تقع سيدي بو سعيد على بعد 20 كم من تونس العاصمة و 5 كم من قرطاج و هي تمثل للاوروبيين العالم المثالي للبحر الابيض المتوسط, يقال ان بوست كارد هذه المنطقة هو الاكثر مبيعا في العالم اذا فكرت في قضاء بضعة ايام هنا، فلا بد ان تدرك تماما كيف نجحت سيدي بوسعيد في اكتساب شهرتها. ليس هناك أماكن في سيدي بوسعيد يمكن ان نطلق عليها مواقع سياحية بالمعنى المتعارف عليه، إلا ان هذا الجانب ليس له اهمية، ذلك ان المتعة الحقيقية تكمن في التجول في ازقة هذه القرية الوادعة وشوارعها الضيقة المرصوفة بحجارة بات سطحها أملس بفعل المشي عليها لمدة قرون. من الممتع ايضا تناول شاي النعناع في واحد من مقاهي القرية العتيقة. ولعل الوقت المناسب لاستكشاف سحر هذه القرية ساعات الصباح الباكر او المساء، اذ تسمع بوضوح زقزقة الطيور في شوارع القرية التي يملؤها عبق براعم أشجار البرتقال. الأسوار العالية لمنازل سيدي بوسعيد تضم داخلها حدائق ظليلة وباحات ارضيتها من الرخام. ولحسن الحظ لا يجد الزائر نفسه مضطرا لانتظار ان توجه له الدعوة بالدخول، ففي نهاية السوق يوجد دار العنابي، وهو منزل تونسي تقليدي يعود تاريخه الى القرن الثأمن عشر أعادت الجهات المختصة تجديده ليصبح سكنا صيفيا. يبهر الزائر لدار العنابي الطراز الاسلامي المتميز والديكور الجذاب والجدران والأرضيات الرخامية والمصابيح الملونة. وتتوسط الباحة الرئيسية للدار نافورة كبيرة تنمو حولها اشجار الياسمين، بالإضافة الى باحة اخرى يطل عليها مصلى ومكتبة. وبجوار دار العنابي توجد الدار التي سكنها في السابق البارون رودلف ديرلانغار المتحدر من اسرة مصرفية فرنسية معروفة. ويستخدم هذا المنزل حاليا مركزا للموسيقى العربية والشرق اوسطية. وشيد المبنى، الذي يطلق عليه »قصر النجمة الزهراء« و»قصر البارون«، بين عامي 1912 و1922 على اساس تصميم من الواضح ان صاحبه كان صاحب اعجاب عميق بالطراز المعماري الأندلسي. السوق التي توجد على مقربة من دار العنابي عبارة عن مجموعة صغيرة من المتاجر المرصوصة جنبا الى جنب، وهذه المنطقة تعتبر قبل القرية التي شيدت حول قبة شيخ صوفي يدعى ابو سعيد البيجي اوائل القرن الثالث عشر، وهو الشخص الذي سميت عليه القرية. إلا ان الأساطير في المنطقة تقول إن هذا الشيخ الصوفي لم يكن سوى ملك فرنسا لويس التاسع الذي اختلق قصة وفاته عقب حصار تونس واعتنق الاسلام وآثر ان يعيش بقية حياته في هذه القرية الهادئة. ومقابل مسجد القرية يوجد مقهى يؤمه يوميا عدد كبير من سكان القرية وزوارها. ويلاحظ الزائر انشغال زبائن المقهى اما بقراءة الصحف اليومية او لعب النرد او الورق وتدخين النرجيلة منذ الصباح حتى وقت متأخر من المساء. هناك ايضا مقهى سيدي شعبان في نهاية القرية، وهو ايضا يشهد حركة دائبة طوال ساعات اليوم ويقدم لزبائنه الشاي الأخضر والحلويات. الشيء الذي يميز هذا المقهى هو موقعه المطل على خليج تونس وجبل بوقرنين ومنطقته المعروفة بنباتاتها الغابية وثروتها الحيوانية المتنوعة. بالقرب من هذا الموقع يوجد مرسى للسفن يمكن الوصول اليه عبر سلم طويل الى اسفل الى جانب مطعم دار زروق. هناك عدد محدود من الزوار وربما عدد محدود من السفن ايضا، إلا ان سكان القرية يأتون خلال فترة آخر النهار للتأمل في منظر اليخوت واستنشاق هواء البحر وتناول الآيسكريم.