• كل المواضيع تعبّر عن رأي صاحبها فقط و ادارة المنتدى غير مسؤولة عن محتوياتها

الأساطير تحاكم روجيه غارودي

migatou

عضوة مميزة في القسم العام
عضو قيم
إنضم
12 نوفمبر 2007
المشاركات
1.570
مستوى التفاعل
5.395





السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته






هذه بعض المعلومات جمّعتها من بعض المواقع و الكتب.. أرجو أن تقرؤوها معي..
فهي إعادة نظر لحقبة زمنيّة تمّ، ربّما، تزييفها..







- ولد روجيه غارودي في 17 يوليو 1913 م في مرسيليا، فرنسا

- كان شيوعيّا متعصّبا في شبابه وكان في الحزب الشيوعي

حتى طرد منه عام 1970 بسبب نقده الحاد للأتحاد السوفيتي معقل الشيوعية الأكبر

- اعتنق الإسلام عام 1982

- كان معاديا للرأس مالية والإمبريالية طوال حياته

- في عام 1998 حوكم في فرنسا بتهمة إنكار الهولوكوست (المحرقة الألمانية لليهود) في كتابه الذي سنتحدث عنه



نتساءل عن المنطلق الفكري لمحاكمة غارودي..
و نجد الجواب بأنّ هذه المحاكمة تستند إلى اساس نظري متماسك. ففي فرنسا يوجد قانون يسمى بقانون "جيسو " الصادر استثنائياً في العالم 1990 و هو يقتضي بمعاقبة من ينكر محرقة النازيين لليهود ( في غرف الغاز ) – وفق قرار محكمة نورمبرغ لمجرمي الحرب – بالحبس لمدة سنة بالاضافة الى غرامة مالية قيمتها ثلاثمائة الف فرنك فرنسي.

La loi française n° 90-615 du 13 juillet 1990, dite loi Gayssot

«....... » Son article premier dispose que

De plus elle qualifie de délit, dans son article 9, la contestation de l'existence des crimes contre l'humanité, définis dans le statut du Tribunal militaire international de Nuremberg, qui ont été commis soit par les membres d'une organisation déclarée criminelle en application de ce statut soit par une personne reconnue coupable de tels crimes....


و هكذا فإنّ القانون الفرنسي لا يعاقب على الإلحاد ، أو على إنكار وجود المسيح، لكنّه يعاقب على إنكار المحرقة و هو بالتّالي يقرّ ضمناً كون اليهود شعب الله المختار. :bang:

بهذا يكون كتاب غارودي "الأساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية" (و أكثر ترجمة عربيّة معتمدة لمحمّد هشام) أساساً نظريًّا متيناً و متماسكاً لمحاكمته. فصحيح اأنّ المفكّرين الفرنسيّين وصفوا هذا القانون بـ " الفضيحة " ، لكنّ هذا الوصف لم يمنع استمرار العمل به (أي القانون).


قبل التطرّق إلى هذه المحاكمة نجد من الضّروري تبيان بعض النّقاط و توضيحها و نبدأ بـ :



1- لمحة عن الكتاب : " الأساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية " كتاب للمفكر البارز غارودي


لم يجد ناشراً يتبنّاه بسبب خطورته. و كدليل على سبق الإصرار و التّعميد قام المؤلّف بنشره على حسابه مطلع العام 1996، و خلال شهر واحد كان الكتاب قد ترجم الى عشرين لغة. و في هذا دليل على سعة انتشاره و خطورته ، التي تجلت بتصدي غارودي لتنفيذ الأساطير الدّينيّة السّياسة الاسرائيليّة.


أ‌- الأساطير الدينية : تناول غارودي أسطورة فلسطين – أرض الميعاد و رأى انها أرض مغتصبة و مسروقة.
أمّا أسطورة شعب الله المختار فقد رأى فيها وسيلة للاستعلاء على الآخر و استباحة إبادته ..
و أمّا عن التّطهير العرقيّ فقد مارسته اسرائيل منذ مذبحة دير ياسين.


و آراء غارودي في هذا الفصل حملت له التّهم التالية :


1- قراءة التّوراة بصورة مغايرة لقراءة اليهود.


2- التّمييز العنصريّ و إتّهام الآخر بالتّطهير العرقي .


