• كل المواضيع تعبّر عن رأي صاحبها فقط و ادارة المنتدى غير مسؤولة عن محتوياتها

أبو القاسم الشابي

oussama99

عضو مميز
إنضم
15 ماي 2008
المشاركات
848
مستوى التفاعل
905
Abo_Al_Qassim_Al_Shabbi.jpg


أبو القاسم الشابي
ولد أبو القاسم الشابي في يوم الاربعاء في الثالث من شهر صفر سنة 1327هـ الموافق للرابع والعشرين من شباط عام 1909م وذلك في بلدة توزر في تونس.
أبو القاسم الشابي هو ابن محمد الشابي الذي ولد عام 1296هـ ( 1879 ) وفي سنة 1319هـ ( 1901 ) ذهب إلى مصر وهو في الثانية والعشرين من عمره ليتلقى العلم في الجامع الأزهر في القاهرة. ومكث محمد الشابي في مصر سبع سنوات عاد بعدها إلى تونس يحمل إجازة الأزهر.
ويبدو أن الشيخ محمد الشابي قد تزوج أثر عودته من مصر ثم رزق ابنه البكر أبا القاسم الشابي ، قضى الشيخ محمد الشابي حياته المسلكية في القضاء بالآفاق ، ففي سنة 1328هـ 1910 م عين قاضيا في سليانه ثم في قفصه في العام التالي ثم في قابس 1332هـ 1914م ثم في جبال تالة 1335هـ 1917م ثم في مجاز الباب 1337هـ 1918م ثم في رأس الجبل 1343هـ 1924م ثم انه نقل الى بلدة زغوان 1345هـ 1927م ومن المنتظر أن يكون الشيخ محمد نقل أسرته معه وفيها ابنه البكر أبو القاسم وهو يتنقل بين هذه البلدان ، ويبدو أن الشابي الكبير قد بقي في زغوان الى صفر من سنة 1348هـ –اوآخر تموز 1929 حينما مرض مرضه الأخير ورغب في العودة الى توزر ، ولم يعش الشيخ محمد الشابي طويلا بعد رجوعه الى توزر فقد توفي في الثامن من أيلول –سبتمبر 1929 الموافق للثالث من ربيع الثاني 1348هـ.
كان الشيخ محمد الشابي رجلا صالحاً تقياً يقضي يومه بين المسجد والمحكمة والمنزل وفي هذا الجو نشأ أبو القاسم الشابي ومن المعرروف أن للشابي اخوان هما محمد الأمين وعبدالحميد أما محمد الأمين فقد ولد في عام 1917 في قابس ثم مات عنه ابوه وهو في الحادسة عشر من عمره ولكنه أتم تعليمه في المدرسة الصادقية أقدم المدارس في القطر التونسي لتعليم العلوم العصرية واللغات الاجنبية وقد اصبح الأمين مدير فرع خزنة دار المدرسة الصادقية نفسها وكان الأمين الشابي أول وزير للتعليم في الوزارة الدستورية الأولى في عهد الاستقلال فتولى المنصب من عام 1956 الى عام 1958م.
لم ينشأ ابو القاسم الشابي بمسقط رأسه فقد خرج منه في السنة الأولى من عمره حينما بدا أبوه الطواف بالآفاق للحاق بالبلدان التي كان يعين فيها قاضياً. وكان لهذا الطواف الذي استمر عشرين عاما أثره على حياة الشابي الصغير أن هذا التنقل قد حرمه من الاستقرار في مدرسة واحدة وكذلك عرض هذا الصغير النحيف الجسم المديد القامة السريع الانفعال على جميع انواع المناخ في القطر التونسي من حر المدينة قابس الساحلية الى برد جبال تالمة المرتفعة. وكذلك طبع هذا التنقل نفس الشابي الغضة بآثار الحياة الاجتماعية المختلفة الوجوة في القطر التونسي كما غذّى خياله المتوثب بالمشاهد الطبيعية الرائعة وخزنت في ذاكرته الواعية تلك الصور المتنافرة في البيئة التونسية الغنية في كثير من مرافقها الطبيعية والمتخلفة في عدد من نواحي حياتها الحضارية والثقافية.

وقد عني والده في تعليمه فلما بلغ الخامسه من عمره ارسله ابوه الى الكتّاب في بلدة قابس.

كما التحق في جامع الزيتونه في أوآخر محرم 1329هـ قبل أن يتم الثامية عشر من عمره. وكان للشابي في تونس الحاضرة حياتان حياة في جامع الزيتونه وفي مدارس السكنى ثم حياة في خارج الزيتونة وخارج مدارس السكنى.

نزل الشابي في مدارس السكنى قبل أن تنظم تلك المدارس فشهد فيها المتناقضات ولا ريب أنه تأثر بالحياة فيها أما في الجامعة الزيتونية نفسها فيبدو أن ابا القاسم لم يكن راضياَ عن التعليم ولا كان شيوخ الزيتونه راضين عن تطرفه وشذوذه ولا عن شعره ويبدو أن ابا القاسم كان قليل الميل الى الدروس التي كانت تلقى في الزيتونه من علوم اللغة والأدب القديم والفقة والشريعة وما يتعلق بها كلها ورغم ذلك فأن الدارس لايتبين شيئا وافراً من شعره ولا يقع عليه في حياته العملية.

