• كل المواضيع تعبّر عن رأي صاحبها فقط و ادارة المنتدى غير مسؤولة عن محتوياتها

صمتا ...إنّهم يُؤرّخونْ..

محسن الفقي

كبير مسؤولي المنتدى العام
طاقم الإدارة
إنضم
28 جويلية 2008
المشاركات
5.324
مستوى التفاعل
19.051
ها...وشائجْ...

ها أمشاجْ...

ها عارا صفيقْ...

ها...دما يُراق على المتن و الحواشي...

ها...فُحشا...

و ها أمل...

" لا أستثني احدا..."

دام عزُّكم يا سادة...

غزّة اليوم عروس الدم ...

فارسها شبل لم تلوّثه السّياسة...

دعُوهم...

زيدُوا في صمتكم رجاء...

صمتكم لهم وجَاء...

حين تصمتونْ ...تلتهبُ الحجارة ...

تقفز الى الكفّ و تصوّبْ...

تُردي حُفاة التاريخ...

و تُردينا ...

تصُكُّ على اللّوح المحفوظ سجلاّ للاجيال....

حين تصمتونْ...يتعالى الضجيج النّازف في صدر غزّة...

ينهال بُركانا...

فوهات تُسدّدُ اللّهيبْ....

حين تصمتونْ ...تُدرك الثكالى بعد لأي أنّ دمنا صار بلا لون ...بلا هوية...بلا وطن...

خذوها أشلائي ، تقول غزّة ، علامات على الطريق ...

فقط اصمتوا ....

إنّنا نؤرّخْ...

 
ها نبس القوافي
ها صدى الروح
صدى الشعب
رفقا بنا
فغزّة رائحة الكرامة
منها تفوح
وهي "عروس الدم"
وفستانها مزدان
بالجروح والقروح
وعذرا صديقي
قد تكون
أنت من بحت بالسر
قبل أن أبوح
 
انك تُطربني يا رجل فهل لي بمزيد منك ؟

:satelite::satelite:
 
هلا صاحباي لصمت مرير
الموت أهون من فعل عقيم
فصمتي لكما صار سرا مباح
ولن هل يكفي نطق سر بالصياح
وهل تكفي القوافي وهل يكفي النباح
لرد ماقد سلب وراح
حللتم بصدري لسماع صمتي
فأرشدان للسبيل المباح!
 
تحية الكتابة المتوهجة لكل الشعراء المتدخلين من فقي ونديم وبخالد وقد أمكن لي قراءة المحاولات والغوص في أعماق معانيها فخلصت الى الأمر التالي
ان المنظومة الخطابية التي تسم الكتابة لدى ثلة الشعراء تتمتع بواقعية رهيبة والتزام بقضية
فهل الشعر دوما ذكر لقضية نرددها منذ 67 أم أن للكتابة وجدانا رمزيا أكثر رحابة؟
 
منذر بشير;3749566 قال:
تحية الكتابة المتوهجة لكل الشعراء المتدخلين من فقي ونديم وبخالد وقد أمكن لي قراءة المحاولات والغوص في أعماق معانيها فخلصت الى الأمر التالي
ان المنظومة الخطابية التي تسم الكتابة لدى ثلة الشعراء تتمتع بواقعية رهيبة والتزام بقضية
فهل الشعر دوما ذكر لقضية نرددها منذ 67 أم أن للكتابة وجدانا رمزيا أكثر رحابة؟

و ما الشعر غير ذكر لقضية ؟ غير تأسيس لواقع أرحب تنتعش فيه الروح و تفرُّ من عتمة

تحاصر الجمال و لا تبديه ؟

و ما الوجدان ؟ أنبئني ما الوجدان بربك إن لم يكن مَسْكا على الجمر؟ أليس الوجدان أن تهب لذاتك

جناحين من نار لتطوف حول قمر الزمان وتستزيد نورا ؟

و ما النكبة الا تحريض على قول الشعر...

دمت مكتملا والف مرحى و مرحى...