3- التّشكيك في مصطلح " شعب الله المختار " و مصطلح " ارض الميعاد ".


4- التهجّم على الذّات اليهودية و ماضيها.


5- اللهجة الاستفزازية.



ب‌- الأساطير السياسية : و فيه رفض مباشر لهذه الأساطير و أوّلها لكون الصهيونية معادية للفاشية و ينقضها بوقائع تعامل اليهود مع النازي ، و من بينهم اسحق شامير الذي اعتقل في دمشق سنة 1941 في مكتب الجهاز السري النازي الذي كان يتعامل معه.
أمّا النّقض الثاّني فيتناول الهالة المحيطة بعدالة محاكمات نورمبرغ. إذ أنّ الحرب العالمية الثانية التهمت 60 مليون ضحية بينهم 20 مليون سوفياتي ، و هل يصح بعد ذلك استناد هذه المحاكمات ( نورمبرغ ) الى مبدأ انها كانت موجهة لابادة اليهود كيهود ؟
كما رأى غارودي عدم وجود أية وثيقة تطالب بإبادة اليهود ( صادرة عن هتلر أو أحد من قادة جيشه النّازيّ)،
و كذلك عدم وجود أيّ شخص يشهد على غرف الغاز المزعومة.
و أيضاً يشكك غارودي بأعداد الضحايا اليهود ، فيرى أنها تراوحت بين ثلاثة ملايين و بين 950 ألفاً . و في هذا الفارق ما يدعو للتفكير.



ت‌- و من الأساطير السياسية التي ينقضها الكتاب مقولة : " أرض بلا شعب لشعب بلا أرض "
إذ أثبت و بالارقام ان اليهود كانوا يملكون ما نسبته 3.5 % من الأرض عند صدور وعد بلفور،
و 6.5 % عند صدور قرار التقسيم،
ثم اصبحوا يملكون 93 % من الأراضي سنة 1983،
و يشير الى اقالة "اسرائيل شاحال " سنة 1975 ، عندما نشر قائمة بأسماء 385 قرية فلسطينية ازيلت بالجرافات ، من أصل 475 قرية كانت مسجلة في العام 1948 ، و في هذا دليل مادي على مسألة التطهير العرقي.



أما عن التهم التي جلبها هذا النقض لغارودي فهي التالية :




1- التشكيك في ابادة هتلر لستة ملايين يهودي. (كان عددهم قبل الحرب أحد عشر مليونا و لم ينقص عددهم بعدها !!!)




2- التشكيك في الجرائم ضد اليهود في الهولوكوست ( غرف الغاز ).



3-إستخدام مصطلح " الحلّ النّهائي للمسألة اليهودية " .



4- التشكيك في قرارات محكمة نورمبرغ.



5- انتقاد الصهيونية و السياسة الاسرائيلية.




6-إستفزاز اللّوبي اليهودي الفرنسي.



7- اتهام الصهيونية بالتعاون مع النازية.



8- التّنديد بقانون فابيوس – جيسو.



و بهذا يكون الكتاب قد جلب لصاحبه ثلاث عشرة تهمة ، تشكل كل منها منطلقاً لمحاكمته.




2- ردود الفعل الليبرالية على الكتاب :



أنّ حرية الرأي مقدّسة في فرنسا، و كما سبقت الاشارة فإنها يمكن ان تصل الى حدود الألحاد . لكن كتاباً مثل هذا لا بد له من أنّ يثير بعض ردود الفعل الليبرالية المتحضّرة، و الّتي لا تؤثر في تطبيق قانون فابيوس – جيسو و منها :


1- تلقي المؤلفة تسعة تهديدات بالقتل .


2- قامت الصحف بحملة تشهير عنيفة ضد المؤلف رافضة إعطاءه حق الردّ.


3- تمّ الاعتداء جسدياً على موزع الكتاب و تم تشويه وجهه .

4- احرقت واجهات المكتبات التي تعرض كتب المؤلف.


5- منع ظهور المؤلف في وسائل الاعلام لحرمانه حق ابداء الرأي.



و هذه الممارسات ليست منعزلة او طارئة فلها سابقات عديدة منها :



1- قدّم غارودي نفسه للمحاكمة 3 مرّات بسبب مقالة نشرها في جريدة " لومند " ، ادان فيها الغزو الاسرائيلي للبنان سنة 1982.


