مفهوم النسيان من القرآن

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
إنضم
9 فيفري 2017
المشاركات
1.927
مستوى التفاعل
2.315
مفهوم النسيان من القرآن

العبارة القرآنية ( نَسِيَا حُوتَهُمَا ) و العبارة القرآنية ( فإني نَسيتُ الحُوتَ ) تشيران إلى أن حقيقة النسيان تعود إلى الإنسان و ليس مسألة مرادة من الله تعالى ، و سيحاسب الإنسان( في المسائل الإيمانيّة ) على هذا النسيان...
( لهُم عَذَابٌ شََدِيدُ بِمَا نَسُوا يَومَ الحِسَابِ ) [سورة ص : 26] فلو كان النسيان مراد من الله تعالى لما كان للشيطان و غيره أيّ سلطان فيه ففي الصورة القرآنية( و ما أنْسَانِيهُ إلّا الشَيطاَن أنْ أذْكرَه ) نرى أن الشيطان هو الفاعل للفعل انسى ...
و نرى أنّ النسيان يأتي مرتبطا بالفتى ، بينما دور الشيطان هو في جعل الفتى ينسى ذكر الحوت ( فإني نَسِيتُ الحُوتَ و مَا أنسَانيه إلا الشَيطَانُ أن أذْكُرهُ ) فما هو الفارق بين نسيان الحوت و نسيان ذكر الحوت ؟

هذا المشهد القرآني يُجسّد حقيقة ثابتة تحدث في كلِّ زمان و مكان ، هي أنّ الخطوة الأولى نحو النسيان تعود للإنسان ذاته و لنفسه التي تغفل عن الحقيقة المُرادة و يأتي دور الشيطان في التأثير غير المادّي على هذه النفس بغية الاستمرار في الغفلة... فتأثير الشيطان هو فقط على إرادة الإنسان و على نفسه ، دون أن يصل ذلك مستوى الفعل و المشيئة...

هذه الحقيقة يبيّنها القرآن الكريم بشكل جليّ عبر امتلاك الشيطان للإرادة دون المشيئة ( وَ يُرِيدُ الشَيطَانُ أن يُضلكمُ ضلالا بعيدا ) [ سورة النساء : 60 ] ... ( و إنما يريد الشَيطَانُ أن يُوقِعَ بينكُم العَدَاوَة و البَغْضَاءَ ) [ سورة المائدة : 91 ] و عبر عدم ارتباط الشيطان بأي مشيئة فلا يوجد نص قرآني واحد يشير إلى وجود المشيئة للشيطان...
و لو كان للشيطان مشيئة لكان يستطيع التأثر علينا عبر أفعال حسية متجسدة في عالم الحسّ و الوجود ، و لكان يستطيع دفع الأسباب بيده ... و لكن الشيطان لا تأثير له إلا على نفس الإنسان و إرادته ، بينما الفعل و العمل و دفع الأسباب لا علاقة للشيطان به ...

هذه الحقيقة تجسدها القصّة بين أيدينا عبر ارتباط النسيان بالفتى ( فإنِي نَسِيتُ الحُوتَ ) فلا سلطان للشيطان على الأسباب ...
و الصورة القرآنية( و ما إنسانيه إلّا الشيطان أن اذكره ) تُبين أن المسألة التي يريدها الشيطان هي ليست نسيان الحوت بشكل مجرّد عن الحقيقة الكامنة وراء هذا الحوت ، فالذي يريده الشيطان هو عدم وصول موسى عليه السلام إلى الحقيقة و الحكمة المرادة ...
فالمسألة لا تكمن في مجرد النسيان ، فموسى عليه السلام ذاته نسي الحوت ( نَسِيَا حُوتَهُمَا ) لكن المسألة تكمن في تأثير الشيطان على ذاكرة الفتى بحيث يستمر هذا النسيان ، و بالتالي إبعاد موسى عن الحكمة المُرادة ..

و هكذا نرى عبر هذا المشهد حقيقة مفادها أنّ الخطيئة تبدأ في نفس الإنسان و عبر إرادته ، بينما يؤثر الشيطان على الإنسان تأثيرا معنويا نفسيّا ، بغية ابقاء الإنسان على خطئه ، و إبحاره أكثر في عالم الخطيئة ، و ذلك عبر تزيين هذه الخطيئة للإنسان..
﴿فَلَولا إِذ جاءَهُم بَأسُنا تَضَرَّعوا وَلكِن قَسَت قُلوبُهُم وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطانُ ما كانوا يَعمَلونَ
[سورة الأنعام: 43]
﴿وَجَدتُها وَقَومَها يَسجُدونَ لِلشَّمسِ مِن دونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطانُ أَعمالَهُم فَصَدَّهُم عَنِ السَّبيلِ فَهُم لا يَهتَدونَ
[سورة النمل : 24 ]
 
بارك الله في علمك لقد أفدتنا بموضوعك
نعم الشيطان ليس له تأثير إلاّ الوسوسة "الّذي يوسوس في صدور الناس" و المسؤول على أعماله هو بني آدم نفعنا الله و إيّاكم
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى