- إنضم
- 9 فيفري 2017
- المشاركات
- 1.927
- مستوى التفاعل
- 2.315
استطاع الإنسان البدائي منذ آلاف السنين أن يميز بين مظاهر الطبيعة بواسطة حواسه؛ فعرف الشمس و القمر و الجبال الرعد و البرق .. لكنه وقف عاجزاً أمام محاولة “عقلنة” هذه الظواهر الطبيعية بكيفية تجعلها تدخل عالم معقولاته .. فكان من نتيجة عجزه عن إيجاد تفسير معقول، أن اختلط عليه الأمر ووقع بالرجس الوثني و اتخذ مظاهر الطبيعة آلهة تعبد. كانت المحاولة الخاطئة لإسقاط المحسوس علی المعقول هي السبب الرئيسي وراء ظهور الأسطورة و الخرافة عند جميع الشعوب قاطبة.
عندما يدخل رجل ألعاب الخفة أرنبا إلی قبعته و يخرجه علی شكل حمامة فإننا نقول بأن هذا الشخص ساحر .. و ذلك لأننا لا نستطيع أن ندرك أو نعقل كيف تحول الأرنب إلی حمامة .. أي أننا عجزنا عن مطابقة المحسوس مع المعقول ..
بينما العرض نفسه بالنسبة للساحر ليس سحرا لأنه يعرف الكيفية أو الخدعة التي جعلتنا نعتقد أن الأرنب صار حمامة .. أي أنه يطابق المحسوس بالمعقول ..
و النتيجة هي أن كل شيء يراه الإنسان في عالم محسوساته و لا يدخل في مستوی معقولاته يصفه بأنه سحر
أما بخصوص مفهوم السائد عن السحر من خلال الموروث الثقافي الشعبي، فالسحر هو قدرات خارقة يملكها الساحر المشعود و تمكنه من التأثير علی الأشخاص الذين يسحرهم بحيث يتحكم في أفعالهم و أفكارهم و تفاصيل حياتهم ..
الإيمان بهذا السحر الخرافي يرجع أنثروبولوجيا لتصور يهودي انحدر إلی بني إسرائيل خلال فترة احتكاكهم بالمجتمعات الوثنية في مصر و بابل ..
و قد كان السحر من ركائز التصورات الجاهلية التي حاربها الإسلام، إذ يعتبر الإيمان بالسحر دخيل علی الثقافة الإسلامية، تسرب إلى المسلمين من الثقافات الأخری و أصبح ركنا من العقيدة لدى العامة و عند أغلب شيوخ الدين .. حدث ذلك في غياب التحري الدقيق الإسرائيليات و ما اتصل بها من روافد الثقافات الوثنية إذ لا يكاد يخلو كتاب من كتب التراث من دعوات مجانية للترهيب من أخطار السحر و من إسهاب في شرح سبل الوقاية من السحر و التصدي له ..
إن مجرد الإعتقاد بالسحر جهل بطبائع الأشياء، فالسحر يتنافی مع قدرات الإنسان لأن تحويل الحبال و العصي إلی حيات و أفاعي يقتدي بث الحياة فيها، و لما كنت صفة بث الحياة و الخلق من صفات الله تعالى و حده منفرداً كان الإعتقاد بالسحر كفر صريح لأن القائل به يسند إلی الساحر صفات الخلق !
إلی هذه الحدود يستوقفنا السؤال التالي :
إذا لم يكن السحر هو تدخل في الساحر في شخصية المسحور مباشرة فكيف نفسر الحالات التي نراها أمامنا و نعجز عن تفسيرها بغير السحر ؟
أو بعبارة أخری .. من هو الإنسان المسحور ؟
الإنسان المسحور هو إنسان مريض نفسياً، يتصرف و يتكلم بأمور غريبة من مخزون العقل الباطن، و هذه الحالة المرضية ليس لدی الجهلاء بالسيكولوجيا تفسير لها سوی أنها [سحر] أو تلبس جن !
يفسر علم النفس هذه الحالات بوجود خلل وظيفي كيميائي في المخ ناتج عن فرز مادة كيميائية بشكل غير طبيعي مما يؤدي إلی خلل وظيفي في المراكز الحسية فينتج عن ذلك شلل جزئي أو حشرجة في الصوت أو سماع أصوات لا وجود لها في الواقع ..
و ما يثير الدهشة أننا لم نسمع يوما عن مدير شركة ناجحة أو عن طبيب ناجح أو لاعب كرة قدم مشهور؛ لم نسمه يوما عن سحر أحد من هؤلاء أو من نفس مكانتهم .. في المقابل لا نسمع عن أساطير و خرافات السحر إلا في تجمعات الجهل و الفقر … لأن الناس في تلك الأوساط أبعد ما تكون عن المنهج العلمي السليم ..