 
هلا صاحباي لصمت مرير
الموت أهون من فعل عقيم
فصمتي لكما صار سرا مباح
ولن هل يكفي نطق سر بالصياح
وهل تكفي القوافي وهل يكفي النباح
لرد ماقد سلب وراح
حللتم بصدري لسماع صمتي
فأرشدان للسبيل المباح!

"" إنَّ الأيادي المرتعشة لا تقوى على بناء التاريخ ..""
 
العزيز الفقي
أوافقك تمام الوفاق ولكن يدي رانبو أرثر المرتعشة قد تبني صروحا بغير قضايا العصر فهنالك الشعر الدرويشي الملتزم والقباني المنسرح
مقالة قد توضح ما التبس"

17-04-2009



مقالة نقدية

حول كتاب الأدب المقارن
للمؤلفَين:
منذر بشير الشفرة ومحمد الطاهر العصفور
الكتابة النقدية المقارنة لدى منذر الشفرة والطاهر العصفور

رضا الشعباني
"أن الكاتب هو الذي يرى نفسه يكتب و للقاريء أن يتأمله في كهنوت عمله"
فرانسيس بونج. العابر 1968
صدر بتونس كتاب في الأدب المقارن اشترك في كتابته الناقد التونسي منذر بشير الشفرة والباحث البحريني محمد الطاهر العصفور وقد توقفنا العنوان لما فيه من إغراء وإحالة لمباحث إدوارد سعيد وبوحديبة وبوجاه والكيلاني وبن عياد والخطيبي وغيرهم ممن رسخوا الخطاب المثمر بين الشرق والغرب" على عتبات الشرق والغرب" ويقع الكتاب في 160 صفحة مع إيراد ثبت اصطلاحي طريف به إشارات سيميائية وتداولية, وقد وددت أن أعبر أساسا لزميلي في الدراسة منذر الشفرة عن القاسم المشترك الذي جعلني أخط بع هواجس الفكر في مقاربات جديدة تخرق صلب الحداثة.إن الجهد المنهجي الذي توخاه الشفرة وحاول من خلاله أن يلج تخوم الأدب المقارن مع المقاربات الأنثروبولوجية في فهم جديد للنص وهي الحقل الموكول لتعدد الأصوات من غربي كجيونو وشاندناغور وشرقي كبوجاه ومستغانمي.
يمكننا ملاحظة البون الشاسع ما بين كتابة الشفرة والعصفور فالأولى تتميز بالإطلاع المعمق على المنهج الغربي وتملك آلياته والثاني لم يجاوز النقد النفسي والانطباعي غير أن التباين لم يكن حاجزا دون فهم القارئ ووصوله إلى عملية الفصل في تفكيك الرموز الحافة. فقد استنطق الباحثان تفكيك الألغاز المبهمة بأسلوب فيه دقة لا لبس فيها واطلاع متملك لروح الأشياء. لم يكن لدى الشفرة في القسم الذي خصصه لمقاربة السرد التونسي والخطاب الشعري أي " نفي للآخر" بل هو ضم له في وشائج من تقارب وإفادة. فهو الفكر المساير للرؤى التقدمية واغراء للأدب الإنساني في خدمة فكره وتطلعات رؤاه.أردت من خلال الأسطر المتواضعة أن أتلمس مواطن القوة والهنات الموجودة أساسا في مقاربة كتابتين إحداهما من المغرب العربي والثانية من الخليج الشقيق.
إن موضوع النقد بالغ الأهمية في عبوره للوجدان وفي ايقاظه القارئ الممكن الذي أشار إليه بارت في لذة النص وجينات في عتباته وقد أثار الأديب القيرواني الشفرة مواضيع في المخيال أراد من خلالها أن يحيي رباطات الإنسانية التي تنبجس من فكرنا العربي وإن كان العصفور قد صورها في الشعر الصوفي البحريني بكل الدقة المطلوبة والعمل على الإمتاع والمؤانسة . تلك قراءة في عملية القراءة والتقلب على نفس الموجة ونفس النسق التحليلي, ويعكس الى العملة الأدبية من وجهيها المختلفين في عملية جدلية مثيرة تدعونا الى مراجعة لعبة النرد لدى مالارمي.