2- بسبب تشكيكه بوجود غرف الغاز فصل البروفسور روبيرفوريسون من منصبه في جامعة ليون ، و بذلك فقد تم اغتياله علمياً و معنوياً.


3- حصل الباحث هنري روكيه على درجة الدكتوراه من جامعة " نانت " ، تحت اشراف استاذ في الجامعة نفسها . و كان موضوع الرسالة غرف الغاز . و لما تبين ان الباحث يشكك بوجودها اصلاً كانت النتيجة أن سحبت الدكتوراه منه ( لأوّل مرة في تاريخ الجامعات الفرنسية ) بالاضافة الى فصل الاستاذ المشرف بقرار من وزير التعليم الفرنسي .


...

و كانت ازمة غارودي انه تجرأ على مراجعة اساطير " شعب الله المختار " مع ان هذه المهمة كانت تطوعية و ربما كان من واجب اليهود انفسهم ان يقوموا بها . و ذلك لجملة اسباب منها :


1- ما ذكره غارودي في نهاية الكتاب ( و هو ما يعرفه اليهود معرفة يقينية) عن وجود اطنان من الوثائق و المحفوظات الالمانية التي نقلت الى الولايات المتحدة . كما ان هنالك محفوظات اخرى في روسيا ، و ربما في دول اخرى . و هذه الوثائق ستكون عاجلاً ام آجلاً مواضيع جرد و ضبط و اعادة قراءة بما يجعل من آراء غارودي جملة مسلمات بديهية .

2- ما هو معروف عن السرية و الغموض المحيطين بمخطوطات البحر الميت التي ترفض اسرائيل اطلاع المهتمين و الدراسين عليها ، و تتهرب من الاعتراف بمحتوياتها ، كونها تهدد الاساطير اللاهوتية اليهودية .

3- الاتفاق على مبدأ عدم امكانية القول بمصادفة الظواهر المتكررة بكثافة . فعندما تتكر ظاهرة ما لا يمكننا ان نردها الى المصادفة .

و من هنا فلا يمكننا ان نرد الى المصادفة ظاهرة تعرض اليهود في فترات زمنية مختلفة للسبي و الاضطهاد ... الخ . فهذه الظاهرة تعود في رأي المؤلف الى الأساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية .

3- محاكمة غارودي :

ذكرنا أعلاه ثلاث عشرة تهمة يحاكم غارودي على اساسها . لكن التهمة الرئيسية فيها هي انكاره لغرف الغاز ( الهولوكوست ) . و يقاضي المؤلف بهذه الدعوى كل من :


1- الحركة المعادية للعنصرية لأجل الصداقة بين الشعوب (MRAP ) و

2- اللجنة الدولية ضد العنصرية و اللاسامية ( LICRA )

و 3 – منظمة " محامون بدون حدود " .


المصدر : كتاب

img961.gif


الأساطير المؤسسة للسّياسة الإسرائيلية
تأليف: جارودي روجيه
ترجمة: محمد هاشم


+

بعض مصادر أخرى من الأنترنت







أرجو أنّ أسلوب الطّرح لم يكن مملاّ








 
تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يدين إنكار ما يعرف بمحرقة اليهود، وذلك بعد أسابيع من رعاية إيران مؤتمرا أثار المتحدثون فيه شكوكا حول قتل ستة ملايين يهودي أثناء الحرب العالمية الثانية.

وشاركت 103 دول في رعاية القرار الذي قدمته الولايات المتحدة بدعم من 75 دولة. ويدعو القرار "كل الدول الأعضاء إلى رفض أي إنكار للمحرقة كحدث تاريخي من دون تحفظ، سواء كان هذا الإنكار شاملا أو جزئيا، وأي نشاط في هذا الاتجاه".
أخت خديجة لقد تحديت بموضوعك هذا قرار ما يسمى بالأمم المتحدة
لكنني سأدعمك وربي يستر لا يهزونا لغوانتانامو
وإليك هذا المقال وهو من أروع ما قرأت عن هذا الرجل


رغم وصفه المثير بأنه «شيخ مشاغبي العصر وإمامهم» الذي أطلقه عليه الكاتب الصحفي فهمي هويدي، يظل الصمت المطبق المضروب حول المفكر والفيلسوف الفرنسي روجيه جارودي منذُ اعتناقه للإسلام ونشره لكتابه «الأساطير المؤسسة لدولة الإسرائيلية» مثار استغراب واستفهام كبيرَيْن؛ فمن «مشروع مثقف القرن» بفرنسا، إلى منبوذٍ بغيض عدوٍّ للسامية ضُرِبَ بينه وبين العالم جدار، إن لم يكن قد حُكم عليه بالإعدام حيّاً في شقة متواضعة في ضواحي عاصمة الأنوار باريس.

