الحمد لله و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و على آله و صحبه و من والاه الى يوم القيامة أمّا بعد، سنبدأ باذن الله و بتوفيقه الشروع بدروس في الفقه الاسلامي عامّة للراغبين أن يتعرفوا على مبادئ هذا العلم و تاريخه و مراحله قبل شروعهم في دراسة مسائله تفصيلا. و تتمثل أهداف هذا المقرر في:
أن يتعرف الدارس على معنى الفقه و فضله و حكم تعلمه
أن يرغب الدارس في تعلم الفقه
أن يدرك الدارس المراحل التاريخية لعلم الفقه
أن يصير الدارس معظما لأئمة الفقه، معترفا بفضلهم، مجلا لجهودهم
أن يفهم الدارس الفروق بين المدارس الفقهية
أن يعرف الدارس معنى التمذهب وحكمه، و يفرق بين الممنوع منه و الجائز
نسأل الله أن ينفع بهذه الدروس و يجعلها خالصة لوجهه.
الحمد لله و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و على آله و صحبه و من والاه الى يوم القيامة أمّا بعد، مراحل الفقه: مرحلة التشريع: بمجرد بعثة النبي صىلّى الله عليه وسلّم، بدأ الترشيع الإسلامي واستمر إلى وفاته صىلّى الله عليه وسلّم.
ظهر في حياته صلّى الله عليه و سلّم عهدين(العهد المكّي و العهد المدني): العهد المكّي: إتّّسم هذا العهد بالتركيز على أصول الدين أي العقيدة الاسلامية فقد كرّس صلّى الله عليه و سلم مدّة ثلاثة عشرة سنة في ترسيخ العقيدة الاسلامية السمحة و قد تميزت هذه الفترة بقلّة التشريعات التفصيلية(أي قلّة الأحكام).
العهذ المدني: إستمر النبي صلّى الله عليه و سلّم في هذا العهد بالعناية بأصول الدين(العقيدة) إلى جانب تشريع الأحكام التفصيلية، فقد بدأت الأحكام و الأوامر تطبق نظرا لرسوخ العقيدة في نفوس المسلمين.
==> كانت مصادر التشريع في هذين العهدين منحصرة في القرآن الكريم و السنّة الشريفة نظرا لوجود مبلغ الرسالة الرسول الأعظم و هو المرجع لكلّ الأمور نظرا لاتصاله برسول السماء سيدنا جبريل عليه السلام عن ربّ العزّة جلّ جلاله. أهمّ مميزات هذا العصر: تميّز هذا العهد(المكّي و المدني) بخصوصية التشريع اذ كان رسول الله صلّى الله عليه و سلّم هو من يشرّع طبقا لما يأتيه من الوحي، كذلك كانت نسبة مجال الاختلاف بين الصحابة رضوان الله عليهم قليلة و ضئيلة و قد قام النبي صلوات الله عليه و سلامه في هذه الفترة المبدئية بالتدرّج في الأحكام اذ لك يكن الحكم قاطعا من أول الأمر، كذلك أشرف النبي صلّى الله عليه و سلّم بتدريب الصحابة رضوان الله عليهم على الاجتهاد و ذلك لبعد نظره و علمه عن طريق الوحي بما سيحدث بعده صلوات ربّي و سلامه عليه. بعد وفاة الحبيب المصطفى: بعد وفاة النبي صلّى الله عليه و سلّم انقطع التشريع، و لم ينقطع الفقه، فكان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يستنبطون من الكتاب و السنّة الشريفة و يفتون النّاس، و برز في الصحابة عدد من الفقهاء الذين نُقل عنهم الفقه و الفتوى على تفاوت بينهم في كثرة ذلك، ثمّ ظهر بعد ذلك عدد من فقهاء التابعين الذّين تفقهوا على الصحابة رضي الله عنهم و قد شكّلت طبقة الصحابة و التابعين مرحلة ما قبل المذاهب الفقهية. فماهي خصائص هذه المرحلة؟ و ماهي أهمّ أحداثها؟
الحمد لله و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و على آله و صحبه و من والاه الى يوم القيامة أمّا بعد، مرحلة ما قبل المذاهب الفقهية:
تكونت هذه الفترة من عصرين، عصر الصحابة الكرام رضوان الله عليهم و عصر التابعين لهم، و نحن في هذا الدرس سنهتم بعصر الصحابة، ولمن يريد أكثر تفصيل عن العصرين يمكنه الرجوع الى مصادر فقه هذه المرحلة و هي على شاكلتان، احداهما مسندة و الأخرى غير مسندة، أمّا المسندة فتتمثل في مصنف عبد الرزّاق و مصنف ابن أبي شيبة و الأوسط لابن المنذر، أمّا الغير مسندة فهي من كتب الفقه المقارن.
