• كل المواضيع تعبّر عن رأي صاحبها فقط و ادارة المنتدى غير مسؤولة عن محتوياتها

«الثورة الخضراء»... الفصل الأول في الأزمة الغذائية

cortex

كبار الشخصيات
إنضم
11 نوفمبر 2006
المشاركات
7.362
مستوى التفاعل
5.252
عند مغيب الشمس في عشوائية كيبارا النيروبية، بدأت ملاحسن جوما إعداد العشاء لأولادها الثمانية في منزلها الصغير والمتواضع. ووضعت ملاحسن في القدر قطعاً من البصل المفروم، وأضافت حساء الذرة والشوفان، وقطعاً صغيرة من الخضار. والى وقت قريب، كان في متناول ملاحسن زيادة اللحم الأحمر أو السمك الى وجبة العشاء. ولكن، مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية، اضطرت ملاحسن، شأن كثر في عشوائية كيبارا، الى الاستغناء عن شراء اللحوم وغيرها من السلع الغذائية الأساسية. «أطفالي يحتاجون الى شرب الحليب، ولكن ليس في مقدوري شراؤه، بعد اليوم. وتناول اللحوم هو ترف يتجاوز إمكاناتي المادية»، على ما تقول ملاحسن.

وفي الأشهر الاخيرة، ارتفعت أسعار السلع الغذائية الأساسية، أي الرز والذرة والقمح والسكر والحليب، ارتفاعاً كبيراً لم يشهده العالم منذ عقود. وفي الهند، تضاعف سعر الرز ثلاث مرات، وبلغ سعر طن الرز المتري ألف دولار. وفي يوم واحد في شباط (فبراير) الماضي، بلغت نسبة ارتفاع سعر القمح 25 في المئة. ونزل عشرات الآلاف الى الشوارع في جزر الكاريبي وأفريقيا وجنوب آسيا، وتظاهروا احتجاجاً على غلاء الأسعار، وطالبوا الحكومات بمساعدتهم. وقضى 24 شخصاً في أعمال شغب مرتبطة بغلاء الأسعار في الكامرون، في شباط الماضي، وخمسة أشخاص في هايتي في آذار (مارس) المنصرم، وشخصان في الصومال في الشهر الماضي.

وتعود جذور هذه الازمة الغذائية الى ستينات القرن الماضي والى ما عرف بالـ «غرين ريفوليوشن» (الثورة الخضراء). ويومها، ارتفع حجم المحاصيل الذراعية، وانخفض سعر السلع الغذائية. فبدأت مرحلة من البحبوحة الغذائية دامت أربعة عقود كان الغذاء فيها في متناول الجميع. وحسِب الناس أن أيام المجاعات الكبيرة ولّت.

وطوال أعوام، بذلت الدول الغنية، أي الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، مساعدات كبيرة لقطاع الزراعة. وانتهجت سياسات حمائية، وفرضت قيوداً جمركية تعوق حرية التجارة. وأسهمت هذه السياسات في تزييف أسعار الغذاء في الأسواق العالمية، وفي تراجع الاهتمام بالزراعة في البلدان الفقيرة.

ومع وفرة السلع الغذائية، خفّضت البلدان الغربية حجم المساعدات الزراعية المخصصة لإنشاء بنية تحتية زراعية وسدود في البلدان النامية. وانخفضت حصة القطاع الزراعي في هذه البلدان من المساعدات الدولية من 18.7 في المئة في 1979، الى 5.2 في المئة في 2006، بحسب منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وفي العام الماضي، منح الغرب صغار المزارعين في أفريقيا 400 مليون دولار.

وبحسب مسؤولين في البنك الدولي، لا يتجاوز هذا المبلغ قيمة المساعدات الدولية التي كانت تصرف، سنوياً، قبل 30 عاماً. وأخل معظم قادة الاتحاد الأفريقي بتعهدهم انفاق 10 في المئة من موازنة حكوماتهم في دعم الزراعة. ويواجه سكان القارة الأفريقية صعوبات كبيرة. فهم يشعرون، أن قدراتهم الشرائية تتراجع، يوماً بعد يوم. فارتفاع الأسعار لم يقتصر على المواد الغذائية، بل تعداها الى أسعار المحروقات والفحم وزيت القلي والطهو والكاز. ومع تراجع قدرة النيروبيين الشرائية، تكدست السلع الغذائية في المتاجر، وكسدت، ولم تلق من يشتريها. ويخشى أصحاب هذه المتاجر تلف السلع على الرفوف. ويحول ارتفاع أسعار النفط دون استخدام المزارعين الجرار الزراعي في حقولهم. وفي العام الماضي، زاد سعر السماد الزراعي في اوغندا ضعفين، واضطر المزارعون الى زراعة حقولهم من دون الاستعانة بالسماد الزراعي.
 
merci on attends la deuxieme et bon travail
merci.jpg
 
أعلى