ولكن لا مفر من القول ان الشابي في الزيتونه كون لنفسه ثقافة واسعه عربية بحتة جمعت بين التراث العربي القديم في أزهى عصوره وبين روائع الأدب الحديث في مصر والعراق وسوريا والمهجر ولم يكن الشابي يعرف لغة أجنبية ولكنه بفضل مطالعاته الواسعة تمكن من استيعاب ما كانت تنشره المطابع العربية عن آداب الغرب وحضارته.

وقد أعجب بما كان يترجم الى العربية من الأدب الانجليزي من مثل المنفلوطي الى العقاد الى الصاوي واعجب بالادب الانجليزي والفرنسي والأمريكي ثم هو قد تركزت بصيرته على الأدب العربي الذي نشأ في أمريكا على ايدي السوريين الذين تأمركت أرواحهم وانتجوا ذلك الأدب في لغتنا مباشرة فترك ذلك تأثيرا كبيرا عليه.

وفي عام 1924 كان ابو القاسم الشابي قد أوفى الخامسة عشرة من عمره ، وكان لايزال تلميذاً في الزيتونه ولكن قلبه كان قد تفتح للحب فتوزع بين فتيات في رأس الجبل وفي زعوان ثم في الحاضرة نفسها حيث كانت الفتيات الأوربيات يطفن سافرات متبرجات وليس ذلك مستغرباً من يافع في سن الشابي فكيف إذا كان في سنه وابن أسرة محافظة في بيئة محافظة ثم انفلت من بيئته بغته.!

عهد دراسة الحقوق:

في آخر سنة 1345 – 1927 نال الشابي شهادة التطويع من الزيتونة ولعله رأى أن هذه الشهادة لن تشق له طريق الحياة إلى كسب معاشه وخصوصا أن آراءه لا تتفق وآراء شيوخ الزيتونه فآثر أن ينال شهادة مدنية فانتسب إلى كلية الحقوق التونسية في العام المدرسي التالي كما نصح له أبوه.

في هذه الفترة – فترة دراسة الحقوق – اصيب الشابي بثلاث صدمات عنيفة: زواج غير موفق وحب دامٍ وموت والده.

- تزوج الشابي قبل موت أبيه وذلك في عام 1928 وقبل أن يتخرج أيضاً من كلية الحقوق التونسية. وقيل أن زواجه كان في عام 1930 لكن المرجح أنه عقد قرانه عام 1928 بينما كان حفل الزفاف في عام 1930 وقد كان زواج الشابي من المواضيع العويصة في مصادر البحث عن حياته ، وقد تزوج الشابي مرضاة لواده فقد كان متردد ولكن أبيه كان يريد لنفسه عرق الخلود ، وقيل ان الشابي تزوج عن كره إرضاءً لوالده وأنه آثار نفسه وضحى في سبيل مرضاة والده ورغبة في تكوين أسرة حسب العرف السائد بالجنوب التونسي وقتها. وقد تعددت الروايات حول حياة الشابي الزوجية فالبعض رأي انه كان سعيداً مع زوجه التى تشفق عليه وتترضاه وترفق به والبعض رأي أن الشابي كان فاشلاً في زواجه.

- الحب في حياة الشابي مشكلة فمع أن الشابي أقنع نفسه بالزواج مرضاة لوالده ثم رزق من زواجه هذا بولدين فإن سلوك الشابي العاطفي كما نرى من شعره لايدل على أن الشابي كان سعيداً في حياته الزوجية ، هذه الحياة لم تستطيع أن تهب الشابي الاطمئنان الذي ينعم به الانسان عادةً فاندفع ولم يمض عاماً واحداً على زواجه في تطلب سعادة موهومة في حب فتاة ظن فيها تحقيقاً لأحلامه. تلك كانت أولى السيئات التي ظهرت في حياة الشابي من أثر جبران خليل جبران. ولكن هذه الفتاة التي أحبها الشابي في إبان طفولته على الأصح ماتت وشيكاً ، فأذكى موتها في نفسه الأسى على حاله والنقمة على حوادث الدهر.

وظل الشابي يذكر حبه هذا مدة ، ثم جعل ينساه أو يحمل نفسه على نسيانه وسرعان ما أطاعته نفسه فتناسى حبه الأول وانتقل إلى حب جديد ثم إلى حب آخر فآخر. ويجهر لنا الشابي في ديوانه بمواقف من الحب توحي بأنه قد اندفع مع عاطفته وراء المرأة لا يلوي على شيء. ولا ريب في أن هذا الاندفاع كان سبباً من الأسباب التي قربت منيته إليه ، مع أنه كان يحيا مع دائه كما عاش غيره مع أدوائهم. ولكن القضاء النافذ وإلقاءه نفسه بيده في التهلكة كان عليه كتاباً موقوتاً.

