الفطر البرّي المسموم:

1px_nr.gif
chanpigion18-11-2008.jpg
الفطر البرّي المسموم:


هل للتسميد المفرط للأراضي الفلاحية ورش المبيدات الحشرية علاقة بتسمم الفطر؟


تونس ـ الصباح: مازال صدى الفطر البري المسموم يمثل أحد المشاغل لدى الاوساط الشعبية، وتتابعه وزارتا الصحة العمومية والفلاحة على جملة من المستويات للحد من المخاطر الناجمة عنه، كما أنه مازال يمثل ملفا يتابعه

الاعلام، خاصة بعد عدد الاصابات بالتسمم التي لحقت بالبعض وبلغت في مجموعها حسب مصادر الصحة العومية 59 حالة، وأدت إلى هلاك 6 مواطنين.
ولئن تبقى أسباب تسمم الفطر مجهولة لحد الان، ولم يعلن علميا عن أسبابها، باعتبار تواصل انشغال واشتغال المخابر حولها، فإن حملة واسعة النطاق قد إنطلقت في كل الجهات لتفادي تناول الفطر البري، كما اتخذت جملة من الاجراءات الوقائية بشأنه مثل منع ترويجه في الاسواق، وجمعه من الغابات، لكن هل هناك قدرة على منع أكله بصفة رسمية؟ وهل أن العوامل التي أدت هذه السنة إلى تسمم " الفقاع" طبيعية فقط؟
أسباب تسمم «الفقاع» خلال هذا العام
جاء في تصريحات ممثلين عن وزارتي الفلاحة والصحة العمومية، من خلال ملف بثته إحدى القنوات الوطنية، أن عوامل تسمم الفطر هذه السنة، ناجم عن تقلبات مناخية وأمطار صيفية عجلت بظهوره في فترة مبكرة، وقد أدى هذا الظهور المبكر إلى تسممه. وأشار الطرفان إلى أن ظهور الفطر البري في الغابات كان عادة ما يكون في الشتاء أو الربيع، وهي المرحلة العادية التي كانت لا تغير من نمائه الطبيعي وسلامة النسبة الهامة منه. ويشار إلى أن هناك 200 نوع من الفطر أو "الفقاع" التي تنبت في تونس، وخاصة في الشمال، وقد تعود سكان الريف على تناول هذا الفطر في فترات ظهوره العادية، ولم يسبق أن سجلت حالات تسمم أو موت ناجمة عنه، خاصة عند تناوله في فتراته العادية المشار إليها آنفا.
وأكد الخبراء الفلاحيين والوسط الصحي في الملف المشار إليه على أن من بين الـ200 نوع من الفطر، هناك 10 أنواع فقط تبقى غير مسمومة، وأن المواطن التونسي من الوسط الفلاحي والريفي يعرف جيدا أنواع الفطر السليم، لذلك فهو يقبل على تناوله دون خوف أو خطر، لكن هذه السنة وبفعل ظهور الفطر في غير موسمه وكان مسموما، حصل خطأ لدى المواطنين في تقدير التعامل مع الفطر، الشيء الذي أدى إلى جملة الاضرار الناجمة عن تناوله.
خارطة نبات الفطر وتوزيعها على الجهات
الفطر نبتة طبيعية تظهر مع نزول الامطار، ويمكن القول أن نماءها موزع على كافة جهات البلاد، لكن جهات الشمال تتميز بكثرة هذه النبته في الحقول والجبال والغابات على حد السواء. وبفعل تكاثر هذه النبة وتأصلها في تونس الذي يعود إلى مئات السنين، بات الوسط الريفي والفلاحي يعرفها جيدا، ويفرق بين أنواعها القابلة للاستهلاك، وغير المرغوب فيها.
ويشار بشكل عام إلى أن المتعارف عنه في الاوساط الشعبية يأتي من خلال تعريف بسيط للـ"فقاع"، حيث يشار لديهم إلى أن هناك نوع يسمى "الكلابي"، وهو السام، أما الانواع الاخرى فإنه يفرق بينها من حيث المذاق، والمكان الذي ظهرت فيه. وعادة ما يكون "الفقاع" الذي يظهر في الحقول والغابات سليما، بينما ذلك الذي ينبت في الجبال أو في الاماكن الملوثة القريبة من فضلات الحيوانات والمنازل مسموما.
سؤال حول تسمم الفطر
لئن علل الخبراء الفلاحيون والوسط الصحي، ظاهرة تسمم الفطر أو "الفقاع" بعوامل مناخية عجلت بظهوره في غير موسمه، وغالطت المواطن في الارياف والوسط الفلاحي بشأن سلامته،مما تسبب في الاصابات الناجمة عن استهلاكه، فإن هذا السبب الذي قدم يبقى غير مقنع، على اعتبار أن الابحاث المخبرية مازالت جارية بخصوص معرفة الاسباب من ناحية، ولم يقع التوصل علميا ولحد الان إلى الاسباب الحقيقية التي أدت إلى تسمم هذه النبتة.
والبحث عن سبب تسمم الفطر خلال هذا الموسم بالذات، قد تتسع دائرته لتطرح حوله أسئلة عديدة. فمن ذلك مثلا ما يتصل برش المبيدات والاسمدة في القطاع الفلاحي، ومدى تأثيره على النبات بشكل عام والطبيعة أيضا. كما أن السؤال في هذا الجانب يبقى مطروحا أيضا حول طرق تعاطي استعمال المبيدات والاسمدة ومدى تمكن الوسط الفلاحي من اعتمادها بشكل صحيح، تتوفر فيه الشروط المطلوبة، من حيث كميات المبيدات المستعملة.
ان هذه الاسئلة تطرح كلها، وتبقى مشروعة، خاصة وأن تسميد الاراضي الفلاحية ورش المبيدات للقضاء على كل الافات يحصل في كل سنة، وقد يمارسه البعض من الفلاحين بشكل خاطئ مما قد يجعله ينعكس سلبا على التربة وما تنبته، ومن بينها "الفقاع"، وربما بعض أنواع النباتات الاخرى التي تظهر في وسطنا الفلاحي والطبيعي في كل موسم، ويتعاطاها الوسط الاجتماعي بأشكال مختلفة. فهل تتم متابعة ومراقبة رش المبيدات بشكل دقيق بأساليب علمية، وهل تجري متابعة نشاط الفلاحين في هذا الجانب، ومراقبتهم، وتلقينهم أساليب رش هذه المبيدات واستعمالها بشكل دقيق لا يؤثر على الطبيعة والمزروعات والوسط الطبيعي بشكل دقيق؟ كلها أسئلة تبقى مطروحة، وتتطلب توضيحات حول استعمال المبيدات والتصرف فيها بشكل سليم.
أضرار الفطر لحقت أيضا بقطيع الاغنام
وأفاد الخبير الفلاحي خلال هذا الملف من ناحية أخرى أن ظهور الفطر المسموم في جهات الشمال، وانتشاره بشكل واسع على غير العادة خلال هذه السنة قد كان سببا أيضا في تسمم البعض من قطيع الاغنام، حيث سجل موت قرابة الـ 40 رأسا. وفي سؤال موجه حول خطورة لحوم الضأن، أفاد ممثل وزارة الصحة في الملف المشار اليه، أنه لا يمكن تناول لحوم الخرفان المتسممة، فقد تنجر منها العدوى الى متناولها. كما أفاد أن ملامسة الفطر المسموم دون غسل اليدين قد تنجر عليه أيضا حالات تسمم، لكنها تبقى محدودة الضرر.



المصدر
http://www.assabah.com.tn/pop_article.php?ID_art=15733
 
أعلى