في أحد مداخلاتي السابقة التي تحدثت فيها عن أهداف الحياة سأل أحد الإخوة عن "حلول عملية مجربة" لتحقيق هذه الأهداف و أنا و إن كان من المستحيل أن أعطي حلولا تناسب الجميع ذلك أن لكل شخص تفاصيل حياته التي لا يعلمها إلا هو و خالقه إلا أنه هناك عدد من المبادئ الواضحة التي إن فهمها و طبقها يحقق أو على الأقل يقترب من تحقيق هدفي السعادة الدنيوية و البعد-موتية... أول ما عليك فهمه هو سبب وجودك و هو الذي قال فيه الله بوضوح "و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون" [الذاريات 56] و إياك أن تفهم العبادات هنا بمعنى العبادات الحسية فقط و إنما معنى الآية أن تكون مخلصا لله في كل شيء تفعله فشتان بين من يبني بيتا للتفاخر و من يبنيه إيمانا و يقينا أن الله أمره بتوفير مسكن لنفسه و أهله و أنه سيجازيه على ذلك.. و الأمثلة لا حدود لها طبعا.. أنت إذا فهمت مبدأ الإخلاص تكون قد حققت أشواط هامة في الوصول لتحقيق كل غاياتك و عندها فقط يصبح الله هو بصرك الذي ترى به و سمعك الذي تسمع به و يالها من نعمة.. بعد ذلك عليك أن تكون شخصا قويا و عالما و ذا همة و شخصية فذة لا تغرها ملذات وهمية و لا يغريها إجتماع الناس على الباطل.. ليس دورك أن تغير العالم إذا كان في ذلك إمكانية هلاكك و لكن لا حجة لك لعدم تغيير نفسك... عليك أن تعي أنه لا يمكنك أن تزرع تفاحا و تجني موزا فأنت بقدر عملك تكون النتائج لذا عليك أن تتعب فعلا لا قولا حتى تشعر بمعنى الحياة.. و هل يوجد أعظم من ذكر الله و تدبر القرآن و تحصيل العلم و مساعدة المسلمين تستثمر فيها جهدك و تعبك و وقتك؟ إنه والله عند ذلك فقط ستفهم معنى كلام شيخ الإسلام أن "في هذه الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة" و عندها فقط تفهم قوله "ماذا يفعل بي أعدائي؟ جنتي و بستاني في صدري، حبشي خلوة و نفيي سياحة و قتلي شهادة" و عندها فقط تعي كم هو صغير و تافه كل شيء حولك و إن عظم في عيون الآخرين... قد تقول "عائلتي و عملي يأخذان كل وقتي" أقول لك لا تخف فأخلص فيهما لله و إنه سيجازيك بإذنه جل و علا و لكن لا تنسى أن إحداهما لا تنفي الأخرى فأنت تستطيع أن تعمل 12 ساعة في اليوم و تحافظ على ورد يومي من القرآن أم تظنون الجنة شيء سهل؟ مظطر نعاود نذكر بالإخلاص فأنت إذا كنت تعمل و تجتهد من أجل الدنيا في حد ذاتها يعدك فوتراموس أنك لن تحصل لا الدنيا ولا رضا الله و أي خسران ذلك... تذكر أن وقتك و جسدك و عقلك هم أعز ما تملك فإستثمرهم أحسن إستثمار و تذكر أنه حتى لو كتب الله لك العيش 100 سنة و في صحة جيدة فإن والله ما ذلك بكثير و ستندم على كل دقيقة تعديها في حكايات فارغة.. تذكر أن الدين واضح و القرآن واضح و الحلال واضح و الحرام واضح و لا تكن ممن "في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة و إبتغاء تأويله" [آل عمران 7] و تذكر أن "إن الشيطان لكم عدو فإتخذوه عدوا" [فاطر 6] و لا تكن من المتطرفين و الغلاة الذين يعلقون فشلهم في فهم كتاب الله و في أن يصنعوا لأنفسهم حياة تستحق الحياة يعلقون فشلهم على الآخرين و يتهمونهم أنهم سبب فساد الكون. . و آسف على الإطالة و أعتذر إن كان هناك بعض الأخطاء.