الديمقراطية أمر جميل و حلم كبير لو أردنا تطبيقه .. و لكن قبل أن ننادي بالديمقراطية يجب أن نوجد العقول الديمقراطية ..
المشكلة الكبيرة في المواطن العربي هي أنه يطالب بما لا يستطيع تحمله أو إنجازه .. إن من أبسط قواعد الديمقراطية هي إحترام الرأي المخالف و نقده لا إنتقاده و لكن لنلق نظرة على المنتدى الذي يمثل في حد ذاته مجتمعا مصغرا .. لا مجال للإختلاف و إنما هناك خلاف .. ماإن يناقش أحدهم فكرة و يأتي بما يخالف أفكار البعض يرمى إما بالتشدد من البعض أو بالكفر من الجانب المقابل أو بالتأمر من القوميين و كل يغني على ليلاه ... فإذا كان المواطن العربي و التونسي خصوصا غير قادر على تطبيق الديمقراطية في هذا النطاق الضيق الإفتراضي فكيف به إن إمتلكها في الحقيقة ..
أنا لا أدافع عن الديكتاتورية و لكن لديكتاتورية أعيش فيها أمنا خير من ديموقراطية أقتل فيها لمجرد الرأي أو المذهب ...
هذا و يجب أن نحدد قبلا معنى الديمقراطية التي نريدها و معنى الديكتاتورية التي نرفضها ...
فأمريكا ديكتاتورية عند المعارضين لها من المسلمين و العرب .. لا يرون في مؤسساتها خيرا و لا في ديمقراطيتها العريقة نجاحا ... و يجعلونها أم الديكتاتوريات و سبب البلاوى .. و هو ؛ مع ما لنا من مأخذ على أمريكا، إستقراء يفتقد لأبسط قواعد الموضوعية ...
و الإخوان المسلمون من جهتهم ينادون بالديمقراطية و يتهمون الأنظمة القائمة بالديكتاتورية ، فإن سألتهم عن أفكارهم قالوا إنما هي الشورى ، فإن سألتهم عن الشورى قالو إنما هي في علماء الدين دون سواهم فإن سألتهم عن علماء الدين قالوا إنما هم من سار على نهجنا و إتبع عقيدنا و لا يجوز لغيرنا إذ هم مارقون أو مبتدعون ! فبالله عليكم مالفرق إذن بينهم و بين من يشتمون من الحكام .. و هل نستبدل ظلما بظلم !
و طبعا لا داعي لذكر أولئك العلمانيين و نظرتهم للديمقراطية التي تعني منع كل ما هو ديني و الأخذ بالشبهة فإن الديمقراطية براء منهم براءة الذئب من دم يوسف ...
للأسف هذا هو واقع المنادين بالديمقراطية ... إن وجدت في العدو قلنا أنها نفاق و كذب و هم في بعض الأحيان محقون و إن إقترحها المسلمون حصروها في أنفسهم ..
إن إرساء الديمقراطية يجب أن يمر أولا بالتخلص من فكرة أن كل من ليس معي هو ضدي التي تسيطر على عقول كثير منا .. و من فكرة أن ديمقراطية الغير ديكتاتورية و ديكتاتوريتي هي ديمقراطية مدروسة !
أما الإخوة الذين قالو إن الديمقراطية لا تأخذ إلا بالقوة ... فأقول إن كان بداية عهد الديمقراطية معكم هو الصدام مع أخي و أبي و إبن عمي و صديقي فنزيد العداء شدة و نزيد في تقسيم المقسم و تجزئة المجزء و نشر العداوة فلا كانت تلك ديمقراطية و لا عشت ذاك اليوم ...
أعتذر عن الإطالة و لكن الموضوع مثير فعلا و الحديث ذو شجون هههه