lotfistar
عضو فعال
- إنضم
- 12 أكتوبر 2009
- المشاركات
- 572
- مستوى التفاعل
- 2.186
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد
لاحظت أن العديد من الاخوة يخوضون في مواضيع و يستدلون بأدلة و في كثير من الأحيان تكون هذه الأدلة اما ضعيفة الاسناد و اما خاطئة الفهم بحيادهم عن فهم السلف فوقعوا في المحضور و الله المستعان و قد أدرجت عنوان الدليل ليس منتهى العلم لذلك وجب فهم الدليل ثم معرفة مراتب الدليل و مناطات الدليل و أن يكون التفريق بين المجمل و المفصل و العام و الخاص و الناسخ و المنسوخ وهي معني معروفة عند طالب علم الأصول .و قد أخرج البخاري في هذا المعنى بابا جميلا في كتاب العلم يترجم بابًا فقهيا بعنوان "باب الفهم في العلم" و رحم الله ابن القيم اذ قال "إن سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام قديمًا وحديثًا".
فآنظر الى عبد الله بن عمر نجمٌ في سماء العلم، يأتيه سائلٌ فيقول له: يا ابن عمر أترث العمة؟ فيقول ابن عمر اذهب إلى العلماء فاسألهم، فيقول السائل: أنت يا ابن عمر تقول اذهب إلى العلماء فاسألهم، فيقول: نعم والله ما أحسن جواب مسألتك، فانصرف السائل، فقبل عبد الله بن عمر يد نفسه، ثم قال لنفسه: نعم ما قال أبو عبد الرحمن سئل عن ما لا يدري فقال لا أدري.
و نجد هنا من يرمي العلماء بالجهل و الضلال و و الله لو أمعنت النظر لوجدته لا يحفظ سورة المطففين و لو حفظها فلا يحسن قراءتها.
ترجم الإمام البخاري في كتاب العلم باباً بعنوان: (باب العلم قبل القول والعمل)... قال تعالى:فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [محمد:19].قال الحافظ ابن حجر(أمر الله رسوله في هذه الآية بالعلم و العمل و قدم العلم على العمل لأن العلم هو المصحح للنية التي يصح بها كل قول و كل عمل)
و أخيرا اليكم هذا المثال على أهمية فهم الدليل و أنه ليس منتهى العلم و هذا من مناظرة ابن عباس للخوارج .
قال ابن عباس : دخلت عليهم وهم قائلون ، فإذا هم مسهمة وجوههم من السهر ، قد أثّر السجود في جباههم ، كأن أيديهم ثفن الإبل ( ثفن الإبل : ما يقع على الأرض من الإبل كالركبتين ) ، عليهم قُمص مرحضة ( أي مغسولة ) ، فقالوا : ما جاء بك يا بن عباس ؟ وما هذه الحلة التي عليك ؟
قال : قلت : ما تعيبون من ذلك ، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه أحسن ما يكون من الثياب اليمنية ، قال : ثم قرأت هذه الآية ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) .
فقالوا : ما جاء بك ؟
قال : جئتكم من عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس فيكم منهم أحد ، ومن عند ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهم نُزّل القرآن ، وهم أعلم بتأويله ، جئت لأبلغكم عنهم وأبلغهم عنكم .
فقال بعضهم : لا تخاصموا قريشا ، فإن الله يقول (( بل هم قوم خصمون )) .
قال بعضهم : بلى فلنكلمنه ، قال : فكلمني منهم رجلان أو ثلاثة .
قال : قلت : ماذا نقمتم عليه ؟
قالوا : ثلاثا .
فقلت : ما هنّ ؟
فقالوا : حكّم الرجال في أمر الله ، وقال الله تعالى (( إن الحكم إلا لله )) .
قال : هذه واحدة ، وماذا أيضا ؟
قالوا : فإنه قاتَلَ ، فلم يسبِ ولم يغنم ، فلئن كانوا مؤمنين ما حلّ قتالهم ، ولئن كانوا كافرين ، لقد حلّ قتالهم وسبيهم .
قال : قلت : وماذا أيضا ؟
قالوا : ومحا نفسه من أمرة المؤمنين ، فإن لم يكن أمير المؤمنين ، فهو أمير الكافرين .
قال : قلت : أرأيتم إن أتيتكم من كتاب الله وسنة رسوله بما ينقض قولكم هذا أترجعون ؟
قالوا : وما لنا لا نرجع .
