• كل المواضيع تعبّر عن رأي صاحبها فقط و ادارة المنتدى غير مسؤولة عن محتوياتها

بلوك 74 للمسرحي وليد الخضراوي تكشف عن بشاعة الواقع وتفشي الفساد في المجتمع

يستعد المسرحي وليد خضراوي لتقديم مسرحية بلوك 74 وهي من إنتاج المركز الدولي للفنون المعاصرة بالقصرين بدعم من وزارة الثقافة عن نص لسامي الذيبي ووليد خضراوي، دراماتورجيا زينة مساهلي، كوريغرافيا وليد القصوري، وعفاف الرحموني في مهمة مساعد مخرج.

... وليد خضراوي فنان امن بنزاهة المسرح وبجدية الفن وامن كذلك انه من رحم الماساة يولد الفن والإبداع لذلك لم يعوقه المكان ولا الشخوص بل كافح من اجل المسرح والمسرحيين بالقصرين وامن كذلك بلامركزية الفن حيث جمع ثلة من المبدعين في فضاء متواضع يفتقر إلى ابسط الأساليب الصحية ولكنه يزخر بالأمل وحب الانتماء إلى الأرض التي أنهكها الإرهاب والتهريب والتهميش ... حيث أضحى هذا الفضاء قبلة للمبدعين من كل أنحاء تراب الوطن ... واضحي بفضل قداسة ونبل رسالته من بين أفضل الفضاءات الفنية بالقصرين حيث احتضن العمل المسرحي بلوك 74.

هذا العمل الفني الذي امن بقدسية المسرح وجدية مضامينه من خلال طرحه للقضايا الإنسانية الشائكة بطريقة لا تخلو من المتعة والإبهار .. أحداث متشابكة قضايا عسيرة وردود فعل غريبة تميل الى الجنون والهستيريا الرهيبة ... طاقم طبي مختص في علم النفس يتواطأ مع خلية فاسدة تستغل نفوذ بعض أطرافها في الحكم لتسيير المرضى وترويضهم بديناميكية غريبة ... مستشفى تشقه أروقة للتعذيب والإبادة ..يقيم به مرضى تلاشت ملامحهم الإنسانية لتتحول إلى مجرد كائنات بشرية تتألم من مرض الجنون حيث تقودها غريزة حب البقاء .. ساعات جدارية تعطلت حركة عقاربها لتدل على عبث المكان والزمان ...

masrahia-bloc2.jpg


أصوات تشق الجدران في العتمة .. رائحة الأدوية والمسكنات تزيد في هيجان هؤلاء المرضى وتلقي بهم في نوع غريب من الجحيم الأرضي ...الم كبير ينبعث من المرضى يتشكل في غرابة الملامح وجحوظ الأعين وضمور الجسد ..مرضى يكافحون من اجل العمل ألامرئ يدهسه الجبابرة فيما يشبه الزهو.. ذنبهم الوحيد أنهم يعانون من شدة الإفراط في التفكير وانحيازهم الكلي للحقيقة ... نموذج مصغر لمجتمعنا اليوم وما يشهده من إرباكات على جميع الأصعدة .. القضاء ..الفن والعلم ..والسياسة ..

قضايا كبرى تتحول في مسرحية بلوك إلى شخوص مشوهة قد زج بها في السجون السياسية حيث يتم تحويلها بطريقة آلية إلى البلوك المظلم على أنهم مرضى يعانون حالات من الجنون المزمن .. وأخيرا يحدث انكسار الأحداث من خلال نقطة ضوء تلوح من الأفق تبشر بإعادة تأسيس مدينة فلاطون الفاضلة من جديد..

تتجسد في دور الطبيبة "إيمان " التي تحدت لغطرسة المافيا وكشفت بعض خيوطها العنكبوتية التي تختلق بدورها قيم إنسانية متنافرة تنبؤ بصراع ابدي من اجل البقاء .. عدوى الفساد تستفحل في أجهزة الدولة لتشمل العلاقات الإنسانية حيث تجعل الرهان على الفراغ والنسيان هو الملاذ الوحيد لمرضى بلوك 74 ..

وهو الملاذ الوحيد للتخلص من سادية الطبيب و ميولاته المرضية التي تتجسد في هيجانه المستمر وشعوره بجنون العظمة مما يدخله في حالة من الهستيريا والتشنجات العنيفة التي أجبرت الطبيبة" إيمان " على ضرورة معالجته و إدماجه ضمن المرضى ...

وتتحول الأدوار بطريقة مريبة وتتبادل الأدوار حيث يجبر المرضى الى معالجة الطاقم الطبي وإخضاعهم الى جلسات علاج كهربائية لمسح الذاكرة .. مما يجعل الطاقم الطبي في حالة استنفار قصوى حيث تخيفهم الحقيقة و يحاولون عبثا مسح ذاكرتها .. ويحتدم الصراع ويزداد التوتر ..

الحاجة إلى الراحة النفسية وإراحة الضمير تدفع بالممرض صالح إلى إفشاء أسرار الطبيب ويحدث الانفجار المدوي بصوت جهاز الإنذار الذي يربك الجميع ويسقطهم في التوجه العبثي نحو المجهول بما في ذلك المنظفة عباب التي تمر بحالة متكررة من الإجهاض بسبب علاقاتها المشبوهة مع الطبيب والنتيجة أجنة لم ترى النور وحقائق مرعبة تفضح شذوذ الطبيب وبعض من الممرضين .. وتنتهي الأحداث بصوت عقارب الساعة التي تستأنف عملها من جديد وكأنها تشير إلى تكرر الفعل العبثي لهذا المجتمع الإنساني المصغر في بلوك 74 الذي يعاني من إرباكات الحقيقة وتفشي الفساد الذي يحطم أسوار مدينتنا الفاضلة ...

بلوك 74 عمل مسرحي متكامل يتحصل على علامة حسن جدا حيث يراوح بين جمال الفن وبشاعة الواقع ويصنع الفرجة حيث يكشف عن فلسفة من الأضواء والموسيقى والسينوغرافيا الهادفة والكوريغرافيا المتميزة التى سمحت لنا بسماع لغة الجسد وفك شفراته الغامضة التي تجسدت في نوعية اللباس والحركة والإيماءات المختلفة والمدروسة ...

تمثيل: عبابالاطلس الحنديري، ايمان مماش، زينة مساهلي، حاتم مغربي، محمد سعيدي، ياسين حمزاوي ،صالح ضاهري ، وليد قصوري .

تقني صوت خالد نجلاوي، تقنيي اضاءة علي صالحي، توضيب ركحي نبيل خضراوي ،فوتوغرافيا حسام هلالي ، قصائد غنائية ياسين حمزاوي.



جمهورية
 
أعلى