• كل المواضيع تعبّر عن رأي صاحبها فقط و ادارة المنتدى غير مسؤولة عن محتوياتها

حمودة البطال.

southdream

نجم المنتدى
عضو قيم
إنضم
1 نوفمبر 2011
المشاركات
11.786
مستوى التفاعل
43.234
حمودة "شاب" تخرج من الجامعة اختصاص تاريخ و جغرافيا منذ ما يزيد عن 12 سنة...يذكر سكان قريته كيف أقام والده المرحوم "مهرجانا" إحتفالا بتخرج بكره ذبحت فيه الخرفان و وزعت "قصاع الكسكسي" على الجيران و الأحباب...بعض الصور المخلدة "للواقعة" لا تزال تزين خزانة حمودة المتهالكة...

مضى عام بعد عام و حمودة يطرق الأبواب و ينسخ الشهائد و يشارك في المناظرات... كل "كاباس" "يشحذ" معارفه و ينفض الغبار عن كتبه و كراساته و "يبربش" مواقع الانترنت... طمعا و أملا...و في التفاصيل اليومية ألم و أمل و "كابوسانات باردة" و "سجائر جزائرية" في "قهوة عمار".... نفس الكرسي و نفس الطاولة و نفس الاصحاب. كانت والدته تضع له "المصروف" داخل جيب السروال تجنبا لإحراجه.. أحيانا يضطر حمودة لتجنب الخروج حين "تفلس كاسة" والده الفلاح البسيط... الذي لا مساعد له الا إبنته "الخياطة"...

حاول حمودة العمل في "المرمة" فلم يساعده جسده النحيل و أغمي عليه ذات يوم تحت قهقهات العمال و سخريتهم... يتذكر حمودة كيف باعت أمه "النعجات" و "الذهبات" في رحلة علاج والده منذ سنوات... رحلة علاج انتهت بوفاته... رحل والده تاركا إياه "بطالا" عاجزا عن العمل... أعزب "كعتروس سيدي مرزوق"... كم تمنى والده أن "يفرح" بإبنه البكر و يحمل حفيده بين يديه... ولكن تلك مشيئة الله و لا راد لمشيئته... حمودة كان رجلا مؤمنا غير أنه لم يكن من المواضبين على الصلاة... أحيانا يلزم المسجد فلا يخرج منه و أحيانا أخرى يلزمه "الإكتئاب" بيته و يترك الصلاة و لسان حاله يقول أستحق عذاب الدنيا و الآخرة.. أنا إنسان فاشل و عالة على الجميع...كان من أولائك الذين تنتابهم نوبات إحتقار مرضية للذات...

جاءت الثورة و تجدد الأمل لدى الشاب البائس.".شغل حرية كرامة و طنية" صاح مع الصائحين عند باب الولاية... أخيرا فتحت أبواب الحياة من جديد و رأى بأم عينيه كيف تم إنتداب كثير من رفاق "مقهى عمار" ... و بدأ يمني نفسه بقرب الخلاص... مضت الأيام و الشهور ينتظر كل يوم أن يرن جرس الهاتف أو أن تأتيه برقية تبشره بانبلاج صبح جديد... و تمضي الحياة و ينادي المنادي "الي حج حج و الي عوق عوق"...طويت الصحف و جفت الأقلام و تغيرت معطيات الانتداب.. إنهم يريدون شبابا ناشطا محين المعلومات .. لقد أغلق "سمسم" أبوابه على "العجائز و الشيوخ"... كانت القاسمة لحمودة...

بدأ الشيب يغزو ذوائبه و شعر رأسه في التساقط ووجهه في الشحوب و السواد...قرر حمودة اعتزال الناس و الخروج الا للضرورة تجنبا لأسئلتهم الحارقة حول "العمل" و "الزواج"... "ثماش حاجة جديدة حمودة" أكثر جملة سمعها ... كانت تلك الجملة البغيضة سكينا مسموما يعاد غرزه كل يوم في جسده المحتضر...

حتى لما قررت أمه و أخته "الخياطة" خطبة فتاة له .. رفضت و أشاعت بين الناس أن "عمي حمودة يحب يخطبها"....

حمودة اليوم في بيته لا يدري ما يفعل.. أيفجر جسده النحيل في مكان ما.. أم "يحرق" أم يحترق... ربما يد ملائكية رحيمة ستمتد له يوما قبل فوات الأوان.. ربما من يدري؟!
 
كان القصة صحيحة علاش ما يلمولوش اهل البلاد الي هو فيها ويعملولو مشروع صغير يعيش فيه وكان لزم يعرسولو؛ نتصور البلاد مازال فيها الخير...
 
ماعليه كان يشمر على ذراعاتو
و يخدم على روحو شادد القهوة وامو واختو يصرفو عليه
ونعم الرجل
 
ربي معاه سي حمودة و إن شاء الله بالتوفيق ليه ، لكن ماش نقول حاجة ، راهو الإنسان قبل ما يتوجه و يختار الإختصاص اللي ماش يكمل يقراه يسمع عليه و يعرف أفاق تشغيله و الطلب عليه في السوق ، مالزمان الزمني معروف اللي يتبع تاريخ و جغرافيا يعرف علاش قادم ، سنوات متاع بطالة و هلوما جرا !
 
حمودة يتحمل نتيجة اختياراته
اختار يمشي لشعبة "ميتة" مافيهاش آفاق و مستقبل
و كان عليه يعاود يترسكل باش يدخل لسوق الشغل
و باش نحكي على ثلاثة معارف متخرجين كيفه جغرافيا و كلهم حاولوا في الكاباس لكم عظم الله أجركم
الأول = توبوغراف تعب على الأول و تو الحمد الله لاباس عليه
الثاني = حل في الأول فضاء نسخ وثائق و من بعد ولات فضاء عمومي للانترنات (سكروهالو في 2011) مشى عمل تكوين في بعث المؤسسات و من بعد حل فضاء تكويت في اللغات و الاعلامية و كيف كيف الحمد الله لاباس عليه
الثالث = كيف تشوفوا "صاحي" تفرح...
 
استغرب ان يكون هذا مصير دارس للتاريخ .كان بامكانه ان يصنع لنفسه عالم اجمل
الكتب تعطيك بُعد اخر للوجود الانساني تنسى معها ضوابط المجتمع في تقييم النجاح و الفشل و حتى طريقة العيش
كان بامكانه العيش في عامل موازي افضل من الغوص في غياهب الفشل الواقعي صحيح انه نوع من الهروب لكنه هروب مريح
 
من الفطنة التي يجب أن تكون عند المسلم عندما يكون في مثل هذه الحالات، أن لا يجمع على نفسه عسرين، أهونهما ما هو فيه من ضيق و أعظمهما تعميق القطيعة مع الخالق الرازق المدبر سبحانه و تعالى، فمثل هذا حتى لو وُفّق و نال مبتغاه وهو على هذه القطيعة، فإنه يصعب أن يوفق للحلال الطيب الذي تقر به العين، فما كل مصدر للكسب محمود.
 
أعلى