- إنضم
- 17 ديسمبر 2016
- المشاركات
- 308
- مستوى التفاعل
- 1.006
حينما يلتوي التاريخ
يعتقد الكثيرون أنّ التاريخ منصرف في خطّ مستقيم الى غايته..بينما هو يتعرّج يمينا و شمالا..و ينتكس أحيانا عديدة الى الوراء..و هكذا هو ديدنه في مساره الذي لا يتوقّف...و قد أدرك هذه "الحقيقة" الكثير من الدارسين له..و نذكر على سبيل المثال لا الحصر علّامة عصره صاحب علم الاجتماع و المؤرّخ لزمانه ..ابن خلدون..الذي أدرك بدقّة نظره أنّ الدّولة -أيّة دولة- تمرّ بأربعة مراحل في وجودها القائم أصلا على "العصبية" 1- مرحلة التهيئ..2- مرحلة الانطلاق و البناء..3- مرحلة التمكن و الترف..-مرحلة الشيخوخة و الفناء..و قد شبه بعضهم هذه المراحل بعمر النبتة فبدايتها تكون مطمورة تحت التراب تنافح للتجذّر.. ثمّ تتشقّق الارض عنها فتكابد حتّى تبرز و تنمو..ثمّ تستوي على ساقها فتّزهر و تّثمر ثمّ تبلغ نهايتها فنصبح "غثاء أحوى"..و هذه المراحل الأربعة حتمية حتّى تكتمل دورة الحياة....فبقاء الحال من المحال..و ما الدّائم الا الله... كذلك الأمر في حياة الدول و الشعوب..فمقّدّر عليهاالانضباط لمنطق التاريخ.."و تلك الأيام نداولها بين الناس"..و ما يحدث هذه الأيأم في تونس لا يشذّ عن القاعدة..و اليوم و بعد احتضار دولة ما يُسمّى بالاستقلال ستبلغ حتما نهايتها الطبيعية المتمثلة في الموت المؤكّد و ان حاول البعض حقنها بجرعات مّنشطة تطيل ألمها و لا تلغي فناءها..و كل ما يحدث في مجلس النواب من مهاترات و عنتريات...و ما يجري بين الرئاسات الثلاث من مكايدات و مؤامرات ..و ما يتدافع في الساحات من تجاذبات..و ما يخترق الحدود آتيا من الشرق أو الغرب من تحايل و مغالطات.. كل ذلك و غيره من نتوءات و مطبات هي في النهاية مجرّد "ضريبة" لا بُدّ من دفعها تماما كأوجاع الحامل وهي تتهيِّأ للولادة..فالرضيع الآتي هو آتٍِ لا محالة.. و نرجو أن تكون ولادته طبيعية سلسة ..لا قيصرية موجعة..و ما هذه "الالتواءة" التاريخية الا عقبة تنحو العاصفة الآتية الى اقتلاعها من جذورها...
عبدالله منصور