السنــّـــــة التّركــــــــــية

anacondas

عضو فريق عمل المنتدى العام
إنضم
16 ديسمبر 2008
المشاركات
3.244
مستوى التفاعل
23.331
:besmellah1:
السنــّـــــة التّركــــــــــية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وبعد :

إن تمييز السنة من البدعة ومعرفة الفارق بينها لمن أولى أولويات المسلم في حياته , حتى يتعبد الله - سبحانه - بما شرع لأن من لوازم شهادة أن محمدا رسول الله أن يتعبد المرء بما شرعه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا بالأهواء والبدع والطرق المحدثة , ولبيان هذا الأصل العظيم والركن الوثيق اجتهد العلماء - رحمهم الله - في هذا الشأن وهجروا المضاجع , وسافروا في البلدان لطلب السنن الثابتة وتدوينها حماية للشريعة من الضياع و قمعا للبدعة من إظهار راسها .

قال شيخ الإسلام - رحمه الله - :

وقام علماء النقل والنقاد بعلم الرواية والاسناد فسافروا في ذلك الى البلاد وهجروا فيه لذيذ الرقاد وفارقوا الأموال والأولاد وأنفقوا فيه الطارف والتلاد وصبروا فيه على النوائب وقنعوا من الدنيا بزاد الراكب ( مجموع الفتاوي 1/7 ).
فميزوا بين صحيحها وضعيفها , وقعدوا قواعد لذلك , ووضعوا قواعد يعرفون بها السنة من البدعة وقسموا السنة إلى أنواع فأتت تقاسيمهم جامعة, وكلماتهم مانعة فقالوا بأن السنة تنقسم إلى سنة تقريرية وسنة فعلية وسنة قولية ومثلوا لها بأمثلة ليس الغرض هنا العروج عليها فلتطلب من مظانها وهي مشهورة وفي الكتب مسطورة وعلى لسان أهل السنة السلفيين مذكورة .
لكن غرضي هنا أن انبه على نوع آخر موجود , لكن الله أعمى أناسا فظنه مفقود , وقال إن هذا القول مردود .
وليت شعري لو تصفح كتب العلماء الموثقين , وسأل عنه الجهابذة الربانيين , لما وقع فيما وقع فيه من إنكار ما هو أشهر من نسبه .
لقد كتبت مرة أن السنة تنقسم إلى سنة فعلية وسنة تركية فقام أحدهم بالتشغيب , فأتى بقول وضحك غريب و قال ما سمعنا بهذا القول العجيب .
فكتبت هذه الكلمات لعله يستفيد , و أن يراجع نفسه في وقت غير بعيد , ولينظر للأمر من نظر سديد .

اقول وبالله التوفيق :

السنة نوعان سنة فعلية وسنة تركية
السنة الفعلية : هي التي فعلها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وما ثبت عنه من قول أو فعل أو تقرير .
السنة التركية : وهي التي تركها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يفعلها ويعرف ذلك بطريقين كما ذكر ذلك بن القيم - رحمه الله -.
وفي هذا القسم الأخير يقول الإمام بن القيم - رحمه الله - في إعلام الموقعين 2/389

وأما نقلهم لتركه - صلى الله عليه وسلم - فهو نوعان وكلاهما سنة :
أحدهما: تصريحهم بأنه ترك كذا وكذا ولم يفعله كقوله في شهداء أحد ولم يغسلهم ولم يصل عليهم وقوله في صلاة العيد لم يكن أذان ولا إقامة ولا نداء وقوله في جمعه بين الصلاتين ولم يسبح بينهما ولا على أثر واحدة منهما ونظائره .
والثاني: عدم نقلهم لما لو فعله لتوفرت هممهم ودواعيهم أو أكثرهم أو واحد منهم على نقله فحيث لم ينقله واحد منهم البتة ولا حدث به في مجمع أبدا علم أنه لم يكن وهذا كتركه التلفظ بالبته عند دخوله في الصلاة وتركه الدعاء بعد الصلاة مستقبل المأمومين وهم يؤمنون على دعائه دائما بعد الصبح والعصر او في جميع الصلوات وتركه رفع يديه كل يوم في صلاة الصبح بعد رفع رأسه من ركوع الثانية وقوله اللهم اهدينا فيمن هديت يجهر بها ويقول المأمومين كلهم آمين ومن الممتنع أن يفعل ذلك ولا ينقله عنه صغير ولا كبير ولا رجل ولا امرأة البتة وهو مواظب عليه هذه المواظبة لا يخل به يوما واحدا وتركه الاغتسال للمبيت بمزدلفة ولرمي الجمار ولطواف الزيارة ولصلاة الاستسقاء والكسوف ومن ههنا يعلم أن القول باستحباب ذلك خلاف السنة فإن تركه ص - سنة كما أن فعله سنة فإذا استحببنا فعل ما تركه كان نظير استحبابنا ترك ما فعله ولا فرق .
شبهة وجوابها:

إن قيل من أين لكم أنه لم يفعله وعدم النقل لا يستلزم نقل العدم

فهذا سؤال بعيد جدا عن معرفة هديه وسنته وما كان عليه ولو صح هذا السؤال وقبل لاستحب لنا مستحب الأذان للتراويح وقال من أين لكم أنه لم ينقل واستحب لنا مستحب آخر الغسل لكل صلاة وقال من أين لكم أنه لم ينقل واستحب لنا مستحب آخر النداء بعد الأذان للصلاة يرحمكم الله ورفع بها صوته وقال من أين لكم أنه لم ينقل واستحب لنا آخر لبس السواد والطرحة للخطيب وخروجه بالشاويش يصيح بين يديه ورفع المؤذنين أصواتهم كلما ذكر الله واسم رسوله جماعة وفرادى وقال
من أين لكم أن هذا لم ينقل واستحب لنا آخر صلاة ليلة النصف من شعبان أو ليلة أول جمعة من رجب وقال من أين لكم أن إحياءهما لم ينقل وانفتح باب البدعة وقال كل من دعا إلى بدعة من أين لكم أن هذا لم ينقل ومن هذا تركه أخذ الزكاة من الخضروات والمباطخ وهم يزرعونها بجواره بالمدينة كل سنة فلا يطالبهم بزكاة ولا هم يؤدونها إليه - انتهى كلامه - .
فلاحظ - وفقك الله للسنة وترك البدعة - كيف وضع بن القيم -رحمه الله - طريقين لمعرفة السنة التركية

الأول: تصريح الصحابي بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم -ترك كذا وكذا ولم يفعله ؛ كقوله : ( صلى العيد بلا أذان ولا إقامة )
الثاني عدم نقل الصحابة للفعل الذي لو فعلهrلتوفرت هممهم ودواعيهم أو أكثرهم أو واحد منهم على نقله ، فحيث لم ينقله واحد منهم البتة ، ولا حدَّث به في مجمع أبدًا عُلم أنه لم يكن ، وهذا كتركه التلفظ بالنية عند دخوله في الصلاة ، وتركه الدعاء بعد
الصلاة مستقبل المأمونين وهم يؤمَّنون على دعائه دائمًا بعد الصبح والعصر أو في جميع الصلوات . .
 
أعلى