موعظة هل نستطيع أخذ قرار جريئ ؟

thameur007

مراقب المنتدى الاسلامي
طاقم الإدارة
إنضم
30 جانفي 2014
المشاركات
18.465
مستوى التفاعل
49.019
:besmellah2:

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام

نعيش حياتنا و نحن نأخذ في كل خطوة فيها عدة قرارت تشكل ما نحن عليه الٱن و ما سنكون عليه مستقبلا فمنها الصائبة و منها الخائبة و منها من تكون على حق و منها من تكون على باطل و منها من تكون منصفة عادلة و منها من تكون خاطئة ظالمة و منها عادية و منها الجريئة ويقيّم الواحد فينا بناء ا على القرارات التي يأخذها ....فالناس التي تبدع و تسود و تسبق هم أصحاب القرارات الجريئة و الصحيحة و العميقة التي لا يرى عامة الناس أنها صحيحة بل ربما مجنونة عندما إتخذها أصحابها .....والله لا يحاسب العبد على ما يحدث به نفسه بل يحاسبه في الٱخرة على ما أخذ من قرارات .... فلما نزل قول الله تعالى: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[البقرة:284]، شق هذا الأمر على الصحابة و حزنوا وجاءوا إلى النبي ﷺ وذكروا أن هذا شيء لا يطيقونه فقال لهم ﷺ: أتريدون أن تقولوا كما قال من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ قولوا: سمعنا وأطعنا، فقالوا: سمعنا وأطعنا، فلما قالوها وذلت بها ألسنتهم أنزل الله بعدها قوله سبحانه: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.. لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا[البقرة:286] .....و نسخت هذه ٱية الأية التي قبلها و يحاسب العبد منا بما ٱخذ من قرار و عزم على تنفيذه وليس ما تحدثنا به أنفسنا ..

وأخذ القرار في حد ذاته ليس بالأمر السهل ...فهناك العديد منا لا يستطيع أخذ قرار في أمر عادي من حياته فمابالك بقرارات تحدد مصير حياته في الٱخرة و هذه فئة من الناس يفوتها خير كثير...ففي قضايا الإيمان على سبيل مثال يقول قوم نوح للنوح عليه السلام ... فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (هود27)....أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ يعني لا يتبعك إلا من أمن بك بسرعة دون تفكر و تمعن و تمحيص....فقوم نوح يعتبرون أنفسهم مفكرون و حكماء و فلاسفة و لبثوا سنة ...و سنتين ...و عشرة ...و مئة ...و تسعمائة و خمسون سنة ولم يستطيعوا أخذ القرار الصائب و الجريئ بالإيمان و يلمون على من إتبع نوح و على من إستطعوا بسرعة إدراك الحق للوهلة أولى و أخذوا قرار نجاتهم ....

أبوبكر صديق رضي الله عنه أيضا إستطاع أخذ قرار صحيحا جريئا و لم يلتفت إلى غيره من أهل قريش هل أخذوا نفس القرار أم لم يأخذ ...فعندما رأى الحق ماتردد... قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيُّ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا دَعَوْتُ أَحَدًا إِلَى الإِسْلامِ إِلا كَانَتْ عَنْهُ كَبْوَةٌ وَتَرَدُّدٌ وَنَظَرٌ إِلا أَبَا بَكْرٍ مَا عَتَّمَ مِنْهُ حِينَ ذَكَرْتُهُ وَمَا تَرَدَّدَ فِيهِ " و أصبح من يومها الصديق صديقا بأخذه قرار جريئا غير مجرى حياته ..

هذا كلام ليس فقط في قضايا العقيدة و الإيمان ...فحتى في حياتنا العادية نحتاج القرار الصحيح الجريئ...فتجد أحدنا مثلا يأخذ قرار بشراء أرض في ضواحي مدينة و بعدها بفترة أصبحت أرض سعرها أضعاف مضاعفة و إستفد بها هو و أولاده لأنه رأى أن الأرض ستصبح ذات قيمة ....

فكيف نأخذ قرارات مماثلة ؟؟؟؟؟

أولا : وضوح الهدف : إذا لم يكن الهدف واضحا لن تستطيع أخذ قرارات صحيحة و جريئة ....فمن يتحرك دون هدف ووضوح للرؤية لن يستطيع أخذ قرار صحيح و جريئ....الصحابي صهيب الرومي أخذ قرار بترك جميع أمواله مقابل الهجرة ...فكان هدف في حياته واضحا و بذل و ضحى مقابل أن يصل إليه وهو رضى الله ورسوله....فوضوح هدف يسهل أخذ قرارات صحيحة و جريئة...ومن يجلس مع نفسه و يخطط لليصل للهدفه و لا يترك أمره للأمواج الروتين و الحظ و الصدفة ترسو به إلى مجهول لا يستطيع أن يصل إلى الهدف ....أن يكون مقتنعا بما يأخذ من قرار و ليس للإرضاء فلان أو فلان...فكلما كان هدف كبير كانت تضحية بنفس الحجم ...وقصص الصحابة في إنفاق في سبيل لله كثيرة و عجيبة أحيانا و ذالك للعلمهم التام أن رضوان لله و الجنة تستحق هذه التضحيات

ثانيا : العلم : لا تستطيع أخذ قرار صحيح و جريئ إلا بتوفر معلومات كافية حول الهدف....ففي دراسة أقيمت على أخطر قرارت و أفشلها فوجدوا أن غياب المعلومات و عدم دراسة للمعطيات هو سبب رئيسي في هذه قرارت فاشلة .....و أكبر مثال على ذالك قصة سقوط بغداد حين إستغرق هولاكو خمس سنوات في جمع معلومات حول مدينة بغداد ...عن حصون ...عن أغنياء ...عن تجار...عن خليفة...عن مدن محيطة ببغداد....بينما جيوش دولة العباسية لا يعرفون شيئ عن التتار و تفاجئوا بوجود جيش هولاكو على بعد 10 كيلومترات من بغداد يحاصرها

ثالثا : الشجاعة : الكثير منا يعرف القرار الصحيح الوجب عليه أن يتخذه لكن الكثير لا يملك الشجاعة الكافية للأخذ هذا القرار ....ففي موقعة اليمامة تقدم البراء إبن مالك إلى الصحابة وقال: ألقوني عليهم، رفعوه على ترس، ورفعوا الترس على الرماح، ثم قذفوا البراء من فوق سور الحديقة، فهبط عليهم من فوقهم يصيح: "الله أكبر".وقاتل حراس الحديقة حتى تمكن من فتح بابها.....لماذا لا يملك أي بلد عربي قنبلة نووية و عندهم كل إمكانيات للصنعها....بالمقابل باكستان أخذت قرار بعد نجاح الهند بإمتلاكها و صنعت بالفعل قنبلة نووية فماهي إمكانيات باكستان أمام دول العربية ...لكن هناك قرار شجاع أتخذ و تم تنفيذه ...و ليست مسألة إمكانيات ...

رابعا : الشورى و الحسم : للأخذ قرار صحيح و جريئ وجب أن نستشير من هو أعلم منا و نكون حاسمين فيه نمضي فيه إلا إذا تبين لنا أننا على خطأ فنرجع عنه ....و التوفيق أولا و أخيرا من الله عز و جلّ....قال تعالى : وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (العنكبوت69)

يتبع إن شاء الله
 
التعديل الأخير:
أعلى