ولكن لا بد لنا في هذا الصدد أن نتساءل تساؤلاً مشروعاً، كثيراً ما طرحه نقاد الحداثة : ما هي المقاربة في النقد ؟ أو ما هي الحداثة النقدية ؟ وفي زعمي أن تكون حديثاً في ميدان الأدب ، معناه قبل كل شيء أن تكون حديثاً في التفكير والسلوك والأفعال والتصرفات. ولدى المحللين أن معايشة الحياة بحداثة قد تقود بالتفاعل الإنساني مع المحيط ومعاناة التجارب الروحية الخلاقة إلى اختبار ماهية الحداثة النقدية، ولكن كيف نعيش الحياة بحداثة لنصل إلى حداثة النقد ؟ هذا السؤال يلخص موقف الناقد كالشفرة وغيره ورؤيته للوجود وفلسفته تجاه المواقف والظروف والحالات والانفعالات التي يحياها وينخرط في التباين المتولّد عن أبدية الثنائيات الضدية المكوّنة لهيولى الشعر الأولى.‏
إن لأي ناقد أدبي أكوان إحالية وهو مبدع خلاق عالمين، عالماً خارجياً يُحسُّ به ويتعاطى معه ويستمد منه نبض الواقع، وحركة الأحداث اليومية وفعاليات التطور والتغيّر ومدلولاتها من خلال الأعمال المفيد في ميادين النقد المقارن بكتاب " على عتبات الشرق والغرب". وعالماً داخلياً صرفاً يُكَوِّنه ويرسم أجواءه ومعالمه ويشيد قناطره وأبهاءه من تأملاته النفسية في ذاته كوحدة باطنية شديدة التأثير في المجتمع أولاً وكنسيج نوعي من قماش ضام له تفردُ ملمسه الخصوصيّ ثانياً، ومن تحصيل الحاصل أن ينعكس العالم الخارجي بكل صخبه وزخامته وامتلائه والتهاب الحياة في أعطافه على العالم الداخلي للشاعروالروائي(رزوقة .جبارة.جميلة الماجري. منصف الوهايبي...) بفيض فورانه واندفاعه ونيران هواجسه وتساؤلاته الحارقة بعد أن يتصفَّى في مصفاة منظوره النقدي وأحاسيسه وينضج على نار معرفته وخبرته والعكس صحيح أيضاً. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن حداثة العصر الذي يعيش الكاتب الناقد المبدع في لهيب أُواره وما يفرزه ذلك من معطيات حضارية ومنجزات علمية على كل الميادين ، لا بد أن تكون حافزاً من مجموع الحوافز التي تدفع الناقد المقارن لأن يكون مواكبا ً.لكل المحدثات فالمقارن الذي ينصهر في مجال العصر ويحيا علائقه لا بد أن يكون شاهداً على عصره وعلامة من علاماته وإذا لم تنعكس السمات العصرية وعي فإنه يُعدُّ ناقدا موضوعيا قد عاش في زمن عصره ولم يعش لزمن عصره، لأن المعاصرة تزامن توقيتي مرحلي يعيشه كل مبدع للنقد بينما الجدة تفاعل حضاري متطوّر وشموليّ.‏
يرى عدد من نقاد الحداثة وشعرائها العرب وفي مقدمتهم يوسف الخال أن الحداثة في الشعر لا إن بالضرورة على القدامى فيه ولكنها تفترض ظهور آلية نقدية جديدة ذات تجربة حديثة معاصرة، تعرب عن ذاتها في المضمون والشكل معاً. فالنقد عمل فلسفي فينمونولوجي، والفن لا غاية له، في الرأي النقدي، غير التعبير الجميل إبداعياً عن الذات في لحظة الكشف والرؤيا، بمعنى أنه يخاطب العقل ولا يخضع لقوانينه، ومهمته التلقائية المتوحدة هي النفاذ فيما وراء الظواهر المتناقضة المشوشة المبهمة ليكشف بالحدس أسرار الوجود الحقيقي المليء بالانسجام والنظام والمعنى، وهو يتوسل إلى ذلك باللغة، ولذلك كان الشعر لغة، أي وليدَ مخيلة خلاّقة لا تعمل عملها الفني إلا باللغة وفي اللغة.