وحب الشابي يستحق المناقشة فالبعض رأي ان الشابي أحب حبين: حباً عذرياً وحباً صريحاً أما الحب العذري فكان حباً باكراً نما في قلبه من ألفته فتاة عرفها ونشأ معها حتى بلغ الحادية عشرة من عمره ، قبل أن يأتي إلى تونس العاصمة ولكن هذه الفتاة توفيت بعد التحاقه بالزيتونة بوقت قصير فخلّفت له حزناً ومرضاً وأنطقتة شعراً عذباً كثيراً ، ثم ظلت ملء قلبه ونصب خياله زمناً طويلاً حتى إنه أشار اليها في مذكراته عام 1930م. وبعض الرواة قالوا ان الشابي كان في عام 1924 في الخامسة عشرة من عمره وكان قد قضى أربع سنوات من التعليم في الزيتونه وكان والده قاضياً شريعاً في رأس الجبل ومن المجح أن يكون الشابي قد تعرّف في فترة من فترات إقامته مع والده بفتاة كان يلقاها ويتفسح معها في المنتزهات وأن هاته الفتاة هي التي تحدث عنها في أوائل شعره حديثاً ساذجاً ونظم فيها أولى قصائده واتفق أن ماتت في تلك الفترة وانتقلت أسرة الشابي إلى زغوان سنة 1927 ومن المؤكد أن الشابي لم تكن له حياة قلبيه غير تلك الفتاة التي أحبها وهو في سن الخامسة عشرة.

ولكن أحد الرواة المختصين بدراسة حياة الشابي وشعره وهو محمد الحليوي ينفي أن تكون قصيدة صلوات في هيكل الحب قد قيلت في فتاة رأس الجبل ويقول أن الشابي استوحى هذه القصيدة من فتاة انجليزية مصورة كانت قد أقامت مدة في توزر لتصوير بعض مناظر المدينة وواحاتها على نحو ما يفعل الفنانون الأجانب في بلادنا فرآها الشابي تغدو وتروح وتقبل وتدبر فاستولى جمالها وشبابها على مشاعره إلى درجة الذهول الصوفي فرفع اليها تلك الصلوات.

أما الحب ألاخر وهو الحب العذري في حياة الشابي فيقول عنه الرواي زين العابدين السنوسي " وفوق ذلك فأن لوعة الحب العذري لم تطفىء كفاءة الجسد طول الأبد فلنكن صريحين فأن الشابي الشاعر برغم الصدمة التي لقيها في حبه العذري إذ ماتت صاحبته الصغيرة قد أحس بدماء الشباب ونفحات الحب تغريه" " إنما نريد أن نثبت طواعية شاعرنا لنواميس الحب وخضوعه لسر الوجود من ذلك الملاك المجنح الذي يصمي القلوب بنباله ولو كان منها ذياك القلب الكبير فهو يحدثنا بصراحه وصدق وجد ليلته – عن ليلة له – بما فيها حب وذكريات".

ولا يستغرب غديره أن يكون الشابي قد أحب في بلدة رأس الجبل وأحب في بلدة زغوان ثم أحب ثالثة في تونس وقد يكون أحب فتاة بعينها وقد يكون أحب من بعيد مكتفياً بنظرة أو سماع.

وقيل أنه أحب فتاة إيطالية في بلدة زغوان التي كان والده قاضياً فيها ولم تكن تلك الفتاة تبادله الحب ولا تنعم عليه بصداقه ولعلها لم تعرف حبه لها ولكنه كان يجتهد في أن يكثر من رؤيتها ثم يترجم شعوره بقصائد من الغزل الرائع.

أما محمد الحليوي فيصف المرأة عند الشابي بوصفها النصف الجميل الذي يحمل في قلبه رحيق الحياة وسلسبيل المحبة وهي الطيف السماوي الذي هبط الأرض ليؤجج نيران الشباب ويعلّم البشرية طهارة النفس وجمال الحنان وهو الشابي لا يذكر امرأة مخصوصة ولا واقعة بعينها وإنما يذكر المرأة والحب فكأنه يصف فكرة لا امرأة ويصور مثلاً أعلى لا امرأة من لحم ودم وربما كانت حرارة شعره الغزلي ولهفته الصادقة متأتيتين من حرمانه من الاتصال بالمرأة التي توحي إلى الشاعر وتوجه عاطفتة وجهتها الفنية.

- وقد حلت كارثة أخرى على الشابي في هذه الفترة وهي وفاة والدة وهي كارثة كبرى ففي مطلع عام 1348 هـ 1929 مرض الشيخ محمد الشابي مرضه الذي مات فيه وكان لايزال في زغوان ولم يكن ابو القاسم الشابي قد نال إجازة الحقوق بعد وشغل الشاب الناشء بتمريض والده فكان عبئاً ثقيلاً على كاهله الواهن من الناحية المادية والنفسية.

- ويبدو أن الوالد شعر بدنو أجله فرغب في الانتقال إلى توزر ليموت في مسقط رأسه وتم له ذلك في صفر من تلك السنة وتوفي الشيخ محمد الشابي في الثالث من ربيع الثاني من عام 1348 هـ الموافق 8-9-1929.

