• كل المواضيع تعبّر عن رأي صاحبها فقط و ادارة المنتدى غير مسؤولة عن محتوياتها

حكايات نفزاوية.

أعجبت بجميع مشاركاتك أخي southdream في موضوع حكايات نفزاوية وأنت الإبن البار لجهة نفزاوة فلك جزيل الشكر من أحد جيرانك الذي لا يفصله عنك سوى الأسماء المستعارة فربما قد سبق أن التقينا دون معرفة
 
أعجبت بجميع مشاركاتك أخي southdream في موضوع حكايات نفزاوية وأنت الإبن البار لجهة نفزاوة فلك جزيل الشكر من أحد جيرانك الذي لا يفصله عنك سوى الأسماء المستعارة فربما قد سبق أن التقينا دون معرفة

شكر لك أخي... معاك خوك معز من سوق الأحد.
 
دموع الحمام


أحمد و مريم قصة عشق حدثت و تحدث في كل زمان و في كل مكان... ملحمة إبتدأت منذ أيام الجامعة و منذ تلاقت عيناهما ارتبطا بسلاسل حب لا انفصام لها... خطّ الزمن قصتهما بمداد الفرح و الحزن و اليأس و الأمل. و تتالت صفحات القصة بعنف حينا و انسياب رقيق ناعم أحيانا...
توجت ملحمة الحب تلك بعد عقد من الزمن بالزواج رغم كل شيء... رغم البطالة و رفض الأهل و فوارق اجتماعية و جهوية... خضع الجميع لسلطة حب أبى أن يأفل ...
كانت "حمامة" أحمد - كما كان يحلو له تسميتها- على أبواب الثلاثين عند زواجها نضرة الوجه مفعمة بالحياة و الأمل، تركت تونس العاصمة حيث نشأت و تربت وسكنت مع زوجها و حبيبها قرية من قرى الجنوب الغربي... راضية بعش صغير في "حوش" العائلة .. وقفت الى جوار زوجها و شجعته على نسيان "أمر" الوظيفة العمومية و رمي "الاجازة" وراء ظهره ... بل اختارت راضية أن تستقر في أكثر مناطق البلاد قساوة "رجيم معتوق" حيث كانت "الدولة" تمنح الشباب "مقاسم فلاحية" في المنطقة قصد استصلاحها بتمويل دولي أنذاك...

تعلمت مريم "خدمة الأرض" و سقي "النخيل" و قلع الأعشاب و تربية الماعز و الخرفان... كانت الى جوار زوجها في كل مكان.. نعم العون في الواحة و نعم الزوجة في البيت... مرت الأيام و الأشهر .. بل و مرت السنة الأولى لتطوى أولى صفحات حياتهما الزوجية و قد حوت بين سطورها الحب كله و السعادة جلها... أمر وحيد كان يلقي بظلاله على حياة مريم و أحمد... تأخر الحمل... حيث بدأ الأمر يثير التساؤل و يستدعي وشوشات الأهل و إلحاحا متزايدا في السؤال من قبلهم...

رضخ الزوجان و بدأت مسيرة استمرت و امتدت لسنوات بين المستشفيات و العيادات و الطب الرعواني و المشعوذين... شخّص الأطباء تأخر الحمل بمشكلة في بويضات مريم .. الأمر كان قاسيا جدا على الزوجين خصوصا على مريم.. و لكن الأمل كان يداعبها و يشحنها لمواصلة الطريق و الوقوف إلى جانب زوجها...

مرت السنين و أضحى أحمد من كبار الفلاحين في المنطقة حيث نمت نخيله و بدى يحصد ثمرة جهده و تضحيات زوجته .. تكاثر قطيع حيواناته و انخرط في تجارة التمور و الماشية... كلما ازداد نجاح أحمد كانت مريم تزداد شحوبا و بدت ملامح الشباب تخبو و إشراقة عينيها تنطفئ.بدأ اليأس من الحمل يتسرب الى قلبها و حلمها في الأمومة ينكسر على أبواب العيادات و المشعوذين...

على باب الأربعين سنة أغلق "الدكتور الشهير" آخر شبابيك الأمل و صارحها بأن عليها نسيان الأمر...مريم أسقط في يدها.. تباعدت "العادة الشهرية" حتى انقطعت .. لتبلغ مأساتها ذروتها ..

لم تعد تحتمل صمت زوجها القاتل و نظراته المنكسرة و وجوم أهل زوجها ... ومضى الزمن بعدها ثقيلا و كئيبا حتى جاء اليوم الذي دخلت فيه "حمامة أحمد" ووردته الذّابلة على زوجها في غرفتهما و الدموع تملؤ مآقيها..طالبة الطلاق... بعد أن أعدّت حقيبة ملابسها ... عبثا حاول الرجل ثنيها و لكن خيرته بين الانتحار أو الطلاق ... و كان ذلك...

سارع أهل أحمد إلى إقناعه بالزواج و تم الأمر بسرعة رغم الجرح الذي لم يندمل و المرارة التي لا تزال تصبغ حياته..الأمر بلغ مريم.. و علمت أن حبيب حياتها إختار"حمامة" غيرها يقاسمها قلبه و عمره...

