أخي الكريم
لا حظت في ادعائك إجماع الأمة على الأخذ بحديث الآحاد في الاعتقاد وأنه يفيد العلم أنك زعمت أن الإمام ابن عبد البر قد نقل هذا الإجماع ولذلك وجب علي التنبيه إلى أن هذا تقول على ابن عبد البر وتدليس لا بد من بيان بطلانه ذلك أنك بترت كلامه ونقلت الجملة التي تتلاءم والرأي الذي أردت تسويقه.
حيث أنك قلت :
قال ابن عبد البر أيضا في "التمهيد": "وكلهم يرون خبر الواحد العدل في الاعتقادات،
والحال أن ابن عبد البر لم ينقل إطلاقا هذا الإجماع المزعوم على أن خبر الآحاد يفيد العلم بل أنه أكثر من ذلك ينقل العكس فهو ينقل الإجماع على أن خبر الآحاد لا يفيد العلم بل يفيد العمل فقط
في الحقيقة لا أجد كلاما ينطبق على كا تقوله الا مثلنا القائل [FONT=Times New Roman, serif]" [/FONT]سيدي عطية الّي فيك رُدّو فيّا ”
فانك أنت من عمد الى كلام ابن تيمية وجاء به مقطوعا من سياقه ليوضفه خدمة لمذهبه [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]وها أنت تغيبت لمدة ثم عدت ظنا منك بأن ذلك سينسينا ما فعلت [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]وما سكوتك الا اقرار منك بما فعلت [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]ومن كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
أما جملتي التي نقلتَها في اقتباسك فانها دالة على أنك لا تقرأ الكلام جيدا أو أنك لا تقرأه أصلا [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]فهذه الجملة أخذتها من مشاركتي الثانية في الموضوع وقد أعدتُ فيها ذكر الاجماع مقتصرا على اللفظ المتعلق به [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]ولو نظرت الى مشاركتي الأولى في الصفحة السابقة لرأيت بأني ذكرت الكلام في سياقه وهو كل مايتعلق بمسألة الاجماع في الفقرة [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]ولكن وبما أنه ليس بامكانك القدح في من نقلت ُ كلامهم لم تجد الا توجيه سهامك اليّ في محاولة فاشلة منك للتلبيس على القارئ[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
ثم انني ذكرت كلام الكثرين ممن نقل الاجماع بما فيه الكفاية [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]فلا داعي لآتي بعدها الى الكلام المذكور لابن عبد البر فآخذ منه ما أريد كما تزعم أنت [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]ففي كلام من ذكرتهم غنية عن فعل ذلك[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
ثم انك تقول لنا بالحرف الواحد:
"فهو ينقل الإجماع على أن خبر الآحاد لا يفيد العلم بل يفيد العمل فقط"
فأين رأيت الاجماع في الكلام الذي تنقله أو من أين فهمت ذلك ؟؟؟
فان كانت عندك مشكلة في البصر فعليك بالأطباء [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]وان كانت عندك مشكلة في الفهم فاحفظ لسناك قبل التعرض لخلق الله بسبب سوء فهمك ٫
وأعيد نقول الاجماع حتى تقرأها هذه المرة وتتمعن فيها جيدا [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]ثم سننظر هل ستذهب تنقب هنا وهنالك كالسابق علك تجد محملا تحمل عليه الكلام وفق هواك [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]ولك في ذلك شهر كامل بل وسنة لو أردت [FONT=Times New Roman, serif]:[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" : " وأجمع أهل العلم من أهل الفقة والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل، وإيجاب العلم به إذا ثبت ولم ينسخه غيره من أثر أو إجماع، على هذا جمع الفقهاء في كل عصر من لدن الصحابة إلى يومنا هذا، إلا الخوارج، وطوائف من أهل البدع شرذمة لا تعد خلافاً، وقد أجمع المسلمون على جواز قبول الواحد السائل المستفتي لما يخبره به العالم الواحد إذا استفتاه فيما يعلمه". [/FONT][FONT=Times New Roman, serif]
[FONT=Times New Roman, serif]وقال ابن عبد البر أيضا في "التمهيد": "وكلهم يرون خبر الواحد العدل في الاعتقادات، ويعادي ويوالي عليها، ويجعلها شرعاً وحكماً وديناً في معتقده، على ذلك جماعة أهل السنة ولهم في الأحكام ما ذكرناه ".[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]وقال الإمام الشاطبي في "الاعتصام": "وهذه هي الظنون المعمول بها في الشريعة أينما وقعت؛ لأنها استندت إلى أصل معلوم، فهي من قبيل المعلوم جنسه، فعلى كل تقدير خبر واحد صح سنده فلابدّ من استناده إلى أصل من الشريعة قطعي فيجب قبوله، ومن هنا قبلناه مطلقاً ، كما أن ظنون الكفار غير مستندة إلى شيء فلابدّ من ردها".[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]وبوَّب البخاري لذلك فقال: ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، وذكر فيه خمسة عشر حديثاً.[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري": "المراد بالإجازة: جواز العمل به والقول بأنه حجة، وقصد بالترجمة الرد على من يقول: إن خبر الواحد لا يحتج به إلاَّ إذا رواه أكثر من شخص واحد يصير كالشهادة ويلزم منه الرد على من شرط أربعة أو أكثر".