قصة هذا المفكر الفيلسوف الثمانيني مثيرةٌ وغريبة، لا يمكن فهمها بدون معرفة الظروف التي عاشها هذا الرجل وتحولاته الفكرية التي حكمت عليه أن يعيش بقية حياته منبوذاً منسيّاً بعد أن شغل الدنيا وشغل الناس؛ فكراً وسياسةً وفلسفةً وثقافةً، بمعرفته الموسوعية التي طافت شتى فروع المعرفة الإنسانية بحثاً عن الحقيقة.

إلا أن نقطة التحول الكبرى، بل الانقلاب الأكبر في حياته، هو اعتناقه للإسلام الذي «قتل جارودي» بحسب عنوان مقال للكاتب والصحفي الجزائري المقيم في فرنسا هادي يحمد، الذي زار جارودي في منزله بباريس عام 2005.

لكن المخفي المعلن في قضية جارودي هما قضيتان اثنتان، إسلامه، وكتابه المشهور «الأساطير المؤسسة للدولة الإسرائيلية»؛ أما القضية الأولى فقد عبر عنها بشكل صريح الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي الشهير جان بيرك الذي قال: «إن يوم إسلام جارودي يومٌ أسود في تاريخ الحضارة الغربية»!

وأما القضية الثانية- موضوع الكتاب- فقد أثارت ضده موجة من النقد والعداء لدرجة محاكمته التي انتهت بِمَنْعِه من النشر والظهور الإعلامي، وتغريمه ماليّاً تحت ذريعة «معاداة السامية»!

بالنسبة لموضوع إسلامه فقد كان بمثابة ضربة قاصمة لفرنسا وأوربا، وهذا ما عبر عنه الفيلسوف جان بيرك, أما بالنسبة للمسلمين فقد كان يوماً مشهوداً احتفى به المسلمون في أوروبا وغيرها، لما يتمتع به الرجل من مكانة عظيمة في قومه؛ إذ يمثل أعظم فلاسفة الغرب في القرن العشرين، ومنظر الماركسية الأوحد قبل ذلك، فضلاً عما لاقته كتاباته الغزيرة التي بلغت 54 كتاباً، والتي تُرْجِمَتْ لأكثر من 22 لغة، من اهتمامات واسعة في أوساط الغرب والشرق الفكرية والسياسية والثقافية، فضلاً عن مكانته السياسية التي أحرزها في المعترك السياسي الفرنسي، الذي ظل ما يقارب 14 عاماً عضواً في اللجنة الوطنية بالبرلمان الفرنسي، فترك هذا كله متخلياً عن مجده وانتصاراته، وهو في أوج عنفوانه.

لقد كان جارودي يدرك تماماً أي مصير ينتظره بعد اعتناقه للإسلام, ومع هذا فإنّ مبدأ الحرية الذي يؤمن به جارودي كعقيدة لا فرق بينه وبين معتقد الإيمان الذي تَسَرَّب إلى قلبه، ومن ثَمَّ لم يَخَفْ من مصيره؛ لأن الحرية هي مصيره، وأي شيء غير الحرية لا يريده.

بكلمة واحدة قالها في المركز الإسلامي بمدينة جنيف السويسرية صبيحة الثاني من تموز عام 1982، مُلَخِّصاً أكثر من نصف قرن من البحث عن الحقيقة باعتناق الإسلام، وهو يدرك تماماً أي تبعات لهذه الكلمة، ويعلم جيداً أن الجميع سيتنكرون له، وأنهم لن يباركوا مثل هذا الصنيع من رجل في حجم جارودي ومكانته.

ومع هذا كله، فجارودي في مجال الحق والحرية لا يخاف لومة لائم، فالحرية عند جارودي دين ومعتقد، فضلاً عن هذا تكون الحرية والحقيقة قبساتٍ إيمانية تسللت إلى قلب الرجل المثقل بالبحث والتنقيب عن لغز حيّر الفلاسفة من أرسطو حتى جارودي نفسه؛ إنه لغز الإيمان الذي حيّر الفلاسفة.

