخل مكان ذكرني بالقصور العربية القديمة. دلفت إلى ساحة أرضيتها من الرخام. ورأيت أنا وخطيبتي إلهام حوائط مطلية بالكثير من الألوان ومداخل تغطيها بعض الزخارف المصنوعة من الأرابيسك. وفي أحد أطراف القاعة، جلس رجل يعزف على آلة الجيتار الموسيقية أمام الزبائن الذين جلسوا حول موائد صغيرة عليها بعض الطعام. هذا هو مطعم «دار الجلد» أجمل المطاعم في تونس العاصمة، وقد أطلق عليه نفس اسم القصر الفخم الذي يعود للقرن الثامن عشر والذي كان في نفس المكان. وتحتوي قائمة المطعم على بعض الوجبات الرائعة التي تتميز برائحة شهية مثل وجبة «كاب كابو»، وهي عبارة عن سمك «دوراد» ومعها نبات الكَبَر، والليمون اللذيذ وصلصة الطماطم بالبصل. ولكن ما يفاجئك وأنت تدلف إلى «دار الجلد» هو أنك تشعر بنفس الإحساس الذي تجده عندما تطالعك تلك العاصمة الأثرية: إنها التجربة المثيرة الآسرة التي تفوق كل التوقعات، فثمة مزيج رائع يجمع بين عبق البحر المتوسط والتاريخ العربي والشمال أفريقي مع لمسة عصرية أوروبية. يعرف الأوروبيون، ولا سيما البريطانيون والفرنسيون، تلك العاصمة «تونس». ولكن بالنسبة للأميركيين، فإن هذه العاصمة ليست من الأماكن التي يرتادونها كثيرا، حيث إن المغرب يعد المقصد الأكثر تقليدية بالنسبة لمن يعشق التجارب المثيرة في شمال أفريقيا. ولكن منطقة تونس العاصمة بها الكثير الذي يمكن أن تضيفه، فهي توحي بالكثير من السمات وتتمتع بتاريخ خصب. ومن الأماكن الرائعة بهذه العاصمة «المنطقة القديمة»، التي تمتد حواريها وممراتها الجانبية لعدة أميال وتحتوي على كثير من الأسواق ومدينة «مرسى» الصاخبة، وهناك قرية «سيدي بو سعيد» الآسرة التي تقع على جانب أحد التلال، حيث تمتد العديد من المنازل المطلية باللون الأزرق والأبيض على مدى عدة أميال على امتداد المياه الجميلة المميزة لخليج تونس. نعم، ليست هناك تلك المباني الفخمة الموجودة في الجانب الأوروبي من البحر المتوسطي، ولكن هناك الكثير والكثير من الأماكن الرائعة التي يمكنك الإقامة فيها وتناول وجبات شهية، وليس هذا مقصورا على مركز العاصمة، ولكن يمتد إلى القرى الموجودة على جانب الشاطئ والمنتجعات القريبة خارج المدينة. وأهم شيء يجب القيام به عند زيارة تونس العاصمة هو الذهاب إلى «المنطقة القديمة» في المدينة التي تعود للقرن السابع والتي تبعث في النفس أحاسيس معينة تتجاوز تلك التي تتميز بها نظيراتها في المغرب، ما عدا المناطق التي تقع في محيط جامعة الزيتونة (المسجد العظيم).

صحيح أنه خلال ذروة الموسم السياحي في فصل الصيف نجد أن عدد الأجانب في الأسواق المركزية الموجودين في الدهاليز المغطاة التي تحيط المسجد الكبير يفوق عدد السكان المحليين. وينادي عليك التجار للتسوق في محلاتهم ويحاولون أن يعرفوا من أين أتيت عن طريق إلقاء التحية عليك بالفرنسية والإنجليزية والإسبانية والألمانية. ولكن إذا ما زار أحد «المنطقة القديمة» وتجول في شوارعها الملتوية المتعددة، سيفاجأ بالعديد من الأشياء: عبق البخور ورائحة التوابل وصوت المؤذن يصدح بالآذان والأبواب ذات الألوان المختلفة (الأزرق والبرتقالي والبيج) التي تزين بعض المنازل والسكان المحليين الذين يدفعون عربات الكارو أمامهم أو يحملون أكياساً معبأة بالبضائع. وما يميز المنطقة القديمة في تونس العاصمة هو النشاط التجاري، ومثال ذلك ورشة صائغ الفضة مراد بوالي في منطقة «سيدي بن آروس»، حيث يقوم مراد وأحد أقاربه بعمل بعض المشغولات الفضية الرائعة. ويمكن للزائر أن يستريح في مقهى «الزيتونة» أو «إسوار» وكلاهما في شارع جامعة الزيتونة.