[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]وقال ابن بطال رحمه الله : "انعقد الإجماع على القول بالعمل بأخبار الآحاد "[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]انظر "الفنح"[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]وقال الإمام ابن حزم: "إن جميع أهل الإسلام كانوا على قبول خبر الواحد الثقة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ويجري على ذلك كل فرقة في عملها كأهل السنة والخوارج والشيعة، حتى حدث متكلمو المعتزلة بعد المائة من التاريخ فخالفوا الإجماع في ذلك".[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]وقال الخطيب البغدادي في كتابه "الكفاية في علم الرواية": "وعلى العمل بخبر الواحد كافة التابعين ومن بعدهم من الفقهاء في سائر أمصار المسلمين إلى وقتنا هذا، ولم يبلغنا عن أحد منهم إنكار لذلك ولا اعتراض عليه، فثبت أن من دين جميعهم وجوبه، إذ لو كان فيهم من كان لا يرى العمل به لنقل إلينا الخبر عنه بمذهبه فيه ".[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]وقال ابن دحية "الابتهاج في أحاديث المنهاج ": "وعلى قبول خبر الواحد الصحابة والتابعون وفقهاء المسلمين وجماعة أهل السنة ، يؤمنون بخبر الواحد ويدينون به في الاعتقاد " .[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]وقال الحافظ ابن الصلاح في "مقدمة علوم الحديث" - بعد ذكره لأقسام الصحيح -: "وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته، والعلم اليقيني النظري واقع به، خلافاً لمن نفى ذلك".[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]وقال الشيخ محمد الخضري : "تواتر عن الصحابة في وقائع لا تحصى العمل بخبر الواحد، ومجموع هذه الوقائع تفيد إجماعهم على إيجاب العمل بأخبار الآحاد، وكثيراً ما كانوا يتركون آراءهم التي ظنوها باجتهادهم إذا روي لهم خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ".[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]انظر كتاب " أصول الفقه "ص 280[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]وقال الآمدي : " وقد أجمعنا على جواز اتباع خبر الواحد في أحكام الشرع ولزوم العلم به فلو لم يكن خبر الواحد مفيدا للعلم لكان الإجماع منعقدا على مخالفة النص وهو ممتنع ".[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]"الإحكام للآمدي" ج2/ص51[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]وفال ابن القيم رحمه الله تعالى : [/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]" وهذا التفريق باطل بإجماع الأمة فإنها لم تزل تحتج بهذه الأحاديث في الخبريات العلميات ( يعني العقيدة ) كما تحتج بها في الطلبيات العمليات ولا سيما والأحكام العملية تتضمن الخبر عن الله بأنه شرع كذا وأوجبه ورضيه دينا فشرعه ودينه راجع إلى أسمائه وصفاته ولم تزل الصحابة والتابعون وتابعوهم وأهل الحديث والسنة يحتجون بهذه الأخبار في مسائل الصفات والقدر والأسماء والأحكام ولم ينقل عن أحد منهم البتة أنه جوز الاحتجاج بها في مسائل الأحكام دون الأخبار عن الله وأسمائه وصفاته فأين سلف المفرقين بين البابين ؟ ".[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]انظر" مختصر الصواعق المرسلة "[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]وقال عبدالله بن الحاج إبراهيم العلوي الشنقيطي المالكي في منظومة مراقي السعود[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]في أصول فقه المالكية :[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]545-وفي الشهادة وفي الفتوى العمل[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]به وجوبه اتفاقا قد حصل[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]546-كذاك جاء في اتخاذ الأدويّهْ[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]ونحوها كسفر والأغذيّهْ[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي في شرحه المسمى "نثر الورود" على مراقي السعود :[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]" يعني أن الأمة أجمعت على وجوب العمل بحكم الحاكم وفتوى المفتي وشهادة الشاهد وان لم يبلغوا حد التواتر , فوجوب العمل بخبرالآحادفيها مجمع عليه ..."[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]ثم قال الناظم:[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]ومالك بما سوى ذاك نخع[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]"يعني أن مالكا رحمه الله نخع أي نطق وقال بوجوب العمل بخبر الواحد في جميع الأمور الدينية , وكذلك قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد وعامة الأصوليين والفقهاء والمحدثين , وقد دل على العمل به العقل والنقل..."[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]ثم ذكر الأدلة العقلية والنقلية على ذلك وذكر معهم اجماع الصحابة وذكر الأدلة عليه[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]وهو كلام يطول نقله , فليرجع من أراد الاستزادة الى الكتاب بداية من الصفحة 387[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]وقد عقد الإمام الشافعي رحمه الله تعالى عقد فصلا هاما في " الرسالة " تحت عنوان "الحجة في تثبيت خبر الواحد " وساق تحته أدلة كثيرة من الكتاب والسنة فليرجع اليه.[/FONT][/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]
[/FONT]
فالجملة الأخيرة هذه هي المشكلة، ولم يذكر محققو الكتاب في الطبعة المغربية أي تعليق لاختلاف النسخ فيه ..