بعد أيام نشرت الصحافة اليومية في ركن صغير من قسم الحوادث نبأ "إنتحار سيدة" برمي نفسها تحت عجلات القطار لتطوى صفحة أخرى من قصص مجهولة غرد فيها الحمام و بكى ثم طار و حلق بعيدا...

hqdefault.jpg
سبحان الله الحكاية هذه بالذات تشبه حكاية اعرفها لفتاة من احد المدن الساحلية لن نذكر اسم الولايات حتى لا نسقط في مطب الجهويات تركت بلدها لتعيش مع زوجها باحد ارياف احد الولايات البعيد عنهم .. وانجبت منه ابنين و عاشت معه في السراء والضراء واحتملت ضنك العيش وقسوته وباعت الغالي والنفيس لبناء منزل ذو طابقين وفي عز شبابها مرضت بسرطان الثدي عفاكم الله و قامت باستئصاله ومنذ ذلك الحين وحياتها في حجيم عميق ،غيرة و حزن و شجار وهي غير مصدقة ان زوجها سوف لن يتركها وانه من الذين يراعون العشرة والماء والملح وسوف لن يتخلى عنها بسهولة . وكان الشقي يشتغل في وظيفة حساسة ومرهقة فهو يشتغل عسكري والاحداث صارت ابان الثورة المجيدة وما عاشه العسكري من حالات كر وفر وغياب عن الاهل وتعب وارهاق شديدين وكانت تصله اخبار عن زوجته انها كانت تترك البيت فجرا ويتم العثور عليها جالسة باحد المقابر ..مسكينة المرض اثر على مداركها العقلية ...واحيانا تترك المنزل ليومان تاركة ابناءها لجدهما الارمل بدون اكل وشرب و كان الزوج يصارع على عدة جبهات فهو ملزم بحماية الحدود وملزم بايجاد حلول لابنية الذان اصبحا يتيمن لوالد مشغول وام تخلت ..وفي النهاية حسم الامر بطلاقها وعادت المسكينة الى بيت اهلها بينما كان زوج يبحث عن امرأة اخرى للزواج بها حتى تربي ابنيه وسمعت المسكينة بخبر قرب زواج طليقها حتى ازداد الامر عليها صعوبة ولما بلغ على مسامع الزوج عن سوء حالتها وتردي اوضاعها الجسدية قرر ان تعيش مع طفليها في الطابق الارضي و يعيش هو وزوجته الجديدة في الطابق العلوي و في يوم خطبته وصله خبر انتحارها ان رمت نفسها في احد الاودية وماتت المسكينة..
 
سبحان الله الحكاية هذه بالذات تشبه حكاية اعرفها لفتاة من احد المدن الساحلية لن نذكر اسم الولايات حتى لا نسقط في مطب الجهويات تركت بلدها لتعيش مع زوجها باحد ارياف احد الولايات البعيد عنهم .. وانجبت منه ابنين و عاشت معه في السراء والضراء واحتملت ضنك العيش وقسوته وباعت الغالي والنفيس لبناء منزل ذو طابقين وفي عز شبابها مرضت بسرطان الثدي عفاكم الله و قامت باستئصاله ومنذ ذلك الحين وحياتها في حجيم عميق ،غيرة و حزن و شجار وهي غير مصدقة ان زوجها سوف لن يتركها وانه من الذين يراعون العشرة والماء والملح وسوف لن يتخلى عنها بسهولة . وكان الشقي يشتغل في وظيفة حساسة ومرهقة فهو يشتغل عسكري والاحداث صارت ابان الثورة المجيدة وما عاشه العسكري من حالات كر وفر وغياب عن الاهل وتعب وارهاق شديدين وكانت تصله اخبار عن زوجته انها كانت تترك البيت فجرا ويتم العثور عليها جالسة باحد المقابر ..مسكينة المرض اثر على مداركها العقلية ...واحيانا تترك المنزل ليومان تاركة ابناءها لجدهما الارمل بدون اكل وشرب و كان الزوج يصارع على عدة جبهات فهو ملزم بحماية الحدود وملزم بايجاد حلول لابنية الذان اصبحا يتيمن لوالد مشغول وام تخلت ..وفي النهاية حسم الامر بطلاقها وعادت المسكينة الى بيت اهلها بينما كان زوج يبحث عن امرأة اخرى للزواج بها حتى تربي ابنيه وسمعت المسكينة بخبر قرب زواج طليقها حتى ازداد الامر عليها صعوبة ولما بلغ على مسامع الزوج عن سوء حالتها وتردي اوضاعها الجسدية قرر ان تعيش مع طفليها في الطابق الارضي و يعيش هو وزوجته الجديدة في الطابق العلوي و في يوم خطبته وصله خبر انتحارها ان رمت نفسها في احد الاودية وماتت المسكينة..

رحمها الله ورزقها الجنة...قصة مؤثرة فعلا.
 