- وقد كانت وفاة الوالد خسارة مادية وكانت رزية أدبية هزت من نفس شاعرنا وزعزعت نظامه بل كانت أعظم رجة أصيب بها قلبه وأكبر مصاب نزل به في حياته وبموت الوالد ألقيت على أعبائه هائلة كبيرة ولقد زاد من هذا الثقل أن الشابي لم يلج باب الارتزاق من المناصب الحكومية ضناً بحرية الأديب الشاعر ومع هذا كله فقد أتم دراسته ونال إجاوى الحقوق في عام 1349هـ 1930م. ومضى زمن كان الشابي فيه حزين تاعساً بعد وفاة والدة مثقلاً بإعباء الحياة. ثم عاد بعد فترة من الزمن إلى وهج الحياة ويبدو أن صحته قد تحسنت آنا ذاك وعاد إلى الحياة وقد أكد ذلك في قصيدته الاعتراف.

في النادي الأدبي وجمعية الشبان المسلمين:

في عام 1925 بدأت صلة الشابي بزين العابدين السنوسي الذي كان قد أصدر صحيفتة " العالم الأدبي" في ذلك العام فأخذ ينشر له القصائد ويقدمها بما يدل على الاعجاب ثم خصه بمختارات كثيرة في كتابه " الأدب التونسي في القرن الرابع عشر " الهجري. مما ساعد على انتشار شهرة الشابي بوقت قصير بعدها أنظم الشابي للنادي الأدبي الذي كان يظم أعضم أدباء تونس وفي النادي الأدبي القى الشابي محاضرته الأولى في حياته الأدبية العامه في العشرين من شعبان 1347 الموافق الأول من شباط –فبراير 1929 وموضوعها " الخيال الشعري عند العرب " وبعد ذلك بقليل تأسست بتونس الحاضرة جمعية الشبان المسلمين فكان العلامة المختار ابن محمود رئيساً لها والشابي كاتب مجلسها أو أمين السر فيها.


من القصائد الخالدة:

إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة فلا بدَّ أن يستجيبَ القدرْ
ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر
وفي ليلة ٍ من ليالي الخريفِ ويدفنها السيّلُ، أنَّى عَبَرْ»
ومن لم يعانقه شوقُ الحياة تبخَّرَ في جوِّها، واندثر
ْفويلٌ لمن لم تَشقُهُ الحياة ُ منْ لعنة ِ العَدَمِ المنتصرْ!»
كذلك قالتْ ليَ الكائناتُ وحدَّثَنِي رُوحُهَا المُستَتِرْ
وَدَمْدَمَتِ الرِّيحُ بين الفِجاجِ وفوقَ الجبالِ وَتَحْتَ الشَّجرْ:
«إذا ما طَمحْتُ إلى غَاية ٍ ركبت المنى ، ونسيتُ الحذر
«وجاء الرَّبيعُ، بأنغامِهِ، ولاكبة اللَّهَب المستعرْ
«وَمَنْ لا يحبُّ صُعُودَ الجبالِ يَعِشْ أبَدَ الدَّهْرِ بينَ الحُفَرْ»
فَعَجَّتْ بقلبي دماءُ الشَّبابِ وضجَّت بصدري رياحٌ أُخَرْ
 
Abo_Al_Qassim_Al_Shabbi.jpg



أبو القاسم الشابي


من القص الخالدة:

إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة فلا بدَّ أن يستجيبَ القدرْ
ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر
وفي ليلة ٍ من ليالي الخريفِ ويدفنها السيّلُ، أنَّى عَبَرْ»
ومن لم يعانقه شوقُ الحياة تبخَّرَ في جوِّها، واندثر
ْفويلٌ لمن لم تَشقُهُ الحياة ُ منْ لعنة ِ العَدَمِ المنتصرْ!»
كذلك قالتْ ليَ الكائناتُ وحدَّثَنِي رُوحُهَا المُستَتِرْ
وَدَمْدَمَتِ الرِّيحُ بين الفِجاجِ وفوقَ الجبالِ وَتَحْتَ الشَّجرْ:
«إذا ما طَمحْتُ إلى غَاية ٍ ركبت المنى ، ونسيتُ الحذر
«وجاء الرَّبيعُ، بأنغامِهِ، ولاكبة اللَّهَب المستعرْ
«وَمَنْ لا يحبُّ صُعُودَ الجبالِ يَعِشْ أبَدَ الدَّهْرِ بينَ الحُفَرْ»
فَعَجَّتْ بقلبي دماءُ الشَّبابِ وضجَّت بصدري رياحٌ أُخَرْ
أعطينا القصائد متاع الشابي
 
