cortex
كبار الشخصيات
- إنضم
- 11 نوفمبر 2006
- المشاركات
- 7.362
- مستوى التفاعل
- 5.252
لأسباب واقعية مفهومة يتكثف الحديث عربيا عن الاقتصادى ودوره المتعاظم كقاطرة للسياسى وليس العكس. إذ غدا من الحقائق الثابتة أن جسما سياسيا سليما لا يمكن أن يعيش ويستمر إلا فى مناخ اقتصادى صحى يمده بأسباب القوة والمناعة.
وكثيرا ما يقترن الحديث فى الاقتصاد بذكر المبادرة ودورها فى ضخ دماء دفاقة فى شرايين اقتصاديات الدول وخاصة تلك التى اتخذت من الإنسان رأسمال أول لها فى ظل شح الطبيعة عليها بالموارد والخيرات.
فى مجال المبادرة وغرسها فى عقول الشباب توجد تجارب عربية تستحق الذكر إحداها التجربة التونسية التى تقوم وفق ما يذكره مسؤولون تونسيون على تطوير عقلية طالبى الشغل، الشبان وحثهم على التوجه نحو المبادرة الفردية، والعمل المستقل، والانخراط فى عالم المؤسسة، وبعث المشاريع، خاصة فى القطاعات المجددة ذات القيمة المضافة العالية..
كل ذلك فى إطار استراتيجية تونسية تم ضبطها للرفع من نسق إحداث المؤسسات ودفع الاستثمار الخاص.
ويجد ذلك تجسيده العملى فى كثير من المظاهر والاجراءات إحداها ما قامت به مؤخرا وزارة الصناعة والطاقة التونسية والمؤسسات الصغرى والمتوسطة بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الفنى GTZ من تنظيم دورتين تكوينيتين لفائدة مسيرى هياكل الإحاطة بالباعثين الشبان، ونعنى بها مراكز الأعمال ومحاضن المؤسسات.
وقد اهتمت الدورتان بموضوع الثقافة الاقتصادية ومنهجية إحداث المؤسسات، إضافة إلى الطرق العملية لإحداث المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
إلى هذا ينضاف مسعى تونسى هادف إلى دفع البحث العلمى ضمن الأولويات الوطنية الملحة فى ظل التحديات التنموية الحالية والمستقبلية وفى ظل ظرف عالمى تحكمه عدة عوامل ضاغطة من قبيل ارتفاع أسعار الطاقة والمنتجات الزراعية، واحتداد المنافسة فى الأسواق العالمية.
ومن مقومات هذا المسعى التركيز أكثر فأكثر على التميز وتحسين جودة المنتجات المحلية فى مختلف القطاعات، عبر التشجيع على الابتكار، والاستفادة المباشرة من الأبحاث العلمية المنجزة فى المختبرات والتى لها علاقة مباشرة بقطاعات حيوية، وتحويلها بالتالى إلى منتج وطنى له خاصياته المتميزة.
وسيرا فى هذا الاتجاه تم التخلى على ما يعرف فى تونس بـ"وحدة التصرف حسب الأهداف" التى كانت تدير الأقطاب التكنولوجية وتعويضها بشركة التصرف فى الأقطاب، وذلك بغاية اعطائها مرونة أكثر على مستوى التصرف، خصوصا عندما تنخرط فى هذه الشركة عديد المؤسسات المالية والفنية التى تضيف بالطبع خبرات وتصورات جديدة وتجعل هذه المحاضن متفتحة أكثر على حاجيات اقتصاد البلاد والمجتمع فى ظرف دولى على غاية من الخطورة والتعقيد.
الرهان التونسى على توطين العلوم والتكنولوجيات الحديثة، وتوجه هذا البلد محدود الموارد الطبيعية إلى التعويل على رأسماله البشرى وإذكاء روح المبادرة فى شبابه آتى أكله وتجسد منجزات على الأرض.
