• كل المواضيع تعبّر عن رأي صاحبها فقط و ادارة المنتدى غير مسؤولة عن محتوياتها

لقد أصابه مس من الجن

charrada

عضو ذهبي بالمنتدى العام
إنضم
24 فيفري 2012
المشاركات
2.733
مستوى التفاعل
6.701

.



كاريكاتير صحيفة سعودية








(مذكرات من زمن الكورونا 8)

جرى الجميع نحوه وقد تملكتهم الحيرة والاستغراب لقد كان يرقص على ألحان وإيقاعات لم نراها أو نحسها لكن كان عقله قد غاب وجسده يتحرك بتناسق غريب مع الغمغمات الصوفية المنسابة من روحه المخمورة تزيد المشهد حيرة وغرابة ..حاول أحد الحضور أن يمسح وجهه المتعرق بخرقة قد بلها بالماء وهو يردد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لقد أصابه مس .لكنه استفاق على حين غرة ودفع الرجل بعيدا وهو يقول لا مس لا بص إني في كامل عقلي المتجلي كما لم يتجلى يوم ولم أحس في يوم من الأيام أنني متحرر وعاقل مثل اللحظة الراهنة يا الله كم هو صافي ذهني في هته اللحظة الفريدة إن روحي تحلق بعيدا .اعتدل في جلسته بعد ذلك أسند ظهره للحائط ثم واصل الحديث ...اللسان يشبه الخصية والخصية يتربع فوقها الأمير . اللسان يمارس القمع ويمارس الإرهاب كما يمارس مقدمات الاغتصاب الفكري والجسدي وهو أشد مصادر المتعة النظرية والتطبيقية به نتذوق الطعام ونمارس القتل من خلاله بالكلام وله مزايا أخرى اعلم يرحمك ويرحمني الله وقد أحدثكم عنها في قادم الأيام .شرع يحدثنا عن القضيب وأمره الغريب ويصف الأمر بدقة حتى عرج عن الصبية التي حلت بها البلية وتمادى بيه الكلام حتى أنك تحسبه من أللآم .استغربت كيف احتفظ بتلك التفاصيل الدقيقة حول جسد الشاب الغض والطري والذي كان يصفه بشهوة ممزوجة بحرقة ثم وصل به المطاف إلى الصبية ونهدها الصغير فشبهه بيضة طائر الحجل , لقد كان يصف المشهد كأنه يعيشه طازجا وحارا , كان يروي كل التفصيل والجزئيات الدقيقة وقد جربنا لإسكاته ألف طريق وطريقة ,لم نفلح في إسكاته, كنا كل ما وضع أحدنا يده على فمه ليمنعه من الكلام إلا وزاد صوته وضوحا وزدنا خجلا

انقسمنا فريقين متخاصمين متناحرين بعد أن كنا مثل البنيان المرصوص يشد بعضه بعضا وكثر الصياح والهرج والمرج بين من يطالب من سمير أن يواصل سرد الحكاية التي اختزنت كالوشم في ذاكرته وتلبست روحه حتى تحولت إلى مرض مزمن وقد يكون الترياق يكمن في الكلام ومن يدري قد يتبدد عن روحه الظلام في حين أصر البعض على إسكاته وحتى وإن أدى الأمر إلى أن يكون الثمن حياته ,هم البعض بوضع خرقة في فمه لمنعه من الكلام ,وقال أحدهم هذا عرض والسكوت عنه فرض ثم قيد يداه مع رجلاه .كان المشهد مخزي ومخيف , ها هم مجموعة من الجهلة وسقط المتاع يمارسون الرذيلة الفكرية وتكميم الأفواه . ومهما يكن ماذا يعني عند البعض أن تمنع أحد ما من الكلام ؟الغالبية العظمى من الناس تختزن بداخلها رجل الأمن الذي يسير حركة المرور ورجل الأمن الذي يلاحق الناس في الشوارع حتى البوليس السري الذي يحقق مع مخالفي الرأي فيقتلع أظافرهم ويدخل أشياء في أدبرهم وإبر في ثقب قضيبهم .هل يوجد فرق؟ هذا مريض أيها الحمقى هكذا صحت في الحضور بكل قوة ثم دفعت الذين من حوله بعيدا لا أدري حتى من أين جاءتني تلك القوة الرهيبة .غالبيتهم من المتعلمين الجهلة الذين لم يقرؤوا في حياتهم كتاب .يوجد بون شاسع بين المتعلم والمثقف , المتعلم هو من حاز نصيبا من المعرفة التقنية والتي تكون على ارتباط وثيق بمجال محدد, على العكس المثقف قد يكون ليس له تحصيل علمي لكن له من القدرة على صياغة انساق يشخص من خلالها الواقع ويقدم حلولا لتجاوز وخلق نقلة نوعية وهذا دور المثقفين الكبار اللذين كانوا في موعد مع التاريخ .سامير أو شامير كما يناديه البعض لتحقيره وترذيله هو مثقف إلى جانب تحصيله العالي من معارف تقنية بما أنه مدير عام يبنك .