لكن التمعن الموضوعي في كتب النقاد وأساسا أدونيس في ميادين عدة وخاصة كتابه (زمن الشعر) الصادر عن دار العودة– بيروت 1978 وكتابه (فاتحة لبدايات القرن) الصادر عن الدار نفسها–عام 1980 يضع القارئ في لجة تفكير هذا الشاعر الباحث في قضية الحداثة وفذلكته لها سواء أكانت حداثة علمية أم حداثة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أم حداثة فنية، وهي في حقيقتها رؤيا جديدة، وفي جوهرها رؤيا تساؤل واحتجاج: تساؤل حول الممكن واحتجاج على السائد، فلحظة الحداثة لديه هي لحظة التوتر أي التناقض والتصادم بين البُنى السائدة في المجتمع والبنى التغييرية.‏
أما الباحثون المولعون بنظريات التلقي وسميائية القراءة فإنهم يحددون بدقة الجوانب التي يتحول فيها النص إلى محرض على نشاط تأويلي مفتوح؛ تتماهى الحقيقة من خلاله وتمسي ضرباً من المستحيل. إن الذي لا يفصح عنه النص ويلتزم في شأنه الصمت، أو ما يتعمد إخفاءه هو الذي يسمح بوجود بنية إبداعية للممكنات من القراءات و: "إن ما يحسن تحديده في النص بصفة عامة يتمحور دائماً حول قطبين نستطيع أن نسميهما ببساطة مواضع اليقين ومواضع الشك. إن مواضع اليقين (واليقين في معظم الأحيان نسبي بالطبع) هي أكثر الأمكنة وضوحاً، وأكثرها جلاء في النص، وهي التي ننطلق منها لبناء التأويل؛ وبالتحديد إنها تمنحنا نقاط النزول التي تسمح بتطبيق ذلك التأويل على النص؛ أما مواضع الشك التي يمكن أن تبدأ من الغموض الخفيف إلى أكثر الفقرات استغلاقاً فإنها تضع القارئ في موقف حرج (حسب النظرية الكلاسيكية)، أو أنها تمنحه حريته كلها باعتباره قارئاً (حسب الرؤية المعاصرة)؛ ومهما يكن من أمر فإن القارئ يجد نفسه مجبراً على التدخل وعلى التفكيك ووضع الفرضيات".
سلطة النص بين منطق اللغة وشكلانية الاتجاه:
يتبين لنا المتن من المنظور البنيوي كنسق من العلائق. وإن الوحدات أو العناصر اللغوية في ظل تلك العلائق تغيب فيها الماهية الذاتية أو الحواجز القائمة على أبعاد العنصر باعتباره وحدة معزولة. إن الوحدات اللغوية في نسق لغوي ما تشبه إلى حد بعيد قطع النرد أو الشطرنج ؛ فلا أهمية لطبيعة المادة المكونة للقطع إن كانت من مادة ما، كما لا يهم الشكل الذي تتخذه كل قطعة أو مجموع القطع كل على حدة. إن الشكل في علاقته بالوظيفة ما هو إلا إمكان قائم على الضرورة الظرفية الطارئة إنه ضرب من الاعتباطية اللعبية.
وسلطة اللغة في الأثر الأدبي لا تخفى على ميخائيل باختين على الرغم من أنه أتى مختلفا عن آراء الشكلانيين الروس الذين يزعمون أن المواد أو العناصر في الأدب وهي بلا شك لغوية تحدد بصورة تامة الأشكال الفنية فهو يقول في كتابه (المنهج الشكلي في الدراسات الأدبية): "أدت الشكلانية، إجمالاً دوراً مثمراً، لقد وضعت في المقدمة المشكلات الأساسية للدراسة الأدبية، وقد فعلت ذلك بطريقة شديدة الدقة بحيث لا يمكن تجاهلها أو حذفها. إن أخطاءها بما في ذلك شجاعة هذه الأخطاء واتساقها تسهم كثيراً في جذب الانتباه إلى المشكلات المثارة.