وفى هذا الباب شدت مؤخرا انتباه الصحافة المحلية وبعض المستثمرين الأجانب فى البلد تجربة شاب تونسى ربط بشكل ذكى وعملى بين اهتمامه المباشر بالبحث العلمى التطبيقى فى اختصاص اختاره أثناء دراسته الجامعية فى مرحلة الدراسات الهندسية بمعهد العلوم الفلاحية بتونس حين اختار أن يختص فى علوم تربية الأسماك، لا سيما وأنه ينتمى إلى منطقة ساحلية، وبين فكرة المشروع التى استنبطها من محيطه، وطوع العلم والمعرفة لجعلها حقيقة قابلة للتجسيد على أرض الواقع، فقد استرعى انتباهه تواجد أطنان من بقايا سمك التن الذى يتم تصديره إلى بعض البلدان الآسيوية، ويتم إلقاء هذه البقايا فى المياه الإقليمية التونسية، وفى ذلك ضرر للبيئة والمحيط وقام بدراسة علمية حول إمكانية الاستفادة من بقايا سمك التن الأحمر واستخراج زيوتها، خصوصا وأن الدراسات العلمية المخبرية التى قام بها هذا الشاب، أثبتت أن هذه الزيوت نافعة لعلاج نسبة الكوليستيرول فى الدم. علما بأن الدواء المستخرج من هذه الزيوت تستورده تونس من فرنسا واسبانيا بتكلفة مرتفعة.
ولأن لدى هذا الشاب رغبة كبيرة فى التحول بنتائج أبحاثه العلمية إلى مرحلة التصنيع، وبالتالى بعث مشروع "تثمين بقايا مناولة سمك التن الأحمر المسمّن"، فقد قام بإعداد دراسة الجدوى الاقتصادية، فكانت النتائج هى الأخرى إيجابية جدا، إذ بينت أن رقم المعاملات لهذا المشروع يقدر بـ15 مليون دينار سنويا وأما معدل المردودية فيقارب 80 % من جملة الاستثمارات التى تتراوح بين 4 و5 مليارات دينار. أما المدة المقدرة لاسترجاع الديون فلا تتجاوز السنة باعتباره مشروعا معدا كليا للتصدير.
إن تجربة هذا الشاب التونسى ذات دلالة مزدوجة، فمن جهة تبرز أن أمة العرب لم تغد رغم عقود التقهقر الحضارى عاقرا، بل ما تزال ولودا زاخرة بالطاقات. ومن جهة ثانية تبين أن المبادرة ثقافة تغرس وتستنبت عبر برامج وإجراءات وليست مجرد موهبة تمن بها الطبيعة على من تشاء.
وكثيرا ما يقترن الحديث فى الاقتصاد بذكر المبادرة ودورها فى ضخ دماء دفاقة فى شرايين اقتصاديات الدول وخاصة تلك التى اتخذت من الإنسان رأسمال أول لها فى ظل شح الطبيعة عليها بالموارد والخيرات.
فى مجال المبادرة وغرسها فى عقول الشباب توجد تجارب عربية تستحق الذكر إحداها التجربة التونسية التى تقوم وفق ما يذكره مسؤولون تونسيون على تطوير عقلية طالبى الشغل، الشبان وحثهم على التوجه نحو المبادرة الفردية، والعمل المستقل، والانخراط فى عالم المؤسسة، وبعث المشاريع، خاصة فى القطاعات المجددة ذات القيمة المضافة العالية..
كل ذلك فى إطار استراتيجية تونسية تم ضبطها للرفع من نسق إحداث المؤسسات ودفع الاستثمار الخاص.
ويجد ذلك تجسيده العملى فى كثير من المظاهر والاجراءات إحداها ما قامت به مؤخرا وزارة الصناعة والطاقة التونسية والمؤسسات الصغرى والمتوسطة بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الفنى GTZ من تنظيم دورتين تكوينيتين لفائدة مسيرى هياكل الإحاطة بالباعثين الشبان، ونعنى بها مراكز الأعمال ومحاضن المؤسسات.
وقد اهتمت الدورتان بموضوع الثقافة الاقتصادية ومنهجية إحداث المؤسسات، إضافة إلى الطرق العملية لإحداث المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
إلى هذا ينضاف مسعى تونسى هادف إلى دفع البحث العلمى ضمن الأولويات الوطنية الملحة فى ظل التحديات التنموية الحالية والمستقبلية وفى ظل ظرف عالمى تحكمه عدة عوامل ضاغطة من قبيل ارتفاع أسعار الطاقة والمنتجات الزراعية، واحتداد المنافسة فى الأسواق العالمية.