للعلم،فقد امتدت مرحلة ما قبل المذاهب الفقهية (الصحابة و التابعين) الى 100 هجري تقريبا أي ما يقارب 90 سنة بحكم أنّ مرحلة التشريع قد انتهت في 11 هجري. عصر الصحابة:
الذّين حفظت عنهم الفتوى من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم 130 نفسا و يمكن تصنيفهم الى ثلاثة أصناف:
أول صنف: المكثرون:
و هم من يمكن أن يجمع من فتوى كلّ واحد منهم سفر ضخم و هم سبعة: عمر و علي و ابن مسعود و عائشة و زيد و ابن عبّاس و ابن عمر رضي الله عنهم و سنتحدث عنهم لاحقا بالتفصيل.
ثاني صنف: المتوسطون:
يمكن أن يجمع من فتوى كل واحد منهم جزء صغير جدا و هم ثلاثة عشرة: أبوبكر و عثمان و أمّ سلمة و أنس و أبو سعيد و أبو هريرة و عبد الله بن عمرو و ابن الزبير و أبو موسى و جابر و معاذ و سعد ابن أبي وقّاس و سلمان رضي الله عنهم أجمعين.
ثالث صنف: المقلون:
يمكن أن يجمع من فتوى جميعهم جزء صغير فقط بعد التقصّي و البحث منهم أبو الدرداء و الحسن و الحسين و أبي ابن كعب و أبو أيوب و أسماء و زيد بن أرقم و ثوبان و بريدة و.... رضي الله عنهم.
يقول ابن القيم:"أنّ العلم و الفقه انتشر في الأمّة عن أصحاب ابن مسعود و أصحاب زيد ابن ثابت و أصحاب عبد الله بن عمر و أصحاب عبد الله بن عباس."
لقد أسّس هؤلاء الصحابة الأربعة مدارس فقهية كانت بمثابة الأساس لبقية المدارس الفقهية التّي ستأتي بعدها، فقد تأسست في المدينة المنّورة مدرستان على يد زيد ابن ثابت و عبد الله بن عمر و في مكّة المكرّمة مدرسة على يد عبد الله بن العبّاس و في العراق مدرسة على يد عبد الله بن مسعود و لمن عنده قوّة الملاحظة سيلاحظ أنّ مؤسسي المذاهب الأربعة (أبو حنيفة و مالك و الشافعي و أحمد) هم في الأصل أحد خريجي هذه المدارس و سنتحدث عليهم لاحقا ان شاء الله.
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه من ولاه إلى يوم القيامة ثمّ أمّا بعد، سنتحدث إن شاء الله في هذا الدرس الوجيز عن الفقه في عصر التابعين و من هم أبرز علمائه المتخرجين من المدارس الأربعة التّي تحدثنا عنها في السابق: * تخرّج من مدرسة المدينة سالم و نافع و هما مولى لابن عمر و الزهري و هو تلميذ سالم و الفقهاء السبعة(سنتحدث عنهم لاحقا)
* كما تخرّج من المدرسة المكية عطاء و طاووس و و مجاهد و عكرمة
* تخرّج من مدرسة البصرة الحسن البصري و المفسر ابن سيرين و أبو قلابة و قتادة
* بالنسبة لمدرسة الكوفة تخرّج علقمة ثمّ تلميذه إبراهيم و مسروق و عبيدة و شريح القاضي و يعد هؤلاء من أهمّ شيوخ أئمة المذاهب الأربعة الذين سنتكلم عنهم في الدروس القادمة إن شاء الله
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز ) للمساعدة في تخصيص المحتوى وتخصيص تجربتك والحفاظ على تسجيل دخولك إذا قمت بالتسجيل.
من خلال الاستمرار في استخدام هذا الموقع، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.