يتحدث منذر الشفرة عن مفاهيم خطيرة: "وحتى يتسنى لنا تحديد حقل مبحثنا نرى أن في مقاربة الدكتور شفيع السيد للأدب المقارن شيء من العذر يعود لدقة المبحث وخصوصيته ومتطلباته الكثيرة والمتشعبة وحتى نتمكن من تحديد المفهوم بأكثر دقة وموضوعية نعود في مبحثنا هذا إلى تحديد الدكتور شفيع السيد للأدب المقارن كمصطلح مستعمل في الفضاءات النقدية الفرنسية والانجليزية والألمانية والإسبانية وقد بين صعوبة التدقيق في المفهوم في كتابه "فصول من الأدب المقارن" ونورد هنا بعض معانيه:
« يشمل مصطلح "الأدب المقارن" في أوسع معانيه ما يسميه فان تيجم "الأدب العام". إنه يحصر "الأدب المقارن" في العلاقات الثنائية بين عنصرين أساسيين، على حين يهتم الأدب العام بالبحث في الوقائع المشتركة بين عدة آداب. على أنه يمكن القول بأنه من المستحيل أن نرسم خطا فاصلا بين الأدب المقارن والأدب العام سأعـني مثـلا بين تأثير والتر سكوت في فرنسا ونشأة الرواية التاريخية، وإلى جانب ذلك فإن مصطلح الأدب العام ينزع إلى الخلط، فهو يفهم على أنه النظرية الأدبية أو الشعرية أو مبادئ الأدب. أما الأدب المقارن بمعناه الضيق وهو العلاقات الثنائية فإنه لا يمكن أن يصنع فرعا من المعرفة ذا معنى، لأنه يلتزم فقط بمعالجة التعامل الخارجي أو التجارة الأجنبية بين الآداب ومن ثمة فهو يتعامل مع أجزاء متقطعة من الإنتاج الأدبي ومن غير المسموح به أن يتناول عملا فـنيا لأديب واحد.»
إننا على يقين من البحث في الأدب المقارن ينطلق من القيمة الرئيسية للعمل الأدبي ولكن من الممكن في كل هذا هو دراسة النماذج والابتعاد عن التعميم كدراسة منظومة التلفظ النسوي الإجرائي لدى رمزين للكتابة النسوية: أحلام المستغانمي وفرونسواز شاندرناقور ووجهين للتيه: صلاح الدين بوجاه وجان جيونو...
وغيرها من الدراسات التي تستثمر الواقع الرمزي حتى تصل إلى تخوم الفهم والإفهام كما يحلو للجاحظ أن يدعوهما.
إن تشعب الدراسات السردية وولوجها إلى عوالم المقامات اللسانية وسيمياء الدلالة تجعلنا نتأمل في مقالات البلاغيين في خصوص وضعيات الكتابة وتنقلها ما بين مشارب عديدة ووضعيات تلفض مختلفة.
فحين القراءة يمكن أن يتبدى لنا هذا الفعل في طبيعة الأشياء ولكن التدقيق لا يفي بكل اعتبارات الفهم.
ولعل دراستنا للسارد في علاقته مع المسرود له تستوجب انعطافا إلى مبدئ الإحالة المرفقة في الخبر Co-référentielle مع منح المقام السردي قيمة الوعي بوظيفة التبليغ. ولنا في هذا الصدد أن نتحدث عن نوى الدلالية يحيل بعضها إلى بعض فتتقاطع حينا وتتنافر حينا آخر في حركة جدلية. يبرز في خضم هذه الآليات السردية معنى الالتفات أي وجود المتلفظ في لسان المتكلم البيّن وكأننا به قد سكنه لحين فآثر أن لا يبادر بالإعلان المباشر أنه المخاطب وفي هذا الصدد المحدد يقول حازم القرطاجني:
«أعلم أن الانعطاف بالكامل من جهة إلى أخرى أو من غرض إلى آخر لا يخلو من أن يكون مقصودا أولا فيذكر الغرض الأول لأن يستدرج منه الثاني، وتجعل مآخذ الكلام في الغرض الأول صالحة مهيأة لأن تقع بعدها[...] أو لا يكون قـُصد أوّلا في غرض الكلام الأول أن يجعل ذكره سببا لذكر الغرض الثاني[...] وإنما يسنح للخاطر سنوحا بديهيا، ويلاحظه الذكر المتصرف بإتفاتاته إلى كل جهة ومنحى من أنحاء الكلام. فما كان من قبيل هذا القسم الثاني، فإنه يعرف بالإلتفات.»