بداية الفيلسوف وفلسفة البداية

ولد روجيه جارودي لأبوين ملحدين في مدينة مرسيليا الفرنسية سنة 1913 ، فنشأ في أسرة لا تعترف بالأديان قاطبة، ومع ذلك لا تخلو من الجدل والنقاش الذي أكسب الفتى ميلاً للجدل الفلسفي، مما كان له أثرٌ كبيرٌ في تشكيل شخصية جارودي المثيرة، التي بدأت وكأنه يجمع بين المتناقضات، ويحب الطيران في الفضاءات المحرمة، فكان مسيحياً كاثوليكياً، وعضواً في الحزب الشيوعي الفرنسي منذ سنة 1933 حتى 1997، واصفاً خلال هذه المرحلة كيف عاش تجربة كير كغارد وماركس في ذات الوقت، وإن كانت الماركسية هي الأقرب وجداناً إلى قلبه؛ لأنها كانت «مانشت» العصر العريض و«موضته» السائدة، وإن كان جارودي لا يؤمن بموضة الأفكار، بل يعتنقها بمحض إرادته واختياره، ما وافق ذلك عقله وضميره.

لم تكن الفلسفة عند جارودي مجرد شهادة دكتوراه حصل عليها من أشهر الجامعات الغربية (السوربون) الباريسية سنة 1953، بل كانت الفلسفة عنده تجربة حياة طويلة من البحث والإيغال في فضاءات المعرفة الإنسانية، وهي قبل كل شيء قناعةٌ عقلية وجدانيةٌ، يأنس إليها العقل والوجدان في نهاية مشواره الطويل من البحث عن نقطة التقائها، التي ظل يبحث عنها في ركام الأفكار والآراء والمذاهب.

كان جارودي يرى بعد أن تبين له هول الهرطقة التي تمارسها المسيحية بمذاهبها المحرفة من كاثوليكية وبروتستانتية وأرثوذوكسية، كان يرى في الماركسية «المدينة الفاضلة» التي طالما ظل الشعراء والفلاسفة والمصلحون يحلمون بها وينادون بالسعي إليها وتحقيقها على أرض الواقع، ومع ذلك فقد ظلت خيالاً يتغنون به إلى أن جاءت الفلسفة الماركسية لتقوم على أنقاض الكنيسة مدينة فاضلة. وسرعان ما تبين لجارودي زيف هذا الادعاء، وأن «يوتوبيا» البلاشفة في موسكو لم تكن غير نسخة أخرى لبيروقراطية الكنيسة في روما!

وهكذا تبين لجارودي أن دولة اليوتوبيا هذه في طريقها إلى مزبلة التاريخ عاجلاً غير آجل، متنبئاً لها بهذا المصير قبل وقوعه بوقت قصير، فصدقت نبوءة الرجل بعد عشر سنوات بالتحديد، وهذه النبوءة تَحَمَّلَ نتيجتها بقرارِ فَصْلِهِ من الحزب الماركسي الفرنسي سنة 1970 تحت ذريعة تشكيكه بحقيقة الاشتراكية الروسية.

هذا المصير المشؤوم للماركسية طالما حذر منه جارودي، لأنه رأى فيها انعكاساً متماثلاً لرأسمالية الغرب مع استبدال ديكتاتورية بارونات المال بديكتاتورية الحزب أو دكتاتورية البروليتاريا، فبقي الطرفان في خندق واحد وعند مصلحة واحدة. ومن هنا، فإن الحضارة الغربية بِشِقَّيْهَا الماركسي والرأسمالي ينتظرهما مصير واحد، هو مزبلة التاريخ!

ما البديل إذن؟

من ألطاف الله على هذا الرجل تلك الحادثة أو القصة الغريبة التي حدثت له وهو يقضي عقوبة السجن في أحد السجون الفرنسية في الجزائر عام 1945، إذ كان سجنه على خلفية المظاهرات العارمة التي قادها يساريون فرنسيون ضد النظام الفرنسي القائم حينها، فأُودعوا السجن. وهناك في أحد سجون مدينة قسنطينة الجزائرية، قاد جارودي تمرداً عنيفاً على سلطات السجن حُكم على إثره بعده بالإعدام.