رسالة "حارق" إلى أمّه. (قصّة من الواقع)
------------------------------
بيد مرتعشة أشعل عبد الله سيجارته بين أصابعه ولم يكد يضعها بين شفتيه حتّى رماها أرضا وقد سرى صقيع موحش في أطرافه واهتزّ جسده وتصبّب جبينه عرقا، لمح وجهه في المرآة... وجه عبثت به سنين غربته الثّمانية... خطوط عميقة على جبينه وهالات سود تحت عينيه الغائرتين وشعر ابيضّ بعضه وتساقط بعضه الآخر... لقد علم للتوّ أنّ والدته مريضة ترقد بين الحياة والموت في قسم الإنعاش في مستشفى ڨبلّى بعد تعرّضها إلى أزمة قلبيّة...

رمى جسده على فراشه كميّت في كفنه وحيدا بين جدران غرفته الفرنسيّة الباردة، مرّ شريط حياته أمام عينيه صغيرا بين أحضان والدته ووسط أترابه في السّاحات وتحت النّخيل، تذكّر فرحه الطّفولي حين تصطحبه أمّه إلى أعراس الحيّ, تذكّر عروض الفروسيّة التي طالما أبهرته طفلا حتى خُيّل إليه أنه يصغي إلى صهيل الخيول ويرى غبار سنابكها و يشتم رائحة البخور و يسمع أصوات "المكاحل والڨاربيلا"...تذكّر كيف "حرق" منذ سنين تاركا أمّه حُطاما... لا يزال نحيبها يوم رحيله يتردد صداه في أذنيه..تذكّر حياته في "الواد" بمدينة نيس هاربا من الجندرمة وعذابه اليومي بحثا عن عمل...

لا يعلم كيف نهض وأمسك بقلمه وبدأ يخطّ رسالة إلى أمّه من الرّوح إلى الرّوح...

"أمّي الحبيبة، كنت على وشك أن أبشّرك بأنّي سأحصل أخيرا على أوراق الإقامة الرّسميّة في فرنسا ولكن مكالمة أخي كانت الأسبق لتعلمني بأنّك على فراش المرض... كفاك دلالا يا "فطَيْمة" وانهضي، سأعود قريبا ولن آكل "خبز الطابونة" إلا من يديك ولن أشرب "التاي الأحمر المنعنع" إلا من "برّادك وكانونك" ...أمّي اشتقت كثيرا لضفائر سعف النّخيل المتدلّية من "فولارتك" وإلى "ڨصْتك" التي تغطي نصف جبينك.. "جبين الجُمّار" وغُرّة الفرس...اشتقت إلى "وشمك" الأخضر الّذى طالما حيّرني صغيرا..."توحّشت" حُضْنك وكلامك المشحون حبّا وحنانا..."توحّشت" رعشة صوتك خوفا عليَّ صغيرا ولضحكتك حين أرميك بالوسائد وأجذب ضفيرتيك بمكر طُفولي..
أُمّى الحبيبة فلتعلمي أنّي راجعٌ فقط لأجل حضن منك، لأبكي سنين عذابي الثّمانية بعيدا عنك، راجعٌ فقط لأشُمَّ رِيحَكِ وأرتاح في "حجرك" وأبثّ إليكِ ما عانيته من جوع وتعب وخوف ... مُطاردٌ من خيال الجندرمة ومن طيفك الّذي يأبى أن يُغادرني.
أُمّاه انهضي فلا قدرة لي على فراقك, لا تتركي صغيرك وحيدا...أعِدك أن لا أدخّن بعد اليوم وأن أُصلّي كما كنت تطلبين مني دوما...أعِدك أن أبحث عن "بنت الحلال" وأن تحملي صغيري بين يديك، فقط لا ترحلي أُمّاه وابقي... لأجلي..."

لم ينهِ رسالته لأنّ مكالمة من أخيه أخرست قلمه وأماتت كُلّ أمل... لقد ماتت أمّه لتتركه وحيدا بين جدران غرفته الباردة وشوارع نيس الموحشة... بعيدا عن قريته النفزاوية لا يزال عبد الله يرسم وجه أمّه على كل جدار ويرى طيفها في غيوم مدينته الغريبة بعد سبع سنوات من رحيلها... دون أن تطأ رجله تراب البلاد...
قصة لكل حارق في البلاد ماشي في باله حرق ببدنه وهو في الحقيقة حرق قلبه ونفسيته يكفيه حرقة بعدا عن اهله ..قصة ابكتني شخصيا لاني انا نفسي احس بمشاعر الغربة رغم اني في وطني فمابلك من هو بعيدا عن وطنه فعلا. يكفيني احساسا بالغربة حين يمر اليوم ولا ارى فيه وجه امي وابي يكفيني غربة ان يمر يوما لا ارى اي احد من عائلتي جواري يذكرني باني منهم وفيهم واليهم ..يكفي ان تعيش في مكان بعيد عن الاهل حتى ياتيك ذلك الاحساس الموحش بالتوحد والتوحش والغربة رغم انكم في نفس الوطن.
 
أعلى