الوقوع في الحب (الجزء الاول)
معظمنا يتزوج بعد أن يمر بتجربة ''الوقوع في الحب''، فنقابل شخصا ما تكون صفاته الجسدية و سماته الشخصية كافية لأن تسبب لنا الصدمة الكهربية التي تثير ''انذار الحب'' في داخلنا، فتبدأ الأجراس في الحركة، و نبدأ في عملية التعرف على هذا الشخص.
في بعض الأحيان، نفقد هذا الاحساس بعد اللقاء الاول، حيث نجد من نقابلها في حالة مزرية، و يبدأ الشعور بالتنميل في الاختفاء من أطراف أصابعنا...
"قبل الزواج نحلم بان تكون حياتنا الزوجية في منتهى السعادة، و من الصعب علينا عند الوقوع في الحب أن نصدق اي شيء بخلاف ذلك."
في نهاية تجربة ''الوقوع في الحب" نصل الى الشعور بالسعادة البالغة، و نكون في مرحلة هوس عاطفي ببعضنا البعض، حيث يذهب احدنا الى مخدعه و هو لا يزال يفكر في الاخر، و عندما نستيقظ، يكون هذا الشخص هو أول ما نفكر فيه، ان الشخص "الواقع في الحب" يكون لديه احساس خادع بان محبوبه مثالي، و لا يهمه ما يراه الاخرين.
هذا ما يسميه الكبار بزواج الشارع. وهو لا ينجح عموماً.
و
لكن ابدية تجربة "الوقوع في الحب" هي شيء خيالي، و ليس حقيقيا، فقد أجرت الدكتورة "دورثي تينوف" ، و هي عالمة نفسية، دراسات على ظاهرة الوقوع في الحب، خلصت الى ان متوسط عمر الهوس الرومانسي عامان، و في النهاية نحط بارجلنا على الارض مرة اخرى، عندها تنفتح اعيننا و نبدا في رؤية العيوب الصغيرة جدا في الطرف الاخر: فنرى ان بعضا من صفاته او صفاته الشخصية تثير سخطنا بالفعل، و ان سلوكياته تسبب لنا الضيق، و انه لديه المقدرة على الجرح و الاغضاب، بل وربما توجيه الكلمات القاسية و الاراء النقدية، مثل هذه الصفات التي كنا نتغاضى عنها عندما وقعنا في الحب، تصبح الان كالجبال.
"ان تجربة الوقوع في الحب لا تركز على نمونا او نمو و تطور الطرف الاخر، بل انها تعطينا الاحساس باننا قد وصلنا."
و قد خلص بعض الباحثين و من بينهم الطبيب النفسي "سكوت بيك"، و العالمة النفسية "دوروثي تينوف" الى انه لا يمكن اطلاق كلمة "حب" على تجربة الوقوع في الحب باي حال من الاحوال، و خلص الدكتور "بيك" الى ان تجربة الوقوع في الحب لا تعتبر حبا حقيقيا لثلاثة أسباب
1. ان الوقوع في الحب ليس عملا اراديا، و لا يكون فيه اختيار للوعي، و لا يهم الى اي مدى نحن نريد ان نقع في الحب، لانه لا يحدث تبعا لذلك، و على النقيض فاننا ربما لا نرغب في خوض هذه التجربة بينما نحن غارقون فيها، و غالبا ما نقع في الحب في الوقت غير المناسب، و مع اشخاص لا نرغب فيهم.
2. الزقوع في الحب لا يعتبر حبا حقيقيا، لان الشخص لا يبذل اي جهد في ذلك، فكل ما هو مطلوب في حالة الوقوع في الحب تنظيم بسيط و جهد واع، فان المكالمات الطويلة التي نتبادلها و النقود التي ننفقها اثناء سفرنا لرؤية بعضنا،
و الهدايا التي نتبادلها و المشاريع التي نقوم بها لا تمثل اي شيء بالنسبة لنا، فكما ان الطبيعة الفطرية للطائر تملي عليه ان يبني عشا، فانها كذلك تدفع من يقعون في الحب الى ان يفعلوا اشياء غريبة و غير مالوفة من اجل من يحبون.
3. ان الشخص الذي "يقع في الحب" لا يهتم في الحقيقة بتشجيع النمو الشخصي للطرف الاخر، اذا كان لدينا اي هدف في عقلنا عند الوقوع في الحب، فلابد ان يكون انهاء الوحدة التي نعيشها، و ربما يكون الزواج لتاكيد انتهائها.
ما يشير إليه الإسلام بالقرب من الزنا في إقتران الخطوبة والغزل.
ان تجربة الوقوع في الحب لا تركز على نمونا او نمو و تطور الطرف الاخر، بل انها تعطينا الاحساس باننا قد وصلنا و اننا لا نحتاج الى ان ننمو اكثر من ذلك،فنشعر باننا قد حصلنا على اكبر قدر من الحب يمكن ان نحصل عليه في الحياة و بالتاكيد فاننا نرى ان الطرف الاخر ليس بحاجة الى ان ينمو لانه كامل بالفعل، و نرغب فقط ان يظل مثاليا.
الحب الحقيقي يأتي بعد الزواج.