أوكل تنفيذ هذا الحكم بالإعدام في حق جارودي لأحد الجنود الجزائريين، من الذين كانوا يعملون في صفوف الجيش الفرنسي، والغريب في الأمر هنا ذلك التصرف الذي أقدم عليه الجندي، حين رفض تنفيذ حكم الإعدام في جارودي بحجة أنه أَعْزَلُ من السلاح، فذُهِل جارودي الإنسان من تصرف هذا الجندي ومنطقه في تبرير ما أقدم عليه بقوله: «إن دينه لا يسمح له بأن ينازل خصماً أعزل من السلاح».

لقد تركت هذه القصة أعمق الأثر في حياة جارودي، فتوجه بفكره صوب هذا الدين الذي لا يسمح لأحد من أتباعه أن ينازل خصماً أعزل من السلاح، فظل يقرأ ويتعمق في تفاصيل هذا الدين العظيم الذي لم يكن يعرف عنه جارودي غير صورة مشوهة وناقصة مبتورة تلَقَّاها في دراسته وقرأها في الفكرة الغربي، الذي صور الإسلام كدين وحشي همجي ليس فيه أي مكان للإنسانية.

ويوماً فيوماً تكشف لجارودي من خلال قراءته المتعمقة والمتأنية في الإسلام الكثير من مبادئ وقيم هذا الدين العظيم، التي تتجلى فيه الإنسانية بأعظم صورها وأسماها، كما راعه في الوقت ذاته ذلك التشويه والتحريف لصورة الإسلام في الفكر الغربي، فانطلق يدافع عن الإسلام، فألّف الكتب، وكتب المقالات الكثيرة دفاعاً عن الإسلام قبل أن يعتنق الإسلام بفترة كبيرة، فكان كتابه «وعود الإسلام» الذي ألفه قبل إسلامه أهم ثمار تلك المرحلة، وقال فيه: إن الإسلام هو البديل الأنسب لإنقاذ البشرية مما هي فيه من ظُلم وشقاء وضياع وتخبط، وأن لا سعادة للبشر إلا في هذا الإسلام.

وبعد إسلام جارودي حمل معه خلفية ثقافية وفكرية من الماركسية والمسيحية مكّنته من أن يسبر أغوار الحضارة الغربية، ويفند كل ادعاءاتها الكاذبة فيما تدعو إليه، منطلقاً من منظوره الفكري الجديد في التعامل مع الكون والحياة، المنبثق من نظرة إسلامية شاملة لها، ورغم اختلاط الكثير من القناعات لديه، فقد بقي الإسلام هو الدين الوحيد الذي سلم من أي تحريف في مبادئه الأساسية.

ويعتبر جارودي أن الإسلام مَكَّنَهُ بالعقل من بلوغ نقطة التوحيد بين العقل والوجدان، في حين يقوم القرآن على اعتبار الكون والبشرية وحدةً واحدة يكتسب فيها الإنسان الدور الذي يسهم في فهم معنى وجوده، وأي غياب لسياق خالق الكون في حياتنا تجعلنا عبيداً هامشيين خاضعين للعديد من الاعتبارات الخارجية. وألف عدداً من الكتب بعد إسلامه، أبرزها:

ومن هذه الكتب: الإسلام دين المستقبل، المسجد مرآة الإسلام، الإسلام وأزمة الغرب, وحوار الحضارات, وكيف أصبح الإنسان إنساناً, وفلسطين مهد الديانات السماوية، ومستقبل المرأة. وترك في هذا الجانب ما يربو على الأربعين كتاباً، أهمها كتاب: «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية»، الذي فنّد فيه مزاعم الإسرائيليين في ما يزعمونه من وقوع اضطهاد، وأكذوبة «الرقم الذهبي» - ستة ملايين يهودي أحرقوا - الذي يبتزون به الضمير العالمي.. ولقد واجه جارودي حملة ضاريةً في أوروبا بعد صدور هذا الكتاب، وحُوكِم بسببه.

يرى جارودي أن الديمقراطية الغربية ليست النظام الأمثل الذي يمكن أن يحل مشكلات العصر الرئيسية، وذلك أنها- منذ بداياتها- قامت على أساس التفرقة والتميّز، وأنها في النهاية ذريعة لبسط مزيد من السيطرة على العالم لصالح الطرف الأقوى، وهو الغرب.