وهناك مناظر رائعة في منطقة «هافوين» التي تقع خارج أسوار المنطقة القديمة، حيث نشاهد الآلاف من السكان يتحركون لشراء اللحمة الطازجة والخضراوات والسمك وغيرها من الحاجيات الأساسية. تشاهد رجلا يمسك ست دجاجات حية في يده، وينادي على من يشتريها بسعر مخفض. حقا إن هذه الأسواق تضاهي نظيراتها في الأماكن الأخرى. وعندما تخرج من المنطقة القديمة من الجانب الشرقي تشعر وكأنك تمر من خلال آلة زمن، حيث تظهر بعض المناظر التي تذكرك بباريس في القرن التاسع عشر، وهذه هي المعالم الأولى للمدينة التي بناها الفرنسيون إبان احتلالهم لتونس عام 1881.

وعند طريق حبيب بورقيبة، وجدنا بعض المناطق مزدحمة بالزائرين مثل «مقهى باريس» والمسرح القومي الكبير، وربما يكون المبنى غير المناسب في هذه المنطقة هو كاتدرائية فينسنت دو بول التي بناها الفرنسيون عام 1882 كدليل على رغبتها في البقاء. ويوجد في هذا الطريق العديد من الأنماط المختلفة لثقافات متعددة، فهناك المقاهي على النمط الفرنسي. وعادة ما يوصف، باسم شانزلزيه تونس العاصمة، ولكن أطلق عليها اسم الرئيس التونسي السابق التي قادها للاستقلال من فرنسا عام 1956. وفي نهاية طريق «الحبيب بورقيبة»، يوجد أثر آخر للحكم الفرنسي: محطة قطار بناها الفرنسيون التي تربط مركز المدينة بالمدن الموجودة على جانب البحر. وهناك أيضا مدينة قرطاج التي كانت ملعبا لعليسة وهانيبال. عندما أتى الرومان إلى هذه المدينة عام 146 قبل الميلاد، قاموا بهدم المواقع الأساسية هناك، والموجود الآن هو مجرد أطلال تحيطها المنازل وضاحية، تعد من الضواحي الغنية في الوقت الحالي. ولكن روح عليسة، التي أسست قرطاج، وهانيبال، وهو القائد العسكري الذي استخدمها كقاعدة لغزو إيطاليا، ما زالت تعبق في المكان، في التلال الموجودة على جانب البحر التي تؤدي إلى بقايا ميناء بونيك. وأعلى أحد التلال الذي يطل على المدينة الساحلية القديمة، يوجد فندق «فيلا ديدون» التي صممها المعماري الفرنسي فيليب بويسلر. ولا يوجد ما يضاهي هذا الفندق في تونس، فكل شيء داخله أملس وأبيض. ويوجد في الفندق بار، يرتاده الكثير من الأثرياء التونسيين السياح. وما زال المطعم الذي افتتحه اليان دوكاس عام 2004 يقدم العديد من الوجبات الشهية، ولكنها مرتفعة الثمن. وستكلفك الإقامة في الفندق الكثير، على الأقل بالنسبة للتونسيين، حيث تبدأ أصغر غرفة بـ370 دينارا في الليلة.

وخارج قرطاج، توجد مدينة «سيدي بو سعيد»، حيث تجد أفواج السياح في شوارعها خلال وقت النهار، لكن عندما يأتي الليل ينحسر أعداد السياح في الشوارع ويظهر المنظر الرائع لمباني المدينة المميزة المطلية باللون الأزرق والأبيض. وداخل فندق «دار سعيد» تشعر أنك في حرم مقدس، وتتمتع بالمشاهد الرائعة للبحر المتوسط واللمسات التي تذكر بالعالم القديم. تجد في الفندق قاعة بها حمام سباحة وبار، وعندما تصل إليه، يأتي إليه رجل على الفور ليقدم لك مشروبات ووجبات خفيفة. وبالقرب من حمام السباحة، توجد حديقة رائعة تقدم فيها وجبة الإفطار وسط أزهار الياسمين. وبالفندق خمس غرف يمكنك من خلالها مشاهدة البحر، وبالطبع تكون هناك رسوم إضافية. وفي آخر ليلة لرحلتنا إلى تونس، بعد أن قمنا بزيارة الشاطئ في «المرسى»، تناولت أنا وإلهام الغداء في أحد المطاعم في شارع بالقرب من «دار سعيد»، وقد بني هذا المطعم على واد يواجه البحر المتوسط. وعندما تدخل مطعم «دار زاروق» تجد منظرا مبهرا للمساحات الزرقاء التي تمتد لمسافة أميال تجاه البحر وعندما تنظر في السماء. صحبنا أحدهم إلى مائدة بالقرب من منتصف الغرفة ذات الجدران الزجاجية، وكان هناك العديد من الفرنسيين والعرب هناك، ولم يكن هناك إنجليزيون سوانا. وعندما غربت الشمس وبدأت النجوم تسطع في السماء، أدركت حقا كيف أن هذا المكان أحد الأماكن التي تتمتع بجمال غير عادي في تونس. كان جميلا بالنسبة لنا أن يكون هذا آخر مكان نزوره في تونس. أنماط الثقافات المختلفة في الحارات القديمة والفيلات العصرية كيف يمكن الوصول إلى هناك؟ هناك رحلات مباشرة من نيويورك إلى تونس العاصمة. ويمكنك الذهاب عن طريق «بريتيش إير وايز» (www.britishairways.com) إلى هيثرو في لندن، ثم من جاتويك إلى تونس العاصمة. وفي الفترة الأخيرة، كانت الرحلات في منتصف يونيو (حزيران) تبدأ بـ1.240 دولار. ويمكن الذهاب عن طريق «إير فرانس» (www.airfrance.com) عبر باريس وتبدأ الرحلة بـ1470 دولارا في يونيو (حزيران). ويتكلف التاكسي في المدينة نحو 10 دولارات. أين يمكنك الإقامة؟

* في تونس العاصمة: «دار المدينة» (64 «سيدي بن عروس» - 216-71-56-30-22; www.darelmedina.com). كانت «دار المدينة» في البداية منزلا خاصا ولكن تحولت إلى حانة بها 12 غرفة، وما زالت تديرها نفس العائلة التي أسست المنزل قبل 183 عاما. وتتكلف الغرفة لفردين 180 دولاراً.

* يوجد خارج المنطقة القديمة فندق «قصر تونس»، ويوجد به 49 غرفة (13 طريق دو فرانس - 216-71-24-27-00 - www.goldenyasmin.com). وتبدأ الغرفة المزدوجة بـ185 دينارا لليلة.

* فندق «كارلتون» وبه 80 غرفة (31 شارع الحبيب بورقيبة - 216-71-33-06-44 - www.hotelcarltontunis.com) ويوجد بها غرفة لفردين مقابل 96 دينارا، شامل وجبة الإفطار.

* في سيدي بو سعيد: «دار سعيد» (تومي - 216-71-72-96-66 - www.darsaid.com.tn). ويوجد به 24 غرفة وتتراوح الأسعار بين 275 و480 دينارا. وينصح بتجنب مكانين في العاصمة تونس «حمامات»، وهو مناسب للطبقات الأقل من المجتمع و«جماراث» وهو على النقيض، يناسب ذوي الدخل المرتفع، حيث انه فندق على الطراز الأميركي يوجد به ملعب للغولف ويفتقد لأي لمسات للطبيعة التونسية. أين تأكل؟

* «دار الجلد» في قلب المنطقة القديمة بتونس العاصمة (5 ـ 10 شارع دار الجلد ـ 216-71-56-09-16 ـ www.dareljeld.tourism.tn) وتتراوح سعر وجبة الغداء بين 45 و80 دينارا.

* «لو ريستو» في فيلا ديدون بقرطاج (شارع المدينة ـ 216-71-73-34-33- www.villadidon.com)، وتتكلف وجبة الغداء نحو 50 دينارا.

* «نيبتون» (3 شارع ابن تشابات - 216-71-731-456) ويمكن تناول الغداء في الساحة المفتوحة التي تطل على المياه. تتكلف وجبة السمك مع الحلوى نحو 25 دينارا. المواصلات يذهب قطار تونس العاصمة ـ حلق الوادي ـ مرسى من المدينة إلى قرطاج و«سيدي بو سعيد ومرسى». ولا تتكلف الرحلة كثيرا. ستحتاج إلى تأجير سيارة إذا كنت تريد شبه الجزيرة القريبة كاب بون. متى تذهب؟ في أواخر فصلي الربيع والخريف، حيث يكون الجو دافئا ويمكن الذهاب إلى الشاطئ.
 
LA TUNISIE EST LE MEILLEURE ENDROIT SUR LA TERRE
 
أعلى