عـذبـة أنـت ؛ كـالـطـفـولـة

عـذبـة أنـت ؛ كـالـطـفـولـة
كـالأحـلام
كـالـلـحـن
كـالـصـبـاح الـجـديـد
كـالـسـمـاء الـضـحـوك
كـالـلـيـلـة الـقـمـراء
كـالـورد
كـأبـتـسـام الـولـيـد
يـالـهـا مـن وداعـة
وجـمـال وشـبـاب
مـنـعـم أمـلـود
يـالـهـا مـن طـهـارة
تـبـعـث الـتـقـديـس
فـى مـهـجـة
الـشـقـى الـعـنـيـد
يـالـهـا رقـة
تـكـاد يـرف الـورد مـنـهـا
فـى الـصـخـرة الـجـلـمـود
أى شـى تـراك؟
هـل أنـت فـيـنـوس
تـهـادت بـيـن الـورى مـن جـديـد
لـتـعـيـد الـشـبـاب
والـفـرح الـمـعـسـول
لـلـعـالـم الـتـعـيـس
الـعـمـيـد
أم مـلاك الـفـردوس
جـاء الـى الأرض
لـيـحـيـى روح الـسـلام الـعـهـيـد
أنـت ... مـا أنـت ؟؟
أنـت رسـم جـمـيـل
عـبـقـرى
مـن فـن هـدا الـوجـود
فـيـك مـا فـيـه مـن غـمـوض
وعـمـق وجـمـال
مـقـدس مـعـبـود
أنـت ... مـا أنـت ؟؟
أنـت فـجـر مـن الـسـحـر
تـجـلـى لـقـلـبـى الـمـعـمـود
فـأراه الـحـيـاة
فـى مـونـق الـحـسـن
وجـلـى لـه خـفـايـا الـخـلـود
أنـت روح الـربـيـع
تـخـتـال فـى الـدنـيـا
فـتـهـتـز رائـعـات الـورود
وتـهـب الـحـيـاة سـكـرى
مـن الـعـطـر
ويـدوى الـوجـود مـن الـتـغـريـد
كـلـمـا أبـصـرتـك عـيـنـاى
تـمـشـيـن بـخـطـو
مـوقـع كـالـنـشـيـد
خـفـق الـقـلـب لـلـحـيـاة
ورف الـزهـر فـى حـقـل عـمـرى
الـمـجـرود
وانـتـشـت روحـى
الـكـيـئـبـه
بـالـحـب وغـنـت
كـالـبـلـبـل الـغـريـد
أنـت تـحـيـيـن
فـى فـؤادى
مـاقـد مـات فـى أمـسـى
الـسـعـيـد الـفـقـيـد
وتـشـيـديـن فـى خـرائـب
روحـى
مـاتـلاشـى
فـى عـهـدى الـمـجـدود
مـن طـمـوح الـى الـجـمـال
الـى الـفـن
الـى دلـك الـفـضـاء الـبـعـيـد
وتـبـثـيـن رقـة الـشـوق
والأحـلام
والـشـدو والـهـوى
فـى نـشـيـدى
بـعـد عـانـت كـآبـة أيـامـى
فـوادى وألـجـمـت تـغـريـدى
أنـت أنـشـودة الأنـاشـيـد
غـنـاك الـه الـغـنـاء
رب الـقـصـيـد
فـيـك شـب الـشـبـاب
وشـحـه الـسـحـر
وشـدو الـهـوى
وعـطـر الـورود
وتـراى الـجـمـال
يـرقـص رقـصـا
قـدسـيـا عـلـى
أغـانـى الـوجـود
وتـهـادت فـى أفـق روحـك
أوزان الأغـانـى
ورقـة الـتـغـريـد
فـتـمـايـلـت فـى الـوجـود
كـلـحـن عـبـقـرى الـخـيـال
حـلـو الـنـشـيـد
خـطـوات سـكـرانـة
بـالأنـاشـيـد
وصـوت كـرجـع نـاى بـعـيـد
وقـوام يـكـاد يـنـطـق
بـالألـحـان
فـى كـل وقـفـة وقـعـود
أنـت ... أنـت الـحـيـاة
فـى قـدسـهـا الـسـامـى
وفـى سـحـرهـا
الـشـجـى
الـفـريـد
أنـت ... أنـت الـحـيـاة
فـى رقـة الـفـجـر
وفـى رونـق
الـربـيـع الـولـيـد
أنـت ... أنـت الـحـيـاة
كـل أوان فـى رواء
مـن الـشـبـاب جـديـد
أنـت ... أنـت الـحـيـاة
فـيـك وفـى عـيـنـيـك
آيـات سـحـرهـا الـمـدود
أنـت دنـيـا
مـن الأنـاشـيـد والأحـلام
والـسـحـر والـخـيـال الـمـديـد
أنـت فـوق الـخـيـال
والـشـعـر والـفـن
وفـوق الـنـهـى
وفـوق الـحـدود
أنـت قـدسـى
ومـعـبـدى
وصـبـاحـى
وربـيـعـى
ونـشـوتـى ووجـودى
يـا ابـنـة الـنـور
انـنـى وحـدى
مـن رأى فـيـك
روعـة الـمـعـبـود
فـدعـيـنـى أعـيـش
فـى ظـلـك الـعـدب
وفـى قـرب حـسـنـك الـمـشـهـود
عـيـشـة لـلـجـمـال
والـفـن والألـهـام
والـطـهـر والـسـنـاء والـسـجـود
عـيـشـة الـنـاسـك الـبـتـول
يـنـاجـى الـرب
فـى نـشـوة الـزهـول الـشـديـد
وأمـنـحـيـنـى الـسـلام
والـفـرح الـروحـى
يـاضـوء فـجـرى الـمـنـشـود
وأرحـمـيـنـى
فـقـد تـهـدمـت فـى
كـون مـن الـيـأس
والـظـلام مـشـيـد
أنـقـديـنـى مـن الأسـى
فـلـقـد أمـسـيـت
لا أسـتـطـيـع حـمـل وجـودى
فـى شـعـاب الـزمـان
والـمـوت
أمـشـى تـحـت عـب الـحـيـاة
جـم الـقـيـود
وأمـاشـى الـورى
ونـفـسـى كـالـقـبـر
وقـلـبـى كـالـعـالـم الـمـهـدود
ظـلـمـة مـا لـهـا خـتـام
وهـول شـائـع
فـى سـكـونـهـا الـمـمـدود
وادا مـا أسـتـخـفـنـى عـبـث الـنـاس
تـبـسـمـت فـى أسـى وجـمـود
بـسـمـة مـرة
كـانـى أسـتـل
مـن الـشـوك دابـلات الـورود
وأنـفـخـى فـى مـشـاعـرى
مـرح الـدنـيـا
وشـدى مـن عـزمـى الـمـجـهـود
وابـعـثـى فـى دمـى
الـحـرارة عـلـى
أتـغـنـى مـع الـمـنـى مـن جـديـد
وأبـث الـوجـود أنـغـام قـلـب
بـلـبـلـى
مـكـبـل بـالـحـديـد
فـالـصـبـاح الـجـمـيـل
يـنـعـش بـالـدف
حـيـاة الـمـحـطـم الـمـكـدود
أنـقـديـنـى
فـقـد سـئـمـت ظـلامـى
أنـقـديـنـى
فـقـد مـلـلـت ركـودى
آه يـازهـرتـى الـجـمـيـلـه
لـو تـدريـن مـاجـد
فـى فـؤادى الـوحـيـد
فـى فـؤادى الـغـريـب
تـخـلـق أكـوان مـن الـسـحـر
دات حـسـن فـريـد
وشـمـوس وضـاءه
ونـجـوم تـنـثـر الـنـور
فـى فـضـاء مـديـد
وربـيـع كـأنـه حـلـم الـشـاعـر
فـى سـكـرة الـشـبـاب الـسـعـيـد
وريـاض لا تـعـرف
الـحـلـك الـداجـى
ولا ثـورة الـخـريـف الـعـتـيـد
وطـيـور سـحـريـة تـتـنـاغـى
بـأنـاشـيـد حـلـوة الـتـغـريـد
وقـصـور كـأنـهـا الـشـفـق الـمـخـضـوب
أو طـلـعـة الـصـبـاح الـولـيـد
وغـيـوم رقـيـقـة تـتـهـادى
كـأبـاديـد
مـن نـثـار الـورود
وحـيـاة شـعـريـة هـى عـنـدى
صـورة مـن حـيـاة
أهـل الـخـلـود
كـل هـدا يـشـيـده سـحـر عـيـنـيـك
والـهـام حـسـنـك
الـمـعـبـود
وحـرام عـلـيـكـى
أن تـهـدمـى
مـا شـاده
الـحـسـن
فـى الـفـؤاد الـعـمـيـد
وحـرام عـلـيـك
أن تـسـحـقـى
آمـال
نـفـس تـصـبـو
لـعـيـش رغـيـد
مـنـك تـرجـو سـعـادة
لـم تـجـدهـا
فـى حـيـاة الـورى
وسـحـر الـوجـود
فـالألـه الـعـظـيـم
لا يـرجـم الـعـبـد
ادا كـان
فـى جـلال
الـسـجـــــود

