باجة: مدينة 3500 سنة من التاريخ

cortex

كبار الشخصيات
إنضم
11 نوفمبر 2006
المشاركات
7.362
مستوى التفاعل
5.252
من «فاڤا» الى «مطمورة روما» ... باجة مدينة الخيرات وتمازج الحضارات

كسائر المدن التونسية تعيش المدينة العتيقة بباجة على وقع الحركية الدؤوبة بالأسواق وتردد المتساكنين على المقاهي وتنظيم السهرات الرمضانية التي تضيء ليالي المدينة ومن مميزات هذه المدينة العريقة كثرة الاقبال على الحلويات التقليدية وخاصة منها الزلابية والمخارق التي يتنقل من أجلها خصيصا عديد الزائرين من مختلف الولايات. الى جانب السهرات الرمضانية التي يحرص الأهالي على أن تكون ذات طابع تقليدي سواء كانت في المقاهي العتيقة أو المحلات الخاصة..

ومواكبة لهذه الأجواء الخاصة بهذه المدينة الجميلة عاشت «الحرية» على وقع خطوات الحركية بأسواقها وفضاءاتها على مر يوم من ايام رمضان المعظم حيث التقت بالسيد عبد المجيد القلعي رئيس جمعية صيانة المدينة بباجة الذي حدثنا عن أهمية هذه المدينة من عدة جوانب بوصفها سوقا ضخمة تتوفر فيها الخيرات وكل المنتوجات وتتميز بطابع خاص.

وفي مستهل حديثه وبوصفه الذاكرة الحية للمدينة حدثنا السيد عبد المجيد القلعي عن الموقع الاستراتيجي الذي تحتله هذه المدينة، فهي مركز تقاطع الطرقات الحضرية حيث تبعد 100 كلم عن تونس العاصمة و100 كلم عن ولاية بنزرت و100 كلم عن ولاية الكاف و70 كلم عن مدينة طبرقة و100 كلم عن الحدود الجزائرية فهذا الموقع على حد تعبيره جعلها ذات حركية دؤوبة اضافة الى تمركزها فوق مجموعة من الربوات ذات العيون العذبة المتدفقة التي لا تنضب مما جعل هذه المدينة مركزا للخيرات منذ القدم. ففي العهد الروماني ولما كانت تسمى (فاقا) كانت تسميتها راجعة بالأساس الى دلالة على الخيرات لمناخها الخاص وأرضها الطيبة كما سميت مطمورة روما كدلالة أخرى على ثرائها وكثرة خيراتها وذلك لما كانت مقرا ليوغرطة هذا وصولا الى القرن الثامن ميلادي لما سميت باجة بعد فتح القيروان وبقيت المدينة بنفس الثراء فهي مركز حضاري وبالتاريخ المدون لها ما يقارب عن 3500 سنة من التاريخ.

image001.jpg


خاصيات المدينة تفرد وأصالة

image002.jpg


وبين السيد عبد المجيد القلعي في نفس الاطار ان من خاصيات مدينة باجة في شهر رمضان الاستعداد لاستقبال شهر الصيام بطلاء البيوت والمحلات بالمدينة العتيقة الى جانب تنظيف الاواني النحاسية بما يعبر عنه «بالتقصدير» علاوة على تحضير الفلفل والتوابل والرشتة الحلوة والعولة المتكونة من السميد والقمح «ففي شهر رمضان بالخصوص ومن عادات أهالي باجة تحضير الخبز بالمنزل والاستغناء عن شراء عدد هام من المنتوجات التي لا بد ان تكون معدة بطريقة تقليدية حفاظا على النكهة التقليدية للشهر» كما أضاف ان من المميزات الاخرى للمدينة في شهر رمضان كثرة التردد على الأسواق وتتكثف الحيوية خاصة في نهج خير الدين باشا أو ما يسمى بباب الجنائز الذي يعد القلب النابض للمدينة العتيقة «وسمي بباب الجنائز لمرور الجنائز عبره نحو الجامع الكبير ومن ذلك الى مقبرة سيدي صالح الزلاوي» وترجع هذه الحيوية في السوق العتيقة بباجة الى سعة السوق ووفرة المنتوجات المعدة على الطريقة التقليدية الى جانب الخضر والغلال واللحوم واهم منتوج تقليدي هي الحلويات الباجية الأصلية الزلابية والمخارق التي تعود الى القرن السادس عشر.