فكلامه الأول واضح المعالم .. وإذا أخذنا بظاهر الفقرة الأخيرة لرميناه بالتناقض والخطأ، ومكانته أجل من ذلك رحمه الله ..
فوجب تفسير هذه الفقرة الأخيرة، والذي يظهر لي أنه وصف حال أكثر منها تقرير للمسألة، والله أعلم
وحتى في هذه فليس لك أنت القول بأن الجملة الأولى ظاهرة المعالم والثانية ليست كذلك [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]والا لقلت لكا أنا أيضا بأن الجملة الثانية واضحة المعالم والأولى ليست كذلك [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]ولكن مرد الأمر الى أهل العلم الذين هم أعلم مني ومنك بكلام أنفسهم [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]وأهل العلم يقولون بأن ابن عبد البر ينقل الاجماع على حجية خبر الآحاد في أصول الدين والعقائد:
قال ابن النجار في [FONT=Times New Roman, serif]"[/FONT]شرح الكوكب المنير[FONT=Times New Roman, serif]" : [/FONT]باب في الاجماع [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]ثم قال [FONT=Times New Roman, serif]: " [/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]وقال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني [FONT=Times New Roman, serif]: [/FONT]يفيده عملا لا قولا ويعمل بآحاد الأحاديث في أصولالديانات [FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]وحكى ذلك ابن عبد البر إجماعا [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]قالالإمام أحمد رضي الله عنه [FONT=Times New Roman, serif]: [/FONT]لا نتعدى القرآن والحديث [/FONT][FONT=Times New Roman, serif]" [/FONT]بعد أن ذكر قول الأشاعرة والمتكلمين كابن الباقلاني والرازي وغيرهم[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
وقال العلامة السفاريني في [FONT=Times New Roman, serif]"[/FONT]لوامع الأنوار البهية[FONT=Times New Roman, serif]" : " [/FONT]يعمل بخبر الآحاد في أصول الدين، وحكى الإمام ابن عبدالبر الإجماع على ذلك[FONT=Times New Roman, serif]"[/FONT]
بل واليك كلام ابنُ عبد البرِّ [FONT=Times New Roman, serif]-[/FONT]رحمه الله[FONT=Times New Roman, serif]- [/FONT]في جامع بيان العلم وفضله والذي يبين موقفه في قبول خبر الآحاد في الاعتقاد [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]فقد قال في كلام واضح لا يقبل التأويل[FONT=Times New Roman, serif]: " [/FONT]ليس في الاعتقاد كُلِّه في صفات الله وأسمائه إلاَّ ما جاء منصوصًا في كتاب الله، أو صَحَّ عن رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أو أجمعت عليه الأُمَّة، وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كُلِّه أو نحوه يُسلَّم له ولا يناظر فيه [FONT=Times New Roman, serif]"[/FONT]
أما الطبعة المغربية للتمهيد فهي طبعة مليئة بالسقط والتصحيف كما يذكر بعض أهل العلم [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]ووصل السقط فيها الى أربع صفحات كاملة [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]ولعل افضل طبعة هي طبعة دار الفاروق ودونها طبعة دار هجر [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]وهذا مثال صغير للتصحيف في كلام سبق ذكره٫
ففي الطبعة المغربية[FONT=Times New Roman, serif]: [/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]"[/FONT]وأجمع أهل العلم من أهل الفقة والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل، وإيجاب العمل به إذا ثبت ولم ينسخه غيره من أثر أو إجماع [FONT=Times New Roman, serif]"[/FONT]
وفي غيرها من الطبعات[FONT=Times New Roman, serif]:[/FONT]
[FONT=Times New Roman, serif]" [/FONT]وأجمع أهل العلم من أهل الفقة والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل، وإيجاب العلم به إذا ثبت ولم ينسخه غيره من أثر أو إجماع [FONT=Times New Roman, serif]"[/FONT]
وهذا مثال بسيط على ما فيها من السقط [FONT=Times New Roman, serif], [/FONT]وانظر الى المعنى كيق ينقلب تماما٫
وفي الختام لا تعد لاستعمال سياسة " كف وكعبة حلوى " فتبدأ بقولك لي " يا أخي الكريم " ثم ترمينى بعد ذلك بنعوت شتى , فاما ان تلتزم الأدب من الأول الى الآخر واما أن تلتزم التلوي , أما الجمع بينهما عند شخص واحد فهو خصلة ذميمة.