ومن مقومات هذا المسعى التركيز أكثر فأكثر على التميز وتحسين جودة المنتجات المحلية فى مختلف القطاعات، عبر التشجيع على الابتكار، والاستفادة المباشرة من الأبحاث العلمية المنجزة فى المختبرات والتى لها علاقة مباشرة بقطاعات حيوية، وتحويلها بالتالى إلى منتج وطنى له خاصياته المتميزة.
وسيرا فى هذا الاتجاه تم التخلى على ما يعرف فى تونس بـ"وحدة التصرف حسب الأهداف" التى كانت تدير الأقطاب التكنولوجية وتعويضها بشركة التصرف فى الأقطاب، وذلك بغاية اعطائها مرونة أكثر على مستوى التصرف، خصوصا عندما تنخرط فى هذه الشركة عديد المؤسسات المالية والفنية التى تضيف بالطبع خبرات وتصورات جديدة وتجعل هذه المحاضن متفتحة أكثر على حاجيات اقتصاد البلاد والمجتمع فى ظرف دولى على غاية من الخطورة والتعقيد.
الرهان التونسى على توطين العلوم والتكنولوجيات الحديثة، وتوجه هذا البلد محدود الموارد الطبيعية إلى التعويل على رأسماله البشرى وإذكاء روح المبادرة فى شبابه آتى أكله وتجسد منجزات على الأرض.
وفى هذا الباب شدت مؤخرا انتباه الصحافة المحلية وبعض المستثمرين الأجانب فى البلد تجربة شاب تونسى ربط بشكل ذكى وعملى بين اهتمامه المباشر بالبحث العلمى التطبيقى فى اختصاص اختاره أثناء دراسته الجامعية فى مرحلة الدراسات الهندسية بمعهد العلوم الفلاحية بتونس حين اختار أن يختص فى علوم تربية الأسماك، لا سيما وأنه ينتمى إلى منطقة ساحلية، وبين فكرة المشروع التى استنبطها من محيطه، وطوع العلم والمعرفة لجعلها حقيقة قابلة للتجسيد على أرض الواقع، فقد استرعى انتباهه تواجد أطنان من بقايا سمك التن الذى يتم تصديره إلى بعض البلدان الآسيوية، ويتم إلقاء هذه البقايا فى المياه الإقليمية التونسية، وفى ذلك ضرر للبيئة والمحيط وقام بدراسة علمية حول إمكانية الاستفادة من بقايا سمك التن الأحمر واستخراج زيوتها، خصوصا وأن الدراسات العلمية المخبرية التى قام بها هذا الشاب، أثبتت أن هذه الزيوت نافعة لعلاج نسبة الكوليستيرول فى الدم. علما بأن الدواء المستخرج من هذه الزيوت تستورده تونس من فرنسا واسبانيا بتكلفة مرتفعة.
ولأن لدى هذا الشاب رغبة كبيرة فى التحول بنتائج أبحاثه العلمية إلى مرحلة التصنيع، وبالتالى بعث مشروع "تثمين بقايا مناولة سمك التن الأحمر المسمّن"، فقد قام بإعداد دراسة الجدوى الاقتصادية، فكانت النتائج هى الأخرى إيجابية جدا، إذ بينت أن رقم المعاملات لهذا المشروع يقدر بـ15 مليون دينار سنويا وأما معدل المردودية فيقارب 80 % من جملة الاستثمارات التى تتراوح بين 4 و5 مليارات دينار. أما المدة المقدرة لاسترجاع الديون فلا تتجاوز السنة باعتباره مشروعا معدا كليا للتصدير.
إن تجربة هذا الشاب التونسى ذات دلالة مزدوجة، فمن جهة تبرز أن أمة العرب لم تغد رغم عقود التقهقر الحضارى عاقرا، بل ما تزال ولودا زاخرة بالطاقات. ومن جهة ثانية تبين أن المبادرة ثقافة تغرس وتستنبت عبر برامج وإجراءات وليست مجرد موهبة تمن بها الطبيعة على من تشاء.