السحر الذي يقصد به التدخل في أفعال الناس و في مصيرهم فعل بشري يقوم علی التدجيل و ربط الوهم بالباطل و لا علاقة لها بأي قوی غيبية كما يزعم الدجالون و المشعوذون .. إنه انحراف فكري و حضاري يكشف عن مدی تغلغل الخمول و التواكل بين الناس و عن مدی تعلقهم بأوهام أسطورية لا تسود إلا في ظروف القمع و الإحباط الإجتماعي، إذ غالبا ما يلجأ الناس للسحر و السحرة في فترات العجز و الخوف .. أو كلما تعذر تحقيق الأهداف و الأحلام .. و هكذا تحول السحر لشماعة يعلق عليها معظم الناس فشلهم و خيباتهم ..
فنجد أنه من اللائق اجتماعياً أن يكون سبب عدم زواج “زينب” و عنوستها سحر يجعل العرسان يهربون منها و لا يلتفتون .. و من غير اللائق القول بأن شخصية “زينب” المتسلطة سبب في نفور الرجال منها ..
و من المناسب أن يبرر “زيد” بطالته و فشله في الإستقرار في العمل و طرده المتكرر بين الشركات بسبب السحر .. بدلاً من القول بأنه شخص كسول و لا يملك مؤهلات مهنية …
و هكذا دواليك .. يفضل البعض تبرير فشلهم بالسحر و إلقاء المسؤولية علی أسباب غيبية و قوی قاهرة تحفظ لهم ماء وجههم و تبعدهم عن دراسة الأسباب الموضوعية للفشل ..
في المقابل نجد أن الدول الأكثر نشاطاً و تقدماً في العالم هي التي نبذت شعوبها المعتقدات الخرافية و اعترفت بأسباب كبواتها استناداً للمنهج العلمي الذي يقوم علی البينات و عالجتها بواقعية … تاركين الشعوب العربية والإسلامية في براثن الوهم و الخرافة ..
لا تشذ خرافة السحر عن القاعدة، إذ يتبنی الدفاع عن الإعتقاد بالسحر و إثبات وجوده علماء سلفيون و شيعيون و فقهاء و متصوفة و دعاة إسلاميون .. و هؤلاء يهمهم ترسيخ الإعتقاد بالسحر و بالقوی الغيبية الخارقة لأن لجوء الجهلة إلى هؤلاء الشيوخ يضمن لهم ذلك الإحساس النفسي بالوصاية علی المجتمع و بامتلاكهم للكرامات المزعومة – و هذه حالة مرضية يعاني منها معضم الشيوخ – بالإضافة لكون الإعتقاد بالسحر بين الناس يضمن لهؤلاء الكهنة الدخل المادي الوفير من عائدات كتب الأدعية و أذكار الوقاية من السحر، ناهيك عن الأموال التي يجمعونها من تعاويذ جلب الحبيب و طرد النحس الرقی …
هؤلاء يهمهم أن تبقى الشعوب العربية والإسلامية بعيدة عن المنهج العلمي .. و إذا عرف السبب بطل العجب
عندما يدخل رجل ألعاب الخفة أرنبا إلی قبعته و يخرجه علی شكل حمامة فإننا نقول بأن هذا الشخص ساحر .. و ذلك لأننا لا نستطيع أن ندرك أو نعقل كيف تحول الأرنب إلی حمامة .. أي أننا عجزنا عن مطابقة المحسوس مع المعقول ..
بينما العرض نفسه بالنسبة للساحر ليس سحرا لأنه يعرف الكيفية أو الخدعة التي جعلتنا نعتقد أن الأرنب صار حمامة .. أي أنه يطابق المحسوس بالمعقول ..
و النتيجة هي أن كل شيء يراه الإنسان في عالم محسوساته و لا يدخل في مستوی معقولاته يصفه بأنه سحر
أما بخصوص مفهوم السائد عن السحر من خلال الموروث الثقافي الشعبي، فالسحر هو قدرات خارقة يملكها الساحر المشعود و تمكنه من التأثير علی الأشخاص الذين يسحرهم بحيث يتحكم في أفعالهم و أفكارهم و تفاصيل حياتهم ..
الإيمان بهذا السحر الخرافي يرجع أنثروبولوجيا لتصور يهودي انحدر إلی بني إسرائيل خلال فترة احتكاكهم بالمجتمعات الوثنية في مصر و بابل ..
و قد كان السحر من ركائز التصورات الجاهلية التي حاربها الإسلام، إذ يعتبر الإيمان بالسحر دخيل علی الثقافة الإسلامية، تسرب إلى المسلمين من الثقافات الأخری و أصبح ركنا من العقيدة لدى العامة و عند أغلب شيوخ الدين .. حدث ذلك في غياب التحري الدقيق الإسرائيليات و ما اتصل بها من روافد الثقافات الوثنية إذ لا يكاد يخلو كتاب من كتب التراث من دعوات مجانية للترهيب من أخطار السحر و من إسهاب في شرح سبل الوقاية من السحر و التصدي له ..