 
اراك

اراك, فتحلو لدى الحياة
و يملأ نفسى صباحُ الأمل
و تنمو بصدرى ورود عِذاب
و تحنو على قلبي المشتعل
فأعبُدُ فيك جمال السماء
ورقة ورد الربيع, الخضِل
و طهر الثلوج, و سحر المروج
مُوشحةً بشعاع الطفل
***************
أراك, فتخفق أعصاب قلبي
و تهتزُ مثل اهتزاز الوتر
و يجرى عليها الهوى, فى حُنُوٍ
أنامل,لُدناً, كرطب الزهر
فتخطو أناشيد قلبي,سكرَى
تغردُ, تحت ظلال القمر
و تملأني نشوة, لا تُحَد
كأنى أصبحتُ فوق البشر
أوَدُ بروحى عناق الوجودِ
بما فيه من أنفُسٍ , او شجر

 
الاشواق التائهة

لم اجد في الوجود الا شقاـء........... ..سرمديا ولذة مضمحلة
واماني يغرق الدمع احلاها..............ويفني يم الزمان صداها
واناشيد يأكل الهب الدامي................مسراتها ويبقي اساها
ووردود تموت في قبضة الاشواك........ماهذه الحياة المملة
سأم هذه الحياة معاد......................وصباح يكر اثر ليل
ليتني لم اعد الي هذه الدنيا................ولم تسبح الكواكب حولي
ليتني لم يعانق الفجر احلامي............ولم يلثم الضياء جفوني
ليتني لم ازل كما كنت ضوؤا............شائعا في الجو غير سجين

 
[FONT=Tahoma, Verdana, Arial, Helvetica, sans-serif]نشيد الجبار ( هكذا عنى بروميثيوس )[/FONT]
[FONT=Tahoma, Verdana, Arial, Helvetica, sans-serif]

سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعْداءِ كالنِّسْر فوقَ القِمَّة ِ الشَّمَّاءِ
أَرْنو إِلَى الشَّمْسِ المضِيئّة ِ..،هازِئاً بالسُّحْبِ، والأمطارِ، والأَنواءِ
لا أرمقُ الظلَّ الكئيبَ..، ولا أَرى ما في قرار الهَوّة ِ السوداءِ...
وأسيرُ في دُنيا المشاعِر، حَالماَ، غرِداً- وتلكَ سعادة ُ الشعراءِ
أُصغِي لموسيقى الحياة ِ، وَوَحْيها وأذيبُ روحَ الكونِ في إنْشائي
وأُصِيخُ للصّوتِ الإلهيِّ، الَّذي يُحيي بقلبي مَيِّتَ الأصْداءِ
وأقول للقَدَرِ الذي لا يَنْثني عن حرب آمالي بكل بلاءِ:
"-لا يطفىء اللهبَ المؤجَّجَ في دَمي موجُ الأسى ، وعواصفُ الأرْزاءِ
«فاهدمْ فؤادي ما استطعتَ، فإنَّهُ سيكون مثلَ الصَّخْرة الصَّمَّاءِ»
لا يعرفُ الشكْوى الذَّليلة َ والبُكا، وضَراعَة َ الأَطْفالِ والضُّعَفَاء
«ويعيشُ جبَّارا، يحدِّق دائماً بالفَجْرِ..، بالفجرِ الجميلِ، النَّائي
واملأْ طريقي بالمخاوفِ، والدّجى ، وزَوابعِ الاَشْواكِ، والحَصْباءِ
وانشُرْ عليْهِ الرُّعْبَ، وانثُرْ فَوْقَهُ رُجُمَ الرّدى ، وصواعِقَ البأساءِ»
«سَأَظلُّ أمشي رغْمَ ذلك، عازفاً قيثارتي، مترنِّما بغنائي»
«أمشي بروحٍ حالمٍ، متَوَهِّجٍ في ظُلمة ِ الآلامِ والأدواءِ»
النّور في قلبِي وبينَ جوانحي فَعَلامَ أخشى السَّيرَ في الظلماءِ»
«إنّي أنا النّايُ الذي لا تنتهي أنغامُهُ، ما دامَ في الأحياءِ»
«وأنا الخِضَمُّ الرحْبُ، ليس تزيدُهُ إلا حياة ً سَطْوة ُ الأنواءِ»
أمَّا إذا خمدَتْ حَياتي، وانْقَضَى عُمُري، وأخرسَتِ المنيَّة ُ نائي»
«وخبا لهيبُ الكون في قلبي الذي قدْ عاشَ مثلَ الشُّعْلة ِ الحمْراءِ
فأنا السَّعيدُ بأنني مُتَحوِّلٌ عَنْ عَالمِ الآثامِ، والبغضاءِ»
«لأذوبَ في فجر الجمال السرمديِّ وأَرْتوي منْ مَنْهَلِ الأَضْواءِ"
وأقولُ للجَمْعِ الذينَ تجشَّموا هَدْمي وودُّوا لو يخرُّ بنائي
ورأوْا على الأشواك ظلِّيَ هامِداً فتخيّلوا أنِّي قَضَيْتُ ذَمائي
وغدوْا يَشُبُّون اللَّهيبَ بكلِّ ما وجدوا..، ليشوُوا فوقَهُ أشلائي
ومضُوْا يمدُّونَ الخوانَ، ليأكُلوا لحمي، ويرتشفوا عليه دِمائي
إنّي أقول ـ لَهُمْ ـ ووجهي مُشْرقٌ وَعلى شِفاهي بَسْمة اسْتِهزاءِ-:
"إنَّ المعاوِلَ لا تهدُّ مَناكِبي والنَّارَ لا تَأتي عَلَى أعْضائي
«فارموا إلى النَّار الحشائشَ..، والعبوا يا مَعْشَرَ الأَطفالِ تحتَ سَمائي»
«وإذا تمرّدتِ العَواصفُ، وانتشى بالهول قَلْبُ القبّة ِ الزَّرقاءِ»
«ورأيتموني طائراً، مترنِّماً فوقَ الزّوابعِ، في الفَضاءِ النائي
«فارموا على ظلّي الحجارة َ، واختفوا خَوْفَ الرِّياحِ الْهوجِ والأَنواءِ..»
وهُناك، في أمْنِ البُيوتِ،تَطارَحُوا عثَّ الحديثِ، وميِّتَ الآراءِ»
«وترنَّموا ـ ما شئتمُ ـ بِشَتَائمي وتجاهَرُوا ـ ما شئتمُ ـ بِعدائي»
أما أنا فأجيبكم من فوقِكم والشمسُ والشفقُ الجميلُ إزائي:
مَنْ جاشَ بِالوَحْيِ المقدَّسِ قلبُه لم يحتفِلْ بحجارَة ِ الفلتا
ء"
[/FONT]
 
صلوات في هيكل الحب

عذْبة ٌ أنتِ كالطّفولة ِ، كالأحلامِ كاللّحنِ، كالصباحِ الجديدِ
كالسَّماء الضَّحُوكِ كالليلة ِ القمراءِ كالورد، كابتسام الوليدِ
يا لها من وَداعة ٍ وجمالٍ وشبابٍ مُنَعَّم أمْلُودِ!
يا لها من طهارة ٍ، تبعثُ التقديـ ـسَ في مهجة الشَّقيِّ العنيدِ!..
يالها رقَّة ً تكادُ يَرفُّ الوَرْ دُ منها في الصخْرة ِ الجُلْمُودِ!
 
