تفسير سورة العصر

naji6666

عضو جديد
إنضم
7 مارس 2008
المشاركات
33
مستوى التفاعل
34
تفسير سورة العصر

:besmellah1:






MEDIA%5CB2.gif
< وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ>.​
هذه السورة، سورة العصر هي التي قال فيها الإمام الشافعي -رحمه الله-: "لو ما أنزل الله على خلقه حجة إلا هذه السورة لكفتهم" وقد شرح ابن القيم -رحمه الله- كلام الإمام الشافعي في كتابه مفتاح السعادة، وبين رحمه الله أن هذه الآية مشتملة على أربعة أمور: -
الأمر الأول: العلم وهو معرفة الحق، وهو الذي دل عليه قوله جل وعلا:
MEDIA%5CB2.gif
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا
MEDIA%5CB1.gif
فالمؤمن يعلم أن الله حق، وأن وعده حق، وأن رسوله حق، وأن لقاءه حق، وأن الملائكة حق، وأن النبيين حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق، ثم يعمل بذلك.
وقد دل عليه قوله جل وعلا:
MEDIA%5CB2.gif
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
MEDIA%5CB1.gif
ثم يدعو الناس إلى ذلك
MEDIA%5CB2.gif
وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ
MEDIA%5CB1.gif
ويصبروا على العلم والعمل والتعليم فهذه أربعة أشياء إذا كملها الإنسان يكون مكملا لنفسه، ومكملا لغيره.
وهذه السورة أقسم الله -جل وعلا- فيها بالعصر، وهو الدهر كاملا، أو العصر وهو الوقت المعروف، أقسم به جل وعلا على أن الإنسان لفي خسر، والمراد كل الإنسان في خسر، في خسارة وهلاك، إلا من استثناهم الله -جل وعلا- بعد ذلك
MEDIA%5CB2.gif
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
MEDIA%5CB1.gif
.
والخسران هذا بيَّنه الله -جل وعلا- بأنه خسران الدنيا والآخرة في قوله:
MEDIA%5CB2.gif
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ
MEDIA%5CB1.gif
.
وفي الآخرة يخسر نفسه وماله وأهله، كما دلت على ذلك النصوص الكثيرة كقول الله -جل وعلا-:
MEDIA%5CB2.gif
قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ
MEDIA%5CB1.gif
وقال جل وعلا:
MEDIA%5CB2.gif
فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ
MEDIA%5CB1.gif
وقال جل وعلا:
MEDIA%5CB2.gif
إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ
MEDIA%5CB1.gif
.
وفي هذه السورة استثنى الله -جل وعلا- فيها مَن اتصفوا بالصفات الأربع التي تقدم ذكرها.
فقوله جل وعلا:
MEDIA%5CB2.gif
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
MEDIA%5CB1.gif
يعني: آمنوا بما يجب الإيمان به، وهي أركان الإيمان التي بيَّنها النبي -صلى الله عليه وسلم-
MEDIA%5CB2.gif
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
MEDIA%5CB1.gif
يعني: أوصى بعضهم بعضا بالحق، وهذا دليل على أن الإنسان في نفسه قد عمل الحق؛ لأنه لا يوصي غيره بالحق إلا إذا عمل به، وهذا يدل على أن هناك أمرا بالمعروف.
وقوله جل وعلا:
MEDIA%5CB2.gif
وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
MEDIA%5CB1.gif
يعني: أوصى بعضهم بعضا بالصبر على طاعة الله، والصبر عن محارم الله، والصبر على أقدار الله، وذلك يقضي بأن هناك نهيا عن المنكر، فهؤلاء موصفون بأنهم مؤمنون، وأنهم يعملون الصالحات، وأنهم يتواصون بالحق، ويتواصون بالصبر، فيأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويدعون إلى الله جل وعلا.
والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وإن كان من عمل الصالحات إلا أن الله -جل وعلا- خصه بهذا الذكر لشدة أو لحصول الغفلة عنه من كثير من الناس؛ لأن بعض الناس يظن أنه إذا اهتدى في نفسه، فإن ذلك يكفي، وهذا من الخلط؛ ولهذا قال الله:
MEDIA%5CB2.gif
وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
MEDIA%5CB1.gif
فلا ينفع الإنسان أن يخرج من هذه الخسارة، إلا إذا أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر.
وقد يظن بعض الناس أن قول الله -جل وعلا-:
MEDIA%5CB2.gif
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ
MEDIA%5CB1.gif
يعارض هذه الآية؛ لأن هذه الآية تأمر بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر؛ وذلك يشمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وآية المائدة:
MEDIA%5CB2.gif
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ
MEDIA%5CB1.gif
يظن بعض الناس أنه إذا اهتدى في نفسه كفى.
وقد أجاب العلماء عن ذلك وقالوا: إن الآيتين معناهما واحد، ولا اختلاف بينهما؛ لأن الله -جل وعلا- قال في آية المائدة:
MEDIA%5CB2.gif
لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ
MEDIA%5CB1.gif
ما قال جل وعلا: لا يضركم من ضل إذا لم تأمروه بالمعروف وتنهوه عن المنكر، ولكن الله -جل وعلا- إذا ضل إنسان وكان أخوه المسلم يأمره بالمعروف، وإن كان هذا كافرا، يعني: إذا ضل إنسان بكفره، أو ضل الطريق المستقيم، أو وقع في شيء من المعاصي، وأمره أخوه بالمعروف ونهاه عن المنكر، ولكنه بقي على ضلاله، فإن هذا المؤمن تبرأ ذمته.
وأما إذا لم يأمره بالمعروف ولم ينهه عن المنكر فلا تبرأ ذمته؛ لأن من اهتداء الإنسان أن يكون آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، وإذا لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر لم يكن مهتديا؛ ولهذا جعله الله -جل وعلا- في هذا الآية في خسارة، وذلك دليل على أنه غير مهتد.
وقول الله -جل وعلا-:
MEDIA%5CB2.gif
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
MEDIA%5CB1.gif
يدل على أن من لم يأمر بالمعروف وينه عن المنكر فليس بمهتد.
فالشاهد أن قوله جل وعلا:
MEDIA%5CB2.gif
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ
MEDIA%5CB1.gif
أي: إذا ضل بعد أن أمرتموه بالمعروف، ونهيتموه عن المنكر ووقع منه ضلال، فلا يضركم ذلك شيئا؛ لأن إثمه إنما يعود لنفسه. أما إذا لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر فتأتي هذه الآية، آية العصر، ويكون الإنسان في خسارة. نعم.
شرح الشيخ عبد العزيز بن محمد السعيد
 
أعلى