قال : قلت : أما قولكم : حكّم الرجال في أمر الله ، فإن الله قال في كتابه (( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم )) ، وقال في المرأة وزوجها (( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها )) ، فصيّر الله ذلك إلى حكم الرجال ، فناشدتكم الله ، أتعلمون حكم الرجال في دماء المسلمين وفي إصلاح ذات بينهم أفضل ، أو في أرنب ثمنه رُبع درهم ؟ وفي بُضع امرأة ؟
قالوا : بلى ، هذا أفضل .
قال : أخرجتم من هذه ؟
قالوا : نعم .
قال : أما قولكم : قاتل ولم يسبِ ولم يغنم . أتسْبونَ أمّكم عائشة ؟
فإن قلتم : نسبيها ، فنستحلّ ما نستحلّ من غيرها فقد كفرتم ، وإن قلتم : ليست بأمّنا فقد كفرتم ، فأنتم ترددون بين ضلالتين ، أخرجتم من هذه ؟
قالوا : بلى .
قال : أما قولكم : محا نفسه من إمرة المسلمين . فأن آتيكم بمن ترضون ، إن نبي الله يوم الحديبية حين صالح أبا سفيان وسهيل بن عمرو ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( اكتب يا علي : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله )) فقال أبو سفيان وسهيل بن عمرو : ما نعلم إنك رسول الله ولو نعلم إنك رسول الله ما قاتلناك .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( اللهم إنك تعلم أني رسولك ، يا علي اكتب : هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وأبو سفيان وسهيل بن عمرو )) .
لقد كان ابن عباس بحرا زخّارا ، كشف الشبهة ودحضها ، وأتى بالأدلة البينة من الكتاب والسنة ، ولقد أثمرت جهوده فرجع منهم عن باطلهم ألفان .
وفي مسند أحمد وسنن ابن ماجة بسند صححه شيخنا الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الجامع من حديث جابر بن عبد الله وابن عباس رضي الله عنهم وعن جميع أصحاب سيدنا رسول الله قال: (كنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجر فشجه في رأسه، ثم احتلم، فقال لأصحابه: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا: لا ما دمت تقدر على الماء)، وأنا أقول: استدلوا بدليل صحيح؛ لأن القاعدة المتفق عليها تقول: (إذا وجد الماء بطل التيمم)، فـ(بطل) -بفتح الباء- معناه: لا يصح لك أن تتيمم وأنت تقدر على الماء، (فاغتسل الرجل فمات)، فهم أخذوا دليلاً عاماً لمناط خاص فقتلوا الرجل
فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال: قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا؟ إنما شفاء العي السؤال.
و الله الموفق.
لاحظت أن العديد من الاخوة يخوضون في مواضيع و يستدلون بأدلة و في كثير من الأحيان تكون هذه الأدلة اما ضعيفة الاسناد و اما خاطئة الفهم بحيادهم عن فهم السلف فوقعوا في المحضور و الله المستعان و قد أدرجت عنوان الدليل ليس منتهى العلم لذلك وجب فهم الدليل ثم معرفة مراتب الدليل و مناطات الدليل و أن يكون التفريق بين المجمل و المفصل و العام و الخاص و الناسخ و المنسوخ وهي معني معروفة عند طالب علم الأصول .و قد أخرج البخاري في هذا المعنى بابا جميلا في كتاب العلم يترجم بابًا فقهيا بعنوان "باب الفهم في العلم" و رحم الله ابن القيم اذ قال "إن سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام قديمًا وحديثًا".
فآنظر الى عبد الله بن عمر نجمٌ في سماء العلم، يأتيه سائلٌ فيقول له: يا ابن عمر أترث العمة؟ فيقول ابن عمر اذهب إلى العلماء فاسألهم، فيقول السائل: أنت يا ابن عمر تقول اذهب إلى العلماء فاسألهم، فيقول: نعم والله ما أحسن جواب مسألتك، فانصرف السائل، فقبل عبد الله بن عمر يد نفسه، ثم قال لنفسه: نعم ما قال أبو عبد الرحمن سئل عن ما لا يدري فقال لا أدري.
و نجد هنا من يرمي العلماء بالجهل و الضلال و و الله لو أمعنت النظر لوجدته لا يحفظ سورة المطففين و لو حفظها فلا يحسن قراءتها.
ترجم الإمام البخاري في كتاب العلم باباً بعنوان: (باب العلم قبل القول والعمل)... قال تعالى:فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [محمد:19].قال الحافظ ابن حجر(أمر الله رسوله في هذه الآية بالعلم و العمل و قدم العلم على العمل لأن العلم هو المصحح للنية التي يصح بها كل قول و كل عمل)
و أخيرا اليكم هذا المثال على أهمية فهم الدليل و أنه ليس منتهى العلم و هذا من مناظرة ابن عباس للخوارج .