انقسمنا شقين متحاربين متقاتلين .القلة تريد فسح المجال للرجل حتى يفرغ ما بجعبته ليتخلص من حمله الثقيل

والأكثرية ترى في ما أتاه رجس من عمل الشيطان حتى وإن كان لسان حالهم يعشق القيل والقال والخوض في سفاسف الأحوال والأقوال والأفعال وكما قيل قديما يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه .بدأت كل جماعة تبحث لنفسها عن حجة في حين أكد أحد الحضور على أن الحجاج يتطلب عقل يسكنه نور وجسد على الضيم صبور لكن بلحظة ما عم الديجور وتبدد النور وخيم على المكان ظلام دامس ورعب في القلوب غامس .خاف الجميع من أن يحمى الوطيس ويشتد الأمر فتتملك أرواحنا بهامة فنصبح متشوقين للنزال على أحر من الجمر .لكن في غفلة أضاء أحد الحضور المكان مستعملا هاتفا جوال فتبعه الثاني ثم الثالث حتى صار المكان ككوكب تلألأت نجومه في ليلة دهماء .قال براء إنها مؤامرة من القوى الاستعمارية هكذا هي دوما الإمبريالية في تحالف دائم مع الرجعيات في كل أصقاع الدنيا. براء ماركسي أرتدوكسي سلفي درس بالعنعنة عن الرعيل الأول وهذا ربما ما جعله غير محبوب . إن الأمر لا يغدو أكثر من عطل عابر لشركة الكهرباء هته الشركة المتعثرة والمنهوبة غير أن صاحبنا استنجد بسلفه الصالح . إن القوم من شدة ولعهم بثقافة المؤامرة إذا مات عامل في جنوب إفريقيا يعطونه لقب رفيق ويقيمون التظاهرات الثقافية يشيدون بنضالاته جاعلين منه نبراسا ينير لهم الطريق . الحضور لم يهتم بما قال وبدا وضعه كطفل يتبول على الشاطئ في عز الصيف.كان الكل مثل الصبية يحرك الشعاع المنبثق من الهاتف ويوجهه بلا غاية .دخل البعض في مقارنات فيها الكثير من السذاجة وقلة الوعي باللحظة والغاية والهدف من الحضور .هكذا هم العرب منذ القدم لا يعنيهم الأهم ولا المهم , يفتخرون بالخيل وكثرة الإبل ويتفاخرون بما بين أرجلهم ويرونه حجة الرجولة وتدليل على القوة والفحولة .تساءلت لماذا يقع عصرنا بين برزخين إما تقديس الموتى أو حداثة ممسوخة ومزيفة , مسقطة ليس لها شغل إلا التهكم من عقائد العوام وقلة الفعل وكثرة الكلام .هل يوجد طريق ثالث يوصلنا إلى بر الأمان ؟إننا قلة محاصرة في هذا المكان الضيق في ليلة شتوية رياحها عاصفة ورعودها قاصفة , برد قارص وزخات المطر المتقطع قد تكون هي الأداة الوحيدة لفض الاشتباك يتوقف الجمع من حين إلى أخر عن الصياح والخوض في المباح والغير مباح وهم يرددون بصوت خافت فيه الكثير من الخشوع , الله يرحمنا ويزيدنا من خيره ثم يعيدون الكرة من جديد في القتال بمجرد أن تخف المطر قليلا أو بعض قليل .يا الله كيف السبيل لتجعل لنا مخرجا ؟لقد بغى علينا قومنا واستضعفونا وإن لم تدركنا برحمتك لنكونن من الهالكين.من مدة أدركت أنني مزعج واتخذت طريقا جبلية وعرة فيها الكثير من الصخور والمنعرجات والصعود والنزول قد تضطرني لأطلق النار على الجميع .إني أصوب في مقتل نحو الهدف وبكل دقة لست مثل الكثيرين من الذين يطلقون النار عشوائيا دون هدف محدد مرة تصيب ومرة تخيب. يجب التصرف بأسرع ما يمكن قبل تعكر الأمر و تمتلئ المنطقة بالجثث بعدها يصعب حتى عد القتلى .لا يوجد رابح أو خاسر في الحروب , الفطن من يتصرف بروية والنصر الحقيقي يكمن في تجنب الكارثة .دارت بخلدي أفكار كثيرة وغالبيتها لم ترق لي وقد يكون ترددي وخوفي من صور لي ذلك, عند الخوف يصعب جدا أن نفكر بالصواب تطغى علينا الانطباعية المفرطة ويغيب العقل وتحضر السرديات والمرويات . بعد زمن لا أدري هل هو بالطويل أو القصير بدد سكوني وشرودي صوت أحد الحضور وهو يقول قد يطول بنا المكوث هنا وكما ترون المطر غزير والسيل قد يجرفنا إن فكرنا بالمغادرة فلماذا لا نتسلى ونقاوم الملل فليحكي كل منكم حكاية كانت وقعت له أو من وحي خياله ولنترك قبل كل شيء الرجل يواصل الحديث لعل يكون لنا في حديثه مصلحة وغاية .كان في زاوية البيت رجل بالكاد تخطى مرحلة الشباب له سن تلمع كأنها سيف يمزق هذا الظلام قيل فقده بعد عراك مع من هم على شاكلته .لقد أصبح اليوم رجل بمظهر أخر وضع ماضيه خلف ظهره أو داس عليه بقدميه كما قيل أو كما يقال .كان يتكلم بصوت فيه خشوع مزيف و كل ما حاول أن يبعث فينا موجات مؤثرة إلا تخونه اللغة المتقطعة أوصالها وسكناتها وأفعالها .إنه خلق لأشياء أخرى وليس لهاته العباءة.قال الرجل أنه يرفض بشدة ما اتفق عليه الجمع وأن الجمع زيف ووهم يعشش في أمخاخكم .كان كلامه مستفزا لم يروق لي أو للمقربين إليه من غيري فقلت لنعرض الأمر على التصويت يا زعطوط زعيم الزعاطيط . لم يكن الأمر هين حتى نعقد جلسة تشبه بيع الخمر خلسة لأن صاحب السن الذهبية ظل يذكر قبل أن يفكر بأن ما أقدمنا عليه رجس من فعل الأبالسة الملاعين وأبناء القردة الغربيين وأبناء عمومتنا الخنازير .
 
أعلى