ويمكن أن نجد في النص القرآني مثلا على ذلك وكذلك في النصوص المقدسة والنشيد الملحني الإغريقي والآشوري صياغات فريدة قد تفاجئ النقد الحديث لتعقيد صياغتها وانبنائها على رؤى واعية وناضجة.
وفي بحثنا عن مقاربات ممكنة لآثار الحضارات الفنية تبين أنه ليس بالضرورة الإحتكام إلى القياس فقد تحوي بعض الحضارات بعض الخصوصيات التي لا يمكن إسقاطها على الحضارات الأخرى.
إن من واجبي الناقد احترام هذه المساحات البينة مع تبيان تشعب إدراك فهم أثر ما دون العودة إلى المنظومة الفكرية التي تضمها وتحضنها وتجعل منها قيمة مرجعية ذات سمات خاصة جدا."
نقرأ في كتاب الشفرة والعصفور التالي بموضع آخر :" في مقالها "الشعرية الشرقية والشعرية الغربية" تعلن موريال داتري Maurial Détrie من جامعة تور Tour:
« ليس في الإمكان بحال أن نحدد أهمية النماذج في تركيز أدب ما. لقد بين هوميروس والتراجيديون الإغريق علاوة على الخطاب حول الأدب المتبع من أرسطو، ملحمة ورواية في كل الأدب الغربي. إن افتقاد الصين القديمة لأشكال ملحمية وتراجيدية وللتطور الملحوظ والهام لجنسي النقد والشعر كان في أصل الصعوبات التي لقـيتها كل من الجنس الروائي والمسرحي في الصين حتى تبرز وتحظى بشهرة أوسع.»
لا شيء ينبئ في البدء عن تقارب أو وصل استيطيقي بين الأديبة الجزائرية الأصل أحلام مستغانمي والكاتبة الفرنسية وعضو أكاديمية جنكور Goncourt فرنسواز شاندرناقور، ولكن السارد الموسوم بنسوية مضمرة قد يكون من التجني تصنيفه أو سجنه في أي إطار فني هو الذي دعاني لدراسة أثرين أدبيين من حضارتين مختلفتين ومتجانستين في آن. طين بلد يتمخض عن وجع الإبداع في فوضى الحواس وحقه للون في زمن الدورة الفنية بفرنسا القرن الثامن عشر: لون الزمن.
كتابة مستغانمي موغلة في التوحش ويومياتها لا تترك القارئ مستقلا ولا محايدا بل تزجه في أتون الارتقاب والتساؤل، هو الشيء ذاته بالنسبة إلى شاندرناقور فهي تلقى بقارئها في دوامة التردد والتألم والتحسر على كل ما يقوم به أو يضمره قائد سفينة سردها " ف** ".
إن الذي يميز شاندرناقور هو أنها تخرج كاتبة، إنسانة قبل كل شيء تدفع بقنها إلى أقصى مسارات التساؤل الوجودي.
في فاتحة "لون الزمن" لفرنسواز شاندرناقور لا يهنؤ الفنان بسلطة فنه ولا يحله أبدا للراحة، إنه دائم البحث عن كينونته."
أعتقد أن هذا الجزء الذي أوردته من الكتاب يغني عن أي تعليق ويوضح لنا القراءة المخصوصة في كتاب الشفرة والعصفور بصفتها استنطاقا للتاريخ.
 
ما دور الأسلوب الشعري في تطوير المضامين؟

هل يكفي الكلام الزوق لصنع الشعر؟
 
أعلى