ويؤكد جارودي أن الحضارة الغربية تكمن فيها عقيدة ملعونة ظلت تلاحقها منذ الإغريق واليهودية إلى اليوم، وهي: «عقدة الاستعلاء والتفرد» التي ستكون سبباً في انهيارها. ويرى أن الحضارة الغربية عملت على فصل الثقافة الإغريقية عن أصولها الشرقية، وعملت كذلك على تهويد النصرانية، وتنكرت لدور الثقافة الإسلامية التي أيقظت أوروبا، وأخرجتها من قرونها المظلمة، وبالتالي فإن حضارة تقوم على مثل هذه العوامل التي تحمل فيها جرثومة الفناء لا مستقبل لها سوى الانهيار!

(المصدر: مجلة "الأمان" (أسبوعية – لبنان)، السنة 16، العدد 816 بتاريخ 18 جويلية 2008)
 
السلام عليكم

أولا طرحك لم يكن مملاً .. فشكرا

كما نعلم جميعا, مقاليد العالم هي بالأاس بأيادي أطراف معينة و هي بالأساس تشكل تحالفات علنية و سرّية حيث تجمعها مصالح مشتركة, و ما دور اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة إلا مثال بسيط. فمن البديهي أن يُكتب التاريخ وِفقا لمتطلبات كل طرف الإقتصادية و السياسية


1- تلقي المؤلفة تسعة تهديدات بالقتل .
2- قامت الصحف بحملة تشهير عنيفة ضد المؤلف رافضة إعطاءه حق الردّ.
3- تمّ الاعتداء جسدياً على موزع الكتاب و تم تشويه وجهه .
4- احرقت واجهات المكتبات التي تعرض كتب المؤلف.
5- منع ظهور المؤلف في وسائل الاعلام لحرمانه حق ابداء الرأي.


الغريب هنا هو نفي كل ما يُخالف التوجه العام لهذه العصابة و هذا الكم من الأذى لرجل طَرَح رؤيته للتاريخ ...
فأين حقوق الإنسان و الحرية الشخصية و حرية التعبير !!!
 
لقد سبقتني أختي خديجة في إنشاء موضوع عن الكاتب الفرنسي روجي غارودي...:satelite: و كما نقول في لهجتنا التونسية القلب على القلب!
شكرا على الموضوع و على عرضه البسيط و الرائع
روجي غارودي هو أحد الباحثين الذين تحدوا ما يتم ترويجه على الساحة الإعلامية و لو درسنا عنه الكثير فسنقف عند صراحته اللامشروطة و مواقفه الحيادية التي قلما نراها في هذا العصر.
إن كان روجي غارودي شاهدا على ما تحمله الأساطير الصهيونية من أكاذيب تهدف إلى نشر الطغيان الصهيوني المقنع بثياب المسكنة إلا أن بعضا من الباحثين وقفوا فشهدوا شهادته نفسها كالباحث اليهودي الأمريكي نورمان فلنكشتاين في كتابه "صناعة المحرقة" إلا أن هذا الأخير كان شاهدا من داخل المعتقل الصهيوني على الأكاذيب التي يسوقها اليهود حتى جعلوا من حكاية المحرقة صناعة و بقرة تدر عليهم ذهبا...
إن مقالك يكشف النفاق الذي يكتسب صبغة سياسية و قانونية في فرنسا كدولة تروج للعدالة و الأخوة و المساوات و في الأمم المتحدة كهيئة عالمية تروج للشعارات ذاتها ثم تأتي لتقوض هذه المفاهيم و تستثني نخبة تجعلهم فوق الكل و تضفي عليهم نوعا من القدسية ...و تتكرر هذه السيناريوات في مجموعة لا يستهان بها من الدول التي تسمي نفسها بالعالم الحر و تتبعها في سياستها مجموعات من الدول المتملقة النامية في سياساتها حتى تحضى بشيء من فتات موائد الكبار...
هذا النفاق و الكيل بمكيالين يصنع من هذا العالم سجنا كبيرا يغتال كل أنواع الحريات و يروج لنظرة استعلائية صهيونية و لكنه حتما لا و لن يكون منتهى الأقدار لآنه يكشف عن ثغرات تزداد وسعا يوما بعد يوم
 
أعلى