قال ابن عباس : دخلت عليهم وهم قائلون ، فإذا هم مسهمة وجوههم من السهر ، قد أثّر السجود في جباههم ، كأن أيديهم ثفن الإبل ( ثفن الإبل : ما يقع على الأرض من الإبل كالركبتين ) ، عليهم قُمص مرحضة ( أي مغسولة ) ، فقالوا : ما جاء بك يا بن عباس ؟ وما هذه الحلة التي عليك ؟
قال : قلت : ما تعيبون من ذلك ، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه أحسن ما يكون من الثياب اليمنية ، قال : ثم قرأت هذه الآية ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) .
فقالوا : ما جاء بك ؟
قال : جئتكم من عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس فيكم منهم أحد ، ومن عند ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهم نُزّل القرآن ، وهم أعلم بتأويله ، جئت لأبلغكم عنهم وأبلغهم عنكم .
فقال بعضهم : لا تخاصموا قريشا ، فإن الله يقول (( بل هم قوم خصمون )) .
قال بعضهم : بلى فلنكلمنه ، قال : فكلمني منهم رجلان أو ثلاثة .
قال : قلت : ماذا نقمتم عليه ؟
قالوا : ثلاثا .
فقلت : ما هنّ ؟
فقالوا : حكّم الرجال في أمر الله ، وقال الله تعالى (( إن الحكم إلا لله )) .
قال : هذه واحدة ، وماذا أيضا ؟
قالوا : فإنه قاتَلَ ، فلم يسبِ ولم يغنم ، فلئن كانوا مؤمنين ما حلّ قتالهم ، ولئن كانوا كافرين ، لقد حلّ قتالهم وسبيهم .
قال : قلت : وماذا أيضا ؟
قالوا : ومحا نفسه من أمرة المؤمنين ، فإن لم يكن أمير المؤمنين ، فهو أمير الكافرين .
قال : قلت : أرأيتم إن أتيتكم من كتاب الله وسنة رسوله بما ينقض قولكم هذا أترجعون ؟
قالوا : وما لنا لا نرجع .
قال : قلت : أما قولكم : حكّم الرجال في أمر الله ، فإن الله قال في كتابه (( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم )) ، وقال في المرأة وزوجها (( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها )) ، فصيّر الله ذلك إلى حكم الرجال ، فناشدتكم الله ، أتعلمون حكم الرجال في دماء المسلمين وفي إصلاح ذات بينهم أفضل ، أو في أرنب ثمنه رُبع درهم ؟ وفي بُضع امرأة ؟
قالوا : بلى ، هذا أفضل .
قال : أخرجتم من هذه ؟
قالوا : نعم .
قال : أما قولكم : قاتل ولم يسبِ ولم يغنم . أتسْبونَ أمّكم عائشة ؟
فإن قلتم : نسبيها ، فنستحلّ ما نستحلّ من غيرها فقد كفرتم ، وإن قلتم : ليست بأمّنا فقد كفرتم ، فأنتم ترددون بين ضلالتين ، أخرجتم من هذه ؟
قالوا : بلى .
قال : أما قولكم : محا نفسه من إمرة المسلمين . فأن آتيكم بمن ترضون ، إن نبي الله يوم الحديبية حين صالح أبا سفيان وسهيل بن عمرو ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( اكتب يا علي : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله )) فقال أبو سفيان وسهيل بن عمرو : ما نعلم إنك رسول الله ولو نعلم إنك رسول الله ما قاتلناك .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( اللهم إنك تعلم أني رسولك ، يا علي اكتب : هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وأبو سفيان وسهيل بن عمرو )) .
لقد كان ابن عباس بحرا زخّارا ، كشف الشبهة ودحضها ، وأتى بالأدلة البينة من الكتاب والسنة ، ولقد أثمرت جهوده فرجع منهم عن باطلهم ألفان .
وفي مسند أحمد وسنن ابن ماجة بسند صححه شيخنا الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الجامع من حديث جابر بن عبد الله وابن عباس رضي الله عنهم وعن جميع أصحاب سيدنا رسول الله قال: (كنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجر فشجه في رأسه، ثم احتلم، فقال لأصحابه: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا: لا ما دمت تقدر على الماء)، وأنا أقول: استدلوا بدليل صحيح؛ لأن القاعدة المتفق عليها تقول: (إذا وجد الماء بطل التيمم)، فـ(بطل) -بفتح الباء- معناه: لا يصح لك أن تتيمم وأنت تقدر على الماء، (فاغتسل الرجل فمات)، فهم أخذوا دليلاً عاماً لمناط خاص فقتلوا الرجل
فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال: قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا؟ إنما شفاء العي السؤال.
و الله الموفق.