[FONT=Tahoma, Verdana, Arial, Helvetica, sans-serif]قَدَّس اللَّهُ ذِكْرَهُ مِن صَبَاحٍ[/FONT]
[FONT=Tahoma, Verdana, Arial, Helvetica, sans-serif]

قَدَّس اللَّهُ ذِكْرَهُ مِن صَبَاحٍ سَاحِرٍ، في ظِلال غابٍ جميلِ
*******
كان فيه النّسيم، يرقصُ سكراناً على الوردِ، والنّباتِ البَليلِ
*******
وضَبابُ الجبالِ، يَنْسَابُ في رفقٍ بديعٍ، على مُروج السُّهولِ
*******
وأغاني الرعاة ِ، تخفقُ في الأغوارِ والسّهلِ، والرّبا، والتّلولِ
********
ورحابُ الفضاءِ، تَعْبُقُ بالألحانِ والعطرِ، والذّياءِ الجميلِ
*******
والمَلاَكُ الجميلُ، ما بين ريحانٍ وعُشْبٍ، وسِنديانٍ، ظَليلِ
*******
يتغنَّى مع العَصَافيرِ، في الغاب ويرنو إلى الضَّباب الكَسُولِ
*******
وشعورُ الملاك ترقصُ بالأزهار والضوءِ، والنَّسيمِ العَليل
*******
حُلُمٌ ساحرٌ، به حَلُمَ الغابُ فَوَاهاً لِحُلْمِهِ المَعْسُولِ!
******
مثلُ رؤيا تلوحُ للشّاعر الفنَّان في نشوة ِ الخيال الجليلِ
******
قد تملَّيْتُ سِحرَهُ في أناة ٍ وحنانٍ، وَلَذَّة ٍ، وَذُهولِ
******
ثُمَّ ناديتُ، حينما طفحَ السِّحرُ بأرجاءِ قَلبي المبتولِ
******
يا شعورٌ تميد في الغَاب بالر يحانِ، والنّور، والنّسيم البليلِ
******
كَبَّليني بهاتِهِ الخِصَلِ المرخَاة ِ في فتنة ِ الدَّلال المَلُولِ
******
كبّلي يا سَلاسلَ الحبِّ أفكا ري، وأحلامَ قلبيَ الضَّلِّيلِ
******
كبِّليني بكل ما فيكِ من عِطْرٍ وسحرٍ مُقَدّسٍ، مَجْهولِ
******
كبِّليني، فإنَّما يُصْبِحُ الفنّان حرّاً في مثل هذي الكبولِ
******
ليت شعري! كَمْ بينَ أمواجِكِ السّو دِ، وطيّاتِ ليلِكِ المسدولِ
******
من غرامٍ، مُذَهَّبِ التاجِ، ميْتٍ وفؤادٍ، مصفَّدٍ، مغلولِ
******
وزهورٍ من الأمانيِّ تَذوِي في شُحُوبٍ، وخيبة ٍ، وخمولِ
******
أنتِ لا تعلمين..، واللَّيلُ لا يعلَمُ كم في ظلامِه من قَتيلِ
******
أنتِ أُرْجُوحَة ُ النسيمِ فميلي بالنسيمِ السعيدِ كِلَّ مَمِيلِ
*******
ودَعي الشَّمسَ والسماءَ تُسَوِّي لكِ تاجاً، من الضياء الجميلِ
******
ودِعي مُزْهِرَ الغُصُونِ يُغَشِّيـ ـكِ بأوراقِ وَردِه المطلولِ
******
للشّعاع الجميلِ أنتِ، وللأنسا مِ، والزَّهر، فالعبي، وأطيلي
*******
ودعي للشقيِّ أشواقَه الظمْأى وأَوهامَ ذِهْنه المعلولِ
*******
يا عروسَ الجبالِ، يا وردة َ الآ مالِ، يا فتنة َ الوجودِ الجليل
*******
ليتني كنتُ زهرة ً، تتثنَّى بين طيّات شَعْرِكِ المصقولِ!
*******
أو فَراشاً، أحومُ حولكِ مسحوراً غريقاً، في نشوتي، وَذُهُولي!
******
أو غصوناً، أحنو عليكِ بأوراقي حُنُوَّ المُدَلَّهِ، المتْيولِ!
*******
أو نسيماً، أضمُّ صدركِ في رِفقٍ، إلى صَدْرِيَ الخفوقِ، النَّحيلِ
*******
آهِ! كم يُسْعِدُ الجمالُ، ويُشْقي
[/FONT]
 
شكرا على المعمومات
 
أعلى