... ويحلو السهر في كل فضاءات المدينة



وركز السيد عبد المجيد القلعي على أهمية السهرات الليلية التي تميز المدينة فهي تتواصل الى ساعات متقدمة من الصباح الباكر وحتى السحور وهي تتمركز بالخصوص في بطحاء البرادعية ونهج سيدي بوتفاحة ومقاهي طريق باردو وتكون السهرات فرصة هامة لروادها لتبادل الأخبار والأحاديث وهي من العادات القديمة قدم المدينة.

وفي نفس الاطار تحدث عن أقدم المقاهي التي تحافظ الى حد هذا على طابعها التقليدي في اعداد الشاي والقهوة «العربي» ولهذا المقهى تاريخ كبير فهو موجود بالمدينة العتيقة في سوق العطارين المحايد لنهج خير الدين باشا المسمى بباب الجنائز وهو مفتوح منذ سنة 1876 ولا مجال لأن يتغافل الزائر لهذه المدينة عن زيارة هذا المقهى العتيق وشرب القهوة فيه.


سيدي بوتفاحة... والمعالم الدينية



وعن غذاء الروح في شهر رمضان المعظم والعناية بالمعالم الدينية بين السيد عبد المجيد القلعي انه منذ انبلاج فجر السابع من نوفمبر المجيد شهدت ولاية باجة نقلة نوعية على مستوى العناية وصيانة معالمها الدينية بوصف تونس منارة للدين الاسلامي الحنيف منذ القدم فمن اهم المعالم الدينية التي حظيت بالعناية منذ عقدين من الزمن المعلم الذي بني على ضريح الولي سليمان التميمي والذي اشتهر بعلي بوتفاحة والمحدث في 1765 وقد تم ترميمه مرتين وذلك سنة 1992 و2003 الى حدود سنة 2004 فهومقصد العديد من أهالي المنطقة وهو في الآن نفسه مقر جمعية صيانة مدينة باجة وهو مقر مفتوح للانشطة الثقافية والدينية وخاصة لاحياء شهر التراث.

كما لمدينة باجة معالم حضارية دينية اخرى من أهمها مسجد النخلة وهو للحاج ميلاد الشريف على الطريقة القادرية وهو في وضع ترميم بتدخل من ولاية باجة وجمعية صيانة المدينة والمعهد الوطني للتراث ويعود هذا المعلم الى القرن الثامن عشر (1850) ويوجد تحديدا قرب عين باجة اي محاذ لبطحاء باب العين.

كما يعد مسجد الحضارين ومعلم سيدي بابا علي السمادحي المحدث في القرن الثامن قرب الجامع الكبير من بين المعالم المميزة للمدينة العتيقة التي يبلغ عددها 45 معلما ما بين ضريح وولي صالح او عالم هذا وجاء في كتاب زميلنا مسعود الكوكي:باجة: حكايات الجحيم والنعيم

«إن باجة مدينة قديمة قدما يستحيل معه تحديد نشأتها فقد تعاقبت عليها عديد الحضارات واختلطت فيها عديد الأجناس وتعود كثافة هذا الاختلاط الى وفرة المياه وعطاء الارض اللذان جعلا من هذه المدينة قبلة للغزاة وطالبي الرزق عموما. وورثت باجة من هذا المد الحضاري واختلاط الاجناس موروثات عدة مازالت الى حد اليوم تشكل نمطا حياتيا تراثيا ثقافيا واقتصاديا كالحلويات التقليدية مثلا كالمخارق والزلابية وعدة حلويات اخرى ويبدو ان هذه الحلويات دخلت مع الاتراك في عهد الدولة العثمانية اذ كانت هذه المدينة مركز النفوذ وموطن الجبن والريقوتة وهي صناعة تقليدية ورثتها باجة عن سكانها القدامى من الايطاليين الذين كانوا كثيري العدد ومازالت المدينة الى يومنا هذا تحمل اسمي حيين الاول يعرف «بسيسيليا» والثاني يعرف «بحومة الطلاين» وهما من مجموع خمسة احياء في المدينة العتيقة.

image003.jpg

هكذا كانت ملامح الاجواء في مدينة باجة بين تقاليدها ونواميسها خلال شهر رمضان خاصة ان هذه المدينة لها سحر أخاذ مع نزول آخر خيط من خيوط الشمس.
 
لباجة سحرها الخاص و رمضان في باجة له رونق و ايقاع خاص انصح الجميع بزيارة هذه المدينة
 
باجة مدينة جميلة ككل مدن تونس الخضراء فلها رونقها الخّاص

شكرا على التعريف الرائع
 
باجة مدينة جميلة ككل مدن تونس الخضراء فلها رونقها الخّاص
 
بارك الله فيك علي هذه المعلومات
 
أعلى