إن مجرد الإعتقاد بالسحر جهل بطبائع الأشياء، فالسحر يتنافی مع قدرات الإنسان لأن تحويل الحبال و العصي إلی حيات و أفاعي يقتدي بث الحياة فيها، و لما كنت صفة بث الحياة و الخلق من صفات الله تعالى و حده منفرداً كان الإعتقاد بالسحر كفر صريح لأن القائل به يسند إلی الساحر صفات الخلق !
إلی هذه الحدود يستوقفنا السؤال التالي :
إذا لم يكن السحر هو تدخل في الساحر في شخصية المسحور مباشرة فكيف نفسر الحالات التي نراها أمامنا و نعجز عن تفسيرها بغير السحر ؟
أو بعبارة أخری .. من هو الإنسان المسحور ؟
الإنسان المسحور هو إنسان مريض نفسياً، يتصرف و يتكلم بأمور غريبة من مخزون العقل الباطن، و هذه الحالة المرضية ليس لدی الجهلاء بالسيكولوجيا تفسير لها سوی أنها [سحر] أو تلبس جن !
يفسر علم النفس هذه الحالات بوجود خلل وظيفي كيميائي في المخ ناتج عن فرز مادة كيميائية بشكل غير طبيعي مما يؤدي إلی خلل وظيفي في المراكز الحسية فينتج عن ذلك شلل جزئي أو حشرجة في الصوت أو سماع أصوات لا وجود لها في الواقع ..
و ما يثير الدهشة أننا لم نسمع يوما عن مدير شركة ناجحة أو عن طبيب ناجح أو لاعب كرة قدم مشهور؛ لم نسمه يوما عن سحر أحد من هؤلاء أو من نفس مكانتهم .. في المقابل لا نسمع عن أساطير و خرافات السحر إلا في تجمعات الجهل و الفقر … لأن الناس في تلك الأوساط أبعد ما تكون عن المنهج العلمي السليم ..
السحر الذي يقصد به التدخل في أفعال الناس و في مصيرهم فعل بشري يقوم علی التدجيل و ربط الوهم بالباطل و لا علاقة لها بأي قوی غيبية كما يزعم الدجالون و المشعوذون .. إنه انحراف فكري و حضاري يكشف عن مدی تغلغل الخمول و التواكل بين الناس و عن مدی تعلقهم بأوهام أسطورية لا تسود إلا في ظروف القمع و الإحباط الإجتماعي، إذ غالبا ما يلجأ الناس للسحر و السحرة في فترات العجز و الخوف .. أو كلما تعذر تحقيق الأهداف و الأحلام .. و هكذا تحول السحر لشماعة يعلق عليها معظم الناس فشلهم و خيباتهم ..
فنجد أنه من اللائق اجتماعياً أن يكون سبب عدم زواج “زينب” و عنوستها سحر يجعل العرسان يهربون منها و لا يلتفتون .. و من غير اللائق القول بأن شخصية “زينب” المتسلطة سبب في نفور الرجال منها ..
و من المناسب أن يبرر “زيد” بطالته و فشله في الإستقرار في العمل و طرده المتكرر بين الشركات بسبب السحر .. بدلاً من القول بأنه شخص كسول و لا يملك مؤهلات مهنية …
و هكذا دواليك .. يفضل البعض تبرير فشلهم بالسحر و إلقاء المسؤولية علی أسباب غيبية و قوی قاهرة تحفظ لهم ماء وجههم و تبعدهم عن دراسة الأسباب الموضوعية للفشل ..
في المقابل نجد أن الدول الأكثر نشاطاً و تقدماً في العالم هي التي نبذت شعوبها المعتقدات الخرافية و اعترفت بأسباب كبواتها استناداً للمنهج العلمي الذي يقوم علی البينات و عالجتها بواقعية … تاركين الشعوب العربية والإسلامية في براثن الوهم و الخرافة ..
لا تشذ خرافة السحر عن القاعدة، إذ يتبنی الدفاع عن الإعتقاد بالسحر و إثبات وجوده علماء سلفيون و شيعيون و فقهاء و متصوفة و دعاة إسلاميون .. و هؤلاء يهمهم ترسيخ الإعتقاد بالسحر و بالقوی الغيبية الخارقة لأن لجوء الجهلة إلى هؤلاء الشيوخ يضمن لهم ذلك الإحساس النفسي بالوصاية علی المجتمع و بامتلاكهم للكرامات المزعومة – و هذه حالة مرضية يعاني منها معضم الشيوخ – بالإضافة لكون الإعتقاد بالسحر بين الناس يضمن لهؤلاء الكهنة الدخل المادي الوفير من عائدات كتب الأدعية و أذكار الوقاية من السحر، ناهيك عن الأموال التي يجمعونها من تعاويذ جلب الحبيب و طرد النحس الرقی …
هؤلاء يهمهم أن تبقى الشعوب العربية والإسلامية بعيدة عن المنهج العلمي .. و إذا عرف السبب بطل العجب