فقه مسائل حول القبر

طه حتيوش

عضو مميز
إنضم
1 فيفري 2012
المشاركات
1.211
مستوى التفاعل
1.694
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه إلى يوم القيامة أمّا بعد،
مسألة أولى:
عن جعفر الصادق بن محمد الباقر عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع قبره من الأرض شبرا وطين بطين أحمر من العرصة وجعل عليه الحصباء رواه أبو بكر النجاد وسكت الحافظ عليه في التلخيص.
هكذا دفن الحبيب المصطفى صلّى الله عليه و سلّم و وري جثمانه الطاهر مع إشارة أنّ قبره الشريف قد طُيّن بطين أحمر و لم يجصص كما نجصص نحن قبورنا بالآجر و غيره من المحروقات و أنا عبر بحثي رأيت أنّ تجصيص القبور بين النهي و التحريم في مختلف المذاهب و هذا الرأي حاصل لأنّ القبر لا يلزمه أن يقربه ما مسته النار كالآجر و غيره أمّا بالطين فلا بأس فقد قال الترمذي: "وقد رخص بعض أهل العلم منهم الحسن البصري في تطيين القبور" .
مسألة ثانية:
أنا اليوم "الجمعة" ذهبت لزيارة المقبرة لأدعو لأحبابي و أقاربي و ما راعني أنّي نسيت بعض القبور و لم أدري أين هي و ذلك لأنّها لا تحمل أسماء فحزنت لذلك إذ أنّني أخاف أن أفقد أثرها لطول المدّة إن كان في الحياة بقية لذلك بحثت كالعادة و وجدت أنّ الكتابة على القبور عند المالكية حرام بينما هي نهي عند الحنابلة و وافقهم الشافعية إلا أنهم قالوا إذا كان القبر لعالم أو صالح ندب كتابة اسمه عليه وما يميزه ليعرف. و قال ابن حزم: لو نقش اسمه في حجر لم نكره ذلك و الحاصل أنّه يكره عند المالكية بيان الإسم و التاريخ و حرّم الأحناف ذلك إلا إذا خيف ذهاب أثره فلا يكره.
مسألة ثالثة و أخيرة:
روى البخاري وغيره عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على قبرين فقال: "إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يستنزه من البول، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة، ثم دعا بعسيب رطب فشقه باثنين، ثم غرس على هذا واحدا، وعلى هذا واحدا، وقال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا ".
البعض تجده يغرس الجريد في قبر الميت عندنا بحجّة العمل بسنّة الحبيب المصطفى و ذلك بفهمها على العموم لا على الخاص أي خاصة بالرجلين اللذين ذكرهما رسول الله و البعض لا و يتحجج بأنّ الحديث خاص بهما و لقد فهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك على الخاص، إذ لم ينقل عن أحد منهم أنه وضع جريدا ولا أزهارا على قبره سوى بريدة الاسلمي، فإنه أوصى أن يجعل في قبره جريدتان. رواه البخاري. و لقد قال الحافظ في الفتح: وكأن بريدة حمل الحديث على عمومه، ولم يره خاصا بذينك الرجلين.
قال ابن رشيد: ويظهر من تصرف البخاري أن ذلك خاص بهما، فلذلك عقبه بقول ابن عمر حين رأى فسطاطا على قبر عبد الرحمن: انزعه يا غلام فإنما يظله عمله.
وفي كلام ابن عمر ما يشعر بأنه لا تأثير لما يوضع على القبر، بل التأثير للعمل الصالح.
صحيح العبد لا ينفعه إلاّ عمله كما قال الصحابة و هم أرقى فهما منّا لأنّهم نجوم الإهتداء و تلاميذ المصطفى الحبيب و مع ذلك فبريدة أوصى بجريدتين على قبره حين يموت و هذا من باب حب النبي الأكرم و ليس به حرج و نحن مطالبون بالتأسي بالحبيب في كل حركة و نسمة و لا ضير إن فهمنا الحديث على العموم فما يقوم به المصطفى هو خاص في تلك الفترة و عام للأمّة و أنا مع رأي العموم في الفهم و الله أعلم.
 
ما قلته هو عين الصواب، لا إختلاف في ذلك، ولكن للأسف في وقتنا الحاضر نجد هذا النهي والتحريم الذي يخص الجص في جل القبور.. ومن رأيي المتواضع ولكي يستبرأ المرء لدينه في هذا الخصوص عليه بكتابة وصية قبل وفاته يذكر فيها هذه المسألة والنهي المترتب عنها من باب الإستبراء والإعتبار للغير.. والوصية تكتب بالصيغة التالية لمن يريد كتابتها:
أنا فلان بن فلان أو فلانة بنت فلان، أوصي بأنني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور.
وأوصي من تركت من أهلي وذريتي وسائر أقاربي بتقوى الله وإصلاح ذات البين وطاعة الله ورسوله، والتواصي بالحق والصبر عليه، وأوصيهم بمثل ما أوصى به إبراهيم عليه السلام بنيه ويعقوب:
{ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [البقرة:132]،
ثم يذكر ما يرغب أن يوصي به مما ترك من مال زاد أو نقص إن كان لديه، ويذكر كيف يجب ان تتم مراسم دفنه كما سنها رسولنا صلى الله عليه وسلم، ويذكر الوكيل على ذلك.
 
نعم الوصية شرعا غاب عن تنفيذها أغلب المسلمون و لقد كان السلف الصالح يكتبها و يضعها تحت وسادته و يعلم بمكانها لكي تطبق
أنا سمعت دروس للشيخ عمر عبد الكافي بعنوان "الدار الآخرة" و لقد تكلم في هذا الموضوع مطولا أدعو إلى سماعها و الإستفادة منها
 
نعم الوصية شرعا غاب عن تنفيذها أغلب المسلمون و لقد كان السلف الصالح يكتبها و يضعها تحت وسادته و يعلم بمكانها لكي تطبق
أنا سمعت دروس للشيخ عمر عبد الكافي بعنوان "الدار الآخرة" و لقد تكلم في هذا الموضوع مطولا أدعو إلى سماعها و الإستفادة منها
تأكيدا على ما ذكرت اخي فقد روي في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده )
يجب ان يعلم العديد أن الوصية مشروعة بنص كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعمل الصحابة والسلف الصالح، وهي تجب على المسلم في حالة ما إذا كان عليه حق شرعي يخاف أن يضيع إذا لم يوص به كأمانة أو دين..
وكذا من علم أن أهله ينوحون عليه ويرتكبون مخالفات شرعية في جنازته فإن عليه أن يوصي بعدم فعل ذلك وإلا عذب، فقد روى مسلم وغيره عن عبد الرحمن بن يزيد وأبي بردة بن أبي موسى قالا أغمي على أبي موسى وأقبلت امرأته أم عبد الله تصيح برنة قالا ثم أفاق قال: ألم تعلمي وكان يحدثها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنا بريء ممن حلق وسلق وخرق".
 
أعلى